الحزب أنجز مهمته التاريخية. هزم نضال حزب العمال الكردستاني سياسة الإنكار وإبادة شعبنا وأوصل القضية الكردية إلى نقطة الحل عن طريق السياسة الديمقراطية. ان قرار حزب العمال الكردستاني بإنهاء وجوده والشروع في تحول جديد سيتطلب أيضا تحولا كبيرا في عقلية الدولة الرسمية في تركيا، وسيمهد إلى تبني نموذج جديد...

قالت وكالة فرات للأنباء المقربة من حزب العمال الكردستاني يوم الاثنين إن الجماعة التي تخوض صراعا مع الدولة التركية منذ أكثر من 40 عاما قررت حل نفسها وإنهاء التمرد المسلح.

ومن المتوقع أن يؤدي قرار حزب العمال الكردستاني إلى تعزيز الاستقرار السياسي والاقتصادي في تركيا، عضو حلف شمال الأطلسي، والتشجيع على اتخاذ خطوات لتخفيف حدة التوتر في العراق المجاور وكذلك في سوريا، حيث تتحالف القوات الكردية مع القوات الأمريكية.

وقُتل أكثر من 40 ألف شخص منذ أن بدأ حزب العمال الكردستاني تمرده المسلح عام 1984. وتصنفه تركيا وحلفاؤها الغربيون جماعة إرهابية.

ونشرت وكالة فرات للأنباء ما وصفته بالبيان الختامي لمؤتمر عقده حزب العمال الكردستاني الأسبوع الماضي في شمال العراق حيث مقره، وجاء فيه “أعلن حزب العمال الكردستاني عن نتائج مؤتمره الثاني عشر، وقرر المؤتمر حل الهيكل التنظيمي لحزب العمال الكردستاني، وإنهاء الكفاح المسلح وجميع الأنشطة التي تتم باسم الحزب”.

واعتبر الحزب في بيان نقلته وكالة فرات للأنباء المقرّبة منه، أنه أنجز “مهمته التاريخية” و”أوصل القضية الكردية إلى نقطة الحل عن طريق السياسة الديموقراطية”.

وأكّد الحزب أن مؤتمره الثاني عشر الذي عُقد في جبال قنديل بشمال العراق بين الخامس والسابع من أيار/مايو، “اتخذ … قرارات بحل الهيكل التنظيمي لحزب العمال الكردستاني وإنهاء أسلوب الكفاح المسلح وإنهاء الأنشطة” التي كانت تمارس باسمه.

وقال عضو اللجنة التنفيذية لحزب العمال الكردستاني دوران كالكان للمندوبين في تصريحات نقلتها وكالة فرات “هذه ليست النهاية، بل هي بداية جديدة”.

وعقد حزب العمال الكردستاني المؤتمر استجابة لدعوة وجهها زعيم الجماعة المسجون عبد الله أوجلان في فبراير شباط لحل الحزب. وأوجلان مسجون في جزيرة جنوبي إسطنبول منذ عام 1999. وقالت الجماعة يوم الاثنين إنها ستدير العملية.

ومع ذلك، لم يتضح ما إذا كانت أنقرة وافقت على استمرار دور أوجلان، وهو ما تشير استطلاعات الرأي إلى أنه قد لا يحظى بشعبية بين الأتراك. ولم تتوفر تفاصيل بشأن الكيفية التي سيتم بها نزع سلاح حزب العمال الكردستاني وتفكيكه على الصعيد العملي.

ويبقى أن نرى كيف ستؤثر هذه العملية على وحدات حماية الشعب الكردية في سوريا. وتقود وحدات حماية الشعب قوة متحالفة مع الولايات المتحدة ضد تنظيم الدولة الإسلامية هناك، وتعتبرها تركيا تابعة لحزب العمال الكردستاني. وقالت وحدات حماية الشعب في وقت سابق إن دعوة أوجلان لا تنطبق عليها.

