واحدة من أبرز التحديات التي تواجه الحكومة السورية في الوقت الحاضر يتمثل بالمقاتلين الأجانب الذين شكلوا الجزء الأكبر من القوات التي اسقطت نظام الأسد نهاية عام 2024، والكثير منهم تسلم مواقع مهمة في الحكومة السورية الجديدة خاصة في المناصب الأمنية والعسكرية...

واحدة من أبرز التحديات التي تواجه الحكومة السورية في الوقت الحاضر يتمثل بالمقاتلين الأجانب الذين شكلوا الجزء الأكبر من القوات التي اسقطت نظام الأسد نهاية عام 2024، والكثير منهم تسلم مواقع مهمة في الحكومة السورية الجديدة خاصة في المناصب الأمنية والعسكرية.

هذا التحدي برز بشكل كبير في الشروط الأميركية، التي وضعتها من أجل رفع العقوبات عن دمشق ومن ضمن هذه الشروط ترحيل جميع الإرهابيين الأجانب من سوريا، وهذا الشرط يؤكد جملة من الحقائق، منها إن نسبة عالية جدا من الذين قاتلوا في سوريا منذ عام 2011 وحتى نهاية 2024 لم يكونوا من أبناء سوريا، بل من جنسيات مختلفة تم تجنيدهم من قبل دول كثيرة وجدت ضالتها فيهم، وبالتالي هذا يذكرنا بالأفغان العرب، الذين قاتلوا السوفييت في ثمانينيات القرن الماضي في أفغانستان وتحولوا فيما بعد إلى عبء كبير ليس على أفغانستان فقط بل على دولهم، التي وجدت إن عودتهم إليها تعني زرع قنابل موقوتة قابلة للانفجار في أية لحظة، خاصة وإن هؤلاء لا يجيدون سوى مهنة الحرب وحدها.

لهذا نجد كمتابعين إن الشروط الأميركية لرفع العقوبات عن سوريا لم تكن سهلة كما تصور البعض، لأنها تتطلب خروج هؤلاء الأجانب من البلد من جهة، ومن جهة ثانية عدم عودة “داعش” بأي مسمى كان ثانية، وهذا الأمر من شأنه أن يخلق حالة تخاصم بين الكثير من الأطراف والفصائل الموجودة حاليا في سوريا، بما فيها التي أعلنت انضمامها للقوات المسلحة السورية، فإن هذا الانضمام من وجهة نظر واشنطن لا يعني إنها ليست قوات أجنبية يتطلب الأمر خروجها من أجل استقرار سوريا أولا والمنطقة ثانيا.

من هنا نجد إن مقاتلي هذا التنظيم متواجدون داخل الأراضي السورية وشنوا في الأيام ألأخيرة عددا من العمليات في المدن السورية، مضافا لذلك إن ما تسمى صحيفة (النبأ) التابعة لهذا التنظيم شنت هجوما قويا ضد الرئيس السوري أحمد الشرع بعد لقاء الرئيس الأمريكي ترامب، وبالتأكيد هذا الهجوم الكلامي له الكثير من الأبعاد على الساحة السورية، خاصة وكما أشرنا الى أن من مطالب واشنطن إخراج هؤلاء الأجانب من سوريا وضمان عدم عودة تنظيم “داعش” مرة أخرى. 

وهذا المطلب الأميركي يتماشى مع مطالب دول الجوار السوري، وفي مقدمتها العراق الذي عانى من هذا التنظيم الإرهابي في السنوات الماضية ونجح في طرده من المدن العراقية وإبعاده خلف الحدود، لكنه بالتأكيد ما زال يتحرك بحرية نوعا ما داخل الأراضي السورية التي شهدت عمليات عديدة له في الآونة الأخيرة. وهذا يعني أن الحكومة السورية أمام تحد أمني كبير يتمثل بتواجد هؤلاء الأجانب على الأرض السورية، وبالتأكيد الأغلبية منهم لا يمكنهم العودة لدولهم الأم بحكم عدة عوامل، منها أن الكثير من الدول أسقطت الجنسية عن هؤلاء، وإن الكثير منهم لديهم ملفات قضائية هناك.


اضف تعليق