يمر الإنسان بالعديد من مراحل التطور على مر العصور، فنجده ينمو ويتطور لأنه تفرد عن بقية الكائنات في الذكاء، وفي كل مرحلة يمر بالعديد من التغيرات الجسدية والنفسية، لكننا لا نعلم كيف حصل هذا التطور لذلك ينبغي التفتيش عن المتحجرات وكل الآثار وبقايا الكائنات التي وجدت، لان ما حدث في الماضي يترك لنا أدلة على وجوده وحياته، وهنا تأتي وظيفة العلماء والباحثين لتحليل هذه الأدلة وهي تأتي على عدة أوجه كأحافير عظام وجماجم وغيرها كعظام الفكين والأسنان أو حتى الأقدام.

وربما لا يدرك الكثير منا حقيقة إننا قد نحمل في تركيبنا الوراثي بعض سمات إنسان النياندرتال، وبالنسبة إلى جميع البشر في شتى أرجاء العالم باستثناء الأفارقة الذين يعيشون في منطقة جنوب الصحراء الكبرى، فان نسبة من واحد إلى ثلاثة في المئة تقريبا من الحمض النووي (دي ان ايه) لديهم انحدرت من نسل إنسان النياندرتال أقرب مخلوق إلى إنسان العصر الحديث الذي اندثر منذ نحو 39 ألف عام، بينما أفاد فريق دولي من العلماء بأن مجموعة بقايا العظام التي عثر عليها بين عامي 2013 و2014 في مغارة بجنوب أفريقيا والتي قد تكون لحوالي 15 شخصا، قد تعود إلى نوع بشري غير معروف إلى الآن.

وفي السياق ذاته أعلن العلماء إن أنواعا عتيقة من أشباه الإنسان التي اكتشفت في الآونة الأخيرة كانت تقوم بدفن موتاها، وعثر على حفريات لهذه الكائنات في كهف عميق قرب موقعي ستيركفونتاين وسوارتكرانس الشهيرين وهي كنوز دفينة تقع على مسافة 50 كيلومترا الى الشمال الغربي من جوهانسبرج ظلت تمد الجنس البشري طيلة عقود بعناصر تسهم في فك لغز نشوء الإنسان وتطوره.

في حين قال العلماء إن حفريات لعظام الفك والأسنان عثر عليها في منطقة موحلة باقليم عفار في اثيوبيا تمثل فردا لم يعرف من قبل من شجرة عائلة الجنس البشري عاش منذ 3.3 إلى 3.5 مليون سنة إلى جانب سلفه البشري الشهير (لوسي)، وقال العلماء وهم يعلنون الكشف الجديد إن هذه الحفريات تسلط مزيدا من الضوء على حقبة مهمة في نشوء الإنسان وتطوره قبل ظهور جنس (هومو) كما إنها تطرح أول دليل على إن نوعين مبكرين من أسلاف البشر عاشا في نفس الزمان والمكان قبل ثلاثة ملايين عام.

وتتواصل الدراسات والأبحاث حول فك اللغز الخاص بنشوء الإنسان وتطوره وقد رصدت (شبكة النبأ المعلوماتية) بعض الأخبار والدراسات نستعرض أبرزها في التقرير أدناه.

أشباه البشر القدامى يدفنون موتاهم

وفي السياق ذاته أعلن العلماء ان أنواعا عتيقة من أشباه الإنسان التي اكتشفت في الآونة الأخيرة كانت تقوم بدفن موتاها، وعثر على حفريات لهذه الكائنات في كهف عميق قرب موقعي ستيركفونتاين وسوارتكرانس الشهيرين وهي كنوز دفينة تقع على مسافة 50 كيلومترا الى الشمال الغربي من جوهانسبرج ظلت تمد الجنس البشري طيلة عقود بعناصر تسهم في فك لغز نشوء الإنسان وتطوره. بحسب رويترز.

وقال لي بيرجر في معهد دراسات التطور بجامعة ويتواترسراند بجوهانسبرج "كان تحت ايدينا في الوادي الذي يزخر بالكثير من الكنوز في القارة الافريقية "، وسمي الجنس الجديد الشبيه بالبشر الذي ورد وصفه في الدورية العلمية (إيلايف) بالاسم العلمي (هومو ناليدي) بكهف (رايزنج ستار) أو النجم الصاعد حيث عثر عليه، وتعني كلمة ناليدي (النجم) بلغة السيسوثو في جنوب افريقيا.

وخلص علماء السلالات البشرية العتيقة إلى ان هذا الجنس كان يدفن موتاه وهي خاصة كان يعتقد في السابق انها تقتصر على البشر دون غيرهم، وعثر في افريقيا على أضخم مجموعة منفردة من حفريات البشر وأشباه البشر وتضم 15 فردا من الصغار وحتى كبار السن وتشتمل المجموعة على أكثر من 1500 قطعة، ولم يعثر على أي حفريات لأنواع أخرى بهذا الكهف كما ان العظام لا توجد بها آثار لمخالب او أسنان ما يوحي بانها تخص كائنات مفترسة أخرى كانت تدفن ما تصطاده من لحوم في الموقع.

وقال بيرجر لرويترز في مقابلة "اتضح بعد استبعاد الاحتمالات الأخرى ان هومو ناليدي كان يدفن جثث موتاه على هذا النسق المتكرر"، واضاف "يوضح ذلك لنا ان هذا الجنس يعتبر نفسه منفصلا ومتميزا عن الحيوانات الأخرى في البرية في واقع الأمر"، واستبعد نظرية أخرى تقول إن هذا الجنس ربما يكون يخفي موتاه في جوف الأرض لتكون بمنأى عن المفترسات التي تنبش في الفضلات مثل الضباع طويلة الأرجل، وقال "إنها تدفن موتاها فقط".

وجنس (هومو ناليدي) الذي اكتشف في كهف في سبتمبر ايلول من عام 2013 لديه مخ أكبر قليلا من مخ الشمبانزي لكن عمره لا يزال لغزا، وقال بيرجر "يمكن ان نلاحظ من خلال الشكل الخارجي الظاهري منشأ هذه الأنواع وفي حالة ان فهمنا سليم لهذه الحالة فان الأمر يزيد على 2.5 مليون عام".

جنوب أفريقيا

من جهة اخرى أفاد فريق دولي من العلماء بأن مجموعة بقايا العظام التي عثر عليها بين عامي 2013 و2014 في مغارة بجنوب أفريقيا والتي قد تكون لحوالي 15 شخصا، قد تعود إلى نوع بشري غير معروف إلى الآن، كشف باحثون أن بقايا العظام التي عثر عليها في مغارة في جنوب أفريقيا تعود لنوع قديم من الجنس البشري لم يكن معروفا للعلماء من قبل، بحسب ما أعلن فريق دولي من العلماء. بحسب فرانس برس.

وعثر على هذه العظام بين العامين 2013 و2014، وهي مجموعة من 1550 قطعة تعود الى ما لا يقل عن 15 شخصا، من بينهم أطفال وكبار ومسنون، وتبين بعد الدراسات والتحليلات أن هذه البقايا "تعود إلى نوع بشري لم يكن معروفا حتى الآن" بحسب ما أعلنت كل من جامعة ويتواترساند في جوهانسبورغ وناشونال جيوغرافيك سوسايتي ووزارة العلوم في جنوب أفريقيا، في مؤتمر صحفي عقد في "ماروبنغ" حيث سجل الاكتشاف، وأطلق على هذا النوع البشري اسم "هومو ناليدي" وهو من الفئة نفسها "هومو" التي ينتمي إليها الإنسان المعاصر "هوموسابيان".

أكبر عينة من المتحجرات البشرية! ووصف متحف التاريخ الطبيعي في لندن هذا الاكتشاف بأنه مهم جدا، والعظام المتحجرة المعثور عليها تشكل أكبر عينة من المتحجرات البشرية يعثر عليها على الإطلاق في أفريقيا، وقال الباحث "جون هوكس" في مقال نشر في مجلة "إي لايف" العلمية إن هذه البقايا المتحجرة تشير إلى أن أفراد هذا النوع كانوا "بادمغة صغيرة بحجم برتقالة وقامات رشيقة"، وكان متوسط طولهم متر ونصف المتر، ووزنهم 45 كيلوغراما.

وجاء في بيان مشترك أصدرته جامعة ويتس وناشونال جيوغرافيك ووزارة العلوم في جنوب أفريقيا أن يدي هذا الإنسان "توحيان بأنه كان قادرا على استخدام الأدوات"، وأن قدميه شديدتا التشابه مع قدمي الإنسان المعاصر، وأضاف البيان "أن قدميه الطويلتين توحيان بأنه كان يمشي لوقت طويل".

اكتشاف يعقد أعمال البحث! ومن شأن هذه الاكتشاف أن يعقد أعمال الباحثين في تطور الجنس البشري، إذ أن هذا النوع الجديد لديه خاصيات مشتركة مع الإنسان المعاصر ومع الأنواع القديمة من البشر، وقال كريس سترينغر المسؤول في متحف التاريخ الطبيعي في لندن "بعض الملامح لدى إنسان (هومو ناليدي) مثل يديه ومعصمه وقدميه تتشابه كثيرا مع الإنسان المعاصر"، في المقابل "دماغه الصغير وشكل الجزء الأعلى من جسمه يجعله أقرب إلى نوع بشري قبل الإنسان يسمى استرالوبيثكس" أو القردة الجنوبية، ويلقي هذا الاكتشاف الضوء على حلقة الوصل بين القردة الجنوبية وأسلاف الإنسان المعاصر، قبل مليوني عام.

طقوس دفن محيرة! وقال الباحث كريس سترينغر "إن اختلاط الخاصيات لدى (هومو ناليدي) يشير إلى تعقيد الشجرة الوراثية للإنسان، وضرورة التعمق في الأبحاث لفهم الأصول القديمة لنوعنا"، وتساءل الباحثون عن الأسباب وراء دفن هذه العظام في حجرة عميقة من المغارة يتطلب الوصول إليها اجتياز نفق ضيق جدا بحيث لم يتمكن من دخولها إلا ذوو القامات الصغيرة من الباحثين، ومن الفرضيات التي قدمها العلماء لتفسير وجود هذا المدفن الجماعي في هذا المكان هجوم لحيوانات مفترسة غير معروفة، أو وفاة مفاجئة أو وقوع في كمين.

لكن الفرضية الأرجح برأي لي برغر الباحث في جامعة (ويتواترسراند) أن هذه الجثث وضعت في هذا المكان عن قصد، وهو سلوك "مذهل من نوع بشري بدائي"، ومنذ سنوات، يشكل "مهد البشرية" منجما للمعلومات العلمية حول تاريخ الإنسان وتطوره، ويتوقع العلماء أن يكون في جعبة هذا الموقع الكثير من الأسرار التي ستكشف في المستقبل.

(انسان كينويك) يمت بصلة قرابة للهنود الحمر

بينما قال فريق دولي من الباحثين إن النتائج التي طال انتظارها لدراسة الحمض النووي (دي.ان.ايه) المأخوذ من عظام يد ما يعرف باسم (انسان كينويك) تشير الى انه يمت بقرابة وثيقة الصلة بالسكان الاصليين في قارة أمريكا الشمالية، وعثر على الهيكل العظمي (لانسان كينويك) الذي يرجع عهده الى 8500 عام في ولاية واشنطن عام 1996. بحسب رويترز.

وتتعارض نتائج الحمض النووي -التي أوردتها دورية نيتشر على موقعها الالكتروني- مع دراسة أجريت عام 2014 تستند الى معلومات تشريحية تشير الى ان هذا الهيكل العظمي يمت بصلة قريبة لسكان بولينيزيا الاصليين في اليابان، وظل (انسان كينويك) -الذي سمي تيمنا باسم موقع اكتشافه قرب ضفاف نهر كولومبيا في كينويك بولاية واشنطن- بؤرة نزاع قانوني مرير بين العلماء -الذين يريدون دراسة الحفرية- وتحالف من قبائل السكان الاصليين بامريكا الذي يطالبون باعادة دفن الهيكل العظمي.

وانتهى النزاع عام 2004 بحكم قضائي يؤيد اجراء مزيد من الأبحاث على الحفرية، وتوصلت نتائج دراسة نشرت عام 2014 الى ان الصفة التشريحية (لانسان كينويك) أوضحت انه يضاهي كثيرا سكان (اينو) الأصليين وقبائل بولينيزيا باليابان، إلا ان اسكي ويلرسليف عالم الوراثة بجامعة كوبنهاجن الذي أشرف على البحث قال إنه يعتقد ان التقارير الخاصة بالبحث الأخير والمستقاة من تحليل الحمض النووي لحفرية الهيكل العظمي تحسم الجدل بشأن أصل (انسان كينويك).

