q
لا يتردد ماكرون في الإجابة عن سؤاله حول مستقبل قيادة اوربا ليجيب بالعبارة المليئة بالثقة: \"لا أريد أن أكون قائد أوروبا الأوحد، بل أريد أن أكون أحد قادة أوروبا الذين يمثّلون الجيل الجديد\"، هذا القائد الشاب لا يمانع في مصافحة الجميع دون شروط مسبقة، لكن الغريب...

القائد المستقبلي لأوروبا كما تصفه الصحافة الغربية، انه الرئيس ايمانويل ماكرون، القادم من تحت ركام الانهيار الكبير للقيادات السياسية التقليدية لأوروبا التي ضربتها الشعبوية بعد ازمة اقتصادية عاصفة، هذا الرئيس ذو الملامح الجادة والنظرات التي توحي بطموح ليس له حدود بالنسبة للشباب الفرنسي كما تقول الصحافة.

لا يتردد ماكرون في الإجابة عن سؤاله حول مستقبل قيادة اوربا ليجيب بالعبارة المليئة بالثقة: "لا أريد أن أكون قائد أوروبا الأوحد، بل أريد أن أكون أحد قادة أوروبا الذين يمثّلون الجيل الجديد"، هذا القائد الشاب لا يمانع في مصافحة الجميع دون شروط مسبقة، لكن الغريب انه لا يمتنع أيضا عن الدخول في مستنقعات الشرق الأوسط التي لا تقبل بالحياد الا في اطار محدود، "فاما ان تكون معنا او مع الأعداء"، هذه العبارة التي زرعتها عائلة ال بوش في حروب الخليج الأولى والثانية والثالثة، جعلت من المنطقة على حافة الحرب دائما.

وفي الحرب يمنع الحياد الذي يريده ماكرون كجسر لطموحاتها الكونية، فهو يريد ان يستعيد دور بلاده المفقود بفعل المتغيرات الدولية منذ الحرب العالمية الثانية، ولان الامبراطوريات مفتونة بالشرق الأوسط، فالاجدر بماكرون ان يجرب حظه هنا.

الشرق الأوسط الذي نتحدث عنه عبارة عن أربعة قدور تغلي بالماء تنتظر من يطبخ بها، اسمها سوريا والعراق واليمن ولبنان، وعلى ماكرون ان يضع طبخته في هذه القدور ان هو أراد نفوذا، او على الأقل يتبع خطى غريمه الروسي فلادمير بوتين، ليجرب حظه بالقِدْر السوري، والبوابة الكردية هي الاسهل كما يرى ماكرون، فهي تائهة وتبحث عن حليف ينقذها من غضب الرئيس التركي رجب طيب اردوغان.

الصحافة العربية تتساءل بعد ان لفتها النشاط الفرنسي في المنطقة، "هل حدث تغير في موقف الرئيس إيمانويل ماكرون والحكومة الفرنسية من سورية؟ وهل ستقوم فرنسا بإرسال قوات إلى سورية؟ ما حسمه الإليزيه على الأقل، أنه لن تكون هناك عمليات عسكرية فرنسية في سورية بعيداً عن التحالف الدولي ضدّ "داعش"؛ غير أنّ الإعلان هذا يخالف ما أعلنته المليشيات الكردية بعد لقاءاتها في الإليزيه، ما يجعل من التساؤل حول احتمال إرسال باريس لقوات جديدة إلى سورية مشروعاً".

في المقابل، تقول صحيفة العربي الجديد إن "ما هو مؤكد هو أن الرئيس الفرنسي لم يحترم تعهده بضرب الحكومة السورية في حال تجاوزه لخطوط حمراء، كانت فرنسا هي التي رسمتها، وغرق الموقف في تناقض بين تصريحات وزير الخارجية جان إيف لودريان ووزيرة الجيوش فلورانس بارلي، استغله النظام السوري، وحليفه الروسي، لإفراغ منطقة الغوطة الشرقية من سكانها، قبل اجتياحها بصفة نهائية".

