q
يتسبب تغير المناخ بفعل البشر في اضطراب خطير وواسع النطاق في الطبيعة، ويؤثر على مليارات الأرواح، وعلى الرغم من الجهود المبذولة للحد من المخاطر، فإن الأشخاص والنظم البيئية الأقل قدرة على التكيّف هي الأكثر تضررا. انهيار النظام البيئي، وانقراض الأنواع، وموجات الحر والفيضانات المميتة، هي من بين المخاطر...

وجّه علماء الأمم المتحدة تحذيرا صارخا بشأن تأثير تغيّر المناخ على الناس والكوكب، وقالوا إن انهيار النظام البيئي، وانقراض الأنواع، وموجات الحر والفيضانات المميتة، هي من بين "المخاطر المناخية المتعددة التي لا يمكن تجنبّها" والتي سيواجهها العالم خلال العقدين المقبلين بسبب الاحتباس الحراري.

وقال هوسنج لي، رئيس الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC): "هذا التقرير تحذير ملّح بشأن عواقب عدم اتخاذ أي إجراء."

وقال إنه يُظهر أن تغيّر المناخ يمثل تهديدا خطيرا ومتزايدا لرفاهيتنا ولكوكب صحي.

وأضاف يقول: "ستشكل ممارساتنا اليوم كيفية تكيّف الناس واستجابة الطبيعة لمخاطر المناخ المتزايدة" مضيفا أن أنصاف الإجراءات لم تعد خيارا.

ووفقا للتقرير، يتسبب تغير المناخ بفعل البشر في اضطراب خطير وواسع النطاق في الطبيعة، ويؤثر على مليارات الأرواح في جميع أنحاء العالم، وعلى الرغم من الجهود المبذولة للحد من المخاطر، فإن الأشخاص والنظم البيئية الأقل قدرة على التكيّف هي الأكثر تضررا.

وهذا هو التقرير الثاني في سلسلة من ثلاثة تقارير يعدّها كبار علماء المناخ في الأمم المتحدة، ويأتي إطلاقه بعد ما يزيد قليلا عن 100 يوم على انعقاد قمة الأمم المتحدة للعمل المناخي في غلاسكو COP26، حيث جرى الاتفاق على تكثيف العمل للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري إلى 1.5 درجة مئوية ودرء أسوأ آثار تغيّر المناخ.

ووصف الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، التقرير الأول الذي صدر في آب/أغسطس الماضي، بأنه "رمز أحمر للإنسانية" وقال: "إذا قمنا بتوحيد القوى الآن، يمكننا تجنب كارثة مناخية."

أما عن رأيه في التقرير الأخير، فهو صارخ بنفس القدر: إذ يأسف السيد غوتيريش لأن الأدلة التي قدمتها الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغيّر المناخ لا تشبه أي شيء رآه على الإطلاق، واصفا إياه بـ "أطلس المعاناة الإنسانية شديدة واتهاما قاطعا بفشل القيادة في التصدي لأزمة المناخ."

وبفضل ما يعرضه التقرير من حقائق تلو الأخرى، فإنه يركز على التأثيرات والتكيف وقابلية التأثر، يكشف كيف أن الناس والكوكب يتعرّضون "للضرب" بسبب تغير المناخ.

وأضاف يقول: "نصف البشرية تقريبا قد أصبح يعيش في منطقة الخطر. وبلغ التدهور بالعديد من النظم الإيكولوجية حدا لا رجعة فيه. والتلوث الكربوني الفاحش يدفع أشد فئات العالم ضعفا رويدا رويدا نحو الدمار."

وقال السيد غوتيريش إن أكبر الملوّثين في العالم مسؤولون عن إضرام النار في بيتنا الوحيد.

في وجه مثل هذا الدليل المرعب، من المهم تحقيق أهداف الحد من درجات الحرارة العالمية إلى 1.5 درجة مئوية، ويُظهر العلم أن ذلك يتطلب من العالم خفض الانبعاثات بنسبة 45 في المائة مع حلول عام 2030، وتحقيق صافي انبعاثات صفرية بحلول عام 2050.

إلا أن السيد غوتيريش أضاف يقول: "ولكن بحسب الالتزامات الحالية، فإن الانبعاثات العالمية ستزداد بنسبة 14 في المائة تقريبا على مدار العقد الحالي. وهذا يُنذر بكارثة، وسيقضي على أي فرصة للحفاظ على (هدف) البقاء ضمن حدود 1.5 درجة مئوية."

هذا يُنذر بكارثة، وسيدمر أي فرصة لإبقاء (هدف) الـ 1.5 درجة مئوية حيّا

وأوضح الأمين العام أن أحد أبرز الحقائق التي يظهرها التقرير هو أن الفحم وغيرها من الوقود الأحفوري يخنق الإنسانية، ودعا جميع حكومات مجموعة العشرين إلى الالتزام باتفاقاتها لوقف تمويل الفحم في الخارج، وأيضا وبشكل عاجل فعل الشيء المماثل داخل بلدانها وتفكيك أساطيل الفحم.

وعلاوة على ذلك، قال يجب محاسبة العاملين في القطاع الخاص الذين ما زالوا يمولون إنتاج الفحم، مشيرا إلى أن هذا التحذير يشمل أيضا شركات النفط والغاز العملاقة والجهات الضامنة لها.

فبحسب الأمين العام "لا يمكنك أن تدعي مراعاة الاعتبارات البيئية وأنت في نفس الوقت تقوض بخططك ومشاريعك غاية الوصول بالانبعاثات إلى درجة الصفر بحلول عام 2050 وتتجاهل ما يجب أن يحصل في هذا العقد من تخفيضات رئيسية في نسبة الانبعاثات. فالناس لا تنطلي عليهم هذه الحيلة."

وأضاف أنه بدلا من إبطاء إزالة الكربون عن الاقتصاد العالمي، حان الوقت لتسريع الانتقال إلى استخدام الطاقة والاعتماد على الطاقة المتجددة في المستقبل، مضيفا أن الوقود الأحفوري بأنواعه لا يرجى منه خير لا لكوكبنا ولا للإنسانية، ولا للاقتصادات".

ودعا الدول المتطورة، وبنوك التنمية متعددة القطاعات، والممولين الخاصين، وغيرهم، إلى تشكيل تحالفات لمساعدة الاقتصادات الناشئة على وضع حد لاستخدام الفحم.

التكيّف ينقذ الأرواح

الأمر المهم الآخر الذي وجده التقرير يُعتبر نبأ أفضل قليلا ويتعلق بالاستثمار في عمل التكيّف.

وقال السيد غوتيريش: "مع ازدياد تداعيات المناخ سوءا – وستزداد سوءا – فإن توسيع نطاق الاستثمارات سيكون مهما للبقاء على قيد الحياة. يجب متابعة جهود التكيّف مع تلك الآثار والتخفيف من وطأتها بنفس القوة ونفس الإلحاح. ولعل هذا هو السبب الذي جعلني أضغط من أجل رصد 50 في المائة من إجمالي التمويل المناخي لجهود التكيف."

وأشار إلى التزامات غلاسكو بشأن التكيف، قائلا إن التمويل لم يكن كافيا لمواجهة التحديات التي تواجهها الشعوب على الجبهات الأمامية لأزمة المناخ، وقال إنه أيضا يدفع باتجاه إزالة العقبات التي تمنع الدول الجزرية الصغيرة والدول الأقل نموا من الحصول على التمويل الذي تمس الحاجة إليه لإنقاذ الأرواح وسبل العيش.

وأضاف يقول: فنحن بحاجة إلى وضع نظم جديدة لاستيفاء شروط الحصول على التمويل للتعامل مع هذا الواقع الجديد. غير أن المماطلة تعني الموت."

وقال إنه يستلهم من كل من هم على الجبهات الأمامية على ساحة المعركة مع المناخ ويقاتلون من خلال إيجاد الحلول، وأضاف أنه يعرف أن الأشخاص في كل مكان يشعرون بالقلق والغضب في نفس الآن.

وقال: "أنا أشعر بذلك أيضا. الآن هو الوقت لترجمة الغضب إلى عمل. فكل جزيْء من درجة الحرارة له قيمته. وكل صوت يمكن أن يحدث فرقا. وكل ثانية مهمة."

العمل العاجل لمعالجة المخاطر

يشير التقرير إلى تجاوز موجات الحر والجفاف والفيضانات عتبات تحمّل النباتات والحيوانات، مما يؤدي إلى أعداد هائلة من الوفيات في الأنواع مثل الأشجار والشعاب المرجانية. هذا التطرف في المناخ يحدث بشكل متزامن، ويتسبب في تداعيات—يصعب إدارتها بشكل متزايد.

