الصفحة الرئيسية

الأعــداد السابقــة

فهرست العــدد

إتصــلوا بـنـــا

التنوير العراقي بين جدلية الدولة والمجتمع

علاء حميد

طرح مفهوم التنوير في العقود التي مضت سجالا فكريا، أوجد تدافعا تاريخيا بان أثره على ملامح المتغيرات الاجتماعية والثقافية في البلاد العربية فهناك انطلقت حركة تواجه فكري بين الصعوبات التي من الممكن ترسم طريق سير المجتمعات العربية، إن التنوير كسياق تاريخي عجل بإخراج السؤال الإشكالي الذي ما زال الحاضر/ الغائب، (ما الأسباب التي جعلت الغرب يتقدم ونحن نتخلف؟)

هناك إلحاحات واقعية تدفع هذا الإشكال إلى تعزيز هاجس القلق الحضاري المزمن في المجتمعات العربية ولهذا ربما سعى مفهوم التنوير إلى محاولة إنتاج عقلية تؤمن بالفصل بين الوظائف الاجتماعية التي تهمين على معطيات الواقع الاجتماعي وللانساق الثقافية التي ترفد التصورات الفكرية عند أفراد المجتمع.

مما لاشك فيه، أن مسألة التنوير أخذت مجالا واسعا في نقاشات المثقفين العرب، خاصة في مصر (أقصد المثقفين المصريين) ولقد جاءت تلك النقاشات في مناحي متعددة، كثفت الضوء على ملف التنوير، لذا شعر المثقف العربي بأن هناك إشكال مطروح اتجاه الأثر والطابع الذي أوجده (التنوير) في بلدان ذلك المثقف، وكيفية نمو الإشكال التنويري في البلدان العربية، وحول تحديد البداية التاريخية للتنوير في المجتمعات العربية، فهناك رؤية تذهب إلى أن التنوير ظهر مع حكم محمد علي وإصلاحاته السياسية والإدارية في مصر، مما أعطى الدولة المصرية طابعا عصريا، وأخرى ترى أن أصوات مدافع نابليون مثلت دور الإيقاظ للسبات العربي، ومهما يكن الاختلاف التاريخي، إزاء انطلاقة التنوير في الوطن العربي، يبقى التنوير إشكالية قلقة غير متمثلة في أغلب البلدان العربية، فلو أخذنا النموذج العراقي، خاصة دور المثقف العراقي في تبني مشروع التنوير وتأسيس مبانيه الثقافية والاجتماعية، نلاحظ المثقف العراقي قد وقع في مأزق فكري- سياسي- جعله ينحصر بين الحاجة إلى دولة مدنية، تأخذ على عاتقها حاجات التنوير، وبين قدم مؤسسة المجتمع وامتناعها في تقبل تغير التنوير، وهنا يظهر المثقف العراقي وكأنه في حالة شيزوفرينيا ثقافية، ترددت بين إصلاح الدولة، وتمدين المجتمع وحيث يحتاج التنوير إلى حصول مراحل سابقة تهيئ له (التنوير) من تراكم  صناعي وإصلاح سياسي- اجتماعي- نجد المثقف العراقي قد بقي رهين هاجس الإصلاح نحو الدولة لكونها الأداة الأقدر، على تثبيت ممارسة التنوير داخل المجتمع، لا يخفى علينا أن الجغرافية السياسية ضغطت كثيرا على الواقع الاجتماعي والسياسي في العراق، فالعراق محاط بجيران حملوا صفات متعاكسة اتجاه العراق، فمن إيران المشترك على مستوى الاعتقاد الديني المذهبي لشريحة واسعة من المجتمع العراقي، وأيضا هي (إيران) قاضم جغرافي للعراق، كذلك هناك تركيا المتداخلة تاريخيا والضاغطة جغرافيا، ثم دول عربية أخرى متقاربة ضمن سمات ثقافية واجتماعية ودينية مع العراق، لقد تحملت الأنتلجنسيا(Intelligentsia) العراقية، سطوة الجغرافية وتمردها، بتفريغ تاريخي أيديولوجي ذي منحى إصلاحي، أي أولوية مطلب الإصلاح (Reformation)، على أهمية التنوير(Illumination)، ولذلك أرى أن العراق لم يقرأ جغرافيا باتجاه مدخلية عامل المكان، بوصفه محيط يستلم التأثيرات الخارجية، لقد جعلت الجغرافية من العراق، المتلقي الأول لضغط التتريك العثماني وساحة لتصفية الحسابات بين الدول المجاورة (إيران، تركيا)، مما أوجد ممانعة في ازدهار جدل المثقف العراقي مع مجتمعه، وإرجاعه (المثقف العراقي) إلى ثنايا جدل داخلي مأزوم بقضية إصلاح الدولة، فطوال تاريخ الثقافة العراقية، لم نشهد بروز قضايا ثقافية- سياسية ساخنة فتحت حوارا حيويا بين طبقات المجتمع العراقي، لقد أنجر المثقف العراقي، إلى داخل معترك ذي بيئة متضخمة سياسيا، فقيرة ثقافيا، مما سهل خضوع الثقافي