وقال ويلرسليف لرويتر على البريد الالكتروني "أقرب الاقارب (لانسان كينويك) ممن هم على قيد الحياة هم السكان الاصليون بأمريكا"، وقام الباحثون بمضاهاة الحمض النووي المأخوذ من عظام يد الهيكل العظمي بمثيله من القبائل الحالية للسكان الاصليين في أمريكا وسكان العالم الآخرين وخلصوا الى ان (انسان كينويك) قريب الصلة بهؤلاء السكان الأصليين وانه بعيد كل البعد عن سكان آخرين مثل عرق (اينو) باليابان أو شعوب منطقة بولينيزيا ما يقوض أركان النظرية القديمة السابقة.

وقال مورتن راسموسين المشارك في الدراسة والباحث في مجال الوراثة بجامعة ستانفورد "(انسان كينويك) يمت بصلة قرابة وثيقة للسكان الاصليين بامريكا عن اي سكان آخرين"، وفي واقع الأمر فان الحمض النووي للهيكل العظمي يضاهي بدرجة كبيرة بعض أفراد قبائل الهنود الحمر بمحمية كولفيل الكونفيدرالية التي تطالب بحقها في الحصول على الهيكل العظمي إلا ان الدراسة لم تقدم مقارنة حاسمة، ولم يتضح ما اذا كانت هذه النتائج ستكون كافية لحل الصراع بشأن الحفريات مثار الجدل وهي مجرد واحدة من هياكل عظمية اخرى محفوظة جيدا لهياكل من امريكا الشمالية يزيد عمرها على ثمانية آلاف عام.

أثيوبيا

في حين قال العلماء إن حفريات لعظام الفك والأسنان عثر عليها في منطقة موحلة بإقليم عفار في اثيوبيا تمثل فردا لم يعرف من قبل من شجرة عائلة الجنس البشري عاش منذ 3.3 الى 3.5 مليون سنة الى جانب سلفه البشري الشهير (لوسي)، وقال العلماء وهم يعلنون الكشف الجديد إن هذه الحفريات تسلط مزيدا من الضوء على حقبة مهمة في نشوء الانسان وتطوره قبل ظهور جنس (هومو) كما انها تطرح أول دليل على ان نوعين مبكرين من أسلاف البشر عاشا في نفس الزمان والمكان قبل ثلاثة ملايين عام. بحسب رويترز.

وأضافوا ان النوع الجديد المسمى (اوسترالوبيثكوس ديريميدا) يجمع بين السمات المميزة للقردة والانسان في آن واحد مثل نوع (لوسي) او (اوسترالوبيثكوس افارينسيس) أي القردة الجنوبية المكتشفة في منطقة عفار بشمال شرق اثيوبيا لكنه مختلف بدرجة كبيرة اضطرت العلماء الى تصنيفه كنوع منفصل، وعثر على الهيكل العظمي (لوسي) عام 1974 على بعد نحو 50 كيلومترا من موقع الحفريات الجديدة.

وقال يوهانيس هايلي-سيلاسي عالم السلالات البشرية القديمة بمتحف كليفلاند للتاريخ الطبيعي الذي أشرف على هذا البحث الذي أوردته دورية (نيتشر) إن وضع عظام الصدغ للنوع الجديد وصغر حجم الاسنان بشكل عام ربما جعله يبدو أكثر شبها بالجنس البشري أكثر من الشبه بالنوع (لوسي)، وعثر العلماء على الفكوك العليا والسفلى والاسنان لثلاثة أفراد على الاقل وقال هايلي-سيلاسي إنه سبق ان عثر العلماء على حفرية جزئية لقدم عمرها 3.4 مليون عام "ولم يستبعدوا" انها تخص نوعا جديدا.

وقالت ستيفاني ميليلو عالمة السلالات البشرية القديمة بقسم تطور الانسان التابع لمعهد ماكس بلانك لتطور السلالات في المانيا إنه بالمقارنة بلوسي فان النوع الجديد لديه فك سفلي أكثر متانة كما ان عظام الصدغ أكثر بروزا عن الفك العلوي والأضراس ذات ميناء أكثر كثافة مع الصغر النسبي لاسنان المنطقة العلوية والسفلية من الصدغ، أما السؤال الذي ظل بلا اجابة فهو كيف تسنى لنوع لوسي والنوع الجديد ان يتعايشا.

وقال هايلي-سيلاسي "كان يفترض ان يكونا خصمين إذا كانا يستغلان نفس الموارد ونفس استراتيجيات الغذاء"، وتشير الاختلافات في شكل الاسنان الى اختلاف نوعية الغذاء فيما بينهما ما يعني انهما لم يتنافسا على ذات الموارد، وهناك نوع آخر من اسلاف البشر كان يعبش في منطقة قريبة في كينيا واسمه (كينيانثروبوس بلاتيوبس) أو انسان كينيا مفلطح الوجه.

أما النوع الذي ينتمي اليه انسان العصر الحديث وهو (هومو سابينس) أي الانسان العاقل فقد ظهر منذ نحو 200 ألف سنة أما أقدم أفراد معروفين للجنس (هومو) فيرجع عهدهم الى 2.8 مليون سنة، وسبق الجنس (هومو) كائنات عديدة تشبه القردة الى حد كبير، وقالت ميليلو "الأمر بات في غاية التعقيد مع اضافة المزيد من الأفرع لشجرة عائلة الجنس البشري".

فك لغز حادثة قتل

هذه الحالة التي ترجع إلى 430 ألف عام مضت ربما تكون أقدم لغز في العالم يتعلق بحوادث القتل.. قال العلماء إن حفرية جمجمة اكتشفت في اعماق كهف باسبانيا تقف دليلا لا يقبل الجدل على حدوث جريمة قتل مع وجود كسرين بالجمجمة بنفس السلاح، وعثر على الجمجمة -التي تخص فردا بدائيا من نسل النياندرتال- في موقع جنائزي على ما يبدو أسفل بئر بمنطقة موحشة اسمها يدل عليها إذ تسمى بالاسبانية (سيما دي لوس اويزوس) او هاوية العظام في منطقة جبال اتابويركا. بحسب رويترز.

وتبين هذه الجمجمة ان الجنس الحالي لإنسان العصر الحديث (هومو سابينس) أي الإنسان العاقل لا يمكنه ان يزعم احتكاره لجرائم القتل دون غيره، وقال عالم الأحياء القديمة نويمي سالا من مركز التطور البشري في مدريد "قتل هذا الشخص في حادثة عنف مميتة بين شخصين الأمر الذي يفتح نافذة على جوانب لم تكن مرئية للحياة الاجتماعية لاسلافنا من البشر".

وهذا هو أقدم نموذج معروف للقتل الذي حدث منذ 230 ألف سنة قبل بدء ظهور الجنس البشري لأول مرة في افريقيا، وقال سالا "بناء على أوجه التشابه في شكل وحجم الجرحين نعتقد انهما نتجا عن ضربات متتالية بنفس الآلة واحدث الكسرين شخص آخر في مواجهة مباشرة على ما يبدو"، وعثر على بقايا ما يقرب من 30 فردا في قاع البئر التي يصل عمقها الى 13 مترا.

واصيب الضحية بكسرين غائرين على الجانب الايسر من الجبهة فوق العين وبالاستعانة بوسائل الطب الشرعي التي تستخدمها الشرطة فسر الباحثون اسباب الجرحين وقالوا إن اتساع الواحد يبلغ 2 سنتيمتر ما يدل على استخدام القوة الغاشمة وقت الحادث، وقال خوان لويس ارسواجا بجامعة مدريد "فحصنا العظام مجهريا واستخدمنا الاشعة المقطعية".

وقال سالا إن السلاح المستخدم ربما يكون رمحا خشبيا او حجريا او فأس، وقال ارسواجا إن المجني عليه كان شابا لكن لم يتضح ان كان رجلا ام امرأة، وليس من المرجح معرفة الجاني او الدافع وراء القتل، وقال سالا في البحث الذي نشرته دورية (بلوس وان) العلمية "لسوء الطالع لا يمكن ان تصبح الدوافع حفرية لذا فمن المستحيل تفسير الدافع وراء القتل. حتى شرلوك هولمز نفسه لا يمكنه ان يساعدنا في ذلك".

رومانيا

على صعيد اخر قال علماء إن عظام فك اكتشفت في رومانيا لرجل عاش منذ 40 ألف عام بها سمات تنم عن اسلافنا من انسان النياندرتال وقريبة من نوعنا البشري على نحو لم يشاهد قط من قبل، وأوضح الاكتشاف ايضا ان التزاوج الداخلي او ما يعرف بزواج الأقارب حدث مع انسان النياندرتال في وقت حديث أقرب مما كان يعتقد من قبل. بحسب رويترز.

وقال سفانتي بابو عالم الوراثة بمعهد ماكس بلانك لتطور السلالات البشرية بالمانيا "أوضحنا أن واحدا من الانواع المبكرة للغاية من انسان العصر الحديث المعروفة من اوروبا لها أسلاف من انسان النياندرتال يرجع عهدها إلى أربعة إلى ستة أجيال على شجرة العائلة البشرية"، وأضاف "إنه يحمل الكثير من الحمض النووي لانسان النياندرتال بدرجة أكبر من أي انسان آخر شوهد حتى الآن من العصر الحديث أو الانسان الأقدم نسبيا".

وقال ديفيد راي عالم الوراثة بمدرسة هارفارد للطب إن نسبة تتراوح بين ستة الى تسعة في المئة من الطاقم الوراثي (الجينوم) الخاص بهذا الفرد مشتقة من أحد الاسلاف من انسان النياندرتال، وقال بابو إن هذه الدراسة التي نشرت نتائجها في دورية (نيتشر) توضح ان نوعنا البشري تزاوج داخليا مع انسان النياندرتال في اوروبا ايضا وليس فقط في منطقة الشرق الاوسط مثلما كان يعتقد من قبل.

كانت أبحاث سابقة قد أشارت إلى أن زواج الأقارب هذا حدث منذ 50 ألفا الى 60 ألف عام قبل ان تطأ قدما نوعنا -الذي نشأ اصلا في افريقيا- الارض ليرتحل الى قارتي اوروبا وآسيا وغيرها، وقال راي "وصل انسان العصر الحديث الى اوروبا منذ 43 ألف عام وانقرض انسان النياندرتال منذ 39 ألف عام"، وقال راي إن التحليل الوراثي أوضح ان هذا الفرد كان يجمع بين الصيد وجمع الثمار وانه من "جنس رائد" دخل اوروبا لكنه لم يسهم كثيرا او لم يسهم بالمرة على المستوى الوراثي في ذرية الاوروبيين فيما بعد.

واضاف "إنه أمر مثير لانه يعني ان أوروبا لم تكن يقطنها بصفة دائمة نفس النسل أو الذرية منذ أولى موجات هجرة انسان العصر الحديث الى أوروبا"، وازدهر انسان النياندرتال المتين البنية الكثيف الحاجبين في انحاء اوروبا وآسيا منذ 350 الف عام حتى بعد 40 الف عام بقليل واندثر في الفترة التي وصل فيها جنسنا (هومو سابينس) أو الانسان العاقل.

وعلى الرغم من السمعة القديمة التي اشتهر بها انسان النياندرتال بانه أخرق متواضع القدرات الذهنية يقول العلماء إن أبناء عمومتنا كانوا يتصفون بتوقد الذكاء وذلك في ضوء قدراتهم واساليبهم المعقدة في الصيد واحتمال استخدامهم للغة التخاطب والاشارات والادوات الرمزية والقدرة على استئناس النار، وعثر على عظام الفك السفلي تلك عام 2002 في كهف اسمه اواسي بجنوب شرق رومانيا وباءت بالفشل جميع محاولات استخلاص الحمض النووي منه غير أن التقنيات المتطورة سهلت التوصل لهذا الاكتشاف.