وقد عرّضت ملايين الناس للجوع الحاد وانعدام الأمن المائي، وخاصة في أفريقيا وآسيا ووسط وجنوب آسيا والجزر الصغيرة والقطب الشمالي.

ولتجنب تزايد الخسائر في الأرواح والتنوع البيولوجي والبنية التحتية، يلزم اتخاذ إجراءات طموحة ومعجلة للتكيّف مع تغيّر المناخ، في نفس الوقت الذي يتم فيه إجراء تخفيضات سريعة وعميقة في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.

وخلص التقرير الجديد إلى أن التقدم المحرز في التكيّف غير منتظم حتى الآن، وهناك فجوات متزايدة بين الإجراءات المتخذة وما هو مطلوب للتعامل مع المخاطر المتزايدة. وهذه الفجوات هي الأكبر بين السكان ذوي الدخل المنخفض.

من جانبها، قالت إلهام علي، وهي واحدة من معدّي التقرير فيما يتعلق بمنطقة البحر الأبيض المتوسط: "يُعتبر حوض البحر المتوسط من أكثر المناطق تأثرا بالعديد من مخاطر التغيّرات المناخية، وأكثر المناطق عرضة لتلك المخاطر هي المناطق المنخفضة، خاصة التي تعاني من عمليات الهبوط الأرضي حيث إنها أكثر تهديدا بالفيضانات - ارتفاع مستوى سطح البحر وكذلك تسرب المياه المالحة، والتي تؤثر جميعها، منفردة أو مجتمعة، على أنشطة الزراعة."

وقال هوسنج لي: "يقرّ هذا التقرير بالاعتماد المتبادل بين المناخ والتنوع البيولوجي والناس، ويدمج العلوم الطبيعية والاجتماعية والاقتصادية بشكل أقوى من التقييمات السابقة للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغيّر المناخ."

بحسب التقرير، ثمّة خيارات للتكيّف مع المناخ المتغير. يقدم هذا التقرير رؤى جديدة حول إمكانات الطبيعة ليس فقط للحد من مخاطر المناخ، ولكن أيضا لتحسين حياة الناس.

وقال الرئيس المشارك للفريق العامل الثاني في IPCC، هانز أوتو بورتنر: "إن النظم الإيكولوجية الصحية أكثر مرونة في مواجهة تغيّر المناخ وتوفر خدمات حيوية للحياة مثل الغذاء والمياه النظيفة."

وأشار إلى أنه من خلال استعادة النظم البيئية المتدهورة، والحفاظ بشكل فعّال ومنصف على 30 إلى 50 في المائة من موائل الأرض والمياه العذبة والمحيطات، يمكن للمجتمع الاستفادة من قدرة الطبيعة على امتصاص الكربون وتخزينه، ويمكننا تسريع التقدم نحو التنمية المستدامة، ولكنّ التمويل الكافي والدعم السياسي ضروريان.

ويشير العلماء إلى أن تغيّر المناخ يتفاعل مع الاتجاهات العالمية مثل الاستخدام غير المستدام للموارد الطبيعية، والتوسع الحضري المتزايد، والتفاوتات الاجتماعية والخسائر والأضرار الناجمة عن الأحداث المتطرفة والجائحة، مما يعرّض التنمية في المستقبل للخطر.

من جانبها، قالت الرئيسة المشاركة للفريق العامل الثاني، ديبرا روبرتس: "يظهر تقييمنا بوضوح أن معالجة كل هذه التحديات المختلفة تشمل الجميع – الحكومات والقطاع الخاص والمجتمع المدني – يعملون معا لإعطاء الأولوية للحد من المخاطر، وكذلك الإنصاف والعدالة في اتخاذ القرار والاستثمار."

المدن: البؤر الساخنة

يقدّم التقرير تقييما تفصيليا لتأثيرات تغير المناخ والمخاطر والتكيّف في المدن والمناطق الحضرية، حيث يعيش أكثر من نصف سكان العالم.

