q
هنا البصرة، نعود لتسلق سلم التقدم والبناء، اخطأنا وسجلنا الأخطاء، وأخفقنا كثيراً، لكننا لا نبخس حق أنفسنا، لدينا من النجاحات الكثير، والمستقبل كفيل بتحسين كفاءتنا عبر تصحيح الخلل، وتعزيز النجاح، ولا تستكثروا على العراقيين احتفالهم بتنظيم بطولة صغيرة مثل خليجي25، نحن نعتبرها مجرد بداية، ما نحتاجه هو استمرار نفس الإرادة والعزيمة العراقية...

ما يُنْجَزُ في محافظة البصرة هذه الأيام يعادل عمل وزارة الخارجية العراقية لسنوات طويلة، ليس تقيلاً من شان الخارجية بل مدحاً ببطولة خليجي25 التي بدأت أحداثها يوم الجمعة (6 كانون الثاني 2023)، انجازات تعبر حدود الرياضة لتمارس دبلوماسية شعبية وسياسية واقتصادية جديرة بتسجيلها من قبل وزارة الخارجية ووضعها ضمن خطتها المستقبلية بشأن تشكيل صورة العراق لدى الدول العربية خصوصاً والأجنبية عموماً.

القائمون على افتتاح البطولة في ملعب جذع النخلة غاصوا في عمق التاريخ واستخرجوا لنا أجمل ما عند العراق من منجزات حضارية وإسهامات في التقدم البشري.

قالوا لأشقائهم الخليجيين، هذه جذورنا، إنها قوية بما فيه الكفاية لتتحمل بعض إخفاقاتنا الراهنة، والمسألة ليست باستعراض بعض الأشكال الهندسية للمواقع الحضارية، بل هي تذكير بأننا نفس الشعب الذي استطاع بناء تأريخ إنساني كبير في وقت لم تعرف الإنسانية أبجديات البناء، ونحن من كتب القانون حيث الشريعة السائدة الفوضى وانعدام التنظيم.

نحن لسنا طارئين على تنظيم حدث رياضي، ولسنا ضعفاء في مجال التخطيط وإدارة المنشآت العملاقة، من بَنى الزقورة يستطيع بناء مدرجات للملاعب، ومن شيد الحدائق المعلقة لا تستعصي عليه زراعة عشب الملاعب.

لقد كتبنا برنامج تنظيم بطولة الخليج بطريقة أسهل بكثير من كتابتنا لمسلة حمورابي.

لكن ما جرى في البصرة ليس استعراضاً لتاريخ مضى وانتهى، وليس محاولة للانتقاص من الآخرين، ولا نريد مزاحمة دول الجوار أو الإقليم، نحن العراق، ما نريده أن نأخذ مكاننا الذي نستحق لا أكثر.

لقد سمعتم حديث أهل البصرة ودماثة أخلاقهم، وبمعونتهم كافة أبناء الشعب العراقي من أقصى جباله الشماخة في دهوك إلى شط العرب، الكل بلا كلل أو ملل يرددون كلمة "هلا بيكم".

البصرة اليوم هي وزيرة الخارجية العراقية الرسمية التي تقول للأشقاء العرب وجيران العراق الآخرين تعالوا لنذهب في نزهة إلى شارع الكورنيش وننسى كل إخفاقات الماضي، لندفن الأخطاء، فهي ميتة، وإكرام الميت دفنه.

تعالوا نتسامر في شارع الفراهيدي ونتذكر المشتركات التي لا تعد ولا تحصى، مشتركاتنا بالحب والإخوة وحق التجاور، المشتركات هي المسامير التي تبني سفينة النجاح لتبحر منطقتنا نحو آفاق عالمية لا حدود لها.

وزيرة خارجيتنا اليوم جميلة جداً، اسمها البصرة، ولقبت بفينيسا الشرق، قلب العراق النابض، تعرضت لظروف صعبة خلال الأربعة عقود الماضية، لكنها لم تستسلم، أبت إلا أن تبقى بيتاً لكل ضيف يأتيها من داخل العراق وخارجه.

للبصرة أكثر من متحدث رسمي، برامج تلفزيونية لا تكل ولا تمل من العمل اليومي لإنجاح البطولة، نقل خالد جاسم مجلسه في قناة الكأس من العاصمة القطرية الدوحة إلى زهرة العراق وبوابته نحو العالم.

يكفي أن تُشاهد حلقة واحدة من برنامج المجلس لتعرف حجم الحب الذي زرعته البصرة وأهلها ومعهم كافة أبناء الشعب العراقي لدى الضيوف العرب، لقد استحق خالد جاسم أن نعينه المتحدث الرسمي باسم البصرة.

تابعوه وسوف تتعرفون على البصرة، العراق، الشعب، الحياة، النقد الأنيق، السعي الجاد لنجاح كل شيء عراقي، والهدف أولاً وأخيراً أن يوضع العراق من جديد في مكانه الذي يستحق، فسفينة التقدم بالمنطقة بحاجة إلى خبرة بلاد الرافدين وأبنائها.

قد يكون خالد جاسم نموذج إعلامي أعرفه وشاهدته، وأذكره هنا ليس انتقاصاً من الإعلاميين العراقيين، بل لأن لكل قادم كرامة، ومن عاداتنا إكرام الضيف والإشادة به.

الشكر موصول لكل مصور ومراسل ومقدم برامج عراقي وعربي، شكراً لكل مواطن تحمل عناء السفر من أجل المساهمة في نجاح بطولة خليجي25، شكراً للمسؤولين الحكوميين الرسميين في وزارة الشباب والاتحاد العراقي وقواتنا الأمنية والجيش، شكراً لكل من ساهم في نجاح البطولة ولو بمنشور عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

هنا البصرة، نعود لتسلق سلم التقدم والبناء، اخطأنا وسجلنا الأخطاء، وأخفقنا كثيراً، لكننا لا نبخس حق أنفسنا، لدينا من النجاحات الكثير، والمستقبل كفيل بتحسين كفاءتنا عبر تصحيح الخلل، وتعزيز النجاح.

ولا تستكثروا على العراقيين احتفالهم بتنظيم بطولة صغيرة مثل خليجي25، نحن نعتبرها مجرد بداية، ما نحتاجه هو استمرار نفس الإرادة والعزيمة العراقية التي انجزت وجهزت متطلبات الاستضافة، كما نحتاج استمرار دعم أشقائنا العرب ليس في المحافل الرياضية فقط بل في الجوانب السياسية والاقتصادية.

لا نزاحم أحداً على موقعه، ولا نعتدي على أحد، نحن الشعب الذي نفض غبار الحروب وأسقط حكامه المجرمين من أجل حماية مصالحه ومصالح جيرانه، ثقوا بنا، لقد وضعنا مصالحكم نصب أعيننا وكتبناها في دستورنا.

البصرة وزيرة خارجيتنا، وهي لا تكذب بل تضعكم في الواقع لتشاهدوا بأعينكم بعيداً عن البيانات الرسمية والمجاملات. أعتقد أنكم تثقون بنا الآن، بقدراتنا، بنوايانا الحسنة، برغبتنا في تقريب المسافات، بحرصنا على إكمال المسيرة المشتركة مستقبلاً، نأمل من الجميع استمرار هذا الزخم.

اضف تعليق