q
لابد ان ينتهي وقت التجميل والرتوش ويبدأ عصر العمل الناصح الحقيقي الذي يظهر المشروعات على حقيقتها، بعيدا عن التزويق الوقتي، ومن ثم الاضطرار الى الرجوع الى صالة العمليات لإزالة الترهلات وإعادة الجمالية المقنعة التي اخذت حيزا كبيرا في مشروعاتنا الآنية...

مداخل المدن يمكن ان يكون العنوان الذي يحكي ما بداخل المدينة، فأن كانت مرتبة خاضعة لعمليات تجميل متعددة، تبين واقع المدينة المنتظم داخليا، وان كانت غير مؤهلة فلهذا انطباعات وقراءات كثيرة.

الدول المتقدمة تسعى ومن خلال مداخل مدنها وبالخصوص القريبة من المطارات الدولية، الى تطويرها والاعتناء بها من الناحية العمرانية والبنى التحتية والتشجير، اذ لهذا إثر كبير على الانطباع الاولي لمن يزور المدينة او البلد للمرة الأولى.

مفرح جدا ما تشهده بعض المدن العراقية من حملة لتطوير مداخلها، ونأخذ على سبيل المثال لا الحصر ما تشهده مدينة كربلاء من عمل متواصل لتجميل مداخلها الثلاثة، فأين ما توجه بصرك تجد حزمة آليات الثقيلة تواصل جهدها لإنجاز اعمالها بالتوقيتات المقررة من الجهات المنفذة.

ما يحصل في كربلاء نتمنى ان يتكرر في جميع المدن العراقية لاسيما العاصمة بغداد التي يعرف من يدخلها بوجهها الشاحب، وكأنها رجل عجوز يعاني من مرض عضال، فلكل مدخل منها حكاية مأساوية لا يمكن تجاهلها بالمرة، وذلك ما يعطي انطباعا غير مريح لمن يرغب في قضاء أوقات سعيدة في قلب البلاد النابض بالحياة.

إهمال الطرقات ومداخل المدن بصورة عامة، يمكن ان يكون بمثابة استبيان يعكس النتائج المريرة والواقع التعيس الذي تعيشه المدن العراقية، الا بعض الاستثناءات التي لا ترتقي لان تكون ظاهرة او تأخذ حيز في الجانب الإيجابي الذي يمكن ان نعرج عليه في بعض الأحيان.

الشارع العراقي وعلى الرغم من كونه يحظى باهتمام نسبي من الحكومات المحلية والمركزية، لكنه الا الآن يعاني من نقص عمل حقيقي يعطيه عمرا افتراضيا أكبر من عمره الحالي.

اغلب الطرقات التي تم افتتاحها مؤخرا بعد خضوعها الى عمليات تجميل كثيرة، ظهرت بمظهر لائق ينسجم مع فكرة الاعمار والتطوير التي تحث على ترسيخها الحكومات، وينخدع فيها المواطن البسيط، فلا تزال البنى التحتية في جميع المدن فقيرة كل الفقر وتعاني من ضربة استباقية، كأن تكون امطار غزيرة او سير عجلات النقل الكبيرة عليها دون تخطيط او التزام.

عندما نرى الشوارع التي صرفت عليها ملايين الدنانير من قوت الشعب، بعد فترة وجيزة وما تحتويه من تشققات وتكسرات، ندرك جديا حجم فشل المسؤول عن عملية الاعمار الوهمي الذي يعتمد على الانتقال الى مرحلة أخرى، يسعى فيها المعنيين لكسب الوقت والرضا الجماهيري الداخلي، وبعد ذلك نكون بحاجة الى إعادة صيانة دورية.

إعادة الصيانة الدورية وحتى في المراحل الأولية للمشروعات، تأتي من المواد الرديئة المستخدمة في العمل، ففي أحيان كثيرة تحتاج المرحلة الأولى من مشروع ما، الى صيانة قبل الانتهاء من الانتهاء من المرحلة الأخيرة للمشروع نفسه، وفي ذلك كلام كثير لا يسع المقام لذكره.

المسؤول الناجح هو من يحول العمل بهذه المشروعات الى خطة استراتيجية، فليس من الصحيح الانتهاء من تعبيد الطرقات وصبغ الأرصفة، وينتهي بريق هذا العمل كله بمرور أشهر قليلة، على العكس من الطرقات الرئيسية التي نفذت من قبل شركات اجنبية في العقود الأربعة الماضية، لا تزال داخلة في الخدمة وأفضل بكثير من التي تم انشاءها في الشهور الماضية.

إذا هنالك خلل في منظومة وآلية تنفيذ المشروعات الحكومية في الفترات الحالية، تقوم جميع الجهود المبذولة على تحسين الموجودات من طرق وخدمات، بما يضمن اللعب على عامل الوقت وعلى حساب النوعية او الجودة.

أضف الى رداءة المواصفة العامة، هنالك عامل آخر يعمل على تخريب الطرقات بعد تعميرها، وهو غياب الرقابة على الحمولات الكبيرة لعجلات النقل، فالقلة القليلة من يلتزم بالأوزان المفروضة، ومن يتجاوز الوزن المسموح هنالك أكثر من طريقة لتجاوز هذه المخالفة.

لابد ان ينتهي وقت التجميل والرتوش ويبدأ عصر العمل الناصح الحقيقي الذي يظهر المشروعات على حقيقتها، بعيدا عن التزويق الوقتي، ومن ثم الاضطرار الى الرجوع الى صالة العمليات لإزالة الترهلات وإعادة الجمالية المقنعة التي اخذت حيزا كبيرا في مشروعاتنا الآنية.

اضف تعليق