وقالت روبرتس: "يؤدي التوسع الحضري المتزايد وتغيّر المناخ معا إلى خلق مخاطر معقدة، لاسيّما بالنسبة للمدن التي تعاني بالفعل من النمو الحضري سيء التخطيط، ومستويات عالية من الفقر والبطالة، ونقص في الخدمات الأساسية."

لكنّها أضافت أن المدن توفر أيضا فرصا للعمل المناخي – المباني الخضراء، الإمدادات الموثوقة من المياه النظيفة والطاقة المتجددة، وأنظمة النقل المستدامة التي تربط المناطق الحضرية والريفية يمكن أن تؤدي جميعها إلى مجتمع أكثر شمولا وعدلا.

بشكل عام، يؤكد التقرير، الذي يوفر معلومات إقليمية واسعة النطاق لتمكين التنمية القادرة على التكيف مع تغير المناخ، على الضرورة الملحة للعمل المناخي، مع التركيز على الإنصاف والعدالة.

ويؤدي التمويل الكافي ونقل التكنولوجيا والالتزام السياسي والشراكة إلى مزيد من التكيّف الفعال مع تغيّر المناخ وخفض الانبعاثات.

وقال هانز أوتو بورتنر: "الدليل العلمي لا لُبس فيه: تغيّر المناخ تهديد لرفاهية الإنسان وصحة الكوكب. وأي تأخير إضافي في العمل العالمي المنسق سيفوّت نافذة قصيرة وسريعة الإغلاق لضمان مستقبل ملائم للعيش."

مليار طفل يتعرّضون لمخاطر تغير المناخ

وفي سياق متصل يظهر مؤشر مخاطر المناخ لدى الأطفال الذي أصدرته اليونيسف مؤخرا – وهو أول تحليل شامل للمخاطر المناخية والبيئية من منظور الطفل – أن مليار طفل من الأطفال الذين يعيشون في بلدان شديدة الخطورة، يتعرضون لأشد المخاطر والصدمات والضغوط.

وفي بيان، قالت كاثرين راسيل، المديرة التنفيذية لليونيسف: "عرّضت أزمة المناخ بشكل أكبر بالفعل كل طفل تقريبا، في كل قارة، لمخاطر مناخية متكررة وأكثر شدة وتدميرا، من موجات الحر والجفاف إلى الأعاصير والفيضانات، من تلوث الهواء إلى الأمراض المحمولة بالنواقل."

وأضافت أنه بالنسبة لبعض الأطفال، فإن أزمة المناخ هي أكثر من مجرد خطر متزايد، إنها حقيقة تهدد الحياة. والتأثير على هؤلاء الأطفال وعائلاتهم ومستقبلهم – وبالتالي على مجتمعاتهم – هائل.

وقالت راسيل: "اليوم هناك مليار من الأطفال الأكثر ضعفا في العالم معرّضون للخطر. وغدا، إذا فشل العالم في التحرك، فسيصبح كل الأطفال (عرضة للخطر)."

يتزامن بيان اليونيسف مع تقرير تاريخي صادر عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغيّر المناخ (IPCC)، والذي بحسب اليونيسف لا يدع أي مجال للشك بأن أزمة المناخ ليست تهديدا مستقبليا، بل إنها هنا وتتسارع، وتستمر في التأثير على العالم بطرق مدمرة بشكل متزايد.

وقالت المديرة التنفيذية لليونيسف إن الدليل لا يقبل الشك – أزمة المناخ هي أزمة أطفال. "ومع ذلك، يتم تجاهل الأطفال باستمرار في التخطيط للاستجابة لأزمة المناخ. الاستثمار في احتياجات الأطفال الأكثر تأثرا بتغيّر المناخ لم يكن أولوية. في كثير من الحالات لم يكن حتى على جدول الأعمال."

ودعت إلى وضع الأطفال في صلب العمل المناخي. كما دعت كل دولة إلى الالتزام بضمان أن يكون التكيف الذي يركز على الطفل حجر الزاوية في جميع خطط المناخ باعتباره مسألة ذات أولوية قصوى.

وتابعت تقول: "أولا ودائما، يتعيّن على الحكومات تنفيذ تخفيضات طموحة للانبعاثات. يظل هذا هو الحل الوحيد طويل الأجل، حيث إن التكيف مع المناخ له حدود. لكننا بحاجة إلى اتخاذ إجراءات – في الوقت الحالي – لمساعدة الأطفال الأكثر ضعفا، الذين يعيشون في بلدان ذات أقل انبعاثات بالنسبة للفرد الواحد، والتكيّف مع آثار تغيّر المناخ، حتى يتمكنوا من البقاء والازدهار في عالم سريع التغيّر."