وورد في البيان الختامي لمؤتمر حزب العمال الكردستاني أن الحزب “أنجز مهمته التاريخية. هزم نضال حزب العمال الكردستاني سياسة الإنكار وإبادة شعبنا وأوصل القضية الكردية إلى نقطة الحل عن طريق السياسة الديمقراطية”.

وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يوم الاثنين إن قرار حزب العمال الكردستاني حل نفسه خطوة مهمة، وإن أنقرة ستتابع العملية عن كثب لتجنب أي مشكلات.

وفي حديثه عقب اجتماع لمجلس الوزراء في أنقرة، قال أردوغان إن أبواب عهد جديد ستفتح بمجرد أن يلقي حزب العمال الكردستاني سلاحه، واصفا هذه الخطوة بأنها مهمة نحو تحقيق هدف أنقرة المتمثل في دولة خالية من الإرهاب.

وأضاف أن تركيا ترى أن هذه الخطوة تشمل المسلحين الأكراد في العراق وسوريا وأوروبا أيضا.

ومن شأن قرار حزب العمال الكردستاني أن يمنح الرئيس رجب طيب أردوغان الفرصة لتعزيز التنمية في جنوب شرق البلاد الذي تقطنه أغلبية كردية، حيث أعاق التمرد اقتصاد المنطقة لعقود من الزمن.

وقال طيب تمل نائب الرئاسة المشتركة لحزب المساواة والديمقراطية للشعوب التركي المؤيد للأكراد لرويترز يوم الاثنين إن قرار حزب العمال الكردستاني بحل نفسه له أهمية بالغة للشعب الكردي ومنطقة الشرق الأوسط ككل.

وأضاف أن “قرار حزب العمال الكردستاني بإنهاء وجوده والشروع في تحول جديد سيتطلب أيضا تحولا كبيرا في عقلية الدولة الرسمية في تركيا، وسيمهد إلى تبني نموذج جديد”.

وحظي الإعلان بترحيب في ديار بكر، أكبر مدينة في الجنوب الشرقي، إذ أدت عدم الثقة في الحكومة بين العديد من الأكراد إلى تآكل الآمال في نجاح عملية السلام.

وقال حسن حسين جيلان (45 عاما) “من المهم حقا ألا يموت الناس بعد الآن وأن يتم حل المشكلة الكردية في هيكل أكثر ديمقراطية”، واصفا خطوة حزب العمال الكردستاني بأنها هامة للغاية للأكراد والشعب التركي.

وقال عمر جليك المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية الحاكم الذي يتزعمه أردوغان إن قرار حزب العمال الكردستاني بالحل “خطوة مهمة نحو تركيا خالية من الإرهاب”.

واستقرت الليرة التركية عند 38.765 مقابل الدولار بينما ارتفع مؤشر الأسهم الرئيسي ثلاثة بالمئة.

وكانت هناك جهود سلام متقطعة على مر السنين، أبرزها وقف إطلاق النار بين عامي 2013 و2015 الذي انهار في نهاية المطاف.

نبذ العنف فرصة للسلام

ويأتي الإعلان تلبية لدعوة أطلقها في 27 شباط/فبراير مؤسس الحزب عبدالله أوجلان المسجون على جزيرة إيمرالي قبالة اسطنبول منذ 1999 حثّ فيها مقاتليه على نزع السلاح وحلّ الحزب.

وعلى الإثر، وفي الأول من آذار/مارس، أعلن الحزب الذي تصنفه أنقرة وحلفاؤها الغربيون “منظمة إرهابية”، وقف إطلاق النار بأثر فوري.

ورحّب حزب العدالة والتنمية بزعامة الرئيس طيب إردوغان الاثنين بما اعتبره “خطوة مهمة نحو جعل تركيا خالية من الإرهاب”.

وقال المتحدث باسم الحزب عمر جليك “يجب تنفيذ هذا القرار وتطبيقه بكل أبعاده”، معتبرا أن “إغلاق كلّ فروع حزب العمال الكردستاني وامتداداته وهياكله غير القانونية سيشكّل نقطة تحول”.

