q
ما وجه المقارنة بين بطاقة الناخب في افغانستان، وبين مثيلتها في العراق؟، في العراق ننتظر ان تجري الانتخابات البرلمانية في الثاني عشر من شهر آيار القادم، وفي افغانستان ينتظر الشعب الافغاني إجراء انتخابات مماثلة في العشرين من تشرين الاول القادم، بيد أن الفارق يبدو كبيراً عندما تتكدس في العراق آلاف البطاقات في المراكز الانتخابية طيلة أشهر من الزمن...

ما وجه المقارنة بين بطاقة الناخب في افغانستان، وبين مثيلتها في العراق؟، في العراق ننتظر ان تجري الانتخابات البرلمانية في الثاني عشر من شهر آيار القادم، وفي افغانستان ينتظر الشعب الافغاني إجراء انتخابات مماثلة في العشرين من تشرين الاول القادم، بيد أن الفارق يبدو كبيراً عندما تتكدس في العراق آلاف البطاقات في المراكز الانتخابية طيلة أشهر من الزمن، وهي تعود لمواطنين لم يتجشموا عناء الذهاب الى هذه المراكز لاستلامها، وهذا ما لاحظته في الدورة السابقة، ولاحظته هذه الايام ايضاً.

أما في افغانستان؛ هذا البلد البعيد عن الأضواء والتجاذبات الاقليمية والدولية قياساً بالعراق، فان الرجال والنساء ومعهم عدد من الاطفال يقفون في طوابير أمام المراكز الانتخابية لاستلام بطاقاتهم الانتخابية ليشاركوا في الانتخابات البرلمانية ويختاروا ممثليهم في مجلس النواب.

وبالرغم من أن الانتخابات البرلمانية في افغانستان يفترض ان تقام عام 2015، وقد تأجلت عدة مرات بسبب الظروف الامنية القاهرة هناك، ولكن؛ يبدو ان الشعب الافغاني مصرٌ على المضي في طريقه لتحقيق هدفه بأن يرى وجوده في النظام السياسي، ولن يكون مثل السابق مجرد أدوات بيد الجماعات المتطرفة والمليشيات الرخيصة، وهذا يتأكد لنا اكثر عند المواطنين الشيعة المتوزعين في مناطق عدة من البلاد، ومنها؛ العاصمة كابول، ولعل اختيار تنظيم داعش هذا المركز الانتخابي في كابول لاستهداف الشيعة فيه، يكون دليلاً على خشية هذا التنظيم ومن يقف خلفه من هذا الإصرار على تمثيل شيعي قوي في الديمقراطية الفتية في افغانستان.

تعتقد الجهات التي تقف خلف الاعمال الارهابية والدموية أن العنف هو الوسيلة الوحيدة لمحاولة إبعاد شيعة افغانستان عن المشاركة الكبيرة في الانتخابات البرلمانية، وتكريس المزيد من مشاعر اليأس والاحباط في النفوس لما هو موجود بسبب حالات الفساد في الجهاز الاداري والازمات الاقتصادية التي تواجهها افغانستان.

وقد تبادلت كلٌ من الحكومة الافغانية والاطراف الغربية المعنية، بإلقاء اللوم على الآخر في استمرار وجود الجماعات الارهابية وقيامها بأعمال العنف الدموية بكل سهولة، ففي الوقت الذي ادّعى المندوب الاميركي الخاص بمشروع إعمار افغانستان في المؤتمر السنوي للاتحاد الاوربي لمكافحة الفساد في افغانستان، تحت عنوان: "مكافحة الفساد، تحقيق السلام" بأن "عجز الحكومة الافغانية عن محاربة الفساد يلقي بظلاله على جهود إحلال السلام في هذا البلد"، أكد الرئيس الافغاني في كلمة له في المؤتمر على خطواته المتقدمة لمكافحة الفساد وتحقيق إصلاحات عدّة في حكومته، بيد أنه اردف للحاضرين في المؤتمر من سفراء وممثلين منظمات دولية، بأن "ثلث الشعب الافغاني يبيت ليلاً وهو جائع، مما يلزم مكافحة الفساد مع مكافحة الفقر ايضاً"، في اشارة واضحة الى مسؤولية المجتمع الدولي لمساعدة بلاده اقتصادياً.

بيد أن هذا المسؤول الاميركي وغيره من الشخصيات الغربية المعنية بالوضع في هذا البلد، يغضّون الطرف عن وجود الجماعات التكفيرية المسلحة، وتحديداً داعش، والتي ثبت بالأدلة رعيتها من قبل الدوائر المخابراتية الاميركية، هي العامل الاكبر في استمرار العنف والدموية في افغانستان، كما هو الحال في بلاد اسلامية اخرى تسعى للتحول من الديكتاتورية والفساد والتخلف، الى الديمقراطية والشفافية والتطور، فمن خلال الافكار المتطرفة والتعبئة العقائدية المضللة تتمكن من القيام بأي عمل مهما كان دموياً وبعيداً عن الانسانية.

في ظل اوضاع سياسية واقتصادية معقدة في افغانستان، نلاحظ الاصرار على الحضور والمشاركة في التجربة الديمقراطية، لاسيما في اوساط المواطنين الشيعة، فحسب وزارة العدل الافغانية يوجد لديها 74 حزباً سياسياً مسجلاً بشكل رسمي، من بين هذه الاحزاب يمكن ملاحظة حزب رئيسي واحد، وهو حزب الوحدة الاسلامية، بزعامة عبد الكريم خليلي، الذي يُعد من الاحزاب السياسية ذات التاريخ الجهادي والقاعدة الجماهيرية الواسعة.

ولكن؛ عودة سريعة الى الساحة العراقية وملاحظة الاجواء الانتخابية فيها، نجد مساعي مماثلة لابعاد الناخبين عن صناديق الاقتراع، ليس بالعنف والاحزمة الناسفة، وإنما بالحرب النفسية، وإشاعة الاكاذيب واختلاق الفضائح وبلغ الامر حتى في تفسير بعض المصطلحات التي تتخذها بعض القوائم الانتخابية شعاراً لها بأنها تعني باللغة الهندية "الحمار"! ونشر مقاطع صوتية او تصويرية تثبت حالات بيع بطاقات الناخبين الى احزاب سياسية لقاء مبالغ معينة، كل ذلك وغيره، الهدف منه إبعاد الناس، ونخصّ بالذكر الاكثرية الشيعية في الوسط والجنوب عن الاقتراب من مراكز الاقتراع، وقبل ذلك؛ الاقتراب من المراكز الانتخابية واستلام بطاقاتهم المعدّة لهم سلفاً، وقد نجحت الخطة أيّما نجاح، فقد تكدست آلاف البطاقات في المراكز الانتخابية، وإن جاء أحد لاستلام بطاقته فانه سيضعه جانباً ولن يقترب من صندوق الاقتراع، حتى "لا يكون مشاركاً في صعود هذا الفساد او ذاك" كما يروج لذلك الكثير عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

اضف تعليق