وهذه الأسئلة تلحّ، الآن، أكثر من أي وقت مضى، بمناسبة لقاء في الإليزيه بين الرئيس الفرنسي ووفد يمثل "القوات الديمقراطية السورية"؛ فقد استقبل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في التاسع والعشرين من الشهر الماضي، حسب بيان صادر عن الإليزيه، وفدا يمثل "القوات الديمقراطية السورية"، وأكّد لهم "دعم فرنسا".

وقد استغل الرئيس الفرنسي، كما يقول بيان الإليزيه، المناسبة للإشادة بـ"التضحيات والدور الحاسم الذي لعبته القوات الديمقراطية السورية في الحرب ضد تنظيم داعش". وينقل البيان أن الوفد السوري كان يتألف مناصفة من نساء ورجال، وعرب وأكراد سوريين.

هذا التحرك الفرنسي يؤكد ان باريس عادت الى استراتيجيتها السابقة إزاء سوريا لكن بطريقة مختلفة، فالرئيس ماكرون الذي كان يرفض اسقاط بشار الأسد ويدعو لتقوية نظامه من اجل الحفاظ على دولة قوية قادرة على مواجهة التحديات وابرزها الإرهاب، عاد هو لينتهك هذه القواعد التي وضعها لنفسه، فدعم الاكراد يعني تقسيما عمليا للبلاد، والأكثر خطورة انه يعني صداما حتميا ليس مع الحكومة السورية فقط بل مع تركيا الغاضبة جدا، والتي ترى ان تقاسم مناطق النفوذ في سوريا قد تنتهك ما تراها حقوقها تاريخية لها.

لهذه الأسباب جاء الرد التريكي سريعا على التحركات الفرنسية يوم السبت 31 مارس الماضي، اذ وجّه وزير الدفاع التركي نور الدين جانيكلي، انتقادات لفرنسا، معتبراً أنّ وجودها عسكرياً في سورية "غير مشروع". وقال جانيكلي: "بما أنّ خطر داعش انتهى إلى حد كبير، فإنه لم تعد هناك أرضية مشروعة لتدخل فرنسا أو أي دولة أخرى عسكرياً في سورية".

وأضاف: "إذا اتخذت فرنسا خطوة بشأن التدخل العسكري شمالي سورية، فإنّ هذه الخطوة ستكون غير مشروعة بموجب القانون الدولي وبمثابة احتلال".

قذائف التهديد التركي جاءت بعد ان كشف مسؤول كردي لوكالة رويترز عن نية ماكرون إرسال قوات فرنسية إلى مدينة منبج شمالي سورية، لوقف أي نية تركية بالتقدّم اتجاهها. ليرد على هذا الكلام رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم، بتحذير شديد اللهجة قائلا: "إن كان ماكرون يريد أن يكون حكماً بين التنظيمات الإرهابية ليتفضل. تركيا لن يكون لها أي تواصل مع الإرهابيين"، متسائلاً "هل تريد فرنسا أن يعيش الشعب السوري الظلم نفسه الذي عانى منه الجزائريون من قبل؟ بالنسبة لنا كل التنظيمات التي تظلم السوريين في كفة واحدة".

الرئيس الفرنسي الطامح بمثاليته قد لا ينجح في اصطياد الشمال السوري بالاعتماد على الاكراد، فتركيا قد حزمت امتعتها من حلف شمال الأطلسي الى الحلف الشرقي الجديد مع روسيا وايران، ومن مقومات تأكيد قدرتها على الدخول في الحلف الجديد هو السيطرة على المناطق الكردية وبتفويض روسي إيراني، وهنا قد يكون رهان ماكرون على مصافحة الجميع غير ملائم فاما ان يقوم بحرب ضد تركيا لم تستطيع أمريكا بقدراتها الهائلة ان تقوم بها او ان يستسلم امام السلطات التركي اردوغان.

اضف تعليق