من جهته، قال مدير الإعلام في الرئاسة التركية فخر الدين ألتون إنه “سيتم اتخاذ التدابير اللازمة لضمان تقدّم العملية بشكل صحي وسلس”، من دون مزيد من التفاصيل، فيما أشاد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان بـ”مرحلة تاريخية ومشجّعة” تجعلنا “نفتخر كثيرا ببلدنا”.

بدوره، أكّد رئيس إقليم كردستان العراق نيجرفان بارزاني “استعداد” إقليمه “الكامل للاستمرار في تقديم أي نوع من المساعدة والتعاون لإنجاح هذه الفرصة التاريخية”.

كذلك اعتبر وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني أن “الاتفاق” بين أنقرة وحزب العمال الكردستاني يشكل “لحظة فارقة” على صعيد استقرار المنطقة.

ودعت المفوضية الأوروبية في السياق نفسه جميع الأطراف إلى “اغتنام الفرصة” للعمل من أجل تحقيق السلام.

وفي وسط مدينة دياربكر بجنوب شرق تركيا وحيث غالبية السكان أكراد، قوبل إعلان حزب العمال الكردستاني بالفرح والرقص الشعبي والموسيقى، بحسب لقطات بثتها وسائل إعلامية محلية. 

ولا يعرف حتى الآن ماذا سيكون مصير أوجلان (76 عاما)، غير أن مسؤولا في حزب العدالة والتنمية لمح إلى أن نظام اعتقاله “سيُخفّف”، بدون أن يتطرّق إلى إمكان إطلاق سراحه، بحسب “صحيفة تركيا” الموالية للحكومة.

وقال هذا المسؤول “ستُتخذ بعض التدابير الإدارية. سيُعيّن ضابط لمساعدته في (سجن) إمرالي. ستُخّفف ظروف الاعتقال … ستزداد كذلك وتيرة اجتماعاته مع حزب المساواة وديموقراطية الشعوب وعائلته”.

ولفت أيضا إلى أن الزعيم الكردي الذي يحظى بتقدير كبير لدى أنصار حزبه، يخشى على حياته في حال خرج من السجن و”يعلم أنه سيواجه مشكلة أمنية حين يخرج”.

وقال حزب العمال الكردستاني الاثنين إن حلّ نفسه “يوفر أساسا قويا للسلام الدائم والحل الديموقراطي”، داعيا البرلمان التركي “إلى لعب دوره بمسؤولية تاريخية”.

وفيما كانت جهود السلام مجمدة منذ حوالى عقد، أطلق معسكر الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مبادرة قام حليفه الرئيسي القومي دولت بهجلي بطرحها عبر وفد من حزب المساواة وديموقراطية الشعوب، في تشرين الأول/أكتوبر على أوجلان المحكوم بالسجن مدى الحياة.

ودعا بهجلي حينها أوجلان إلى نبذ العنف وحلّ حزبه، لقاء الإفراج المبكر عنه.

وصف إردوغان نداء أوجلان بأنه “فرصة تاريخية”، لكنه توعّد بمواصلة العمليات العسكرية ضد حزب العمال الكردستاني “في حال لم يف بوعوده”ز

وفي منتصف آذار/مارس، أكّد حزب العمّال الكردستاني “استحالة” عقد مؤتمر لإعلان حلّه بسبب استمرار القصف التركي على مواقعه.

تعزيز سلطة اردوغان

وترى مديرة برنامج تركيا في معهد الشرق الأوسط غونول تول أن “المحرّك الأساسي (لهذه العملية) لطالما كانت رغبة إردوغان في تعزيز سلطته”، مشيرة في تصريح لوكالة فرانس برس إلى أنه قد يترشح من موقع قوة في انتخابات 2028 في مواجهة معارضة منقسمة.

