نقبل أن لكل فعل رد فعل، ومنه هل إعدام الريشاوي رد فعل حضاري يخضع لمنطق الدولة؟!!، المرأة أسيرة والقضاء أسقط عنها حكم الإعدام، إذن إعدامها كان ردة فعل يخضع لعرف قبلي بعيد عن مفهوم الدولة، ونتساءل هل مقولة ابن خلدون " العرب أبعد الناس عن السياسة والملك " مسلمة ثابتة عبر العصور والأزمان؟!.

عرف العالم منذ القدم مفهوم الجمهورية والديمقراطية وواكبها عبر حركة الصيرورة التاريخية التي أثمرت الديمقراطية في حلتها المعاصرة، فلا رئيس يخلد على كرسيه، ولا سلطات مجتمعة في قبضته، وحتى اقتصاد الريع طواه الزمان، ولا معنى للاقتصاد في الدول المتقدمة دون التفاعل بين الإنتاج وأدوات الإنتاج، ونحن نحن دار لقمان على حالها أنظمة مستبدة تستحوذ على الريع على حساب شقاء الناس وآلامهم، وعقل يحكمه موروث فاسد.

إن داعش تستنسخ الموروث الديني الذي صنعته الأنظمة المستبدة والذي رسمت معالمه "رزية الخميس" في إعلانها الشهير " الرسول (ص) يهجر "، فحرق الأسير الأردني شرعيته لدى داعش تعود إلى حرق الخليفة الأول الفجاءة السلمي، قطع الرؤوس وسبي نساء الضحايا مرجعيته قطع خالد بن الوليد لرأس مالك بن نويرة وجعل رأسه ورؤوس أصحابه أثافي للقدور، ودخوله على زوجته في ليلتها حتى لا تعطل نظرية فرويد في النفس البشرية، والحادثة تعطي حكما شرعيا آخر هو أن مانع الزكاة مرتد وجزاؤه جزاء مالك بن نويرة، ولذا كل من يعصي أو يخالف خليفة داعش مرتد، فتبدأ حروب الردة!!.

يحكي الموروث ودون خجل: "وخطب خالد بن عبد الله القسري - يوم الأضحى- بالبصرة فقال في آخر خطبته: انصرفوا إلى منازلكم وضحوا - بارك الله لكم في ضحاياكم - فإني مضحٍ اليوم بالجعد بن درهم ؛ فإنه يقول: لم يتخذ الله إبراهيم خليلا، ولم يكلم موسى تكليما سبحانه وتعالى عما يقول الجعد علوا كبيرًا، ونزل عن المنبر فذبحه بيده وأمر بصلبه ".

كل من يخالف الموروث السلطوي فهو في حكم الخروف والتضحية به أمر اعتيادي، فلا غرابة أن تحي داعش سنة تقديم القرابين من جماجم البشر!.

قائمة ضحايا الموروث الفاسد الذي يُقدم للبشرية على أنه الدين المحمدي لا تحصى ولا تعد ولكن نختتمها بغيلان الدمشقي الذي راح ضحية المسرحية الهزلية التي نسجها الأوزاعي حتى تعطي المبرر الواهي لهشام بن عبد الملك لتقطيع جسده إلى أشلاء وهو حي، فلا عجب أن تكرر داعش هذه المشاهد وتوثقها بالتصوير فالمرجعية الشرعية حاضرة، وما هذه الأعمال إلا قربة لله تعالى!!!.

إن سدنة الموروث الفاسد لا يجدون ملجأً سوى إنكار هذه الحوادث - رغم أنها موثقة في مصادرهم -، أو اتهام الضحايا بالعقيدة الفاسدة، وهنا نطرح الإشكال التالي: ابن تيمية يقول في الأشاعرة أنهم مخانيث المعتزلة، إذن عقيدتهم فاسدة، ومنه قتلهم واجب شرعي!!!.

لقد لعب الموروث الفاسد في صناعة عقل همجي رجعي يجمع كل المتناقضات التي تسمح له بإعطاء كل التبريرات لقمع وإبادة الآخر فكريا وجسديا، وسفليته تجعله متعطشا للدماء، ولإشباع الشهوات تحت غطاء الشرعية الدينية.

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق