العهد العلوي والميكافيلية الغربية

قراءةٌ في الأسلوب والأفكار.. دراسةٌ مقارنة

ومن خلال الموازنة بين النصين نرى إنَّ الأنانية تختفي في نص كتاب (العهد) والإيثار يبدو واضحاً جلياً فيه، والتضحية من أجل اسعاد الرعيّة غير مُبطنة في النص، بينما الاستئثار في نص كتاب (الأمير) واضحاً، والوفاء للأمير فقط دون الرعيّة وهذا من باب تمليك الرقاب بيد الأمير. ودلالة نص العهد...

بسم الله الرحمن الرحيم

 

المُقدِمة

الصلاة والسلام على خير الأنبياء والمرسلين حبيب إله العالمين محمد بن عبد الله وعلى آله الطيبين الطاهرين

وبعد...

بالإطلاع على كتابين يربطهما إطارٌ موضوعيٌ واحد، فأول ما يتبادر الى الذهن هو أن يجعل بين الكتابين خطاً مستقيماً واحداً ليضع يده على نقاط الاتصال بينهما واحدى الدراسات التي تتبادر إلى ذهنه هي دراسة المقارنة وهذا يستلزم في الباحث أن تتوافر فيه مجموعة من الشروط كي تكون أسس الموازنة صحيحة، منها: أن تكون لغة الكتابين مختلفة، والباحث يعرفُ اللغتين، وإن يكون الكتابان قد كُتبا بجيلين مختلفين، وكذلك أن يكون الباحث متجرداً من عواطفهِ ما أمكنهُ ذلك، وبحثنا هذا قد شمل على جميع شروط المقارنة لكنَّنا لا نملك إلا لغة كتاب واحدٌ منهما ألا وهو كتاب العهد الذي كتبه الإمام علي بن ابي طالب (عليه السلام) لعامله مالك بن الحارث الأشتر النخعي الكوفي، وكتاب الأمير الذي كتبه نيقولا ميكافيلي يحمل اللغة الرومانية، فاعتمدنا منه النسخة المترجمة التي هي من اعداد وتقديم الدكتور الحسيني معَّدي المطبوع في القاهرة، فشرعنا بدراسته على ضوء الموازنة لا المقارنة وأهم الكتب التي اعتمدنا عليها هو (مالك الأشتر وعهد الأمام علي (عليه السلام) لعباس الموسوي ونهج البلاغة لأمير المؤمنين (عليه السلام) وكتاب الأمير لميكافيلي وكتاب الموازنة بين الشعراء لزكي مبارك، ودرسنا فيه على ضوء الموازنة عدة أمور:

فجاء البحث بتمهيد وثلاثة مباحث وخلاصة للبحث وهي الخاتمة.

فدرسنا في التمهيد: (العهد والأمير) في اللغة والاصطلاح، وشيء من حياة الكاتبين، وكذلك الموازنة في اللغة والاصطلاح.

ودرسنا في المبحث الأول: موضوع الكتابين وكيفية الاختيار للأمراء.

ودرسنا في المبحث الثاني: الأسلوب المتبع في الكتابين على ضوء الموازنة.

وفي المبحث الثالث: كانت دراستنا حول الأفكار المشتركة والمتقابلة بين الكتابين، وقد قدمنا ما كان بوسعنا تقديمه فإن كان قد وصل إلى مرتبةٍ ترقى للقبول؛ فبتوفيقٍ من الله، وإن أخفقنا فمن عند أنفسنا لأننا نُخطئ ونُصيب. وآخر دعوانا أن الحمدُ للهِ ربَّ العالمين.

التـــــــمــهـــيد

العهد في اللغةً:ـ ((العَهْدُ كل ما عُوهِدَ اللَّهُ عليه، وكلُّ ما بين العبادِ من المواثِيقِ، فهو عَهْدٌ. وأَمْرُ اليتيم من العهدِ، وكذلك كلُّ ما أَمَرَ الله به في هذه الآيات ونَهى عنه))(1)، فهو الميثاق المعقود بين اثنين، إمَّا بين العبد وربه أو بين شخصين.

ومنه قول أمير المؤمنين (عليه السلام) ((عهد إليَّ النبي الأمي (صلى الله عليه وآله) أنه لا يُحبني إلا مؤمن ولا يبغضني إلا منافق))(2) أي أوصى إليَّ وكما يخرج معناه الى اليمين مثل قوله تعالى ((واوفوا بعهد اللهِ إذا عاهدتم))(3)، وولاية العهد جاءت من ذلك الميثاق الذي يلتزمه من ينوب عن الخليفة أو الولي ويجعله الخليفة في عُنق ولي عهده إيماناً منه في السير على منهجه وقد سُئل رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن العهد الذي عُهد اليه في علي (عليه السلام) أن يكون ولي عهده وقد بين (صلى الله عليه وآله) إمكانية أمير المؤمنين في تأدية ما عليه من ميثاق لما يمتلكه من عقل راجح وقوه جسمانية واحتواءه للأشياء والرعية (4)، فالعهد هو الميثاق في اللغة وهذا المعنى ملازم لكلمة العهد اينما وجدت ويمكن أن نقول: تعطي هذا المعنى أينما تقع من الكلام وإن تعددت السياقات.

العهد في الإصطلاح:-

لا يختلف المعنى الاصطلاحي عن اللغوي كثيراً غير ان في الاصطلاح يحمل دلالة توكيدية أعمق من الوصية فكلمة العهد بحروفها ذات المخرج الصوتي الشديد تدل على الشدة والقوة في الأداء، (فالعين) هي من الحروف الحلقية التي تولد من أقصى الحلق (والهاء) ابعد منها فهي هوائية شديدة وكذلك (الدال) مجهورة قوية، ونكاد نجزم في أنّ اختيار هذه الحروف –العين والهاء والدال– هي لتأدية المعنى بشدة والتأكيد على تأديته، وعند النطق بهذه الكلمة –عهد– يشعر المتكلم بضغط واضح في أدائها وهذا ما يقتضي الوفاء به.

الأمير في اللغة:-

على صيغة فعيل صفة مشبهة فهي توكيد لأسم الفاعل مع التقوية والمبالغة في المعنى مشتقة من الثلاثي (أمرَ)(5) بمعنى طَلَبَ تأدية واجب ما، فالأمر يستلزم ثنائية من (أمرٌ ومأمور).

وعلى هذا فالأمر ((طلب حصول الفعل من المخاطب على وجه الأستعلاء))(6)

الأمير في الإصطلاح:

 هو: الآمر المبالغ في تأدية امره، فهو الحاكم المسلط على أمور المسلمين من جميع الاتجاهات، فترجع جميع امور الدولة إليه ليحكمها أو يحكم فيها.

فالكتابان (العهد) و (الأمير) يحملان موضوعاً واحداً وهما بمثابة دستور يسير عليه الحاكم ومن خلاله ينظم اموره.

كاتب كتاب العهد:- هو أمير المؤمنين علي بن ابي طالب بن عبد المطلب وكفى.

المُرسَل إليه:- هو((مالك بن الحارث بن عبد يغوث بن مسلمة النخعي الكوفي المعروف بـ ((الأشتر))(7)، كان ((فارساً شجاعاً شهماً مقداماً رئيساً عالي النفس بعيد الهمَّة شاعراً فهيماً وكان من أخلص أصحاب الأمام علي (عليه السلام) ومن أشجع قواد جيشه وهب حياته للإسلام وأخلصَ لدينهِ كأعظم ما يكون الاخلاص))(8) وكان إذا ذُكر الشجعان في الكوفة يكون طليعة الفكر.

وعن ابن أبي الحديد يصف مالكاً يقول: ((كان شديدُ البأس جواداً رئيساً.. وكان يجمع بين اللين والعنف فيسطو في موضع السطو ويرفق في موضع الرفق))(9) قضى وطراً ليس بقليل ملازماً لأمير المؤمنين علي (عليه السلام) ملازمة الشيء لظلهِ؛ فهو الفقيه الورع الحليم الذي لا تأخذه في الله لومة لائم، خاض مع أمير المؤمنين علي (عليه السلام) معارك الناكثين – أصحاب الجمل ــ والقاسطين ــ أهل صفين ــ والمارقين ــ الخوارج ــ وكان من خُلص أصحابه، عهد إليه أمير المؤمنين (ع) بولاية مصر وقد كتب إليه كتاب العهد الذي هو قيد دراستنا ولما وصل إلى أطرافِ مصر كاد إليهِ عمرو بن العاص مكيدة فدسَّ إليهِ السمَّ سنة (36هـ) فقال فيه أمير المؤمنين (ع) قولتهُ المشهورة (رَحِمَ الله مالكاً فقد كان مني كما كنتُ لرسول الله (صلى الله عليه وآله)).