وتشير الباحثة إلى أن أكراد تركيا لم ينضموا إلى تظاهرات المعارضة التي نددت بتوقيف رئيس بلدية إسطنبول المُعارض أكرم إمام أوغلو منذ 19 آذار/مارس وهو مرشح حزب الشعب الجمهوري المؤيد للأكراد، للانتخابات الرئاسية المقبلة.

وتضيف “يُظهر غياب المشاركة الكردية في هذا التجمع نجاح استراتيجية اردوغان القائمة على مبدأ فرّق تسد”.

وتؤكد أن الرئيس التركي “لطالما سعى إلى إثارة خلاف بين الحزب المؤيد للأكراد وبقية أحزاب المعارضة، وهذا ما يحدث بالضبط”.

تأسس حزب العمال الكردستاني في العام 1978، وتعتبره تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي منظمة “إرهابية”. وأطلق تمردا مسلحا ضد أنقرة عام 1984 لإقامة دولة للأكراد الذين يشكّلون حوالى 20 في المئة من سكان تركيا البالغ عددهم 85 مليون نسمة.

وفي شمال العراق تقيم تركيا منذ 25 عاما قواعد عسكرية لمواجهة مقاتلي الحزب الذين يتمركزون في معسكرات في إقليم كردستان. 

أوجلان.. من زعيم حرب الى داعية سلام

أمضى الزعيم الكردي عبد الله أوجلان، الذي يبلغ من العمر الآن 76 عاما، ربع قرن في السجن بعد أن قاد حزب العمال الكردستاني إلى حمل السلاح لقتال الدولة التركية من أجل إقامة وطن كردي.

وفي فبراير شباط، دعا أوجلان إلى السلام. وقال إن الكفاح قد استنفد غرضه، مطالبا حزب العمال الكردستاني بإلقاء السلاح.

واستجابت الجماعة المسلحة لدعوته يوم الاثنين معلنة أنها ستحل نفسها، وفقا لوكالة أنباء مقربة من الجماعة، منهية بذلك أكثر من أربعة عقود من الكفاح المسلح.

وأصدر أوجلان، الذي يحظى باحترام الحركة السياسية المؤيدة للأكراد رغم أن معظم الأتراك يصبون عليه جام غضبهم لأنه أشعل الصراع في عام 1984، هذه الدعوة بعد أربعة أشهر من اقتراح بهذا الشأن من حليف للرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

وقال أوجلان إن “إنهاء إنكار الدولة للهوية الكردية وتحسين حرية التعبير أدى إلى فقدان حزب العمال الكردستاني لمكانته”.

وعبر كل من أردوغان وحزب المساواة والديمقراطية للشعوب التركي المؤيد للأكراد عن دعمهم لجهود إنهاء القتال الذي أودى بحياة أكثر من 40 ألف شخص وغير شكل السياسة التركية وألحق أضرارا بالبلدات والمدن في جنوب شرق البلاد.

وقال أوجلان في رسالة نشرها أعضاء حزب المساواة والديمقراطية للشعوب في فبراير شباط بعد زيارتهم له في زنزانته بالسجن “أدعو إلى إلقاء السلاح، وأتحمل المسؤولية التاريخية عن هذه الدعوة”.

وظهرت صورة نُشرت آنذاك لأوجلان بشعره الرمادي جالسا إلى طاولة ممسكا بالبيان ومحاطا بسياسيين من الحزب.

وألقت القوات الخاصة التركية القبض على أوجلان في كينيا عام 1999. وعلى الرغم من سجنه، ظل يتمتع بنفوذ كبير وسلطة رمزية على حزب العمال الكردستاني الذي يتمركز مقاتلوه أساسا في منطقة جبلية بشمال العراق.

وظهرت على السطح فكرة إعادة التواصل مع أوجلان في أكتوبر تشرين الأول وطرحها سياسي غير متوقع وهو دولت بهجلي زعيم حزب الحركة القومية والحليف السياسي للرئيس التركي رجب طيب أردوغان. وفاجأ بهجلي البلاد حين اقترح أنه يمكن الإفراج عن أوجلان إذا نجح في إقناع حزب العمال الكردستاني بإنهاء تمرده.

