في العراق، كما في أي مجتمع آخر، هناك عادات متجذرة تسللت إلى حياتنا حتى أصبحت تُعامل وكأنها قوانين غير قابلة للنقاش، بعضها مجرد تفاصيل مزعجة، لكن بعضها الآخر كفيل بإبقاء عجلة التقدم عالقة في الوحل، ومع أن التغيير يحتاج إلى وعي وتدرج، إلا أن بعض العادات لا تستحق سوى أن تدحض...
في العراق، كما في أي مجتمع آخر، هناك عادات متجذرة تسللت إلى حياتنا حتى أصبحت تُعامل وكأنها قوانين غير قابلة للنقاش، بعضها مجرد تفاصيل مزعجة، لكن بعضها الآخر كفيل بإبقاء عجلة التقدم عالقة في الوحل، ومع أن التغيير يحتاج إلى وعي وتدرج، إلا أن بعض العادات لا تستحق سوى أن تدحض، وهذه العادات على سبيل الطرح والمثال وليس الحصر والامتثال:
1. ثقافة التدخل في شؤون الآخرين
في العراق، يبدو أن حياة كل شخص هي "شأن عام" يُفتح للنقاش على طاولة العائلة والجيران وحتى الغرباء. لماذا لم تتزوج بعد؟ لماذا لم تنجب طفلًا آخر؟ لماذا ارتديت هذا؟ لماذا اشتريت ذاك؟ أسئلة فضولية تتطاير كالرصاص، ولا أحد يفكر في أن الإجابة الوحيدة المناسبة هي: "هذا ليس من شأنك!".
2. تمجيد المعاناة وكراهية الناجحين
هناك ميل عجيب لدى البعض لتقديس التعب والبؤس وكأنهما إنجاز بحد ذاته، بينما يُنظر للنجاح المادي أو المهني بريبة وحسد، شخص اشترى سيارة جديدة فارهة؟ أكيد "حرامي"، فتاة حققت نجاحًا وظيفيًا؟ ربما هناك "واسطة"، هذه الذهنية تجعل النجاح يبدو وكأنه جريمة تستحق الاستغابة والعقاب اللفظي، بينما المعاناة والبؤس تصبح وسام شرف!
3. الأعراس والمآتم: معاناة بلا داعٍ
لماذا يجب أن يكون الزواج مشروع إفلاس؟ ولماذا يجب أن يكون العزاء ماراثونًا من اللطم والصراخ والولائم؟ لماذا يتحول الحدثان إلى اختبار لقوة مكبرات الصوت؟ لا أحد يطالب بإلغاء الأفراح أو الحزن، لكن هل من الضروري أن يتحول كل ذلك إلى "مهرجان استنزاف مالي" ومعاناة نفسية للتكبد؟
4. تقديس التقاليد حتى لو كانت خاطئة
"هو هاي بعد هيچ ورثنا من آباءنا"، جملة كفيلة بوأد أي محاولة للنقاش، بعض العادات لها جذور جميلة، لكن الكثير منها لا يخدم إلا الجهل والتخلف، لماذا يستمر البعض في تزويج القاصرات؟ لماذا يُجبر الشباب على اختصاصات لا يحبونها لأن "العائلة قررت"؟ لماذا يظل الطلاق وصمة عار حتى لو كان هو الحل الوحيد مع شريك غير سوي؟ إذا كان التغيير يخيف البعض، فليس هذا سببًا لفرض الجمود على الجميع.
5. احتقار الوقت وكأن الحياة لا تنتهي
"أجيك بعد نص ساعة" تعني غالبًا "انتظرني ساعتين أو انسَ الأمر"، الوقت في العراق مفهوم نسبي، والتأخير أصبح ثقافة، الاجتماعات لا تبدأ في موعدها، والمواعيد لا تُحترم، وكأن الجميع يملك حياة أبدية ليؤجل عمل اليوم إلى الغد وما بعده، هذه العادة ليست مجرد إزعاج، بل هي سبب مباشر للتخلف الإداري والاقتصادي، حيث يضيع الوقت وكأنه بلا قيمة مادية أو معنوية.
الدحض هو الحل ولكن قد تبدو هذه العادات غير قابلة للتغيير، لكنها في الحقيقة مجرد تراكمات اجتماعية يمكن تفكيكها، كل ما نحتاجه هو جيل جديد يملك الشجاعة ليقول: "كفى"!
اضف تعليق