q
ملفات - عاشوراء

مدخلُ الحُسينِ السِّبط (ع)

عْاشُورْاءُ السَّنَةُ العاشِرَةُ (٧)

مثلَ هَذِهِ النَّماذج تقودُكَ إِلى الهلاكِ أَو لا أَقلِّ إِلى الفَشلِ في الدُّنيا والذي يُبعِدُكَ عن مرضاةِ الله في الآخِرة. كيفَ تطمعُ أَن يحشُركَ الله تعالى معَ الحُسينِ السِّبط (ع) في الآخِرة وأَنتَ تسيرُ على نهجِ يزيدٍ في الدُّنيا؟!. يتصوَّر البعض أَنَّ تأييدهِ لظالمٍ أَو فاسدٍ يتصدَّى للشَّأنِ العام...

قَولُ الحُسينِ السِّبط (ع) {كانَ حقّاً على اللهِ أَن يُدخِلهُ مَدخلهُ}.

إِن صحَّ ما قيلَ من أَنَّ [المرءُ على دينِ خليلهِ] فالصَّحيحُ كذلكَ بأَنَّهُ [معَ خليلهِ] يرِدُ معهُ ما يرِد ويتجنَّبُ ما يتجنَّب.

يقولُ تعالى {يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ ۖ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولَٰئِكَ يَقْرَءُونَ كِتَابَهُمْ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا}.

ويقولُ حفيدُ رسولِ الله (ص) الإِمام مُحمَّد الجَواد (ع) {مَن أَصغى إِلى ناطقٍ فقد عبدهُ فإِن كانَ ينطِقُ عنِ الله فقَد عبدَ الله وإِن كانَ ينطِقُ عنِ الشَّيطانِ فقَد عبدَ الشَّيطان}.

فما بالُكَ إِذا اقتفى أَثرهُ وأَيَّدَ وصفَّقَ لفعلهِ؟!.

ولقد تحدَّثَ القرآن الكريم عن جماعاتٍ حشرهُم الله تعالى معَ [زعاماتٍ] في نارِ جهنَّم لأَنَّهم كانُوا يتَّبعونهَم، ظنّاً منهُم بأَنَّ مُجرَّد [إِتِّباع] شَخص لآخر ليسَ لهُ معنى أَو ذات مغزى أَو ليسَ لهُ تأثيرٌ على خواتيمِ الأُمورِ ونهاياتِ الحياةِ، يقولُ تعالى {وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَٰلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ}.

هذا يعني أَنَّهُ لا مفرَّ مِن أَن يلقى المرءُ مصيرَ خليلهِ لأَنَّهُ يتأَثَّر بهِ ويُكثِّر سوادهُ وهوَ مُضطَرٌ لتصديقِ فعلهِ وقَولهِ ونهجِ سلوكهِ، ولذلكَ ينبغي الحذرَ عندما نُريدُ أَن نختارَ الخليل خاصَّةً على مُستوى الشَّأن العام.

فلقد أَوصى أَميرُ المُؤمنِينَ (ع) ولدهُ الحَسن السِّبط (ع) يحذِّرهُ التماسَّ معَ نماذِجَ تافهةٍ في المُجتمعِ منها أَربعةٌ كما يذكرهُم (ع) وهُم {يَا بُنَيَّ، إِيَّاكَ ومُصَادَقَةَ الأَحْمَقِ فَإِنَّه يُرِيدُ أَنْ يَنْفَعَكَ فَيَضُرَّكَ، وإِيَّاكَ ومُصَادَقَةَ الْبَخِيلِ فَإِنَّه يَقْعُدُ عَنْكَ أَحْوَجَ مَا تَكُونُ إِلَيْه، وإِيَّاكَ ومُصَادَقَةَ الْفَاجِرِ فَإِنَّه يَبِيعُكَ بِالتَّافِه، وإِيَّاكَ ومُصَادَقَةَ الْكَذَّابِ فَإِنَّه كَالسَّرَابِ يُقَرِّبُ عَلَيْكَ الْبَعِيدَ ويُبَعِّدُ عَلَيْكَ الْقَرِيبَ}.

إِنَّ مثلَ هَذِهِ النَّماذج تقودُكَ إِلى الهلاكِ أَو لا أَقلِّ إِلى الفَشلِ في الدُّنيا والذي يُبعِدُكَ عن مرضاةِ الله في الآخِرة.

كيفَ تطمعُ أَن يحشُركَ الله تعالى معَ الحُسينِ السِّبط (ع) في الآخِرة وأَنتَ تسيرُ على نهجِ يزيدٍ في الدُّنيا؟!.

إِنَّ الذين يتعاملُونَ بعقليَّةِ [حشرٌ معَ الناسِ عيدٌ] و [الأَمرُ الواقِع] و [اليَدُ التي لا تستطيع أَن تقطعها قبِّلها] و [كُلُّ مَن تزوَّجَ أُمَّي فهوَ عمِّي] و [إِستفِد من الفاسِد اليَوم، وغداً الله كريم] و[إِبتعِد عن الشرِّ وغنِّي لهُ] لا ينبغي أَن ينتظِرُونَ بأَنَّ الله تعالى سيُدخلهُم مدخلَ الحُسين السِّبط(ع) يومَ القيامة! لأَنَّهُ (ع) لم يتعامل بهذهِ العقليَّةِ أَبداً ولو كانَ قد فعلَ لما رفضَ البيعةَ للطَّاغيةِ يزيد على اعتبار أَنَّها أَمرٌ واقعٌ! ولما تركَ مدينةَ جدِّهِ (ص) المدينةُ المُنوَّرة او مكَّةَ المُكرَّمة وهو عامها أَميرُ الحاجِّ على اعتبارِ أَنَّ الحشرَ مع النَّاسِ عيدٌ وهوَ يرى الأُمَّةَ خاضِعةٌ مُستسلِمةٌ خانعةٌ!.

تعالُوا نقرأَ القصَّة التَّالية التي أَوردَها الكافِي في كتابهِ؛

عليُّ بن مُحمَّد بن بندار عن إِبراهيم بن إِسحاق عن عبدِ الله بن حَماد عن عليِّ بن أبَي حمزةَ قال؛ كانَ لي صديقٌ مِن كُتَّابِ بني أُميَّة فقالَ لي؛ إِستأذِن لي عندَ أَبي عبدِ الله (ع) فاستأذنتُ لهُ عليهِ فأَذِنَ لهُ، فلمَّا أَن دخلَ سلَّمَ وجلسَ ثمَّ قالَ؛ جُعِلتُ فداكَ إِنِّي كُنتُ في ديوانِ هؤُلاءِ القَوم فأَصبتُ من دُنياهُم مالاً كثيراً وأَغمضتُ في مطالبهِ! فقالَ أَبو عبدِ الله (ع)؛ لولا أَنَّ بني أُميَّة وجدُوا مَن يكتُبَ لهُم ويَجبي لهمُ الفَيءَ ويُقاتلَ عنهُم ويشهدَ جماعتهُم لما سلبُونا حقَّنا ولو تركهُم النَّاس وما في أَيديهِم ما وجدُوا شيئاً إِلَّا ما وقعَ في أَيديهِم، قالَ، فقالَ الفَتى؛ جُعِلتُ فداكَ فهَل لي مخرجٌ منهُ؟! قالَ (ع)؛ إِن قلتُ لكَ تفعَل؟! قالَ؛ أَفعلُ، قالَ لهُ الإِمام (ع)؛ فاخرُج مِن جميعِ ما اكتسبتَ في ديوانهِم فمَن عرِفتَ منهُم رددتَ عليهِ مالَهُ ومَن لم تعرِف تصدَّقتَ بهِ وأَنا أَضمنُ لكَ على اللهِ عزَّ وجلَّ الجنَّة! قالَ؛ فأَطرقَ الفتى رأَسهُ طويلاً ثمَّ قالَ؛ قد فعلتُ جعلتُ فِداك، قالَ إِبنُ أَبي حمزةَ؛ فرجعَ الفتى معَنا إِلى الكوفةِ فما تركَ شيئاً على وجهِ الأَرضِ إِلَّا خرجَ منهُ حتَّى ثيابهُ التي كانَت على بدنهِ، قالَ؛ فقسَّمتُ لهُ قِسمةً واشترَينا لهُ ثياباً وبعثنا إِليهِ بنفقةٍ، قالَ؛ فما أتَى عليهِ إِلَّا أَشهُرَ قلائِل حتَّى مرضَ فكُنَّا نعودهُ، قالَ؛ قد خلتُ عليهِ يوماً وهوَ في سكَراتِ المَوتِ قالَ؛ ففتحَ عينَيهِ ثمَّ قالَ لي؛ يا علي وفى لي والله صاحبكَ، قالَ؛ ثمَّ ماتَ فتولَّينا أَمرهُ فخرجتُ حتَّى دخلتُ على أَبي عبدِ الله (ع) فلمَّا نظرَ إِليَّ قالَ؛ يا علي وفَينا والله لصاحبِكَ، قال؛ فقلتُ؛

صدقتَ جُعِلتُ فداكَ هكذا والله قالَ لي عندَ مَوتهِ.

والآن؛ أَنت أَيُّها المِهوال، هل ستستمِر في الهتافِ للزَّعيمِ الفاسدِ ثُمَّ تنتظِر أَن يُدخِلكَ الله تعالى مدخلُ الحُسينِ السِّبط (ع)؟!.

وأَنتَ أَيُّها المُواطن، هل ستستمِر تهتف بحياةِ السِّياسي الفاسِد والمسؤُول الفاشِل بذريعةِ الدينِ والمذهبِ والعشيرةِ، ثمَّ ترجو أَن يُدخلكَ الله تعالى مدخلَ الحُسينِ السِّبط (ع)؟!.

يتصوَّر البعض أَنَّ تأييدهِ لظالمٍ أَو فاسدٍ يتصدَّى للشَّأنِ العام أَمرٌ هيِّنٌ لا يرقى إِلى مُستوى الجرائمِ، فما قيمةُ قولِ نعم مَثلاً للفاسدِ أَو منحهِ الثِّقة يومَ الإِقتراع؟! هل تظنُّونَ أَنَّ الأَمرَ مُتوقِّفٌ عليَّ مثلاً فإِذا حجبتُ عنهُ الثِّقة سقطَ في الإِنتخاباتِ؟!.

تخيَّل أَنَّ مليونَ ناخبٍ يتستَّر خلفَ هذهِ الذَّريعة! فماذا ستكونُ النَّتيجة؟!.

إِنَّ هذهِ العقليَّة التَّافهة هي التي حكَمت المُجتمع زمن الحُسين السِّبط (ع) فكُلُّ مَن تخلَّى عن نُصرتهِ قالَ معَ نفسهِ [هيَ لم تقِف عليَّ] و [أَنَّ الأَمرَ لم يتوقَّف على نُصرتِي للإِمام]! والنَّتيجة أَنَّ الأُمَّة خذلتهُ ولم ينصُرهُ إِلَّا الثُّلَّة الطَّاهرة القليلة!.

في الجبهةِ المُقابلة قالَ الذينَ نصرُوا طاغيةَ الشَّام يزيد بن مُعاوية [لا أَظنُّها وقفت عليَّ] و [وما خطرِي على الحُسين وأَنا واحدٌ في جبهةِ الباطلِ]؟!.

أَمَّا القُرآن الكريم فيقُولُ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ ۖ لَا يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ ۚ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}.

فلَو أَنَّ كُلَّ واحدٍ تمسَّكَ بجَوهرِ هذه الآيةِ لما نزا على السُّلطةِ في البلادِ كُلَّ فاسدٍ وفاشلٍ لا يرعى حُرمةَ النَّاسِ وحقُوقهِم، ولو حدثَ وحصلَ ذلكَ فلا يدومُ الحالُ (٣٥) عاماً أَو (٢٠) عاماً.

فالحاكميَّةُ ستكُونُ في إِطارِ حديثِ رسولِ الله (ص) الذي ذكرهُ الحُسينُ السِّبط(ع) {مَنْ رأَى مِنكُم سُلطانًا جائِراً مُستحِلًّا لحرامِ الله ناكِثاً لعهدِ الله مُخالِفاً لسُنَّةِ رسولِ الله يعمَلُ في عبادِ اللهِ بالإِثمِ والعُدوان ثُمَّ لَم يُغيِّر بقَولٍ ولا فِعلٍ كانَ حقّاً على اللهِ أَن يُدخِلهُ مَدْخلهُ}.

اضف تعليق