وينظر الكثير من الأكراد إلى عبدالله أوجلان المسجون منذ 26 عاما وهو مؤسس حزب العمال الكردستاني الذي أعلن الاثنين حلّ نفسه وإلقاء السلاح، على أنه “يجسّد” قضيتهم في تركيا.

وكانت تلك ثالث دعوة يطلقها الزعيم الكردي لوقف إطلاق النار، بعد محاولتَين باءتا بالفشل في مطلع الألفية الثالثة وفي العام 2013.

وقال أوجلان في الإعلان الذي تلاه وفد من نواب حزب المساواة وديموقراطية الشعوب (ديم) المؤيد للأكراد زاره في سجنه “على جميع المجموعات المسلحة إلقاء السلاح وعلى حزب العمال الكردستاني حل نفسه”.

وفيما كانت جهود السلام مجمّدة منذ حوالى عقد، أطلق معسكر الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مبادرة قام حليفه الرئيسي القومي دولت بهجلي بطرحها في تشرين الأول/أكتوبر على أوجلان المحكوم بالسجن مدى الحياة. ودعا بهجلي حينها أوجلان إلى نبذ العنف وحلّ حزبه لقاء الإفراج المبكر عنه.

وفي الخريف بعث أوجلان برسالة إلى العامّة عن طريق عائلته قال فيها إنه الوحيد القادر على نقل القضية الكردية “من مسرح النزاع والعنف إلى القانون والسياسة”.

وأطلق أوجلان تمردا مسلحا ضد أنقرة في العام 1984 بهدف إقامة دولة للأكراد الذين يشكّلون حوالى 20 في المئة من سكان تركيا البالغ عددهم 85 مليون نسمة. وقضى في هذا التمرد عشرات آلاف الأشخاص.

وما زال حضور أوجلان قويا بين الأكراد في أوروبا حيث يلوح لاجئون أكراد بانتظام بأعلام ولافتات تحمل صورة وجهه المستدير الذي يتوسطه شارب أسود كثيف غزاه الشيب مع الوقت.

وُلد أوجلان في الرابع من نيسان/أبريل 1949 وهو واحد من ستة أشقاء وشقيقات في عائلة فلاحين تركية كردية مختلطة في قرية أوميرلي في جنوب شرق تركيا، ولغته الأم هي التركية.

وأصبح ناشطا يساريا أثناء دراسته العلوم السياسية في الجامعة في أنقرة، وزُجّ في السجن مرة أولى في العام 1972.

أسّس حزب العمال الكردستاني بعد ستة أعوام على ذلك، ثم ظلّ لسنوات متواريا بين سوريا ولبنان، وباشر حزبه الكفاح المسلح في العام 1984.

وقاد القتال من سوريا إلى حيث لجأ، ما تسبب بتوتر بين دمشق وأنقرة.

أُرغم على ترك سوريا في العام 1998، فانتقل إلى روسيا ثم إيطاليا وبعدها اليونان بحثا عن ملاذ لكن انتهى به المطاف في القنصلية اليونانية في كينيا حيث علم عملاء أميركيون بوجوده وأبلغوا تركيا بذلك.

ألقي القبض عليه في 15 شباط/فبراير 1999 إثر عملية لقوات الأمن التركية التي نقلته إلى تركيا حيث جرت محاكمته وصدر حكم بإعدامه.

ومع أنه أفلت من الاعدام عندما ألغت تركيا هذه العقوبة في العام 2004، بقي في عزلة داخل زنزانة في سجن جزيرة إيمرالي في بحر مرمرة جنوب اسطنبول.

ويرى الكثير من الأكراد فيه بطلا وينادونه “آبو” (العمّ). لكن غالبا ما يطلق عليه الأتراك لقب “بيبك كاتيلي” (قاتل الأطفال) خصوصا على خلفية قصف أهداف مدنية.