أمّا كاتب كتاب الأمير نيقولا ميكافيلي:- ((ولد في فلورنسا عام 1469م وكان والدهُ محامي في فلورنسا... فتلقى تعليمه المعتاد الذي يقدمُ لأولاد الطبقة البرجوازية الشريفة، تعلم اللغة اللاتينية، وأولع بالتاريخ الروماني))(10) حيث كان يمثل له التاريخ منهجاً يحتذيه ظناً منه أن كل حادثةٍ تحصل، لها مثيلٌ في التأريخ الروماني، في عام 1498م حصلَ على منصب أمين (للديتشى دلاجويرا) مجلس الحرب آنذاك وبقي فيه، فكانت لهُ حظوة في التجوال في القصور الملكية في فرنسا، كان يمتلك إرادةً قوية وفلسفةً أخلاقية كبيرة، أُرسل في بعثات كثيرة، وفي حادثةٍ ما؛ سنة 1512م سقطت جمهورية فلورنسا وتغيرت حياة ميكافيلي جذرياً فوقف في وجههم فاستولى جنود الحلف على فلورنسا وأُلقيَ القبضُ عليه ورُميَ في السجن، وبعد خروجهِ انتقل مع أسرتهِ الى بيت أهلهِ واتجه الى التأليف فأنتجت يداه مجموعة من الكتب الفكرية والفلسفية والسياسية حتى توفي عام 1527م (11).

الموازنة في اللغة:

هو من وَزَنَ يَزِنُ وزْناً و ((الوزن، ثقل شيء بشيء مثله … وزن الشيءَ إذا قدّره … الميزان: المقدار، والعِدل، ووازنَهُ: عادلَهُ وقابلَهُ)) (12) ((وزنت الشيء وزناً وزنة … ووازنت بين الشيئين موازنةً، ووِازناً)) (13)، ((ويوحي المعنى اللغوي إلى أنّ الموازنة هي المقابلة أو المعادلة بين شيئين لأغراض التقوى ما لم تّسم بالعدالة)) (14) فهو يعني معرفة الثقل من الخفَّة.

الموازنة في الإصطلاح/

هي أحد الفنون البلاغية و ((ليست الموازنة إلا ضرباً من ضروب النقد، يتميز بها الرديء من الجيد، وتظهر بها وجوه القوة والضعف في أساليب البيان: فهي تتطلب قوة في الأدب، وبصرا بمناحي العرب في التعبير)) (15). فــــ ((هي مقارنة المعاني بالمعاني ليعرف الراجح في النظم من المرجوح))(16). وهذا لا يبتعد عن المعنى اللغوي لمفهوم الوزن، فالموازنة توازن بين نصين لتبين ما هو ثقيل بالمعاني ممتلئ بالبلاغة، وما هو دون ذلك.

المبحث الأول

موضوع الكتابين وكيفية الاختيار للأمراء

لا يخفى على القارئ الكريم موضوع كتابين، هما أشهرُ من نار على علم في السياسةِ منذُ بدء الخليقة الى قيام الساعة، ولا تقوم أية دولة أو محافظة أو قضاء أو ناحية في المصطلح الحديث؛ من غير رئيس أو مدير حتى على مستوى الدائرة الضيقة، مثل المنطقة التي يرأسُها في أيامنا الحالية (المختار)، وأضيق من ذلك على مستوى الأسرة؛ فهناك مسؤول عنها يسمى ربُّ الأسرة، مسؤول عن إدارةِ شؤونها وإعانتها وإرشادها والبذل من أجلها والمحافظةِ عليها فلا سبيل لهُ إلا بها.

وهذهِ الإدارة تحتاج الى دستور يضع الأشياء في نصابها، وإعطاء كُلّ ذي حقٍ حقه، وتسيير أمور الدولة وفق نظام يختاره ذلك الدستور، إن كان من الله فيعمل الحاكم وفقاً لشريعة الله، فيأتمر بأوامره، وينتهي بنواهيه، ويلتزم بجميع مبادئهِ ويشح بنفسهِ عما حرم الله ويتبعُ الحق وإن كان به إجحافٌ لخاصتهِ أو لنفسهِ. وإن كان الدستور وضعي ــ كالدساتير الوضعية الحالية في جميع شعوب العالم بلا استثناء ــ فيحمل هذا الدستور تطبيقات، منها ما يضرُ المجتمع؛ لأن الواضع هو الأنسان غير الكامل لأن الكمال للهِ وحدهُ، فلا بُدَ من وجود ثغرات تقلبُ الأشياء رأساً على عقب، فيسودُ الظلم ويطمعُ المنافق بالحصول على المراتب العليا، وقد يحصل.

فالدستور ينظم العمل الحكومي والمجتمع ويوزع المهام كُلٌ حسب قدرتهِ وحسب احتياج الدولة لأفرادِ شعبها كي يؤدوا ما عليهم ويحصلوا على حقوقهم، فتحتاج الدولة إلى (الجند) للحفاظِ عليها والدفاعِ عنها ليكون اليد الضاربة للحاكم.

 وتحتاج الدولة الى القضاة (السلطة القضائية)، وهي من أهم السلطات التي لابد من وجودها في الدولة، لإقامة العدل واستتباب الأمن، ولولاها تصبح الدولة بحكم شريعةِ الغاب.

وتحتاج الشعوب الى (التجار) وهم رُفَّاد الدولة بالسلع المستوردة وتصدير سلعها الى الخارج مما يؤدي ذلك الى انتعاش خزينتها وتسيير أمورها لأنه ما لم تكُن في الدولة سيولةٌ نقدية لا يمكن لها أن تؤدي عملها.

وتحتاج الى طبقة (العمال) وهذه الطبقة من أهم طبقات المجتمع؛ إذ لولاهم لما تدوم الحياة في الدولة منهم من يشغل إداريات الدولة وانجاز أعمالها، ومنهم أصحاب الأعمال الحُرة القائمين على ربط المجتمع بالدولة.

فلإدارة المجتمع يجب ان يتحلى الحاكم بقدرة على إيجاد هذه المنظومة المتكاملة كي يبني دولة قوية مكتفية ذاتيِّا من جهة وتحسن التعامل مع الخارج من جهة أخرى.

وكل هذهِ الاحتياجات والأعمال تحتاجُ الى تنظيم مكتوب وقانون يُلزم الجميع تأدية واجبهم، وكتابانا ــ العهد والأمير ــ هما بمثابة الدستور الحكومي الذي ينظم سير عمل الدولة بكل مرافق حياتها بصورة عامة بغض النظر عن السلبيات أو الإيجابيات، فموضوعهما واحد من حيث المبدأ والأطر العامة والنظرةُ الشاملة لموضوعيهما، فهما دستور دولة.

وسوف نرى في موازنتنا لنصوص هذين الكتابين مدى تطابق الرؤى واختلافها، من حيث اختيار الولاة واختيار الحاشية ــ المقربين من الحاكم ــ واختيار القضاة، وعمل الرئيس وغيرها من الأمور إن شاء الله تعالى:-

1ــ اختيار المُصْلِح لقيادة الدولة:-

طبيعة الإنسان مجبولة على حُبَّ الخير وهذه فطرة تهواها النفوس وإن كانت ليس للخير فيها موطئ قدم، حتى الظالم ففي ذاته يُحبُ الخير لكن الشر فيه أكثر، فيكون منتصراً على الخير، والحكم إن وليَهُ مصلحٌ؛ الخير فيه أصيل يكون مدعاة لإصلاح المجتمع وقدوةٌ يُحتذى به، كما يهوى كل انسانٍ أن يحكمهُ عادلٌ مصلح بغض النظر عن دينهِ ومعتقدهِ.

واختيار المصلح نجدهُ في كتاب العهد واضح المعالم، واوصاف هذا الحاكم حيث أرسل الإمام علي (عليه السلام) كتاباً غير كتاب العهد، الى اهل مصر يُبين لهم صفات الحاكم وهو مالك الأشتر (رضوان الله عليه) وهذه الأوصاف المصلحة التي تتوافر في هذا الحاكم بقولهِ)): أمَّا بعد، فقد بعثتُ اليكم عبداً من عباد الله عز وجل، لا ينام أيام الخوف، ولا ينكل عن الأعداء ساعات الروع، أشدّ على الفجار من حريق النار، وهو مالك بن الحارث أخو مذحج... فإنه سيف من سيوف الله، لا كليل الظبة، ولا نابي الضريبة،... فأنَّه لا يُقدم ولا يحجم، ولا يؤخر ولا يُقدِّم الاّ عن أمري، وقد آثركم به على نفسي، لنصيحته لكم، وشدة شكيمتهُ على عدوكم))(17)

ورغم هذه الصفات التي يمتلكها مالك يرجع أمير المؤمنين (عليه السلام) ليؤكد عليه في عهدهِ بالإصلاح في قوله: ((ثم إعلم يا مالك إني قد وجهتُك إلى بلاد قد جرت عليها دول قبلك، من عدلٍ وجور وإنَّ الناس ينظرون من اموركَ في مثلِ ما كُنتَ تنظُرُ فيهِ من أمور الولاة قبلك ويقولون فيك ما كنتَ تقول فيهم، وإنما يُستدلُ على الصالحين بما يُجري الله لهم على السنِ عباده))(18). فيأمره (عليه السلام) ويؤكد عليه في الإصلاح وكلامه لأهل مصر يؤكد إنَّ مالكاً هو مصلح وقد آثر فيه الأمام (عليه السلام) لهم لحرصه على بلاد المسلمين وإصلاحها.

في حين إنَّ اختيار المصلح في كتاب الأمير يختلف عنه في كتاب العهد ففي كتاب العهد وجدنا أن الإمام علي (عليه السلام) يوصي مالكاً أن يكون خادماً للرعية وأن يصُّب جُلَّ اهتمامهِ وتفكيرهِ في أمور الرعية لا في نفسه وتأكيده (عليه السلام) على أنّ الله سبحانه هو الرقيب عليه والمنتصر لعباده منه.

ففي كتاب الأمير نجد مغايرة تامة عن ذلك؛ فهو يريد أنْ يكون القائد أو الوزير يُفكر في إرضاءِ أميره وليس له شأن في الرعيّة متناسياً واجبهُ الشرعي والأخلاقي والقانوني والعُرفي تجاه الناس وذلك في قولهِ: ((لكي يتسنى للأمير ان يعرف وزيراً فثمة هذه الطريقة التي لا تخفى ابداً عندما ترى الوزير يفكرُ في نفسهِ اكثر مما يفكرُ فيك ويبحث عن مصلحتهِ الخاصة في جميع أعماله فلن يكون مثل هذا الرجل وزيراً صالحاً... بل عليه ان يُفكر في الأمير بمفردهِ ولا يعبأ بأي شيء سوى ما يخص الأمير))(19).

ومن خلال الموازنة بين النصين نرى إنَّ الأنانية تختفي في نص كتاب (العهد) والإيثار يبدو واضحاً جلياً فيه، والتضحية من أجل اسعاد الرعيّة غير مُبطنة في النص، بينما الاستئثار في نص كتاب (الأمير) واضحاً، والوفاء للأمير فقط دون الرعيّة وهذا من باب تمليك الرقاب بيد الأمير.

 ودلالة النص الأول ــ نص العهد ــ واضحة المعالم من خلال التفاني في اسعاد الأخرين ــ الناس ــ وليس للأمير ــ الحاكم ــ أيَّة يدٍ بها، ومراقبة الناس له أثره في كتاب العهد في قولهِ ((ينظرون من أمورك)) فيجعل لنظرة الناس ـيقصد مراقبتهم ـ لحكم الحاكم اثراً يترتب عليهِ معاقبة ذلك الحاكم.

بينما نص كتاب الأمير لا يعير أيّةَ أهمية للناس وهذا واضحٌ في النص فضلاً عن البلاغةِ الرصينة الموجودة في كتاب العهد ويفتقر لها كتاب الأمير.

2ـ موقف الحاكم المصلح من الرعية:-

 الحاكم يُعَّدُ الأب الروحي لرعيته وكما يُقال إن (الناس على دينِ ملوكهم) فلذا يَجِبُ أن يقود الرعية من هو مصلحٌ لهم في دنياهم وآخرتهم وأن لا يحملهم على ما يرضيه ويُسخط الله (عز وجل) وأن يجازي الناس كُلاً حسب عمله كما يقول الشاعر عبد المسيح الأنطاكي(20)

لا تفتخر بعظـــامٍ يا أخي نَخِرَت --- إن كُنتَ تُنمى إلى ماضي تعاليها

فقيمُه المرءِ ما قد راحَ يُحسِنُه(21) --- فأنظر لِنفسكَ وأفخَر في مآتيهــا(22)

 فيجب إعطاء كل ذي حقٍ حقه، والحفاظ على جميع الناس من المنافقين والحمقى إذ ((لابُدَ من القول إنهُ كلما كثر عدد الحمقى كان سوق النفاق أكثر رواجاً، إن المبارزة مع الأحمق والحماقة مبارزة مع النفاق أيضاً، لأنَّ الأحمق آلة بيد المنافق إذ لا ريب في أن مكافحة الحماقة والحمقى تعتبر نزع سلاح المنافق وتركهِ أعزلاً))(23) ولقد قام أمير المؤمنين (عليه السلام) بإعداد منهاج شامل متكامل لواقع المجتمع آنذاك، وعَمِلَ على بناء المؤسسات اللازمة لتطبيق منهاجهِ فلم يؤثر فيه أحد ولم يقبل تضرع أو تملق شخص ما على حساب الحق(24) وهو القائل ((وأني لعالمٌ بما يصلحكم ويقيم اودكم))(25) وهذهِ المنظومة المرسومة من قبل العدالة الإلهية لرعيّتهِ وعبادهِ منظومةٌ متكاملةٌ تحتاج إلى المنفذ الحقيقي والمصلح الواعي المُلم بصغريات الأشياء وكُبرياتها ويحتوي الأمور بذهنهِ المتَّـقدِ بالعلمِ، وأن يعرف واجباتهُ تجاه الناس بغض النظر عن معتقداتهم وهذا ما نجدهُ جليَّاً في كتاب العهد إذ يقول (عليه السلام): ((وأشعر قلبك الرحمة للرعية والمحبة لهم واللطف بهم، ولا تكوننَّ عليهم سَبُعاً ضارياً تغتنم أُكُلهم، فإنهم صنفان: إما أخٌ لك في الدين، وإما نظيرٌ لك في الخلق، يفرط منهم الزلل، وتعرض لهم العلل، يؤتى على أيديهم في العمدِ والخطأ فأعطهم من عفوك وصفحك... فإنك فوقهم ووالي الأمر عليك فوقك والله فوق من ولاَّك)) (26) وهذا النص يكشف استيعاب الحاكم لرعيته بجميع طبقاتهم وأن يغضَ بصره عن أخطائهم البسيطة منبهاً لهم بالعلل والنصيحة كي لا يكونوا مدعاةً لتكرار العمل، ومنهاجاً لغيرهم للسير عليه، وعدم استعمال القسوة معهم، ورحمتهُ يجب أن تكون اكبر من غضبه.

 بينما نرى في كتاب الأمير نصاً تقابُلي مع نص كتاب العهد إذ يقول: تحت عنوان الرأفة والقسوة وهل من الخير أن تكون محبوباً ومهاباً: ((على الأمير ان لا يكترث بوصمهِ بتهمة القسوة إذا كان في ذلك ما يؤدي الى وحدة رعاياه وولائهم... هل من الخير ان تكون محبوباً او مهاباً؟ أن من الواجب ان يخافك الناس وان يحبوك، ولكن لمّا كان من اليسير ان تجمع بين الأمرين فإن من الأفضل ان يخافوك على ان يحبوك هذا إذا توجب عليك الاختيار بينهما، وقد يُقال عن الناس بصورة عامة إنهم ناكرون للجميل متقلبون مراؤون ميالون الى تجنب الأخطاء وشديدو الطمع وهم الى جانبك طالما انك تفيدهم فيبذلون لك دمائهم وحياتهم وأطفالهم))(27)، فهنا نرى إنَّ الحكم عقيم والحاكم لأجل كرسيه يُقتِّر على الرعيَّة ويمزق اجتماعاتهم ويقتل كل من يقف حائلاً أمام ملكهِ، فيعطي الحق للحاكم أن يستخدم جميع أنواع العنف للحفاظ على السلطة متناسياً أو واضعاً الأخلاق الإنسانية والعرفية والاجتماعية جانباً، فهو يؤسس الى منطق القوة، لا قوة المنطق وعند موازنتنا لهذين النصين نجد مايلي:-

أـ نص العهد يُجبر الحاكم أن يعامل الناس بالرحمةِ واللطف، ونص الأمير يعطي الخيار للحاكم أن يستعمل ما يراه مناسباً للحفاظ على كرسي حكمهِ مع تغليب منطق القوة.

