الصفحة الرئيسية

الأعــداد السابقــة

فهرست العــدد

إتصــلوا بـنـــا

قراءة في كتاب........

إذا قام الإسلام في العراق

للإمام الشيرازي

 

محمد عبد الرضا الذهبي

يتصدى الإمام الشيرازي في كتابه (إذا قام الإسلام في العراق) لاستيعاب سائر المراحل التاريخية، وكامل حركة التطورات السياسية والاجتماعية التي شهدها عراق المقدسات لا سيما في ما يتعلق بشيعة أهل البيت صلوات الله عليهم أجمعين.

يطرح الإمام مشروعا برؤياه الإنسانية العميقة التي تبعد الظلم وتتوخى إشاعة العدالة والديمقراطية بأسلوب فكري ناضج ومفتوح يحمل شفافية وبياض سريرة ويبعد فكرة إراقة الدم التي تقود الحكم نحو الهاوية والسقوط والفناء، إن لم يكن القريب ففي البعيد متمثلا بقول رسول الله صلى الله عليه وآله (من أعان على قتل مسلم ولو بشطر كلمة جاء يوم القيامة مكتوبا بين عينيه آيس من رحمة الله)، وفعلا تحققت رؤياه وسقط حكم الطغاة وانهارت عقليته، فالحكم الذي يوغل في قتل الناس ويتورط في الخوض بدمائهم يبدأ العد العكسي لسقوطه فإن الناس لا يصبرون على قتل أولادهم وإخوانهم وآبائهم وذويهم وأصدقائهم فيأخذون في ذم القاتل وترصد عثراته وينصرفون إلى هدم كيانه وإسقاط شرعيته وإثارة الرأي العام ضده.

والحكم الذي لا يقوم بنظرته على ولاء الشعب يفقد مقومات البقاء وسقوط الحاكم المتلوثة يده بدماء شعبه، والتاريخ شاهد على أن الدولة التي تتخذ الإرهاب وسيلة لإرساء قواعد حكمها سوف تسقط في نفس المستنقع الذي أوجدته بيدها.

فالعنف يولد العنف وهي التي يجب أن تحافظ على الأمن والاستقرار لا أن تتبنى قتل الأفراد تحت ستار أنهم فئة معينة تختلف معها أو من حزب سياسي أو جماعة دينية أو تفبرك التهم لإعدامهم.. حتى أنه شاع في زمن الدكتاتور المخلوع الإعدام الاحترازي وهو خطف أي شخص يشتبه به أو يوضع تحت المراقبة بدلا من تكليف قوى الأمن من بذل مجهودات لمراقبته وترصد حركاته وكان العراقي متهم حتى تثبت إدانته، ولا يفكر رجال الأمن والمخابرات ببراءة أي عراقي كان ثم يعتذر بعد ذلك من عائلته على أن ذلك كان اشتباها منهم وبهذا الرخص والامتهان يعامل العراقي مهما كان ومن أي فئة ومن كل هذا يطرح الإمام الشيرازي مفهوم التعامل مع هؤلاء المجرمين بقوله: إن الرسول صلى الله عليه وآله لم يقتل حتى قاتل عمه حمزة رضوان الله عليه لا لأنه لم يستحق القتل بل ملاحظة عدم التفريط بالأمن والاستقرار والابتعاد عن العنف والحفاظ على الروح الإسلامية المتسامحة والإنسانية.

وكذلك ما قام به الإمام علي بن أبي طالب صلوات الله عليه حينما عفى عن مجرمي الحرب الذين تم أسرهم في حروبه الثلاثة، ألم تكن تلك المواقف من أكبر العبر والدروس التي نعبر بها وتنير لنا طريق مسيرتنا الإنسانية؟! حفاظا على أمن الحكم وعدم التوغل بالدماء. ثم يذكر الإمام الشيرازي (طاب ثراه) بعض الأسباب والأمور التي تضعف الدولة فيقول: إن مما يضعف الدولة تعذيب الناس وإرهابهم ونشر فضائح واقعية أو مزعومة لهم ومصادرة أموالهم والطعن في ولائهم للوطن تحت حجج واهية، ويقول: إنه من اللازم على الدولة الإسلامية الناهضة إعلان العفو العام عن كل مجرم أجرم قبل قيام الدولة وهذا الأمر في غاية الأهمية من ناحية وفي غاية الصعوبة من ناحية ثانية، لأن الإنسان غالبا ما يعيش بحسن السمعة في حالته كفرد، فكيف بالدولة، والحاكم، كما يؤكد عدم المبالغة بكثرة السلاح والإعلام والدعاية الكاذبة غير نافعة حتى بمقدار شروى نقير في الحيلولة دون سقوط الحاكم أو الدولة التي تبالغ في جمع السلاح وإشهاره والصياح في الإعلام والتضخيم لأن كثرة الصياح من الفشل.