لم يحصل الأكراد على دولة عندما انهارت السلطنة العثمانية بعد الحرب العالمية الأولى. ويُعتبرون اليوم أكبر شعب بلا دولة في العالم.

ويعدّ الأكراد أكبر أقلية في تركيا، وينتشرون في دول عدة في المنطقة خصوصا العراق وسوريا وإيران، حيث تمثلهم أحزاب سياسية وزعامات تقليدية، لا يرتبط كثير منها بالحزب.

يجسّد الأمة الكردية

ومع اعتقال أوجلان، اعتقدت أنقرة أنها قطعت رأس حزب العمال الكردستاني. غير أن أوجلان استمر حتى من داخل زنزانته في قيادته، وأمر بوقف لإطلاق النار استمر من 1999 حتى 2004.

وفي العام 2005، أمر أتباعه بالتخلي عن فكرة الدولة الكردية المستقلة، وبالقيام بحملة من أجل الحكم الذاتي في بلدانهم.

وبدأت في العام 2008 بعض المحاولات لحلّ “القضية الكردية” في تركيا، وبعد سنوات عدة شارك أوجلان في أول محادثات سلام غير رسمية عندما كان إردوغان رئيسا للوزراء.

وأدت المحادثات التي قادها رئيس الاستخبارات آنذاك هاكان فيدان الذي يشغل اليوم منصب وزير الخارجية، إلى رفع آمال الأكراد في التوصل إلى حل لمستقبلهم داخل حدود تركيا.

لكن الجهود انهارت في تموز/يوليو 2015، ما أدّى إلى اندلاع أحد أكثر الفصول دموية في النزاع.

وفي العام التالي، اعتبر أوجلان أن “هذه الحرب لن يفوز أي من الجانبين فيها”، حسبما نقل عنه شقيقه محمد.

مذاك الحين، “تنوّع المجتمع الكردي وفرضت الحركة السياسية والقانونية الكردية نفسها كلاعب رئيسي”، حسبما يقول حميد بوزرسلان مدير الدراسات في مدرسة الدراسات العليا للعلوم الاجتماعية في باريس.

ويضيف الباحث “يبقى أوجلان اللاعب المحوري”، لافتا إلى أنه “بالنسبة لعدد كبير من الأكراد، لا يجسّد القضية فحسب بل يجسّد الأمة الكردية بكاملها”.

ولا يعرف حتى الآن ماذا سيكون مصير أوجلان، غير أن مسؤولا في حزب العدالة والتنمية الحاكم لمح إلى أن نظام اعتقاله “سيُخفّف”، بحسب “صحيفة تركيا” الموالية للحكومة.

وقال هذا المسؤول “ستُتخذ بعض التدابير الإدارية. سيُعيّن ضابط لمساعدته في (سجن) إمرالي. ستُخّفف ظروف الاعتقال … ستزداد كذلك وتيرة اجتماعاته مع حزب المساواة وديموقراطية الشعوب وعائلته”.

ولفت أيضا إلى أن الزعيم الكردي يخشى على حياته في حال خرج من السجن و”يعلم أنه سيواجه مشكلة أمنية حين يخرج”.

ما هو حزب العمال الكردستاني؟

حزب العمال الكردستاني هو جماعة مسلحة أسسها أوجلان في جنوب شرق تركيا عام 1978 على أساس أيديولوجية مستقاة من الأفكار الماركسية اللينينية.

بدأ حزب العمال الكردستاني تمرده على تركيا في عام 1984 مستهدفا إنشاء دولة كردية مستقلة، ثم عدل أهدافه فيما بعد إلى السعي إلى الحصول على مزيد من الحقوق للأكراد والحكم الذاتي في جنوب شرق تركيا.

وقُتل أكثر من 40 ألف شخص في الصراع، معظمهم من المسلحين. وتركز القتال في المناطق الريفية في جنوب شرق تركيا حيث يشكل الأكراد الغالبية العظمى من السكان، لكن الجماعة نفذت أيضا هجمات في مناطق حضرية من بينها أنقرة وإسطنبول.

وصنفت أنقرة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وبعض الدول الأخرى الجماعة منظمة إرهابية.

نشط حزب العمال الكردستاني في سوريا حتى عام 1998 حين اضطر أوجلان إلى الفرار وسط ضغوط تركية متزايدة، وألقت قوات خاصة تركية القبض عليه بعد بضعة أشهر في كينيا.

وأصدرت محكمة تركية حكما بإعدامه في عام 1999، وتم تخفيف الحكم إلى السجن المؤبد في أكتوبر تشرين الأول 2002 بعد أن ألغت تركيا عقوبة الإعدام، وما زال أوجلان مسجونا في جزيرة بالقرب من إسطنبول.

وتراجعت حدة القتال بعد القبض على أوجلان، وانسحب مقاتلون متمردون من تركيا.

وبعد فورة من أعمال العنف، انخرطت تركيا وحزب العمال الكردستاني في محادثات سلام منذ أواخر عام 2012. وانهارت هذه العملية في يوليو تموز 2015، مما أطلق العنان للفترة الأكثر دموية من الصراع وأسفر عن دمار واسع النطاق في بعض المناطق الحضرية في جنوب شرق تركيا.

وفي أكتوبر تشرين الأول 2024 فاجأ دولت بهجلي، زعيم حزب الحركة القومية والحليف السياسي للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أنقرة باقتراحه إطلاق سراح أوجلان إذا أعلن انتهاء تمرد الجماعة التي يتزعمها.

وأيّد حزب العدالة والتنمية الحاكم الذي يتزعمه أردوغان الاقتراح، وأجرى زعماء حزب المساواة والديمقراطية للشعوب المؤيد للأكراد الذي يسعى إلى مزيد من الحقوق والحكم الذاتي للأكراد، محادثات مع أوجلان في سجنه.

في السنوات القليلة الماضية، انتقل الصراع إلى شمال العراق المجاور حيث يوجد لحزب العمال الكردستاني قواعد في مناطق جبلية، ولدى تركيا عشرات المواقع العسكرية.

وشنت أنقرة عمليات ضد المسلحين هناك، تضمنت ضربات جوية بطائرات حربية وبطائرات مسيرة قتالية، وقالت بغداد إن العمليات تنتهك سيادة العراق. لكن العراق وتركيا اتفقا على تعزيز التعاون في مواجهة حزب العمال الكردستاني الذي صنفته بغداد تنظيما محظورا لأول مرة.

وتستهدف تركيا أيضا تنظيم (وحدات حماية الشعب) الكردي في سوريا، وتعتبره تابعا لحزب العمال الكردستاني، ونفذت عمليات عبر الحدود إلى جانب القوات السورية المتحالفة معها لإبعاد التنظيم عن حدودها.

لكن وحدات حماية الشعب تقود قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة والشريك الأساسي في التحالف ضد تنظيم الدولة الإسلامية. ويشكل دعم واشنطن لقوات سوريا الديمقراطية مصدرا للتوتر بين الولايات المتحدة وتركيا منذ سنوات.

وتعزز موقف تركيا وتأثيرها في سوريا بعد الإطاحة في ديسمبر كانون الأول بالرئيس السوري السابق بشار الأسد، الذي اتخذت أنقرة موقفا ضده لفترة طويلة ودعمت قوات المعارضة السورية في مواجهته.

وطالبت تركيا بحل وحدات حماية الشعب وطرد قادة التنظيم من سوريا، وهددت بعملية عسكرية تركية "لسحق" الجماعة حال عدم تلبية مطالبها.

وسعى مسؤولون أتراك وأمريكيون وسوريون وأكراد إلى التوصل إلى اتفاق بشأن مستقبل المقاتلين الأكراد السوريين.

* المصدر: وكالات+رويترز+فرانس برس

اضف تعليق