ب ـ في نص العهد نرى منظومةً متكاملة لحقوق الانسان، ونص الأمير منصبٌ على الحفاظ على كرسي الأمير، وإن وصل ذلك الى موت الرعيَّة.

ج ـ كتاب العهد يوجب على الحاكم النظر لجميع الناس بعينٍ واحدة غاضَّاً بصرهُ عن أعراقهم وأشكالهم ودياناتهم ومذاهبهم، وفي نص الأمير نرى حملة شعواء على الطبقات الدنيا ووصفهم بـ (ناكرون للجميل متقلبون مراؤون... الخ). أي انَّه حكم عليهم حتى قبل أن يرتكبوا فعلا مخالف للأمير.

د ـ نص العهد يرسمُ من الحاكم ذلك الأب الرحيم العطوف الذي يغضُ بصرهُ عن زلات أولاده ويرشدهم الى الطريق الصحيح، ونص الأمير لأجل مآربه يجعل من الناس دروعاً بشرية يفتدي بهم آماله.

هـ ـ نص العهد يرسم مشهداً رأسياً لنظام الحكم ودائرة رقابة متكاملة من الوالي إلى الحاكم الفعلي الى الحاكم الكلي (الله سبحانه وتعالى)، ونص الأمير يجعل من هذه المنظومة واحدة لا تتجزأ وفيها حاكم واحد مُباح لهُ التصرف بجميع العباد دون رقيب، وهذهِ الصنمية التي تلبّست بجبّة الإله جعلت من جميع الناس عبيداً للحاكم.

فالفرقُ واضحٌ من خلال تفحصّ النصين وإبداء وجهة النظر المناسبة لكُلَّ نصٍ منهما، وإعادة قراءة النصين تُعطي لهذهِ الأدلة قوتها وحقيقتها.

المبحث الثاني

الإسلوب الفني في الكتابين في ضوء الموازنة

 في كلِّ عمل، نظري كان أم كتابي، أدبي كان أم علمي، هناك أسلوب لكتابته يكشف عن مدى إمكانية الكاتب والفكرة التي يريد أن يوصلها من خلال اسلوبٍ ما، يراه مناسباً لإداء فكرتهِ وتوصيلها الى المتلقي، لذلك قالوا [الأسلوب هو الرجل] فمن خلال الأسلوب تكون الفكرة سائغة للتلقي، وهو الذي يحدد ما اذا كانت الفكرة تحتاج الى كثير من الكلام أو قليل، إيجازٍ أم إطناب، لذا ظهر منهجٌ حديث باسم الأسلوبية وقالوا إن الأسلوب هو ((مجموعة الطاقات الإيحائية في الخطاب الأدبي))(28).

 فهو ((يرجع الى صورة ذهنية للتراكيب المنتظمة كُلياً باعتبار انطباقها على تركيب خاص وبذلك يصبح كالمظهر المادي لإنتاج الأديب والصلة بينه وبين المخاطبين))(29) فالكاتبُ يرسمُ فكره بأسلوبه، والأسلوب لا يمكن له الافصاح إلا من خلال أدوات لابُدَ له منها. فبها تظهر الفكرة جليّة وهذهِ الأساليب هي مداد لقلم الأسلوب، كالاستفهام، والأمر، والنهي، والنداء، والشرط، والتقديم والتأخير، وغيره، منها يتركب الكلام فيظهر الرجل بأسلوبه ’ فهو غير ثابت تبعاً لإحساسات الكاتب ــ شاعر او ناثر ــ وهدفهُ شد أسماع الآخرين إن كان إلقاءً، وشد أذهان القراء إن كان كتابةً، ليُكوُّن سلسلة متصلة من الأفكار لتكوين نصٍ ما، فيُعرف كلُ كاتبٍ بأسلوبهِ لكثرة استعماله في كتاباته (30) لِذا ترى اكثر الكُتَّاب بمجرد سماع نصوصهم يتبادر إلى الأذهان إنهُ لفلان من الناس دون غيره من خلال كثرة استعماله لأدوات أسلوبه الخاصة و((تُعد الأساليب والتراكيب من العناصر المهمة في البناء، وهي طريقة الأداء الخاصة التي يسلكها الأديب ويصوغ فيها افكاره لينقلها الى المتلقي بعبارةٍ لغوية يقصد بها الإيضاح والتأثير))(31) فبعد كلُ استقراء للنصوص المراد تبيان اسلوب الكاتب فيها؛ يتضح من خلالهِ مدى قدرة الكاتب إيصال فكرته، فلا يخلو نص أدبي كان أم توضيحي، شعر أو نثر؛ من هذه الأساليب البلاغية التي ينماز بها كل فن كتابي، وسنرى ذلك في الكتابين.

1ـ اسلوب الأستفهام:-

 ((هو طلب العلم بشيء لم يكن معلوماً من قبل))(32) فهو من الاساليب الطلبية الإنشائية التي تعملُ على بناء لغة الكاتب، وقد لجأ إليه أكثر الكُتاب من شعراء وناثرين في كتابة نصوصهم إبعاداً للمباشرة والتقريرية، فضلاً عن تأثيره في النفس(33).

 وللأستفهام عدة أدوات يُعرف بها، فمنها ما يكون إسماً ومنها ما يكون حرفاً فالأسماء هي [ما، من، ايُّ، كم، اين، كيف، متى، أَيانَ] والحروف هما [هل، الهمزة ](34) ونرى أسلوب الاستفهام يختفي بشكله الحقيقي ــ الذي يصحب الحروف ــ في نصوص العهد، يكاد يكون اختفاءً تاماً فلم نجد سوى استفهام واحد حيث يقول الأمام (عليه السلام): ((وقد سألت رسول الله (صلى الله عليه وآله) حيث وجهني إلى اليمن كيف اصلي بهم؟ فقال: صلِ بهم كصلاةِ أضعفهم وكُن بالمؤمنين رحيما))(35) وفي هذا الاستفهام تبدوا التقريرية واضحة لأنه أعلم الناس بعد رسول الله(صلى الله عليه وآله) بأمور دينهم، ((والمتمعن في سؤال الأمام علي (عليه السلام) لرسول الله(صلى الله عليه وآله) يقف عند قوله (أُصلي) فالإمام (عليه السلام) لا يطلبُ الفهم لنفسهِ وإنما يريد به تفهيم المخاطب))(36)وهذا يدل على إنّ الكتاب هو وثيقة لتنفيذ الأوامر وإرشاد الضالين وتعديل الأحكام الجائرة.

 في حين نرى في نصوص كتاب الأمير يشغل الاستفهام حيزاً واسعاً في ابواب الكتاب الـ (الستة والعشرين) حيث بلغ عدد الأسئلة فيه (ثلاثة وعشرون) سؤالاً ومنها ما يكون عنواناً لباب من أبواب الكتاب مثل: ((لماذا لم تثر مملكة داريوس وقد احتلها الأسكندر؟)) و ((كيف يجب قياس قوة كافة الإمارات؟)) و ((وكيف ينبغي الأمير ان يسلك لينال الشهرة؟)) و ((كيف يجب المفر من المتملقين؟)) و ((لماذا أضاع امراء ايطاليا ولاياتهم؟))(37)، فضلاً عن الأسئلة الداخلية وإجاباتها، وهذا الأسلوب ــ أسلوب كتاب الأمير ــ يدل على ان الكاتب يطرح المشكلات بأسلوب الإستفهام ثم يُجيب عليها مداخلاً بها الحلول التي يراها مناسبة من وجهة نظره.

 وحينما نوازن بين نصوص كتاب العهد ونصوص كتاب الأمير بأسلوب الاستفهام نرى: إنَّ كتاب العهد يضع اليد على المشكلة مباشرة ويجد حلها من خلال العقل والدين، فلا يرى بُدّاً للسؤال.

