تسود في العراق حالة خوف وترقب من المستقبل القريب، وتسجل مؤشرات السعادة والرضا مستويات متدنية جدا، ويعيش الرأي العام العراقي حالة انقسام وخصام وسجالات على مدار الساعة، بعضها يعود في جذوره الى مزاج سياسي تشكل على امتداد التاريخ، مطبوعا بطابع الاختلاف والتعدد، ينتهي غالبا الى صراع عنيف او مضمر...
تسود في العراق حالة خوف وترقب من المستقبل القريب، وتسجل مؤشرات السعادة والرضا مستويات متدنية جدا، ويعيش الرأي العام العراقي حالة انقسام وخصام وسجالات على مدار الساعة، بعضها يعود في جذوره الى مزاج سياسي تشكل على امتداد التاريخ، مطبوعا بطابع الاختلاف والتعدد، ينتهي غالبا الى صراع عنيف او مضمر بين سلطة قاهرة ومعارضة مقهورة.
عاش العراق بعدها عهوداً فرضت فيها الاحزاب السياسية خطابها المؤدلج على الشارع بقوة السلطة وامتلاك وسائل الاعلام وأساليب السيطرة على الفضاء العام، ثم دخل العراق في عهود الظلامية البعثية والاختناق بالرأي الى حد الشيزوفرينيا واخلاق الاذعان والامتثال والمسايرة (1968 - 2003)، لينفلت الحال بعد سقوط النظام وتظهر جميع المكبوتات مرة واحدة، فما من خطوط حمر ولا مسؤولية اجتماعية ولا رقابة ذاتية تمنع من التعبير عن الذات الطائفية او القومية او الحزبية في فضاء مفتوح وليبرالي زائدا عن حدوده، زادته الصراعات على السلطة، والارهاب ثم العنف، والمزايدة السياسية والاستقطاب والفساد، واخيرا المحاصصة والتدخلات الاجنبية والمال السياسي.
في حمأة هذا الاستقطاب اليومي والذي شهدنا ابرز تمثلاته بالحوادث الإرهابية المتكررة بين الحين والآخر، يتوقع ان ينام العراقيون على قنبلة كلامية ليصحوا على متفجرة اعلامية، فكل خبر او تغريدة او صورة باتت مدخلا لتعبئة اعلامية مخططة، وتمارس غرف اعلامية وسياسية محترفة ادارة الرأي العام عبر التذكير المستمر بـ(مفاتيح) شعورية ومكبوتات وغرائز، لصياغة خطاب مسطح ينجح في اثارة مشاعر (العامة)، ويطمس معالم التفكير المغاير بالقضايا الجوهرية التي تشغل بال الانسان العراقي.
فمايقلق العراقيين حاليا هو مستويات المعيشة ونوعية الخدمات، والامن اليومي وادارة موارد البلاد والعيش بسلام، وربما يفكر المواطن العادي بمرتبة اعلى، فيحاول ان يحدد لنفسه رأيا مبكرا بالانتخابات، فيجد نفسه بين خيارين (تشريني) أو مضاد للتشرينيين، ديني أو علماني، اميركي او ايراني، والحال ان منطق الثنائيات هذه لن يقود الى انتخابات تكون مفيدة لعبور الازمات أو لاصلاح احوال البلاد جزئيا فليس هناك من يطمع بأكثر من اصلاح جزئي.
لكن حتى هذه الانتخابات ستصبح مورد نزاع في تفاصيل تفاصيلها، من قبيل لماذا نستعين بالامم المتحدة لمراقبة الانتخابات؟ ولماذا نسمح بتدخل الأخرين في ترتيب شؤوننا السياسية؟ السنا راشدين حتى نطلب ترشيد حياتنا السياسية وشؤننا السلطوية؟، وبالمقابل سترى من يركز على السلاح المنفلت، واحتمالات التزوير، والتلاعب والتخويف والضغط على الناخبين، والتلاعب بمشاعرهم وقرارهم باساليب القهر الدعائي والتحشيد المنطلق من الهويات والغرائز.
اضف تعليق