q
ثقافة المناخ الثالث هي خليط وافد يجادل الماضي بخيال واوهام رقمية ترسم الحاضر بخوارزمية خطيرة تعكس حالاً صورة المشهد الثقافي المقبل الذي يؤسس بذاته حاضنة اجتماعية لوعي زائف، مولدا في الوقت نفسه بنيان فكري متقلب، مساراته سيريالية مبهمة اللون صعبة الادراك تبحث عن السكون في ديناميكية رقمية متسارعة...

مناخان متضادان يتصدران المشهد الثقافي في بلادنا التي تعيش انقساماً حادا بين تكوينات وعي مختلفة، فمنها مسكون في مناخ فنتازيا الماضي الشديد التلون بالاساطير والروايات التي يختلط فيها الصدق الموضوعي بالخيال، وبين مناخ مقابل وافد يمثل قوة العصر الرقمي والابداعات الملونة الموغلة بشتات مفتوح على الثقافات العابرة لفضاءات الامم وهي نتاجات العولمة التي تمتلك المقدرة على اختراق المناخ الاول وزجه بالخرافات والاوهام المغلفة رقمياً دون كلفة تذكر بالغالب .

وهنا يغدوا الوعي عند مفترق طرق يعزل بلداننا عن ثقافاتها الاصيلة ويغلفها في مختزل ثقافي منقلب خطير هي ((ثقافة المناخ الثالث)).

فثقافة المناخ الثالث هي خليط وافد يجادل الماضي بخيال واوهام رقمية ترسم الحاضر بخوارزمية خطيرة تعكس حالاً صورة المشهد الثقافي المقبل الذي يؤسس بذاته حاضنة اجتماعية لوعي زائف، مولدا في الوقت نفسه بنيان فكري متقلب، مساراته سيريالية مبهمة اللون صعبة الادراك تبحث عن السكون في ديناميكية رقمية متسارعة، وديدنها مستقبل ثقافي باهت الرؤية ومناخه وعي مجتزأ عن ماضي لا يلامس الحاضر، وتسيره ثقافة مجهولة هي ثقافة المناخ الثالث (المنقطعة الجذور عن اصول الوعي الاجتماعي والاخلاقي والديني والمعرفي).

اذ تغترب الثقافة الثالثة وبشكل متسارع عن ديناميكيات منابعها التراكمية الاصيلة وهي تغادر الوعي الموضوعي و نسقه الحضاري بدوافع رقمية، مستنسخة في الوقت نفسة حداثة ثقافية (معولمة موازية) لا تبنى على مسارات التراكم الحضاري والثقافي والاجتماعي والسياسي الموضوعي للامة الا بانتقائية ذات قصدية عالية.

وهكذا، انها الثقافة الثالثة (الثقافة المعولمة الموازية) التي تجسد منقلب الصراعات الناعمة في مناخ الثقافة. اذ تضخها ماكنة الفكر والاعلام في العالم المركزي على اطراف منظومات الوعي في العالم المحيطي لتشكل معركة عمياء في تغييب الوعي عبر صراع الحضارات .

فالمسار الثقافي الذي يسود اليوم بهذا الكم من الخلط ماهو الا شكلاً متقدماً من اشكال الانغلاق الإديولوجي وبعوامل رقمية خطيرة. او بعبارة اخرى انه ((الانغلاق الإديولوجي بمناخ الوعي الرقمي-Ideological closure in the climate of digital awareness )).

وهو انغلاق لمنابع الوعي الطبيعي والحضاري الذي يرسمه نمو وعي الامم تلقائيا، ليستبدل بمناخ يطلق ميكانزميات - ثقافة مختلطة الادراك منقطعة الجذور عن منظومات الوعي التطوري للامم نفسها، لنحصد في نهاية المطاف: ثقافة المناخ الثالث بالوانها الرقمية الشديدة الاغتراب الاحادية الاصول والمغتربة عن المنبع لكل امة في خليط وعي بنتهي باطراف العالم، وهي تخوض بأشكال مشوهة من العولمة الثقافية الموازية، عنوانها: المناخ الثالث.

اضف تعليق


التعليقات

محمد علي
نحتاج توضيح قصد الكاتب بـ "فمنها مسكون في مناخ فنتازيا الماضي الشديد التلون بالاساطير والروايات التي يختلط فيها الصدق الموضوعي بالخيال"؟ ثم اذا كان هذا المناخ التابع للماضي غير مجدي، ومناخ العولمة غريب عن المجتمع، بل ان المناخ الثالث "خليط وافد وأوهام و...."، فما هو البديل لطفاً.2024-04-06