 لكن كتاب الأمير يرى مشكلات جميع الدول ويطرحها من خلال الاستفهام ثم يجد لها حلولاً بعقلية تعسفية تميل إلى الدكتاتورية فقط حفاظاً على العرش والحكم وإن كان ذلك على حساب العامة فهو يرى بمنظار ضيِّق؛ كيف يسيطر الحاكم لا كيف ينبغي أن يفعل الحاكم، وحتى استفهام كتاب العهد كان استفهاماً تقريرياً، فالسائل يعرف الجواب ولكن ليُعرِّف به الذين لا يعرفون، فكان سؤالهُ بـ (كيف) الحالية أي (على أيَّةِ حال) أصلي بهم؟

 في حين تشعبت وكثرت الأسئلة في كتاب الأمير؛ فتارة يسأل بكيف مثل ((كيف يمكن أن تُحكم ــ الجمهوريات ــ وأن تُصان)) وتارةً بـ (لماذا) مثل (لماذا لم تثر مملكة داريوس) وتارةً بـ(هل) مثل (هل للأمير مثل هذهِ الولاية...) وتارةً بـ (أيُ) مثل (أيُّ بابٍ يوصد بوجه هذا المحرر) الخ، والموازنة واضحة المعالم والدلالة بين النصَّين.

2ـ أسلوب الأمر:-

 وهو اسلوبٌ بلاغي من اساليب الإنشاء الطلبي ويكون ((طلب حصول الفعل من المخاطب على وجه الاستعلاء))(38) ويأتي على صيغٍ متعددة، منها: (فعل الامر) و(المضارع المجزوم بلام الأمر)، و (اسماء الأفعال)، (المصدر النائب عن فعل الامر)، ((ويتسم هذا الأسلوب بالقوةِ والحماس في نبرته الخطابية لأنَّهُ يستدعي مخاطباً يوجه إليه الامر)) (39)، وهذا الأسلوب نراه في كتاب العهد جليّاً واضحاً وبجميع أركانه وصيغة فمن:-

أـ فعل الأمر: نجد الكثير من أفعال الأمر في كتاب العهد منها في قولهِ (عليه السلام): ((وأشعر قلبك الرحمة للرعيَّة..))، ((فأعطهم من عفوك..))، ((انصف الله وانصف الناس من نفسك..))، ((اطلق من الناس عُقدة كُل حقد..))، ((إلصق بذوي المروءات والاحساب..))، ((فأنظر في ذلك نظراً بليغاً..))، ((إختر للحُكم بين الناس أفضل رعية..))، ((احترس من كل ذلك بكف البادرة..)).... الخ. فنجد الأفعال الدالة على الأمر الحقيقي الذي يأمرُ بهِ الرُّتبة العُليا الأمام علي (عليه السلام) ــ الرتبة الاقل منها ــ مالك الأشتر ــ كثيرةً، وكُلّ ذلك عند إمعان النظر فيها نراها تصبُ في مصلحة الرعية وإن كان الشُحُّ على الوالي.

 كذلك في كتاب الأمير تتعدد أفعال الأمر في أبواب الكتاب لكنها قليلة جداً إذا ما قيست بكتاب العهد، والأمرُ يعود الى أن كتاب العهد هو وثيقةٌ ملزمةٌ للعمل المباشر بينما وثيقة كتاب الأمير هي دستور للمستقبل فجاءت أفعال الأمر قليلة منها ((ينبغي للحاكم ألا يُجيز ابداً قيام اضطراب...))، ((ينبغي مراعاتها..))، وحتى هذه الأفعال فهي أمرها ضمني لم يكن أمراً مباشراً حيث لم يكن لماكيافيللي سلطةٌ في اصدار أمر على الحاكم.

ب – المضارع المجزوم بلام الأمر:- كثير من الأفعال نجدها في الكتابين تحتوي على لام الأمر مع فعل المضارع، ففي كتاب العهد نجد قوله (عليه السلام) في ((ليكن أحب الذخائر اليك))، ((وليكن أحب الأمور اليك اوسطها))، ((ليكن البيع بيعاً سمحاً))، ((وليكن في خاصة ما تخلص لله)) الخ.

فيتضمن الفعل الإلزام بالأمر وتطبيقه ونجد كل هذه الأفعال تدل على حسن المعاني من خلال الاستقراء لكتاب العهد.

 وفي كتاب الأمير نجد فيه أيضاً كثير من هذه الصيغة (اللام مع الفعل المضارع) مثل: ((لنرجع الى فرنسا ونفحص...))، ((ليعيش هناك بشخصه))، ((لينتقل إلى كومودوس))، فكما أسلفنا إنَّ أسلوب كتاب الأمير هو اسلوب مستقبلي ليس لهُ من المنعة في تطبيق أوامره؛ بالعكس من كتاب العهد.

ج ـ اسم فعل الأمر:- لم يكن في كتاب العهد نصيب في اسم فعل الأمر ولكن في كتاب الأمير نجد منه قوله: ((عليك ان تدرك أن ثمة سبيلين للقتال)).

3ـ النهي:-

 هو أحد أساليب الإنشاء الطلبي، ويعني ((طلب الكف عن الفعل على وجه الاستعلاء، فهو حقيقةٌ في التحريم كما عليه الجمهور فمتى وردت صيغة النهي أفادت الحظر والتحريم على الفور، ولهُ صيغةٌ واحدة وهي المضارع مع لا الناهية))(40)((وهذا الأسلوب ينطلق من البواعث ذاتها التي ينطلق منها اسلوب الأمر))(41)، فالغرض من الأمر هو فعل الشيء والإلزام بفعلهِ.. والنهي هو الكف عن فعل الشيء وبينهما تقابل واضح في الدلالة، ولا يصدران إلاّ من الذي كانت له القدرة على الأمر والنهي ــ يمتلك الاستعلاء على الآخرين ــ لتلبية الطلب إن كان امراً أو نهياً وهذا الأسلوب نجده واضحاً في كتاب العهد كما في قوله (عليه السلام): ((ولا تنصُبَنَّ نفسك لحربِ الله))، ((ولا تسرعنَّ الى بادرة))، ((ولا تقولنَّ إنِّي مؤمرٌ))، ((ولا تدخلن في مشورتك بخيلا))، ((ولا يكونَنَّ المحسنُ والمسيء عندك بمنزلة سواء))، ((ولا تنقض سنَّةً صالحةً))، ((ولا تدفعنَّ صُلحاً دعاك إليه عدوك)) وغيرها فنرى في هذا النهي تعدد الفعل المضارع بخلاف اللام المتصلة بالفعل المضارع (في أسلوب الأمر).

 فأكثرها جاءت مع (كان) (فليكن، ليكُن) وهذا دليل على تعدد النواهي والأمور المنهيةٌ عنها بينما في كتاب الأمير يقل ذلك للسبب آنف الذكر لأن كتابه يَطغى عليه أسلوب الغائب من خلال النصح والارشاد للحاكم لا للرعية.

4ـ النفي:

 وهو من الأساليب الإنشائية المهمة التي كثيراً ما يستعملها الكاتب، وهو ((أسلوبٌ لغوي تحدده مناسبات القول، وهو أسلوب نقض وإنكار يستخدم لدفع ما يتردد في ذهن المخاطب، فينبغي إرسال النفي مطابقاً لما يلاحظه المتكلم من أحاسيس ساورت ذهن المخاطب خطأ مما اقتضاه أن يسعى لإزالة ذلك بأسلوب النفي))(42) والنفي يتم من خلال أدوات يعرف بها مثل [ ما، لا، لم، لن، ليس، لات ](43) وهذا الأسلوب استُعملَ في كتاب العهد بكثرة مثل قوله (عليه السلام): ((لا يُسعد احد))، ((ولا يشقى الا مع جحودها))، ((وليس احدٌ من الرعية))، ((وتغابن كل ما لا يصح لك))، ((ليس وراء ذلك))، ((لا تجحف بالفريقين))، ((فلا ادغال، ولا مدالسة ولا خداع)) ثم يستشهد بقولة تعالى: ((كَبُرَ مقتاً عند الله ان تقولوا مالاتفعلون))(44) حيث وصف المقت عند الله والناس يوجبهُ الخلف بالوعود(45).