أما رأيه في الدستور والقانون فيقول: إنه لا بد أن يختلف عن دساتير الدول الديمقراطية لأنه يستند على الكتاب وسنة الرسول الحقيقية والإجماع والعقل ولا يوجد في دساتير الدول الأخرى من يمتلك صفة الثبات بل يتغير حسب الاستنباطات والاجتهادات وشورى الفقهاء الذين ارتضتهم الأمة مراجع لها جيلا بعد جيل وفترة بعد فترة.

فالدساتير القديمة لا يمكن أن تتلاءم مع تطورات الحياة الجديدة فتحدث ثغرات سياسية واجتماعية وأزمات جذرية حادة يصعب حلها حينما تستفحل وتتسع فجواتها.

أما قوله من جانب إطلاق الشعارات الخالية من الحقيقة والتي تؤدي إلى خسارة الفكر وتعثر المسيرة واستفزاز الأعداء المناهضين وأصحاب المصالح المتضررة.

فالشعارات الخالية لا يطلقها إلا الدكتاتوريون الذين يحاولون أن يخدعوا شعوبهم أو الشعوب الأخرى لان إطلاق الشعار الكبير يوجه الأنظار إلى مطلقها فيتحرك أعداؤه ويحاولون تحطيم ما يريد أن يسير عليه حتى لا يتفوق عليهم.

فالدكتاتور لا يعمل أبدا بل يطلق الشعار ليرضي جبروته وطغيانه وتسانده في ذلك أجهزته الإعلامية التي تعمل إلى دفع البلاد نحو التخلف والسقوط.

أما الأنظمة الديمقراطية فإنها تعتمد على الاستشارة والانتخاب فيكون إطلاق الشعارات خارج الاستشارة إطلاق عبثي يحاسب الحاكم عليه من قبل المؤسسات الدستورية والأحزاب المعارضة والصحافة الحرة وفي أنظمتها يكثر العمل ويقل الكلام وتتقدم البلاد دون حدوث ضجة وجعجعة فارغة وتطبيل أجوف.

ونظرة الحكم الإسلامي في التطبيق تتدرج دون تسرّع في سكب الأعمال كما يسكب الماء فقد كان الرسول صلى الله عليه واله قد تدرج في تطبيق الإسلام مع أن الشريعة كانت كاملة من عند الله سبحانه وتعالى قبل ذلك.

حيث نزل القران على قلب الرسول صلى الله عليه وآله دفعة واحدة ثم نزل منجما لكن ذلك لا يقاس بما إذا أمكن التطبيق الدفعي لان الدين كمل قبل رحيل رسول الله صلى الله عليه وآله(اليوم أكملت لكم دينكم) بعد أن ثبت الرسول الكريم أركان الدولة والقيادة وأعلن خليفته من بعده وحدد أن تأخذ بتطبيق مبادئها وشعاراتها وحسب قانون الأهم والمهم فكتاب الإمام الشيرازي مشروع واسع وعميق وجدي بوضوحه وقد يتسنى للقارئ أن يتصفح ويتمعن بفصوله المهمة مثل : عدم تلويث الثورة والحكومة والعفو العام وحسن السمعة والدستور والتدرج في التطبيق والقوانين الحيوية لان كل قوانين الإسلام حيوية وأنها دساتير إلهية من قبل اله قدير رحيم حكيم محيط بكل الزوايا والخصوصيات الفردية والاجتماعية النفسية والجسمية الحالية والمستقبلية.

