ما هو التطرف؟ ومن هم المتطرفون؟ سؤال غائب رغم توافر الإجابات الكثيرة له، فهناك من يطلقون كلمات المتطرف على هذا الشخص او ذاك، لكن عند التدقيق في الامر تجد ان الشخص المتطرف في نظر شخص ما هو وطني في رأي شخص اخر، وقد يعتبره البعض عنصريا...

ما هو التطرف؟ ومن هم المتطرفون؟ سؤال غائب رغم توافر الإجابات الكثيرة له، فهناك من يطلقون كلمات المتطرف على هذا الشخص او ذاك، لكن عند التدقيق في الامر تجد ان الشخص المتطرف في نظر شخص ما هو وطني في رأي شخص اخر، وقد يعتبره البعض عنصريا بينما يراه الاخر منفتحا ومحبا للحوار.

تُرى من يشك في ان الإسلام دين الاعتدال، فتعاليمه مبنية على الحب والتعامل الحسن بين الناس، هو جاء لينظم العلاقات المتشنجة بين الافراد خلال فترة ظهوره، وايات القرآن الكريم واحاديث الرسول محمد (ص) مليئة بكلام جميل في هذا السياق.

لكن اذا ذهبت للغرب او الشرق فمن يشك ولو قليلا بان الإسلام هو المتسبب في حوادث القتل التي يتسبب بها افراد مسلمون في جميع انحاء العالم، حتى باتت عبارة الإرهاب ملاصقة للاسلام وعلى لسان اكبر الشخصيات العالمية.

ربما تكون كلمة التطرف الصقت بالإسلام لانه يمثل الديانة الأضعف من بين الديانات السماوية، فلا دولة كبرى ترعاه، ولا أسلحة نووية لديه ولا وسائل اعلام كبرى يمكنها تبرير حوادث القتل التي يقوم بها افراد مسلمون، فالحقيقة ان التطرف اذا ما تم قياسه بالافعال العنيفة فحروب المسلمين هي الأقل تدميرا على مدى القرنين الماضي والحالي، اما اذا تم قياسه بالتشريعات فتعاليمه هي الأقل تطرفا بين الديانات السماوية او حتى التشريعات الوضعية، الا ان الصراع الدولي هو الذي حاول ابراز الإسلام بصورة الديانة الأكثر عنفا وتطرفا من اجل تحقيق اهداف سياسية على حضارة تعيش حالة ضعف وانحطاط.

صناعة العدو المتطرف

أمريكا هي التي سوقت لفكرة التطرف الإسلامي بعد احداث الحادي عشر من سبتمبر، من اجل شن حروبها وتنفيذ سياستها للسيطرة على العالم بحجة الحرب على الإرهاب، اذ لا يمكنها احتلال الدول دون إيجاد مبرر لها، وفكرة الصاق الإرهاب بالمسلمين مفيدة لتحقيق هذا الهدف.

الولايات فيها نظام قضائي هو من بين الأفضل في العالم، وفيها نظام تشريعي عريق لا تنافسه الا الدول الاوربية الحليفة للولايات المتحدة، كما ان نظامها الاقتصادي قائم على الرأسمالية التي تتيح للجميع التنافس والحصول على فرص النجاح.

لكن الوجه المتطرف للولايات المتحدة الامريكية يأتي من كونها الدولة الأولى من حيث الميزانية العسكرية، والتي انعكست على أنشطتها العسكرية، اذ تعتبر الدولة الأولى في العالم التي تتدخل في شؤون الدول الأخرى متى شاءت، وتدمر الدول متى رأت ذلك يهدد مصالحها بغض النظر عن أي قضايا أخلاقية، او مراعاة للقوانين والأعراف الدولية.