 وفي كتاب الأمير لا يقل أسلوب النفي أهمية في نصوصهِ، فكثير ما نراه في أبواب الكتاب، نكاد نجزم أنه لا يوجد باب في الكتاب لا ويحتوي على أسلوب النفي ما خلا المقدمة إذ يقول: ((وما زال))، ((ولن اعالج الآن))، ((فلن اتحدث عنهما هنا))، ((لا تشتركوا في الحالة الأولى))، ((ما كان يوقف أطماع الاسكندر))، ((ما زال قوياً))، ((ولا يجيز ابداً قيام اضطراب))، ((لا يمكن ان يغير احدٌ))، ((لا يتبرمون منها))، ((لم يجرِ وراء هذا الصيت))، ((ما كان الأمير))، ((ولا يقدر أن يدافع))، ((لم يعرف ابداً))، ((لا ريب في إنَّ الأمراء))، ((لا يستطيع الأمير مجانبة ذلك))، ((ما يحدث دوامٍ))، ((فلكيلا نقضي نهائياً على إرادتنا))، ((لم يوجد حكيم))، ((لا تتيح لهذه الفرصة))، ((لا يزال بينهما النزال))، ((لم تستبعد)).

 هذه نتف قليلة من جميع أبواب الكتاب وما تركناه كثير جداً وبقي علينا أن ننبه لمسألة:

 أنَّ أسلوب النفي يحمل في طياته تحذيرات، فوجدنا ان التحذيرات التي يحملها ــ أسلوب النفي ــ في كتاب العهد هي تحذيرات من مغبةٍ دنيوية يقع فيها الحاكم وعقوبةٌ تنتظره يوم القيامة لأن الظلم الذي يقع على الرعية من قبل الحاكم توجب العقوبة الأخروية.

 بينما التحذيرات التي يحملها ذات الأسلوب في كتاب الأمير هي تحذيرات من سقوط الدولة والحاكم، لأنه يعتقد ان الحاكم يجب عليه الحفاظ على كرسيه وكفى، وإن كلف الأمر بدفع الرعية الى الهلاك.

 ولقصر البحث نقتصر على هذه الأساليب فقط تاركين الأساليب الأخرى كما إنَّنا نترك أحد أشهر الأساليب إلا وهو (التقديم والتأخير) ليس تقصيراً منا وإنما تركناه عمداً لأننا نريد من البحث أنَّ يكون موضوعياً بعيداً عن التعصب والصنمية الفكرية، لأنَّ كتاب الأمير هو كتاب مترجم وبذلك يفتقد لكثير من المعاني الأصلية، لأن المترجم يستعمل أسلوبه الخاص في الترجمة ومن الممكن أن يأخذ الكلمة المرادفة مما يفقد الكثير من الأمور لذا تركنا اسلوب التقديم والتأخير لعدم توفر شروط الموازنة بين الكتابين في هذا الأسلوب للاعتقاد أن الترجمة لا تعطي اللفظ حقه الذي يريده الكاتب وممكن أن ترتب الأشياء حسب المعاني ولأجل ذلك نأينا بأنفسنا عنهُ.

المبحث الثالث

الأفكار المشتركة والمتقابلة بين الكتابين

 كما تسالف عليه أصحاب الفكر ((إنَّ أي نص ادبي يقوم على الأفكار وكيفية صياغتها، والأفكار المبثوثة في النص موضوع الدراسة كثيرة... تصلح أن تكون دستوراً لا يمكن الاستغناء عنه))(46) إذا ما صُبغت بشكل يوصله لأهليّة، ((ومن ناحية اخرى فعن طريق المنهج القانوني يمكن فهم العملية السياسية التي أثرت في صياغة القوانين ثم مجمل تأثير هذه القوانين على العمليات السياسية نفسها وعلى الأداء السياسي الذي يوضع القانون عادة لتنظيمه))(47)، فالفكرة ((هي كما تم التعبير عنها في النص الأدبي بزيادة كونها تأتي ــ بكل نص أدبي ومنها ــ في النص القرآني على مستويات، فالفكرة في النص القرآني تحمل علوماً متنوع وغزيرة، والأنسان يتوصل منها الى ما يستطيعه ويقع في ضمن نطاق قابليته منها))(48) كما أنَّ النصوص الأدبية تتركز على الفكرة وهي من العناصر المهمة للنص الأدبي وبالخصوص الرواية، إذ إنَّها تمثل وجهة نظر المؤلف ولم تكن واضحة أو محددة في نص، فيتم فهمها من خلال العمل بكامله وبالإمكان معرفتها من خلال أحد شخوص العمل الأدبي ــ الرواية مثلاً ــ فيختارها الكاتب للتعبير عما يعتمل في داخله(49)، وعملية البناء الفكري بكل ابعاده فهو القاعدة الصُلبة لتكوين شخصية الأنسان، وكل هذا يتبع المدرسة الفكرية التي ينتمي اليها الأفراد(50).

 بعد هذه التوطئة التي قدمناها في تكوين الفكرة وكيفية صياغتها عرفنا أنها إحدى روافد الإبداع، ومناهل المعرفة، ومن غيرها لا يكون للنص قيمة، فالنص الذي يحتوي عليها يكون نصاً ذا فائدة يستقطب المتلقين بجميع فئاتهم وثقافاتهم، وكلما كانت الفكرة سائغة للمتلقي كانت أكثر انتشاراً واوفر حظاً، وسوف نرى الأفكار في الكتابين إن شاء الله.

1ـ الأفكار المشتركة:ـ

 يدور محور الكتابين على فكرة شمولية عامة بينهما ألا وهي كيفية الحكم. فكلاهما بإطاريهما العامين يريدان توضيح الدستور القائد. وبناء مؤسسات الدولة، وكيفية إدارة مفاصل الحكم، بغض النظر من إنّ احدهما يكون بأسلوب الأمر والآخر بأسلوب التنويه والتحذير فهما يريدان أن يجعلا من الحاكم فارضاً سيطرته على الحكم مؤدياً بذلك واجبه وكيفية الحرص على تثبيت حكمه.

 فنجد في كتاب (العهد) إنَّ فكرة الإمرة وتقليد مقاليد الحكم لمالك الأشتر بمثابة وثيقة يؤديها، ((وكل من يقرأ هذا الكتاب بعناية يجده قد احاط بأصول الحكم كلها اجمالاً في اسلوب مشرق أخّاذ))(51) يستجلب النفوس.

 ففي قوله (عليه السلام): ((حين ولاه مصر، جبوة خراجها وجهاد عدوها واستصلاح اهلها)) فيشترك هذا النص بالمعنى مع نص كتاب (الأمير) بقوله: ((ان الدعائم الأولى لجميع الولايات سواء جديدة أو قديمة أو مختلطة هي القوانين الصالحة والأسلحة الصالحة، ولما كان من غير الممكن ان توجد قوانين صالحة حين لا توجد الأسلحة الصالحة)) فمن واجبات الأمير في كلا النصين واضحة؛ فمهمته وضع القوانين الصالحة لإدارة المجتمع مثل كيفية جباية الخراج وجهاد الأعداء.

 والنص الآخر المشترك من كتاب العهد:((وأمره أن يكسر نفسه عند الشهوات، ويزعها عند الجمحات فإن النفس أمارة في السوء)) حيث اشترك مع كتاب الأمير في قوله: ((واعلم ان كل انسان سوف يسلم بأن الأمير يكون اكثر استحقاقاً للثناء لدرجة عالية إذا كانت له جميع هذه الخصال السابقة التي تذكر في باب الخير ولكن لما كان من غير الممكن ان تكون جميعها له، او يراعيها، لأن الظروف البشرية لا تسمح بذلك، كان من الضروري له ان يكون حكيماً حكمة تكفي لأن يتحاش شر فضيحة تلك الرذائل التي قد تفقده الولاية، ويقي نفسه، اذا امكن ذلك، شر تلك التي لن تفقده اياه))، في النصين نرى إن اتباع الشهوات تفقده المروءة واتخاذ القرارات الخاطئة كما قال أمير المؤمنين (عليه السلام): ((من استبد برأيه فقد هلك)) وكذلك بناء المؤسسة العسكرية التي لابد من وجودها في الدولة، ففي كتاب العهد نجد التأكيد على بناء هذه المؤسسة

 في قوله (عليه السلام): ((فالجنود بأذن الله، حصون الرعيّة، وزين الولاة، وعز الدين، وسبُل الأمن، وليس تقوم الرعية إلا بهم)) كما يشترك معه بنفس الفكرة وهي تنظيم وتجهيز الجند في كتاب الامير حيث يقول: ((ولذا ينبغي للأمير ان لا يدع التدريب العسكري يغيب عن باله وخاطره وأن يتمرن عليه في زمن السلم أكثر منه في وقت الحرب)) فمن الواجب على الحاكم بناء مؤسسته العسكرية فهي تعد الدعامة الأساسية لكل بلد، ومن غير ذلك يصبح البلد عرضة للاحتلال لأنَّ كرامة البلاد ببسالة جيوشها.