معظم الأطفال غير محميّين

وأشارت راسيل إلى أن إعداد البلدان والمجتمعات من خلال التنمية المقاوِمة للمناخ مع التركيز بشكل كبير على التكيّف هو الطريقة الأكثر فعالية لحماية حياة الأطفال المعرّضين للخطر وسبل عيش أسرهم. وأكدت على أهمية بناء المرونة في مواجهة الصدمات المناخية المتوقعة في المستقبل، لما لذلك من فوائد اقتصادية حقيقية.

"مع ذلك، فإن العديد من البلدان إما أنها تفتقر تماما إلى خطط التكيّف، أو لديها خطط لا تحمي أو تلبي احتياجاتها المحددة والعاجلة."

العديد من البلدان إما أنها تفتقر تماما إلى خطط التكيّف، أو لديها خطط لا تحمي أو تلبي احتياجاتها المحددة والعاجلة

وأوضحت أن هذا يعني أن معظم الأطفال لا يزالون غير محميّين وغير مستعدين للتأثير المكثف لتغير المناخ.

وأشارت إلى أنه لكي تكون خطط التكيّف التي تركز على الطفل وتدابير المرونة فعّالة، يجب أن تكون متعددة القطاعات، وتغطي القطاعات الحيوية التي تدعم بقاء الأطفال ورفاههم؛ المياه والصرف الصحي؛ الصحة والتغذية والتعليم؛ السياسة الاجتماعية وحماية الطفل.

كما يحتاجون أيضا إلى تركيز الموارد والاهتمام للوصول إلى الأطفال الأكثر تهميشا وضعفا من المجتمعات الأكثر فقرا.

بنفس القدر من الأهمية، يجب تطوير تلك الخطط وتنفيذها بمشاركة وانخراط الشباب – وضمان سماع أصواتهم وإبراز احتياجاتهم في القرارات.

وقالت كاثرين راسيل انتظر الشباب وقتا طويلا جدا حتى يتمكن القادة من اتخاذ الإجراءات العميقة والجذرية اللازمة للحد من أزمة المناخ، "دعونا لا نجعلهم ينتظروننا أكثر لاتخاذ الإجراءات الذكية والاستراتيجية التي ستساعدهم على البقاء على قيد الحياة."

ارتفاع عدد حرائق الغابات بنسبة 50%

من جهة أخرى يتوقع تقرير صدر حديثا أن يؤدي تغير المناخ، وتغير استخدام الأراضي، إلى زيادة تواتر حرائق الغابات وشدتها، مع زيادة عالمية في الحرائق الشديدة بنسبة تصل إلى 14 في المائة بحلول عام 2030، و30 في المائة مع نهاية عام 2050 و50 في المائة بحلول عام 2100.

هذا ما ورد في تقرير جديد لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، وGrid-Arendal وهو مركز اتصالات بيئية غير ربحي.

ووجد تقرير الانتشار كالنار في الهشيم: التهديد المتزايد بحرائق غير عادية للمناظر الطبيعية خطرا متزايدا حتى بالنسبة للقطب الشمالي ومناطق أخرى لم تتأثر من قبل بحرائق الغابات.

ودعا إلى إحداث تغيير جذري في الإنفاق الحكومي على حرائق الغابات، وتحويل استثماراتها من رد الفعل والاستجابة إلى الوقاية والتأهب.

ويدعو التقرير الحكومات إلى اعتماد "صيغة جاهزة للتعامل مع الحرائق" مع تخصيص ثلثي الإنفاق للتخطيط والوقاية والتأهب والتعافي، وثلث يتبقى للاستجابة.

في الوقت الحالي، تتلقى الاستجابات المباشرة لحرائق الغابات عادة أكثر من نصف النفقات ذات الصلة، بينما يتلقى التخطيط والوقاية أقل من واحد في المائة.

وأشارت المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، إنغر أندرسون إلى أنه غالبا ما تضع ردود فعل الحكومة الحالية على حرائق الغابات الأموال في المكان الخطأ.

