بين الامس واليوم اختلاف وخلاف عميق، ففي سنوات مضت كانت بعض القيادات الحاكمة في المحافظات الكردية تبحث عن حضن البلد الام لترتمي فيه تقوية لشوكتها ضد فريق آخر بغض النظر عن طبيعة النظام الحاكم.

واليوم نراها تهرب من ذلك الحضن الذي طالما ترعرعت في كنفه وظله وأكلت من خيراته ونمت ونشأت ثم استوت محافظات تامة لا ينقصها شيء وهي اليوم تريد الطلاق ونعتقده طلاق بائن بينونة كبرى لا رجعة فيه بإعلان الاستقلال والانفصال.

فما حدا مما بدا؟

وماهو المستجد بين الامس واليوم؟

من خلال استقراء المواقف المختلفة للساحات الثلاث، داخلية، إقليمية، دولية او عالمية، نعتقد بأن هذا الاستفتاء سيؤجل ولكن بقرارات تتخذ في اللحظات الأخيرة الحاسمة وبضغوطات خارجية وكما يقال عليها قرارات التوقيتات الحرجة لحفظ ماء وجه القابضين على السلطة في الاقليم بعد ان وضعوا انفسهم في موقف لا يحسدون عليه، فبين حلم يريدون تحقيقه في اسرع وقت ممكن وبين ضغوط داخلية امنية سياسية اقتصادية لانراها تسمح بذلك في الوقت الراهن، بل العقل والمنطق يقتضي الدخول في حوارات مع الحكومة الاتحادية لإيجاد الحلول لتلك الازمة التي يمكن ان تعصف بالبلد.

وبين مواقف اقليمية معارضة بل رافضة بكل ما اوتيت من قوة كتركيا وايران وسوريا فكيف لهذا المولود دولة (كردستان) ان ولد - وان كنا نراه لن يبصر النور- ان يعيش في جو وبيئة رافضة له بل وقاتلة حفاظا على مصالحها، ونحن نعلم ان المولود لابد له من بيئة حاضنة ومرحبة تتهيأ فيها الظروف الحياتية لاستقباله واحتضانه ودعمه، دولة ناشئة ليستقيم بعد ذلك دولة مستقلة قائمة بذاتها.

ثم كيف يجرى استفتاء في مدينة (كركوك) التي لها وضعيتها وطبيعتها الخاصة والتي اقرها الدستور والقانون صراحة، فبأي حق يريد الاقليم اضافة كركوك لاستفتائه!!!

ومواقف دولية غير قاطعة الدلالة صراحة من وجهة نظرنا لكن يفهم منها ولو ضمنا وفقا لمفهوم السياسة ومدلولاتها ومواقفها المتغير والمرتبطة بالمصالح عدم تأييد ذلك على اقل تقدير خلال الوقت الحالي كالولايات المتحدة والامم المتحدة وجامعة الدول العربية والتي اكدت مرارا وتكرارا على وحدة الاراضي العراقية.

ان الاقليم وان مضى قدما في اجراء الاستفتاء والذي نراه غير مستكمل لشروطه القانونية (دستورا وتشريعا) فما كانت مقدماته غير صحيحة ستكون نتائجه غير صحيحة فان نتائجه مهما كانت لن تقبل رسميا ولا واقعيا وستكون نتائجها عكسية في الاقليم وعلى شعبه.

اذا ما تم الاستفتاء (وان كنا نراه لن يتم) فعلى الحكومة الاتحادية ان تتخذ الاجراءات القانونية والامنية بخصوص الاقليم.

ان تتخذ اجراءات سريعة وعاجلة وقوية لاسيما بخصوص كركوك.

اللجوء الى القوى الكبرى للتداول وبيان الراي بخصوص الموقف حينذاك.

التوصيات

اللجوء الى الحوار المباشر مع الكرد قبل اجراء الاستفتاء والعمل على اقناعهم بالتأجيل. ويمكن للسيد رئيس الوزراء زيارة الاقليم بالسرعة الممكنة والجلوس على طاولة حوار مباشرة مع القادة الكرد لإسقاط جميع الحجج والمبررات ليكون بعدها لكل حادث حديث.

اللجوء للمحكمة الاتحادية وبشكل عاجل لبيان شرعية الاستفتاء من عدمه.

تكثيف الجهود الدبلوماسية مع الدول جميعا لاسيما الكبرى وفي مقدمتها امريكا للضغط على الاقليم لتأجيل الاستفتاء وهذه الدول قادرة ولاشك لدينا في ذلك.

بخصوص كركوك لابد من اتخاذ اجراءات امنية وعسكرية من قبل الحكومة الاتحادية لضمان وضعها الخاص.

* مداخلة الدكتور ضياء الجابر الاسدي (عميد كلية القانون في جامعة كربلاء) على الورقة التي ناقشها مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية في ملتقى النبأ الاسبوعي تحت عنوان مصير استفتاء كردستان تأجيل أم صدام

اضف تعليق