أمام السياسي وبالتالي أصبح المثقف العراقي يتناول المفروض والمتخيل السياسي، ونسيان الراهن الثقافي، ولهذا انشغلت الانتلجنسيا العراقية، بالإكثار من التوقف عند مفهوم الإصلاح المنتج من طروحات سياسية، على حساب التنوير القادم نتيجة خصوبة جدل ثقافي يعيد بناء تصورات المجتمع وتوجهاته الاجتماعية والفكرية، ساهم سجال الأولويات في ذهنية المثقف العراقي على تشتت الأدوار التي عاشها ذلك المثقف (العراقي)، بحيث، وصل إلى حد التقلب والنكوص، فمن مثقف دولة (في العمق مثقف سلطة)، إلى مثقف حزب (مرهون بالأيديولوجيا)، إلى مثقف سلطة (ذي سلوك، فئوي، عشائري، طائفي)، ولذا فإن العودة إلى تاريخ أصول الانتلجنسيا العراقية، يكشف لنا، ارتباط تلك الطبقة المثقفة، بتكوينات عسكرية، حملت النموذج التركي في الإصلاح، ربما أتصل التكوين الاجتماعي، بتأسيس أول مدرسة عسكرية في بغداد سنة 1871م، في عهد الوالي مدحت باشا، التي تخرجت منها أغلب الكوادر السياسية والثقافية، ولذا طرحت تلك المجاميع (الكوادر السياسية)، مشروعا سياسيا، مسكونا بسمة ردة الفعل الجغرافي، اتجاه الهيمنة العثمانية ومن المفارق في أساسيات ذلك المشروع، أن الأفراد المساهمين بشكل فاعل في بنائه (أي المشروع)، كانوا بمنابع تركية التعليم والطابع، وهم في نفس الوقت أرادوا نموذجا يتقاطع مع الشكل العثماني مما سبب ارتهان لعقدة الإصلاح لما فسد من العهد السابق، عندها صدمت الطبقة المثقفة العراقية، بقسوة الزمن التاريخي في نيل الإنجاز السياسي، حيث جاءت مباغتة صدمة الآخر الجديد (الكونيالية البريطانية) لتدخل الانتلجنسيا العراقية، في متاهة مطلب مغاير حمل تحديات مختلفة، جعلت من تلك الطبقة، تعيش محنة ترتيب الأولويات مرة أخرى، فهنا تباين واسع بين متطلبات الانتلجنسيا العراقية في العهد العثماني، فهناك ربما الاشتراك على المستوى الديني وتاريخ للتمازج والاقتراب من الطرف العثماني، فيما الأخر (البريطاني)، كان مختلفا دينيا واجتماعيا وسياسيا، أنتج الوضع الجديد هندسة صراع غير مألوفة لدى طبقة المثقفين العراقيين، حيث أمسى النسق الثقافي العراقي في حالة تقابل مع ثقافة الآخر المتواجد في العراق، والثقافة هنا نوعا ما تعبر عن (النسق الديني، الاجتماعي، الاقتصادي)، كان الصراع في زمن الدولة العثمانية، يعيش موقف التوازي بين أسبقية النموذج العثماني وخصوصية المعطى العراقي، لم تعر الانتلجنسيا العراقية اهتماما متزايدا في لحظة توازيها مع النموذج العثماني، نحو تناول ملفات الفكر العراقي، وإدخالها في مخاض النقد والتقويم التاريخاني، وكأن الثقافة العراقية وضعت  تحت ثبات التكريس التاريخي، لأجل ضمان استمرارية صناعة أيديولوجيات شمولية فعلت تجاهل الواقع العراقي، إن حضور الآخر الكونيالي، بمنجزه المتقدم والملموس دفع  بالمثقفين العراقيين للاصطدام ليس معه، بل الارتداد والرجوع إلى محاولة كشف وتحليل بنية الثقافة العراقية، لعله يعيد تصويب اتجاه فلسفة ترتيب أولويات المطلب العراقي، ولهذا ربما أخذت تشهد الثقافة العراقية ثنائيات الصراع الفكري، إصلاح ديني/ موروث شعبي ديني، عقد اجتماعي/ حق مقدس، عامة (بوصفهم رعايا) خواص (بكونهم وجهاء وأسياد المجتمع)، ربما مالت جداليات الثقافة العراقية نحو تصادم أيديولوجي ابتعد عن تمكين السعي والعمل على تقعيد مفهوم التنوير، في مجتمع كالعراق، لا يمكن التغاضي فيَه عن وجوب توفير عوامل التنوير الملازمة له (العقلانية، التاريخانية، الحرية)، لذا نتساءل هل هذه العوامل موجودة  في تاريخ ممارسات الحياة الثقافية والسياسية في العراق، إن توفر تلك العوامل لا يعني بالضرورة إزاحة خصوصية من خصوصيات المجتمع العراقي وإنما وجودها يمنح العقل العراقي فرصة استثمار تقابل التاريخي مع الثقافي وجعله محركا اجتماعيا يجدد في المجتمع اكتشاف قدراته في التكيف مع الطارئ والمستمر من محن الواقع الاجتماعي.

الاولى

جريمة تدمير ضريحي الإمامين

الاساءة ملة واحدة

رؤية مقترحة للتعاطي مع نزعة التجاوز

إطلالة على سامراء التاريخية

لمحات من سيرة الامامين العسكريين (ع)

قطاف الكلام

التنوير العراقي بين جدلية الدولة

الإصلاح المنقوص

مفهومية التنوير في فكر الامام الشيرازي

التسامح الديني في الإسلام

لغة الارقام

غرانيق في سماء الاستشراق

حوار مع الاستاذ زكي الميلاد

حرب قصف العقول وكسب القلوب

إشكالية الديمقراطية

المجتمع المدني الكوكبي

واحة الحياة

الأ بعاد الروحية للشعائر الإسلامية

واقعة كربلاء.. سفر الخلود

عاشوراء في الذاكرة

سيادة الحق والعدل الاجتماعي

علوم وتقنية

الوعي والثقافة القانونية

اثر السنة والشخصية

محمد علي شمس الدّين وألـفـة المكان الشّعري

شعر اقباسك طاهرة

مذكرات من جنوب العراق

إذا قام الإسلام في العراق للإمام الشيرازي

اصدارات

متابعات

الاخيرة  

الصفحة الرئيسية

الأعــداد السابقــة

فهرست العــدد

إتصــلوا بـنـــا