q
منوعات - بيئة

أهم التحديات البيئية في العراق: المجال الصحي

المحور السادس: قطاع الصحة والبيئة

لا يزال القطاع الصحي يواجه الكثير من المشاكل والتحديات بسبب الظروف الاستثنائية التي مر بها المجتمع العراقي، ولا يزال نظام الرعاية الصحية يعاني من نوعية الخدمات المقدمة وشحة المستلزمات الطبية وعدم كفايتها، وقد انعكس هذا العجز سلبا في مجال إجراء الدراسات والبحوث وإيجاد مخرج وعلاج فعال...
ورقة دراسة موجزة: د. عبد المطلب محمد عبد الرضا

مقدمة:

لا يزال القطاع الصحي يواجه الكثير من المشاكل والتحديات بسبب الظروف الاستثنائية التي مر بها المجتمع العراقي، ولا يزال نظام الرعاية الصحية يعاني من نوعية الخدمات المقدمة وشحة المستلزمات الطبية وعدم كفايتها.

وقد انعكس هذا العجز سلبا في مجال إجراء الدراسات والبحوث وإيجاد مخرج وعلاج فعال لمرضى الأسلحة المحرمة دوليا كما تمثل هذا العجز في ضعف الرقابة على مصادر ومناشيء الأدوية والأغذية المستوردة والمباعة وفي عدم اتخاذ الإجراءات اللازمة في مجال تلوث المياه والهواء والتربة وفي ضعف تطبيق التشريعات والتعليمات في مجال مراقبة مصادر الضوضاء ووسائل الاتصالات الحديثة كالأبراج وتأثير ذلك كله على البيئة البشرية والصحية في العراق.

إن ضعف القطاع الصحي الحكومي أدى أيضا إلى انتعاش القطاع الصحي الخاص وعدم قدرة شرائح متعددة من المواطنين في الحصول على العلاج المناسب بسبب ارتفاع إجور القطاع الخاص وعدم وجود نظام ضمان صحي. واستكمالا لما تم الحديث عنه في الجزء الأول من التحديات البيئية في العراق نذكر هنا أهم التحديات التي لها علاقة بالمجال الصحي.

اولا: أهم التحديات البيئية في المجال الصحي:

أ- الأسلحة المحرمة دوليا:

- تم استعمال الأسلحة المحرمة دوليا وبالخصوص اليورانيوم المنضب وبكميات كبيرة جدا من قبل الجيش الأمريكي في قصف البنية التحتية والمواقع الإستراتيجية العسكرية والمدنية في العراق.

- تجاوزت كمية اليوارنيوم المنضب الذي تم استعماله من قبل الجيش الأمريكي (300) طن في حرب عام 1991 وما بين (170) إلى (1700) طن خلال غزو العراق عام 2003 حسب تقارير الأمم المتحدة.

- رغم الكمية الهائلة من اليورانيوم المنضب لم تقم أي جهة من الجهات المحلية أو الدولية أو المنظمات التابعة للأمم المتحدة بدراسة مفصلة وتقييم شامل لمواجهة هذه المشكلة الخطيرة واقتراح الحلول المناسبة لها أو السعي لمعرفة أماكن تواجد اليورانيوم المنضب في البيئة العراقية وتأثيره على الصحة الإنسانية والبيئة ومكوناتها.

- من المعروف إن الأشعة المؤينة للعناصر المشعة ومن ضمنها اليورانيوم المنضب تسبب عددا من الأمراض التي تظهر سريعا وتؤدي إلى الموت السريع في حالة التراكيز العالية وقد تظهر الأمراض بعد مرور العديد من السنوات كبعض أمراض السرطان. كما تؤثر الأشعة المؤينة على ذرية الشخص المتعرض للأشعة وعلى نمو وتطور الجنين خلال فترة الحمل.

ب- مصادر الأدوية:

- تعددت وتنوعت مصادر ومناشيء الأدوية الواصلة للعراق بعد عام 2003 بشكل كبير وعشوائي بحيث أصبح من العسير حتى على المختصين معرفتها بشكل جيد.

- لم يعد استيراد الأدوية وتوزيعها محصورا بيد وزارة الصحة وإنما دخلت الشركات الخاصة ومذاخر الأدوية على الخط. وهذا ما فسح المجال واسعا أيضا لعمليات إدخال مواد طبية وأدوية منتهية الصلاحية أو من مناشيء غير مضمونة.

- تذكر وسائل الإعلام بين الفينة والأخرى قيام السلطات المختصة بالعثور ومصادرة كميات كبيرة من الأدوية المنتهية الصلاحية أو مجهولة المصدر والمعدة للبيع في الصيدليات مما يجعل من هذه المواد الصحية عامل مرض وليس شفاء.

ج- سلامة المواد الغذائية:

- حسب تقرير للأمم المتحدة نشر عام 2013 فان العراق يستورد الكثير من المواد الغذائية ومن ضمنها لحوم الأبقار والدواجن والزيوت والدهون والألبان. كما يحصل العراق على (60 – 70%) من احتياجاته من الخضروات باستيرادها من الدول المجاورة ومن المتوقع أن يتجاوز الاعتماد مستقبلا على واردات القمح من الخارج بنسبة (70 %).

- رغم الكميات الكبيرة من الأغذية التي تدخل العراق يوميا ومن مختلف الدول والمناشيء فان الرقابة الصحية عليها ما زالت دون المستوى المطلوب إن لم تكن معدومة. وهذا ما يجعل هذه المواد وخاصة الألبان واللحوم والدجاج والأسماك المجمدة منها تفتقر لضمان سلامة استهلاكها من قبل المواطن العراقي.

- أشارت بعض المصادر إلى وجود الفورمالين (مادة يشتبه بكونها مسرطنة) في بعض منتجات الحليب المستوردة ووجود المبيدات في بعض اللحوم المجمدة المستوردة ومعالجة بعضها بأشعة كاما مما يؤدي إلى تكوين الجذور الحرة التي تسبب مرض السرطان واستيراد الأسماك التي تم تربيتها في مجاري المياه الملوثة إضافة إلى بيع المواد الغذائية المنتهية الصلاحية بعد إزالة أو تغيير تأريخ الصلاحية.

- سوء التخزين والنقل والبيع لمشتقات الحليب والعصائر والمشروبات الغازية والأسماك والدجاج واللحوم المجمدة وتعرض المواد الغذائية المجمدة إلى التجميد والذوبان مرات عديدة قبل استهلاكها مما يجعلها عرضة لنمو وتكاثر البكتريا والمكروبات وهذا ما ينذر بخطر جدي يهدد الصحة في العراق.

د- الأبراج والهوائيات:

- رغم وجود تعليمات لوزارة البيئة نشرت في مجلة الوقائع العراقية، العدد 4157 في 5/7/2010 بخصوص حماية الإنسان من التأثيرات البايلوجية المحتملة للإشعاع غير المؤين الصادر عن منظومات الهاتف المحمول فانه من المألوف ملاحظة وجود العشرات وربما المئات من أبراج الاتصالات في كل حي ومدينة فوق سطوح البيوت السكنية والمباني من دون أي احترام للتعليمات أو القوانين.

هـ - المجازر العشوائية:

- تنتشر في بغداد والمحافظات ظاهرة ذبح الحيوانات بشكل عشوائي على جوانب الطرق وفي الساحات. وهي تحصل من دون شروط النظافة اللازمة أو الرقابة الصحية الرسمية مما يساهم في تلوث البيئة بمخلفات الذبح وتكاثر الحشرات عليها ونشر الأمراض. ورغم العمل على محاربة هذه الظاهرة بين فترة وأخرى إلا أنها ما زالت ظاهرة شائعة الانتشار داخل المدن ومنها العاصمة بغداد.

و- الضوضاء:

- تفاقمت مشكلة الضوضاء في العراق بصورة خاصة في مدينة بغداد بسبب العدد الكبير من العربات والمركبات التي دخلت بدون ضوابط وعدم وجود قوانين رادعة لاستخدام أجهزة التنبيه في الأماكن الممنوعة.

- إطلاق العيارات النارية والإفراط في استخدام أجهزة التنبيه في المناسبات المختلفة كالأعراس والوفيات والمباريات الرياضية وغيرها.

- استخدام مولدات الكهرباء فضلا عن وسائل البناء والحفر والورش الحرفية والمعامل الصناعية ومحلات التسجيل الصوتية والأجهزة الكهربائية المنزلية وغيرها.

- برزت في الآونة الأخيرة ظاهرة استخدام الدراجات النارية وتعديل عادمات الهواء فيها وفي بعض السيارات لإصدار أعلى ما يمكن من ضوضاء عن محركاتها.

- تؤدي الضوضاء والأصوات العالية إلى عدد من الاثآر الصحية منها الشعور بالضيق والتوتر والإجهاد العصبي واضطرابات النوم والأرق وعدم التركيز والاستيعاب والى زيادة أعداد المصابين بحالات فقدان السمع وقد يحدث ضعفا مستديما في السمع كما تؤثر الضوضاء العالية والمستمرة على تكوين الأجنة في المراحل الأولى من الحمل.

ثانيا: المقترحات والحلول:

- مطالبة الدول التي قامت بحرب عام 1991 و2003 بالكشف عن الكميات الحقيقية لليورانيوم المنضب التي تم استعمالها وأماكن انتشارها وتحمل مسؤولياتها الإنسانية والصحية والبيئية والقانونية.

- مراقبة الميزانية المالية للقطاع الصحي الحكومي بشكل دوري وفعال لغرض قيامه بواجباته المنوطة به من توفير العلاج والدواء والأجهزة والمعدات والفحوصات الطبية اللازمة وعلى إجراء الرقابة الصحية والبيئية على النشاطات البلدية والصناعية المختلفة إضافة إلى فرض الرقابة الصحية والبيئية على القطاع الصحي الخاص والسيطرة على أسعار الخدمات الصحية والأدوية والفحوصات وتحديد أسعارها بما يضمن الاستفادة من خدماتها من قبل شريحة واسعة من الشعب العراقي.

- تطبيق التشريعات والقوانين الحالية بدقة ومهنية وتشريع قوانين جديدة إذا دعت الضرورة لذلك من اجل المحافظة على البيئة والصحة ومكوناتها المختلفة وتوسيع الرقابة على المصادر المائية ومراقبة نوعية الهواء ومنع التلوث الضوضائي (إطلاق الأعيرة النارية وأجهزة التنبيه في المناسبات الشخصية والرياضية...) ومراقبة مستوى الضجيج وتطبيق شروط نصب وتشغيل أبراج الاتصالات.

- ضمان رقابة صحية فعالة وكفوءة في المنافذ الحدودية وفي داخل العراق لفحص ومراقبة صلاحية ومناشيء الأدوية والمواد الصحية المستوردة والمباعة في المذاخر والصيدليات ومحاسبة المستوردين الفاسدين والجشعين حسابا عسيرا.

- ضمان رقابة صحية فعالة وكفوءة في المنافذ الحدودية وفي داخل العراق لفحص ومراقبة صلاحية الأغذية المعلبة والمبردة والمجمدة المستوردة والمباعة في الأسواق ومحاسبة التجار الفاسدين والجشعين حسابا عسيرا.

- إعادة تأهيل المجازر الموجودة وزيادة أعدادها بما يتناسب مع الاحتياجات ومراقبة توفير جميع الشروط الصحية والمتطلبات البيئية فيها والحد من الذبح العشوائي.

.................................
* تدعو الأمانة العامة للهيئة الاستشارية العراقية للإعمار والتطوير (ICADP)، التي تأسست عام 2010، الأخوات والإخوة الزملاء الأعزاء من الأكاديميين والخبراء العراقيين المختصين في مختلف المجالات والميادين العلمية والثقافية من داخل العراق وخارجه، لتقديم رؤيتهم لإصلاح الوضع في العراق، من خلال: تقييم تجربة الحكم والعملية السياسية وإدارة الدولة ما بعد عام 2003 وإيجاد الحلول الناجعة لإخفاقاتها، عِبرَ مشاركتهم بدراساتهم ومقترحاتهم العلمية كلٌ حسب اختصاصه، وتقييمها بالشكل التالي:
أولاً ـــ تحديد المشاكل والمعوقات فيما يتعلق بالموضوع الذي يتم إختياره.
ثانياً ـــ تقديم الحلول والمقترحات العلمية الواقعية لها دون الخوض في تفاصيلها.
وإرسالها عن طريق البريد الالكتروني: E- mail: [email protected]
د. رؤوف محمّد علي الأنصاري/الأمين العام

اضف تعليق