بعد زوال حكم البعث عام 2003 بتدخل امريكي مباشر، قام المحتل الامريكي بدعم فوضى السلاح في العراق، كهدف خبيث بعيد المدى، لم يدرك اغلب العراقيين غايته الخطيرة، فأصبحت اغلب البيوت تحوي انواع متعددة للسلاح، ولم يقف الحال على تركت الجيش السابق التي وقعت بيد عاصفة الفرهود...

بعد زوال حكم البعث عام 2003 بتدخل امريكي مباشر، قام المحتل الامريكي بدعم فوضى السلاح في العراق، كهدف خبيث بعيد المدى، لم يدرك اغلب العراقيين غايته الخطيرة، فأصبحت اغلب البيوت تحوي انواع متعددة للسلاح، ولم يقف الحال على تركت الجيش السابق التي وقعت بيد عاصفة الفرهود، بل تجارة قذرة فتحت ابوابها على مصراعيها من دون ضوابط، ليتحول العراق لسوق مهم لبيع كل انواع الاسلحة، والنتائج وخيمة على بناء الدولة وعلى المجتمع، ويمكن الاشارة لأخطر مظاهر فوضى السلاح، والتي تسببت بمحن عميقة الاثر في جسد الدولة والمجتمع.

مرحلة الصراع الطائفي

الفترة الممتدة ما بين 2005-2009 تميزت بأبشع فترة للصراع الطائفي في العصر الحديث للعراق، حيث كان القتل على الهوية، بمد وهابي متطرف حاول حرق الاخضر ويابس، ولهذا المد كانت هنالك ردة فعل، هذا الجو فتح سوق السلاح، مما تسبب بولادة جيش من تجار السلاح كل ما يهمهم استمرار الفتنة الطائفية التي فتحت اسواقهم، وجعلتهم في بحبوحة.

ضعف الدولة في تلك الفترة سمح باستمرار هذه التجارة القذرة والتي كانت برضا القوى الاقليمية، التي يهمها فقط المكاسب.

كان على الدولة ان تضرب بيد من حديد على تجار السوء، وتنظم تجارة السلاح بما يخدم الدولة والناس، وتمنع تداول السلاح غير المرخص، وتشن حملة لغلق اسواق السلاح، وحملات تفتيش حقيقية على المدن، مع حملة توعية وتثقيف على خطر السلاح، لكن كانت حكومات ضعيفة كل همها الاستمرار الحكم فقط.

مرحلة داعش

عام 2014 ظهر تنظيم داعش حيث ابتلع ثلاث محافظات (الموصل وصلاح الدين والانبار)، وكان ظهور داعش نتيجة حتمية للحكومات الغبية المتعاقبة، والتي فشلت فشلا ذريعا في ادارة الدولة، فقط استفادت الطبقة الحاكمة من ظاهرة الفساد لتنتفخ وتتعاظم ثرواتها، مستغلة غياب الرقيب النزيه، نتيجة حكومات محاصصة متعاقبة تعطي الحق للجميع، في الفساد بشرط توفير الحماية للجميع، وكان السلاح مظهرا بارزا لهذه الفترة.

تشكلت جيوش متعددة كبديل للجيش العراقي، والسبب ضعف الجيش العراقي الذي تسببت حكومات 2006 و2010 في بناءه الضعيف الهش، حتى جاء حزيران من عام 2014، ليفتضح امره في اول اختبار حقيقي.

فاشتعلت الحرب لصد التمدد الارهابي لباقي المدن، وهذا الامر احتاج سوق السلاح، نعم كان على الحكومة ان تكون هي الممول الوحيد للتشكيلات العسكرية، لكن ضعف الحكومة دفع التجارة لتزدهر بعيد عن الدولة!.

خطا اخر يرتكبه الساسة عن الاستسلام للفوضى ليصبح مارد السلاح عملاقا ضخما يصبح السيطرة عليه، نتيجة شبكة معقدة من المصالح بين القوى المحيطة والساسة والتجار والقادة العسكريون، مما يعني ان الحكومة لن يكون بمقدورها القيام بخطوة.

ما بعد مرحلة داعش

عام 2018 تم اعلان النصر على داعش، لكن بقيت فوضى السلاح قائمة، فقط زيارة بسيطة لسوق مريدي وسط بغداد وستجد انواع الاسلحة الخفيفة، كمثال بسيط عن الفوضى، وبقيت الحكومة محكومة بإرادات اكبر منها! تمنعها من فرض القانون على سوق السلاح، واعتقد هذا احد الاسباب لاستقطاب رؤساء ضعفاء، كي تتعطل القوانين، ويصبح متاحا استمرار اسواق السلاح لأطول فترة ممكنة.

ان مهمة حصر السلاح بيد الدولة مهمة اكبر من الحكومة وكل رموزها، ولن تتحقق في ظل الوضع الحالي، وهذه الفوضى مقدر لها ان تستمر، لأنها احد عوامل ضعف الدولة، وهو الامر الذي تنشده امريكا ودول اقليمية.

اخيرا

عندما نفكر بالحل نجده يتجه نحو ثلاث محاور ممكنة التأثير في القضية، وهذه المحاور هي:

اولا: تفعيل القانون عبر اجماع عراقي يراعا فيه الاتفاق السياسي مع جميع الاطراف، وان يتفق الجميع على مهمة القضاء على فوضى السلاح.

ثانيا: دعوة المرجعية الصالحة لبيان رايها الصريحة حول تجارة السلاح المخالفة للقانون، وتوضيح حلية و حرمة الكسب من هكذا تصرف.

ثالثا: تشكيل جبهة وطنية اعلامية من جميع القنوات المحلية والوكالات الخبرية والصحف والاذاعات، في المساهمة في رفع وعي الجماهير والتثقيف على خطيئة دعم فوضى السلاح.

..........................................................................................................
* الآراء الواردة في المقال قد لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق