q
أصبحت القوى التقليدية تتمسك بمكامن السلطة بينما يسرح الكثيرون من قوى تشرين في عالم الكلمات بلا أفعال. في النهاية، عصفت رياح التغيير وتلاشت أحلام المدنيين، فاتخذ الكثيرون طريق الهروب الصامت بعيدًا عن ساحات الحراك، تاركين مشهد السياسة لتداعيات صراعاتها وتقلباتها. الناشطون المدنيون، الذين ترعرعوا في أروقة التحدي والتغيير...

في زحمة الأمل وحلم الحقب الجديدة، رقصت الانتخابات على أنغام التغيير، لكن بين الأماني والواقع انكسر الجسر، اذ أوجدت تلك الاقتراعات تركيبة سياسية متشابكة، لم تترك البصمة المنتظرة للقوى المدنية والتشرينية التي قالت يوما انها سوف تضرب، وتكسّر، وتقلب. لكن بحر الانتخابات هدأ، وانحسر قارب المدنيين والناشطين إلى الشاطئ، مع الحصى والأسماك الميّتة. خيبّت القوى المدنية والناشطون، التوقعات وتجاوز السراب مرحلة الأحلام الزائفة، فالجمهور العريض الذي كان يُعتقد أنه ينتظر في الظلال تجدداً، ذهب هباءً، وتبخر في زمن تأزمت فيه مشاعر الثقة بالتغيير.

وعلى التلال التي صعدها المنتصرون لم يكن بين القوى الجديدة والمدنية، من فائز سوى، ائتلاف الأساس العراقي، الذي بدا اكثر من غيره من الجُدد، قادرا على الاستمرار. رموز الحراك السلمي والقوى الشابة والكلاسيكية مثل الشيوعيين، باغتتهم طيات التقليدية بأيديولوجيتها المُرهَقة، وسطوتها على عقول الناخبين السابقة. لم يعد الصوت الشارعي يزن كما كان يعول عليه، فكانت النتائج تُسجّل ذبحة في صدر القوى المدنية.

واغلب أولئك الثوريين، غابوا عن الواقع، وصاروا ناشطي كيبورد، حيث التغريدات والمنشورات خيبت أحلام من حلموا بتغيير حقيقي.

ذهب الكثيرون من رموز تلك الحركة الثورية إلى غياهب الشتات، والمهجر، وتحولوا إلى أصحاب مدونات يتبعون الكلام أكثر من العمل، يتشدقون بالحرية والديمقراطية في الأقاصيص، دون أن تجسد تلك الأفكار بتحركات واقعية. اختفت رموزهم الجدية، وباتوا يراهنون على رموز ورقية إعلانية، قرقوزية من أمثال فائق الشيخ علي. اما رموزهم التي اعتلت المناصب في حقبة الكاظمي، فقد لاذوا بالكهوف الدافئة مع الأموال الكثيرة التي جنوها.

أسفرت الانتخابات عن تسرب مياه القوى الجديدة نحو قنوات القوى السابقة. أصبحت القوى التقليدية تتمسك بمكامن السلطة بينما يسرح الكثيرون من قوى تشرين في عالم الكلمات بلا أفعال. في النهاية، عصفت رياح التغيير وتلاشت أحلام المدنيين، فاتخذ الكثيرون طريق الهروب الصامت بعيدًا عن ساحات الحراك، تاركين مشهد السياسة لتداعيات صراعاتها وتقلباتها. الناشطون المدنيون، الذين ترعرعوا في أروقة التحدي والتغيير، يجدون أنفسهم اليوم في مواجهة تحديات أخرى.

كان النضال السابق يحمل ألوان الثورة والتغيير، إلا أن صدى الدولار الجديد يبدأ الآن يُطغى على النغمات.

هذه القصة الجديدة تروي حالة من الارتباك، حيث يتحول الناشطون من مواجهين للنظام إلى مفاوضين من اجل منصب او مرتب

.......................................................................................................................

* الاراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق