q

انتشار ابتزاز الفتيات تحت مسميات مختلفة، تعد هذه الظاهرة من الظواهر المقلقة والآخذة في الانتشار والتزايد، وهي تشكل عاملاً سلبياً ومدمراً لكيان العائلة، وتفكك الأسرة، وانعدام الاستقرار الأسري، وانتشار الفواحش والمفاسد والموبقات في المجتمع.

لقد ساعد على انتشار هذه الظاهرة وجود مواقع التواصل الاجتماعية كـ الفيسبوك وتويتر، والتطبيقات الحديثة والتي جعلت من العلاقة بين الجنسين سهلة للغاية كتطبيق الواتساب وتطبيق التليغرام وسناب شات والانستغرام وغيرها.

من العوامل الأخرى التي ساعدت على انتشار هذه الظاهرة بشكل متسارع ومقلق وبوتيرة عالية:

عدم الالتزام بالحجاب الإسلامي بصورة صحيحة، ونشر الصور السافرة للفتيات، والتساهل في التواصل مع الشباب في دردشات غير مفيدة بل مضرة، ووجود المغريات المادية والمثيرات الكثيرة، وسهولة الوصول إلى الطرف الآخر، وغياب الوازع الديني، وانتشار الفضائيات غير الملتزمة... وغيرها من الأسباب والعوامل التي قد أدت بصورة كبيرة إلى انتشار ظاهرة ابتزاز الفتيات والأطفال.

إزاء مخاطر وسلبيات الابتزاز لابد من الاهتمام بمعالجة هذه الظاهرة، والحد منها، وذلك من خلال الاهتمام بتربية الفتيات على الثقة بالنفس، والتحلي بالشجاعة الأدبية في الحوار والنقاش، وعدم الخضوع لأي مبتز، وقول (لا) كبيرة في وجه كل من يحاول الابتزاز، ورفع شعار: لن أخضع لمطالب أي مبتز!

إن تعزيز القيم والأخلاقيات والمثل في البيئة الاجتماعية يخلق بيئة صالحة، وأن الالتزام بتلك القيم والمثل الدينية والاجتماعية يجب أن يكون عن قناعة واقتناع وليس مجرد مسايرة للعرف الاجتماعي العام.

ان الفتاة الواعية هي التي تعي مسؤولياتها الدينية والأخلاقية، وتحافظ على عفتها وشرفها وحشمتها وحجابها وكرامتها، وهنا يكون التربية بالدين، ووجود الوازع الديني أكبر وقاية للفتاة من الوقوع في مصائد المبتزين، فليس من السهولة أن يُوقع أي مبتز فتاة ملتزمة وواعية، بينما الأمر سهل جداً للفتاة التي تخلت عن تدينها الحقيقي، وعن عفتها وحشمتها وحجابها، فالحجاب الشرعي هو عزة وكرامة وشرف وحماية للمرأة المسلمة.

ان من أهم طرق الابتزاز هو الابتزاز من خلال حصول المبتز على الصور السافرة لأي فتاة، فعندما يحصل عليها شاب مراهق، ويبحث عن إشباع غرائزه الشهوانية فإن الحصول على صور فتيات سافرات أمنية بالنسبة له، ومن هنا يجب الحذر من إرسال أية صور بحجة التعارف للزواج، وألا تبعث بياناتها أو صورها أو صور أحد من أقاربها أو صديقاتها لأحد، وعدم الاحتفاظ بها في أجهزة الكمبيوتر أو الموبايل لئلا يخترق من قبل المبتزين ويحصل عليها ويبدأ بعملية الابتزاز بها.

ان التجارب تشير إلى أن أكثر أنواع الابتزاز انتشاراً وشيوعاً هو الابتزاز بصور الفتيات أو بالحصول على صور فيديو خاصة بالفتيات في الحفلات الخاصة أو الزواج أو غيرها، أو من خلال اختراق الحسابات الشخصية في إحدى التطبيقات والمواقع الاجتماعية، وهنا يجب التنبه إلى عدم وضع أية صور سافرة أو خاصة فيها حتى لا تتعرض الفتاة لسرقة صورها.

وقد وقفت السيدة زينب (عليها السلام) بوجه أحد المبتزين، فعندما حاول أحد الشاميين الابتزاز وأخذ بنت الإمام الحسين (عليه السلام) وهي السيدة فاطمة، وكانت ضمن الأسرى في مجلس يزيد، حيث طلب الشامي أن يأخذ فاطمة كجارية له، فتصدت السيدة زينب الكبرى بشجاعة كبيرة ونهرت ذلك الشامي بقوة، وتحدته بجرأة أن يفعل ذلك! وقالت له: كَذَبتَ ولَؤُمتَ، ما ذاكَ لَكَ إلّاأن تَخرُجَ مِن مِلَّتِنا وتَأتِيَ بِغَيرِ دينِنا. وفي رواية الشيخ المفيد قالت له: كَذَبتَ وَاللَّهِ ولَؤُمتَ، وَاللَّهِ ما ذلِكَ لَكَ ولا لَهُ.

فالسيدة زينب (عليها السلام) كانت مع باقي النسوة في حالة الأسر في الشام، وأمام يزيد (الحاكم المطلق) بالغلبة والقوة، وقفت بشجاعة أمامه وأمام ذلك الشامي الذي تصور ضعف هؤلاء النسوة، وأنهن أسارى، ويمكن أن يأخذ منهن ما يريد!

لكن موقف العقيلة زينب الكبرى (عليها السلام)، ودخولها في مشادة قوية معه قد أبطل مفعول تلك المحاولة أمام شجاعة وجرأة السيدة زينب (عليها السلام)، وكانت تتحدث ببلاغة وفصاحة وشجاعة قوية مما يدل على قوة شخصيتها وعظمتها.

وينبغي على كل فتاة أن تواجه أي مبتز يريد أن يبتزها في عرضها أو مالها أو أي شيء آخر بشجاعة وبسالة، وثقة بالنفس، وقدرة على التحدي، وعدم الخضوع لمطالب المبتز والتي لا تنتهي إن استجابت الضحية له.

وحول ما يجب فعله مع المبتزين أوصي باتباع الإرشادات التالية:

1- المبادرة بالاتصال والإبلاغ عن المبتز للجهات المعنية بذلك للقبض عليه، ومعاقبته ليكون عبرة لغيره، فالابتزاز حرام شرعاً وممنوع قانوناً.

2- عدم الاستجابة لمطالب المبتز مهما كانت بسيطة وسهلة، لأن الاستجابة لها سيفتح الباب لمطالب أخرى وستستمر المطالبة تحت الضغط والتهديد بنشر الصور أو غيرها.

3- عدم الخوف من المبتز، فهو وإن تظاهر بالجرأة والتحدي وأنه يستطيع أن يفضح الفتاة، إلا أنه يشعر بالخوف والقلق من القبض عليه، وتعويض نفسه للعقوبة.

4- وقوف العائلة مع الفتاة، ومساعدتها على التخلص من تبعات الابتزاز، وتفهم ما حدث، وتشجيعها على الحديث عما حدث لها، وعرضها على أخصائي نفسي إن احتاجت إلى ذلك.

وللوقاية من الوقوع في الابتزاز وحتى لا تكون الفتاة ضحية للابتزاز بمختلف أنواعه اوصي باتباع النصائح التالية:

1- تجنب التواصل مع الشباب والمراهقين من خلال غرف الدردشة او مواقع التواصل الاجتماعية، لأن ذلك الطريق محفوف بمكائد الشيطان، وقد يوقع الإنسان في شباك المبتزين.

2- الحفاظ على الحجاب الإسلامي، فالمرأة تكون شخصيتها أعز بعفتها وحشمتها وحجابها، وأرقى بالعلم والفكر والمنطق والبلاغة والأدب، وأقوى جذباً بالأخلاق الفاضلة والآداب الجميلة!

3- الحذر من إعطاء معلومات خاصة أو بيانات شخصية لأي طرف آخر، لأنها قد تستخدم في الوصول إلى القضايا الخاصة والصور الشخصية.

4- عدم مفاكهة الشباب أو ممازحتهم مطلقاً سواء في الأماكن العامة المختلطة كالعمل أو في شبكات التواصل الاجتماعية أو الجروبات وغيرها.

5- معالجة الضعف الذي قد تشعر به الفتاة لأي سبب كان، والذي قد يجرها إلى الوقوع في مصيدة المبتزين وشباك المحتالين.

6- الرقابة الذاتية المتولدة من خوف الله تعالى مهمة جداً للوقاية من الوقوع في الابتزاز، فالوازع الديني من أقوى الأسباب لعدم الوقوع في الحرام والانحراف.

* مما طرح في خطبة الجمعة 5 جمادى الأولى 1438هـ الموافق 3 فبراير 2017

اضف تعليق