كندا

من جهتهم أعلن عالما آثار في جامعة فيكتوريا الكندية أنه تم العثور، في الخريف الماضي، في جزيرة قبالة السواحل الغربية لكندا على آثار متحجرة لأقدام بشرية تعود إلى أكثر من 13 ألف سنة، وهي أقدام 3 أشخاص بينهم طفل كانوا يتحلقون حول النار، عثر فريق من علماء الآثار في جزيرة قبالة السواحل الغربية لكندا على آثار متحجرة لأقدام بشرية تعود إلى أكثر من 13 ألف سنة، لتكون بذلك الأقدم في أمريكا الشمالية. بحسب فرانس برس.

وعثر على أولى هذه الآثار في الخريف الماضي في بقايا من الطين في جزيرة كاليفرت، الواقعة على بعد 500 كيلومتر شمال غرب فانكوفر، حسب ما جاء في بيان أصدره عالما الآثار دونكان ماكلارين وداريل فيدجي، الباحثان في جامعة فيكتوريا، بعد ذلك، قصدت بعثة جديدة من علماء الآثار هذه الجزيرة المعزولة في شهر أيار/ مايو، حيث عثروا على 12 أثرا لأقدام.

وبحسب ماكلارين، فإن الآثار تعود إلى ثلاثة أشخاص بينهم طفل كانوا يتحلقون حول النار، وأظهرت اختبارات الكربون لـ14 عينة لبقايا الفحم المعثور عليها حول آثار الأقدام أنها تعود إلى 13 ألفا و200 عام، وستجري اختبارات إضافية للتثبت من هذه النتائج، وقال ماكلارين لمحطة "سي بي سي" العامة إن الآثار طبعت في الطين ولذلك بقيت محفوظة.

وأضاف "بحسب معلوماتنا، هذه أقدم آثار أقدام مكتشفة في أمريكا الشمالية"، ويعزز هذا الاكتشاف فرضية جديدة تقول إن السكان الأوائل لأمريكا الشمالية وصلوها من ألاسكا متنقلين على متن قوارب وأيضا سيرا على الأقدام، في العام 1997 عثر على آثار أقدام مشابهة في تشيلي تعود إلى 14 ألفا و500 عام، وهي الأقدم من نوعها في العالم.

صرخات الإنسان

إذا شعرت ذات مرة كما لو أن صرخة بشرية قد زلزلت أعماق دهاليز المخ فان لذلك أسبابه الوجيهة.. هذا هو ما حدث بالضبط وبكل ما في الكلمة من معنى.. قال باحثون قاموا باستطلاع كيفية رد فعل المخ على الصرخة إن الصوت العالي المجلجل يستهدف أحد مكونات المخ التي تعرف باسم لوزة المخيخ والتي تلعب دورا رئيسيا في التعامل مع الخطر والتعرف على مشاعر الخوف. بحسب رويترز.

قال لوك ارنال خبير العلوم العصبية بجامعة جنيف الذي نشرت نتائج بحثه هذا في دورية (كارانت بيولوجي) "نعرف على وجه اليقين ماهي الذبذبات التي تستخدمها إشارات الكلام ومناطق المخ المختصة بعملية التحدث.. إنها القشرة السمعية ومناطق أخرى فائقة التطور مثل منطقة (بروكا) على سبيل المثال"، وأضاف ارنال "لكن لم يتضح حتى الآن ما الذي يجعل الصراخ أمرا بغيضا ذا خاصية معينة، ولم يتضح ايضا حتى الآن كيف يعالج المخ هذه الاصوات".

وقال الباحثون إن خاصية صوتية تسمى خشونة الصوت، أي التغير السريع في طبيعة وعلو الصوت، هي التي تجعل من الصراخ نوعا مختلفا عن الأصوات الأخرى، وقال ارنال في معرض شرحه لخشونة الصوت "ثمة اختلافات طفيفة بين علو طبقة الصوت في أنماط الحديث العادية وتتراوح بين 4 الى 5 هيرتز (أي الدورات الزمنية الصوتية في الثانية الواحدة) لكن الصراخ قد يتم تعديله بسرعة أكبر إذ يتراوح بين 30 و150 هيرتز".