 فالتشكيلات العامة للمشتركات المعنوية في الكتابين كثيرة ومتباينة ومنها تقريب العامة على حساب الخاصة وإن أدى ذلك الى سخط الخاصة إذا كان يستلزم رضى العامة على الحاكم ففي كتاب العهد يقول الامام(عليه السلام):((وليكن أحب الأمور اليك اوسطها في الحق، وأعمها في العدل، وأجمعها لرضى الرعية، فإن سخط العامة يجحف برضى الخاصة، وأن سخط الخاصة يغتفر مع رضى العامة... وجماع المسلمين والعدة للأعداء، العامة من الأمة، فليكن صفوك لهم، وميلك معهم)). حيث يشترك في هذا المعنى من كتاب الأمير نص ما، يجب على الأمير مجانبة أن يكون مزدرى أو مبغضاً حيث يقول ميكافيلي: ((وحين أراد ان يؤمنهم لم يرغب في أن يجعل هذا الأمر من هموم الملك الخاصة حتى يخلصه من السخط الذي قد يتولد بين النبلاء حين يجامل الشعب، ومن تبرم الشعب حين يجامل النبلاء ولذلك اقام فيصلاً ثالثاً كبح جماح النبلاء على الدوام وجامل الشعب وهو من دونهم... على الأمير أن يوقر نبلاء ولايته، ولكن عليه ألا يجعل العامة تناوئهُ))، وبهذا نرى في النصين أن حقوق العامة حينما تقدم على الخاصة ومخصصاتهم، فذلك مما يديم الحكم ويطيل من عمر الحكومة، وشعور العامة بالوطنية وحب الوطن الذي لم يروا منه اجحافاً وإن سخطت الطبقة العليا، فإنَّ سخطهم مقابل رضى العامة ليس له أثر، فتأخيره عن النبلاء يقدمه أمام العامة، وهذا ما يرنوا اليه ويؤكد عليه الفكر الإسلامي من المساواة وعدم إظهار الطبقية بتقديم الخاصة على العامة لذلك قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ((الناس سواسية كأسنان المشط)) وهذا ما وجدناه في الاشتراك المعنوي للكتابين.

2ـ الأفكار المتقابلة:ـ

 التقابل يعني الضدية وهذا ما لا نعني فيه التضاد في اللغة فنحن نريد من التضاد هنا هو تضاد الأفكار لا تضاد الألفاظ، ونستطيع أن نصطلح عليه (بالتضاد المعنوي) للأفكار المتقابلة، والاستقامة إنّما تُولد من الفكرة الصحيحة، فإذا كانت الفكرة صائبة، ولدت استقامة في المجتمع من خلال السلوك، ((ولذلك فأن ما يضاد الإستقامة، يضاد طريق القيم. وتبدوا هذه المضادة في معنى أي لفظ يدل على الالتواء، وإنَّ الاستقامة هي طريق السلوك الى الكمال))(52). فكلما كانت الفكرة نابعة من أرضية صالحة بالنتيجة تؤدي الى ثمار حسن لتؤتي أُكلها كل حين وإذا كانت العكس فلا تجدي إلا العكس والمعاني المتضادة ((تعطي مفردات لغوية متفرقة أو موضوعية في جمل مفيدة أو سياقات مناسبة ثم تطلب منه ــ القارئ ــ معرفة ما يضادها ويناقضها في المعنى بالبحث عنها على غرار البحث عن المترادفات المذكورة))(53) وفي النصوص الآتية حيث سنرى مدى حصول هذه التقابليات في نصوص الكتابين.

 ففي كتاب العهد نجد ما يقابل أفكاراً في كتاب الأمير يجب التنويه والإشارة إليها، لأنها أصبحت أفكاراً لحكومات نكاد نجزم أنها طُبقت بأكثر بلدان العالم لا سيما العربية، منها ما يقول الأمام(عليه السلام) في كتاب العهد آمراً عاملهُ مالكاً الأشتر (رضوان الله عليه) حين ولاه مصر ((عمارة بلادها)) فالإمام (عليه السلام) يأمره بعمارة البلاد، لأنّه بعمارة البلاد تُبتنى النفس الإنسانية، وببناء النفس الإنسانية يكون إصلاح المجتمع من الممكن.

 وما يقابلها في كتاب الأمير نجد ماكيا فللي يقول: ((وعندما تكون تلك الولايات التي قد استولينا عليها معتادة على الحياة الحرة في ظل قوانينها الخاصة فثمة ثلاثة طرق للسيطرة عليها ان يخربها الأمير....)) وهذا الأسلوب التقابلي بين النصين ناتجٌ عن النفسية التي يمتلكها الكاتب كما ذكرنا إنَّ نص العهد يريد في النتيجة من عمارة البلاد هي بناء النفس الإنسانية لأن الأنسان إذا رأى تراثه يتهدم يطفح به الكيل على الأقل لرفض هذا الحكم، هذا إذا لم يناوئ الحكومة لأن الأنسان يرى في حضارتهِ التقديس متمسكاً بمبادئه، والمساس بها يخدشُ حياءهُ. لذا تكون ثورة الغضب متأججة في داخل الأنسان لما رآهُ من تعدي على حقوقه التي يراها إنَّها خطٌ حمر.

والتباين بين النصين واضح المعالم إذ إنَّ النصين يسيران على خطي نقيض، لا يلتقيان ابدا فأين التهديم من البناء!! وأين التعدي من الكرامة!! وأين حفظ الحقوق من سلبها !!؟

 ومن النصوص التقابلية بين الكتابين ما نجده في كتاب العهد في قول الإمام(عليه السلام) لمالك: ((ولا تقولنَّ إني مؤمرٌ آمرُ فأُطاع، فإن ذلك إدغال في القلب، ومنهكةٌ للدين، وتقربٌ من الغير(54)، وإذا أحدث لك ما انت فيه من سلطانك أبهة او مخيلة ما، أنظر الى عظم ملك الله فوقك، وقدرته منك... إياك ومساماة الله في عظمته، والتشبيه في جبروته)) فالإمام (عليه السلام) في هذا القول يأمرُ مالكاً بالتواضع أمام الناس وألاّ يتكبر عليهم وأن يحذر هوى النفس ويبتعد عن التهور في الأمور.

 في حين نجد في نص كتاب الأمير يقول ميكافيلي: ((وأني لأعتقدُ إنَّ التهور خيرٌ من الحذر ذلك لأن الحظ كالمرأة، فإن اردت السيطرة عليها فعليك ان تغتصبها في القوة وهي بدورها تسمح بامتلاكها للرجل الشجاع لا لذلك الذي يسير بتمهل وأناة، والحظ شأنه في ذلك شأن المرأة لا يميل دائماً الى الشباب لأنهم اقل حذراً واكثر ضراوة ويمتلكونه بقحة(55) وجرأة)).

 والتباين بين النصين واضح فكتاب الأمير يرى ان التهور والحصول على الأشياء بوقاحة وإن كان دون حق، فهو من الشجاعة ومن الممدوحات وعلى الحاكم ان يكون ذا جرأة ووقاحة في أي شيء مع الرعية، كما نرى حتى مَثَلِه، فهو من الأمثال المنحطّة، من التعدي على المرأة والتجرؤ على حقوقها، وعرضها، فهو يرى هذا التعدي من حسنات الرجل إذا ما حصل على ما يريد وإن كان بالقوة.

وهذا ما لا يرتضيه عاقل في جميع الأديان والشرائع السماوية بل وحتى الأعراف الاجتماعية، فهذا العمل يخرج الأنسان من إنسانيته ويضعه في مصاف الحيوان، همَّه علفه وحصوله على غريزته.

 وفي حقوق الشعب وكيفية الأنفاق عليهم يقول الإمام (عليه السلام) في كتاب العهد لمالك: ((إسبغ عليهم الأرزاق، فإن ذلك قوةٌ لهم على استصلاح انفسهم، وغناهم عن تناول ما تحت أيديهم، وحجة عليهم إن خالفوا أمرك، أو ثلموا امانتك)). فكان من الواجب في هذا النص؛ على الحاكم ان يعطي شعبه ما يكفيهم لاستصلاح أنفسهم كي يشعرهم بالوطنية وإن هذا البلد الذي تكفل بمعيشتكم صار من الواجب عليكم الحفاظ عليه والدفاع عنه.

