q
إنسانيات - تعليم

أم النخيل تطرد تلاميذها

الغريب: قيام إدارة المدرسة كما تكشف الصور بإبعاد التلاميذ (وهم جالسين على الساحات الترابية للمدرسة) عن بعضهم البعض لمنع عمليات الغش وضمان سلامة أوراقهم الامتحانية، الأغرب: حال المدرسة سيء وهي غير مؤهلة لتكون مركزاً تعليماً ملائماً، بسبب الغش الذي تقوم بها السلطة والتي يمثلها اساتذة المدرسة باعتبارهم المنفذين لتعليمات السلطة عبر وزارة التربية...

الخبر: وزير التربية يوجه بتشكيل لجنة عاجلة للتحقيق بخصوص امتحانات مدرسة أم النخيل في ذي قار وإحالة المقصرين على القانون.

السبب: انتشار صور لتلاميذ المدرسة على مواقع التواصل الاجتماعي وهم يؤدون الامتحانات جالسين خارج القاعات الدراسية على التراب في ظل برودة الجو الشديدة التي لا يتحملها حتى كبار السن.

الغريب: قيام إدارة المدرسة كما تكشف الصور بإبعاد التلاميذ (وهم جالسين على الساحات الترابية للمدرسة) عن بعضهم البعض لمنع عمليات الغش وضمان سلامة أوراقهم الامتحانية.

الأغرب: حال المدرسة سيء وهي غير مؤهلة لتكون مركزاً تعليماً ملائماً، بسبب الغش الذي تقوم بها السلطة والتي يمثلها اساتذة المدرسة باعتبارهم المنفذين لتعليمات السلطة عبر وزارة التربية.

لا نريد من المدرسين السماح للطلبة بالغش، لكننا نريد الإشارة إلى أن الغش الحكومي هو من دفع التلاميذ إلى خارج المدرسة ليمتحنوا في العراء، وبيان وزارة التربية بشأن المدرسة يشعرنا بأنها لم تكن تعلم بحجم التردي في واقع المباني المدرسية، والصفقات التي مررت تحت غطاء بناء المدارس بغية التحول نحو بنايات أفضل.

وفي الوقت الذي أكتب هذا المقال تجاوزت أسعار النفط 90 دولاراً للبرميل الواحد، ويفترض أن تنعكس العوائد المالية الهائلة التي تأتي من النفط المنتج في الحقول القريبة من مدرسة أم النخيل.

ومن العجيب التحجج بغياب الموارد المالية، فهي أكذوبة تسوق لها الحكومة، ما نحصل عليه من النفط موارد هائلة، فضلاً عن الموارد المالية التي لا تقل أهمية عن أهمية موارد النفط، والإشكالية الأساسية ليست في المال إنما في إداة هذا المال ومنعه من التسرب إلى المواضع غير الصحيحة والمشاريع الوهمية والصفقات التي انعكست مباشرة على طبيعة المباني المدرسية.

والحال هذه لم تنعكس على مدرسة أم النخيل فقط، هذه المدرسة هي التي فُضِحَتْ على وسائل الإعلام ومواقع التواصل، أما البقية فقد لا تصل إلى هذا السوء لكنها ليست مهيأة لتكون أماكن للدراسة.

وأعني أغلب مدارس العراق التي تعاني من نقص بالخدمات، واضح ومعروف لدى المسؤولين بما فيهم وزير التربية.

ولأنه يعرف حجم السوء في مدارسه يرفض الوزير في خطابه الإساءة للعملية التربوية، وأكد حرص الوزارة على بقاء سمعة العراق التعليمية متميزة ورصينة كما يعرفها الجميع.

لا أفهم كيف تحرص وزارة التربية على سمعة العراق عبر مدارسها الحالية التي تخلو من زجاج الشبابيك، وعدم قدرة التلاميذ على غلق الباب بدون الاستعانة بحجر كبير، وقد يبقى الباب مفتوحاً بسبب الفتحات الموجودة في وسطه وأطرافه.

تخلو المدارس من المجاميع الصحية المناسبة للاستخدام البشري، الروائح الكريهة والأوساخ تملأ هذا الأماكن.

وأدعو وزير التربية إلى تشكيل لجنة وزارية تذهب للمدارس وتشاهد بعينها هذه المشكلة المزمنة، ويفضل ذهاب اللجنة بسرية تامة حتى لا يتم تنظيف المجاميع الصحية مسبقاً كما معمول به قبل زيارات المسؤولين.

وحتى تبقى العملية التربوية رصينة وسمعتها عالية نحتاج إلى مراجعة أساليب التعليم في المدارس العراقية وإقامة دورات تطويرية للمعلمين والمدرسين تعلمهم كيف يربون ويعلمون طلبتنا وفق متطلبات العصر الراهن.

لا توجد جدية في معالج أغلب المشكلات في العراق، ومن بينها مشكلة المباني المدرسية، دائماً ما يتم إلقاء اللوم على الآخرين بدون الإعتراف بالتقصير والذنب، وهذا ما فعله وزير التربية حينما أراد التبرير وتضييع قضية مدرسة أم النخيل عبر تشكيل لجنة تحقيقية لم تكشف نتائجها حتى الآن.

وحتى محافظ ذي قار محمد الغزي المعني أكثر بهذه القضية، فقد ألقى باللائمة على الأخطاء الماضية لا سيما وأن ملف المدارس الطينية يعتبر من الملفات العالقة منذ ٢٠١٥ كمشاريع وزارية ، ففي عام ٢٠١٢ احيل مشروع ١٠٧ للقضاء على المدارس الطينية ولكنه للاسف توقف عام ٢٠١٤ بسبب التقشف وبعد مساعي ومتابعة حثيثة مع بغداد تم سحب العمل من الشركة المنفذة في بغداد وهو الان في طور الاحالة على شركة اخرى لاكمال المدارس ال ١٠٧.

هذا ما تحدث به المحافظ، وأعطى وعداً بعزمه على إنهاء ملف المدارس الطينية بالتعاون مع الوزارة بهذا المجال.

دائماً ما تكون هذه هي الحلول في جانبين، التبرير وإلقاء اللوم على الأخطاء الماضية، وإعطاء الوعود بالإنجاز مستقبلاً، وما بينهما يبقى طلبة المدارس يجلسون على التراب يؤدون امتحاناتهم.

اضف تعليق