من حرب إبادة الهنود الحمر الى العنصرية ضد السود والنساء، الى حروبها الخارجية، وهذه الأخيرة هي الأكثر فتكا وتدميرا للبشرية، اذ ان أمريكا هي الدولة الوحيدة التي استخدمت القنبلة النووية لابادة مدن كاملة في كل من هيروشيما وناغازاكاي اليابانيين خلال الحرب العالمية الثانية، وبررت ذلك بانه سوف يحقق السلام العالمي، لتستمر الذريعة الى يومنا هذا، فكل حروب واشنطن تشن باسم السلام للعالم.

التطرف من اجل سعادة البشرية

حروب تدميرية شنتها أمريكا باسم مواجهة المد الشيوعي، وأوقفت العالم لعقود من التوتر والخوف، دعمت إسرائيل في حروبها لابادة الشعب الفلسطيني، ومزقت كوريا الى دولتين شمالية وجنوبية، وحاولت الاستيلاء على فيتنام لكنها هزمت، عادت الى العراق لتدمره بحرب استعادة الكويت وفرض حصال مميت تسبب بمجاعة كبرى للشعب العراقي، وبعدها جاء الغزو للعراق 2003 وتهديم كل بناه التحتية والمؤسسات، وفتح الدوائر الرسمية لعمليات النهم والسلب.

وامثلة التدمير الامريكية تتسع لتاخذ الصومال وأفغانستان وليبيا وسوريا وايران، والبلدان التي لا تدور في الفلك الأمريكي، في المقابل توفر واشنطن كل الدعم والحماية لاكثر الأنظمة شمولية، بحجة حماية مصالحها.

المشكلة ان هذا الاقتران الشرطي لدى الجمهور بين انسانية الولايات المتحدة جعل من الصعب توجيه نقد واقعي لها، بينما يمكنك كيل اطنان من الاتهامات الصحيحة والباطلة ضد البلاد الاسلامية دون ان يعترض احد يحترم عقله، فيمرر كل الاكاذيب على نفسه.

طبعا لا ننسى ان هناك كما هائلا من المشكلات في البلدان الاسلامية لكن هناك اضعاف هذه المشكلات في الدول غير الإسلامية، وخاصة الولايات المتحدة الامريكية، وبالتالي علينا ان لا نكون مثل كلاب بافلوف التي ضحك عليها بالطعام لمدة معينة ثم تركها مع صوت الجرس دون أي قطعة لحم.

التطرف كان النتيجة الحتمية لغياب حكم القيمة وانتشار حكم المصلحة او (المصالح المتبادلة، الكليشة الجاهزة لأي زعيم سياسي في العالم)، ورغم ان التطرف ارتبط اعلاميا بالمسلمين والبلدان الضعيفة الا حقيقته تقول بغير ذلك، فالتطرف هو تبني حلول عنيفة مثل الحروب التدميرية التي تقوم بها الولايات المتحدة الامريكية والدول التي تسبح في فلكها والتاريخ على ذلك شهيد.

اضف تعليق


التعليقات

محمد علي
العراق
قرأت حتى الكلمة الاخيرة ولم أجد الحد الفاصل بين التطرف والاعتدال، للأسف، ربما العنوان الأنسب لفكرة المقال: من هو المتطرف الحقيقي؟ مثلاً، او حتى لانكون مثل كلاب بافلوف..!! لمزيد من الاثارة، مع الشكر والتقدير للاخ الكاتب العزيز.2019-02-24
الكاتب الأديب جمال بركات
مصر
أحبائي
التطرف موجود حتى في تشجيع الألعاب الرياضية
هناك ضعاف نفوس يجدون في ذلك تحقيق ذات وتبني قضية
وهناك أسوياء يغرر بهم بواسطة محترفين يضلونهم بأدلة دينية وهمية
ويجرونهم من طريق الخير والصواب الى طريق الشر وقتل الناس بقنابل زمنية
أحبائي
دعوة محبة
أدعو سيادتكم الى حسن الحديث وآدابه.....واحترام بعضنا البعض
ونشر ثقافة الحب والخير والجمال والتسامح والعطاء بيننا في الأرض
جمال بركات....مركز ثقافة الالفية الثالثة2019-02-24