وفصول أخرى مثل امتلاك القدرة وتوزيعها والحريات وتقوية الأمن والاهتمام بالخبراء واحتضان الخبرات والتعاون مع الاعتراف بحق الأقليات والأحزاب وبناء علاقات دولية والمحافظة على حسن الجوار والنهوض الاقتصادي والعمل على الاكتفاء الذاتي ومكافحة البطالة والقيام بعملية الإصلاح الإداري وتوفير الحاجات الأساسية وتبسيطها ليستطيع المواطن البسيط تناولها ومحاربة الفساد والقيام بالإصلاح الاجتماعي والعدالة والمساواة مع التأكيد بان العدالة بمفهومها الإسلامي هي عبارة عن وضع الشيء في موضعه سواء كان بمساواة أو بدونها وتقتضي إعطاء كل بقدر حاجته بعيداً عن المساواة بالعطايا والتحصيص لان الحاجات لا تتساوى ولا يمكن أن تتساوى الأجسام والعوائل والمكانة والحالة ولكن يلزم المساواة في القضايا العامة كالقضاء وإيجاد فرص العمل والثقافة والصحة والعلم ووجوب الحكم الإسلامي مراعاة كل الجوانب بقوة واقتدار.

إن نظرة الإمام الشيرازي للحكم الإسلامي نظرة شمولية لا تتعدى شاردة وواردة وتأكيده على الاستناد إلى القدرة الواقعية المنبثقة من الشعب وتعتمد بشكل أساسي على وجود الأحزاب والمنظمات والمؤسسات الدستورية التي يحركها نظام التعددية الحزبية لمراقبة عمل الحكومة وتقويم الانحراف بالأهداف وحتى لا تنجرف أمام الاستبداد لأنه هش لا يمتلك القدرة الواقعية وإن إمتلك القوة العسكرية.

وتتلخص أفكار الإمام الشيرازي طيب الله ثراه في الأمور الآتية:

1- الدين العام للعراق الإسلام.

2- أكثرية أفراد الحكومة من الشيعة تبعا للنسبة مع رعاية قانون الكفاءات واللياقة للمنصب.

3- إعطاء الأقليات الأخرى حقوقهم وعدم تجاهلهم بحسب نسبهم مع مراعاة الكفاءة.

أن هذا الكتاب الذي هو في متناول أيدينا الأن يدخل في هذا المضمار حيث يطرح سماحته حلولا للمشاكل بنظرته الثاقبة وفكره العميق ليس من بعد إسقاط النظام المقبور بل من أبعاد أخرى ويرى ضرورة تطبيق القوانين الإسلامية مثل الأرض لمن عمرها، وقانون الإلزام، وقانون الناس مسلطون على أموالهم وأنفسهم، ويرى أن القوانين غير الإسلامية قوانين جامدة لا تخدم الإنسان بل تعقد حياته، ولا تتوافق مع فطرته، مما تقوده نحو الشقاء والبؤس ويستدل سماحته بالآية الكريمة على ذلك (ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا) ويطرح ضرورة أن يتم تطبيق القوانين الإسلامية بشكل شمولي، لا أن يطبق بعضها ويترك بعضها الأخر فإنها قوانين متداخلة، ويدعو إلى التدرج في التطبيق حتى يستطيع الناس أن يتكيفوا معها ويفهموا ثقافتها.

الاولى

جريمة تدمير ضريحي الإمامين

الاساءة ملة واحدة

رؤية مقترحة للتعاطي مع نزعة التجاوز

سامراء

لمحات من سيرة الامامين العسكريين (ع)

قطاف الكلام

التنوير العراقي بين جدلية الدولة

الإصلاح المنقوص

مفهومية التنوير في فكر الامام الشيرازي

التسامح الديني في الإسلام

لغة الارقام

غرانيق في سماء الاستشراق

حوار مع الاستاذ زكي الميلاد

حرب قصف العقول وكسب القلوب

إشكالية الديمقراطية

المجتمع المدني الكوكبي

واحة الحياة

الأ بعاد الروحية للشعائر الإسلامية

واقعة كربلاء.. سفر الخلود

عاشوراء في الذاكرة

سيادة الحق والعدل الاجتماعي

علوم وتقنية

الوعي والثقافة القانونية

اثر السنة والشخصية

محمد علي شمس الدّين وألـفـة المكان الشّعري

شعر اقباسك طاهرة

مذكرات من جنوب العراق

إذا قام الإسلام في العراق للإمام الشيرازي

اصدارات

متابعات

الاخيرة  

الصفحة الرئيسية

الأعــداد السابقــة

فهرست العــدد

إتصــلوا بـنـــا