وقالت" يحتاج عمّال خدمات الطوارئ ورجال الإطفاء على الخطوط الأمامية الذين يخاطرون بحياتهم لمكافحة حرائق الغابات إلى الدعم. علينا تقليل مخاطر حرائق الغابات الشديدة من خلال الاستعداد بشكل أفضل: الاستثمار أكثر في الحد من مخاطر الحرائق والعمل مع المجتمعات المحلية، وتعزيز الالتزام العالمي لمكافحة تغير المناخ."

وتؤثر حرائق الغابات بشكل غير متناسب على أفقر دول العالم. مع تأثير يمتد لأيام وأسابيع وحتى سنوات بعد أن تهدأ النيران، وتعرقل التقدم نحو أهـداف التنمية المستدامة وتعمّق التفاوتات الاجتماعية.

وتتأثر صحة الناس بشكل مباشر من خلال استنشاق دخان حرائق الغابات، مما يتسبب في حدوث تأثيرات على الجهاز التنفسي والقلب والأوعية الدموية ويضاعف الآثار الصحية للفئات الأكثر ضعفا.

يمكن أن تكون التكاليف الاقتصادية لإعادة البناء بعد اندلاع حرائق الغابات في المناطق بعيدة عن متناول البلدان منخفضة الدخل.

تتدهور حالة أحواض المياه بسبب ملوثات حرائق الغابات، كما يمكن أن تؤدي إلى تآكل التربة مما يسبب المزيد من المشاكل للممرات المائية.

غالبا ما تكون النفايات المتبقية شديدة التلوث وتتطلب التخلص المناسب منها.

ونادرا ما تنجو الحياة البرية وموائلها الطبيعية من حرائق الغابات، مما يتسبب بانقراض بعض أنواع الحيوانات والنباتات. ومن الأمثلة الحديثة على ذلك، حرائق الغابات الأسترالية عام 2020، والتي تشير التقديرات إلى أنها قضت على المليارات من الحيوانات الأليفة والبرية.

وتتفاقم حرائق الغابات وتغير المناخ بشكل متبادل. إذ تزداد حرائق الغابات سوءا بسبب تغير المناخ عبر زيادة الجفاف وارتفاع سخونة الهواء وانخفاض الرطوبة النسبية والبرق والرياح القوية، مما يؤدي إلى مواسم حرائق أطول أكثر سخونة وجفافا.

وفي الوقت نفسه، يزداد تغير المناخ سوءا بسبب حرائق الغابات، غالبا عن طريق تدمير النظم البيئية الحساسة والغنية بالكربون مثل أراضي الخث والأراضي المطيرة. وهذا يحوّل المناظر الطبيعية إلى علبة قدْح، مما يجعل من الصعب وقف ارتفاع درجات الحرارة.

ما الذي يمكن فعله

لمنع الحرائق، يدعو معدّو التقرير إلى مزيج من البيانات وأنظمة الرصد المستندة إلى العلم مع المعرفة الأصلية، وإلى تعاون إقليمي ودولي أقوى.

ويشير التقرير إلى الحاجة إلى فهم أفضل لسلوك حرائق الغابات. ويتطلب تحقيق واستدامة إدارة الأراضي والحرائق التكيفية مجموعة من السياسات، وإطارا قانونيا وحوافز تشجع على الاستخدام المناسب للأراضي والنيران.

وتعدّ استعادة النظم البيئية وسيلة مهمة للتخفيف من مخاطر حرائق الغابات قبل حدوثها وإعادة البناء بشكل أفضل في أعقابها. واستعادة الأراضي الرطبة وإعادة إدخال الأنواع مثل القنادس، واستعادة الأراضي الخثية، والبناء بعيدا عن الغطاء النباتي والحفاظ على المناطق العازلة المفتوحة هي بعض الأمثلة على الاستثمارات الأساسية في الوقاية والتأهب والتعافي.

ويختتم التقرير بدعوة إلى معايير دولية أقوى لسلامة وصحة رجال الإطفاء وتقليل المخاطر التي يواجهونها قبل العمليات، وأثناءها وبعدها. وهذا يشمل زيادة الوعي بمخاطر استنشاق الدخان، وتزويد رجال الإطفاء بإمكانية الحصول على كمية كافية من الماء والتغذية والراحة والتعافي بين فترات العمل.

اضف تعليق