وفي اطار هذه الدراسة قام الباحثون بتشغيل تسجيلات للصرخات مأخوذة من أفلام الرعب ومقاطع فيديو من يوتيوب وصرخات أخرى لمتطوعين في مختبر فيما وجهت للناس اسئلة ليحكموا على مدى قدرة هذه الاصوات على بث الرعب في النفوس ووجد ان تلك الاصوات ذات درجة الخشونة العالية هي الأكثر ترويعا، وحتى يقف الباحثون على كيفية معالجة تلك الاصوات فقد رصدوا نشاط المخ بالاستعانة بتقنية للتصوير العصبي تسمى الرنين المغناطيسي الوظيفي فيما كان المشاركون في الدراسة ينصتون للصرخات.

ووجدوا ان الصرخات تزيد من تنشيط رد الفعل على مشاعر الخوف في لوزة المخيخ وهي أنسجة على شكل اللوزة تقع داخل عمق الفص الصدغي الأوسط للمخ، وقال ارنال "وفيما يتعلق بالتطبيقات المحتملة فيمكن الاستعانة بنتائجنا في تحسين الطريقة التي نصمم بها أصوات التنبيه، وبنفس الطريقة التي تجري فيها اضافة رائحة نفاذة للغاز الطبيعي حتى يجري التعرف عليه بسهولة فان اضافة درجات من خشونة الصوت لأصوات التنبيه يمكن ان تحسن وتسرع من معالجتها".

وقال ارنال إنه يعتزم اجراء ابحاث في المستقبل على أصوات الأطفال للوقوف على ما اذا كانت تتسم بدرجات عالية من خشونة الصوت، وقال "بدأت أهتم بالصراخ عندما قال لي أحد اصدقائي إن صوت صرخات طفله الوليد تخطف مخه بكل ما في الكلمة من معنى وتساءلت ما الذي يجعل من الصراخ أمرا يكتسب هذه الكفاءة بوصفه اشارة تنبيه".

أوريجون

فيما يعاود علماء الآثار زيارة كهف بمنطقة نائية من وسط ولاية أوريجون -حيث تم اكتشاف أقدم آثار في العالم لأقدام بشرية قبل عدة عقود- على أمل إلقاء مزيد من الضوء على انتشار المستوطنات البشرية المبكرة في الأمريكتين، وقال مسؤولون بجامعة أوريجون إن هذه الجهود التي تبدأ الاسبوع القادم في كهف فورت روك ستسعى الى التحقق من نتائج أبحاث جرت بالاستعانة بالكربون المشع خلال فترة الستينات من القرن الماضي والتي رفضت آنئذ. بحسب رويترز.

وقال توم كونللي عالم السلالات البشرية والمشرف على هذا البحث "ثمة احتمال هائل في ان تكون المستوطنات البشرية نشأت في وقت يسبق بآلاف السنين تقديراتنا السابقة"، واسترعى الموقع، الذي يبعد نحو 480 كيلومترا الى الجنوب الشرقي من بورتلاند- اهتمام علماء الآثار في ثلاثينات القرن الماضي بعد اكتشاف عشرات من الصنادل المصنوعة من الألياف في موقع يعتقد انه نزل شتوي تستخدمه عائلة واحدة أو أكثر.

وقال كوناللي إن الاختبارات التي جرت بالكربون المشع على مدفأة عثر عليها بالكهف عام 1966 تشير الى ان بشرا عاشوا به منذ 15 ألف عام، لكنه قال إن هذه النتائج طعن عليها آنئذ لان ذلك يعني تحديد تواريخ مختلفة عما يراه الاكاديميون فيما لم يعاود أحد تنقيح هذه النتائج، ويرى معظم علماء الآثار الآن ان البشر استوطنوا الامريكتين قبل ألف عام على الأقل من التاريخ المعروف والمؤكد من قبل وذلك بفضل اكتشاف بقايا بشرية في منطقة كهوف بيزلي بولاية أوريجون.

لكن كوناللي قال إن الأدلة لا تزال شحيحة وانه وفريقا يضم نحو ستة أشخاص من الباحثين يأملون بالتحقق من ذلك خلال المهمة الاثرية المقررة لمنطقة كهف فورت روك التي تستمر اسبوعا، وقال إنهم سيرسمون خريطة لشبكة من المواقع ثم يبدأوا عمليات التنقيب واضاف "كانت هناك قلة من البشر على تضاريس المكان آنئذ ومما ينطوي على قدر من التحدي العثور على أدلة بسيطة يمكن تجميعها لتكون كما رائعا".

اضف تعليق