 بينما نرى النص التقابلي من كتاب الأمير يقول ميكافيلي: ((يجب ألا يعبأ الامير كثيراً حين يُعرف بالتقتير، لو أراد أن يتجنب اغتصاب رعيته، وأن يكون قادراً على حماية نفسه، وألا يصبح فقيراً وحقيراً، وألا يضطر إلى ان يصبح جشعاً)). فأين الثرى من الثريا(56)...؟ فالنصان لا يعدلان بكفة ميزان، فنص العهد يحث على الإسباغ والكرم والتكافل الاجتماعي ومسؤولية الدولة من الفرد كي تشعره بوطنيته، بينما نص الأمير على العكس من ذلك تماماً فهو يريد أن تمتلئ خزينة الأمير بفراغ بطون الشعب، يقيناً إذا رأى الانسان إنَّ دولته مغتصبة لحقه وجاعلته أدنى انسانية من الحاكم، والحاكم ذا أُبهَّة وأملاك وهوــ أي الشعب ــ يحن الى القدّ (57). فهذا يجعل من الأنسان أن يتنصل من وطنيته لأنَّه يشعر أنه مسلوب الكرامة، ويريدون منه أن يؤدي واجباً من دون أن يعطوه حقوقه، وهذا ما نهى عنه الدين الإسلامي وجميع الديانات السماوية حتى قال الإمام علي (عليه السلام): (أعطوهم خبزاً وطالبوهم بالعبادة) فحتى العبادة التي هي واجب جعل الإسلام حقوقاً لمن يؤديها.

 فالسياسة الإسلامية ناتجة من دستور إلهي لا يُجوِّز التعدي على الحقوق بغير حق، ومنهج الغرب قائم على قول {فَرّق تَسُد} وهذا مخالف للشريعة الإنسانية والفطرة السليمة.

مما تقدم نجد ان البون شاسع بين النصين ــ نص كتاب العهد ونص كتاب الأمير ــ فهما لا يلتقيان بأي شكل من الأشكال. ونترك التحري عن النصوص الأخرى للقارئ الكريم لاختصار البحث.

((الخاتمة))

 الحمدُ لله ربَّ العالمين والصلاةُ والسلام على خير خلقهِ محمد بن عبد الله وعلى آله الطيبين الطاهرين..

وبعد...

 بعد التوكل على الله شرعنا بموازنة بين كتاب العهد الذي كتبه الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب (عليه السلام) لعاملهِ مالك بن الحارث الأشتر لمَّا ولاه مصراً، وكتاب الأمير لنيقولا ميكافيلي، وجدنا في بحثنا هذا من الأفكار المشتركة الكبرى بين الكتابين من بينها: أنَّ الأساليب التركيبية تكاد تكون قريبة من حيث الأطر العامة، لكنها متباينة من حيث المعاني الدقيقة فهما يشرِّعان للحاكم تشريعات من خلالها يستطيع أن يبني دولة مؤسسات كلاً حسب فلسفته ونظرته الخاصة، فكتاب العهد استند الى تشريعات اسلامية منبعثة من روح القرآن الكريم، وكتاب الأمير مبني على نظريات وملاحظات الكاتب فهو يملي على الحاكم من خلال تجربته في الحياة وملاحظاته الدائمة وقراءته للتاريخ قراءة تكاد تكون مستفيضة، فأسقط سقطات التاريخ على كتابه بأسلوب تحذيري متفلسف جاعلاً من الأمير الحاكم والمشرع والمنفذ الأوحد، وكل شيء يدين له حتى وإن حصل على الحكم بالمكر والخديعة، فما إن يجلس على كرسي الحكم يصبح له الحق بالتصرف بجميع مقدرات الشعب؛ ومنها الأرواح والأعراض، وهذا الأسلوب اسلوب دكتاتوري نازي نهى عنه كتاب العهد فهو على النقيض من كتاب الأمير، فكتاب العهد لا يُجيز للحاكم أن ينبز ببنت شفةٍ بغير حق وينهاه عن المكر والخديعة والتعدي على حقوق الآخرين.

 وبعد هذه الرحلة الطويلة والنظرة الفاحصة في الكتابين ــ كتاب العهد وكتاب الأمير ــ للموازنةِ بينهما، تمخض البحث بالنتائج التالية:ـ

1ـ إنَّ كتاب العهد هو كتابٌ صادرٌ من رتبة أعلى من الحاكم الموجه إلى الوالي الذي يجب عليه الإطاعة، ففيهِ صيغة الأمر واضحة، وكتاب الأمير عبارةٌ عن كتابٍ تنظيري كُتبَ بأسلوب التحذير فلا آمريَّة ولا إلزام فيه.

2ـ كتاب العهد لا يعطي للحاكم التصرف في كُل شيء، وهو ينبذ التفرد بالسلطة والاستبداد في الرأي، وكتاب الأمير على العكس من ذلك يعطي للأمير الحق في كُل شيء من أجل الحفاظ على عرشه.

3ـ كتاب العهد يصلح أن يكون دستوراً عالمياً لجميع الأديان والشرائع والمعتقدات فهو مكتوب بأسلوب إنساني صرف، وكتاب الأمير لا يمكنه ذلك لأنَّه يخلق من الحاكم دكتاتوراً يصل به الى الألوهية.

4ـ كتاب العهد لا يفرق بين الحاكم والرعية بل يجعل من الحاكم خادماً للرعية، وكتاب الأمير يجعل من الحاكم السلطة المشرِّعة التي من حقها أن تتصرف بمقدرات الشعب كيف تشاء بصبغةٍ فرعونية فلا يحق لهم أن يلوموا الحاكم اذا قال (أنا ربكم الأعلى) فيجعل من الرعية خدمة للحاكم.

5ـ كتاب العهد يأمر الحاكم بالتواضع والخضوع للناس ويباشر أعمالهُ بنفسهِ، بينما كتاب الأمير يجعل من الوزراء والشعب خدمة طائعين للأمير يأتونه بكل شيء وهو الآمر والناهي.

6ـ كتاب العهد يأمر الحاكم بالتكافل الاجتماعي وتوزيع ثروات البلد على الرعية ولا يأخذ منها إلا كما يأخذ أدنى شخص في المجتمع، وكتاب الأمير يأمر الحاكم بالسخاء على نفسه والتقتير على الرعية.

7ـ كتاب العهد يأمر الحاكم ببناء دولة مؤسسات وقوة صد للدولة وعدم التعدي على حقوق الإنسان، بينما كتاب الأمير يأمر الحاكم بالاستيلاء على الضعفاء وسلب حقوقهم بل ويتآمر مع الأقوياء على الدولة الضعيفة فهو يؤصِّل الى فكرة الاحتلال.

 ومما تقدَّ تبيَّن أنَّ جميع دول العالم الحاضر الآن تعمل بكتاب ميكافيلي ولم نجد دولة واحدة تعمل بكتاب العهد بما فيها الدول الإسلامية قاطبة، فإذا تطلعنا الى الأحكام في جميع بلدان العالم وصياغة مؤسساتها نجدها تدين لكتاب ميكافيلي، لذا أصبح العالم الآن عبارة عن شريعة غاب تحتل الدولة الأخرى وتسلبُ إحداهما الثانية وتُباع الضمائر في سوق العبيد، والدولة الكبيرة تجعل من الدول الصغيرة دُمى تحركها كيف تشاء، ولا نجد سبيلاً لتطبيق كتاب العهد في أحد البلدان، ونكاد نجزم إنَّه اذا ما طُبق كتاب العهد كدستور لدولةٍ ما فستصبح هذه الدولة، الدولة النموذجية التي كان يحلم بها افلاطون قبل آلاف السنين، فكتاب العهد يمثل الدين الإنساني والشريعة السمحاء التي ارادها رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن تكون على وجه الأرض، يعيش المسلم بجنب المسيحي واليهودي والصابئي والبوذي والملحد والموحِّد وجميع المعتقدات؛ عيشة مرضية يستقبل أحدهما الآخر بإنسانيته لا بدينه، لذلك قال في أحد نصوصه (عليه السلام): (الناس صنفان: إما اخٌ لك في الدين أو نظيرٌ لك في الخلق).

 فدساتير العالم تتبع كتاب ميكافيلي الخطوة تلو الاخرى، فلا يُجيِّرُ الأمر ويلصقوهُ في الإسلام، فالإسلام من جميع هذه الدساتير بريء، فالأحرى بالعالم أن يأخذوا هذا النبع الصافي الذي لا تكدره دلاء الخيانة لينهلوا منه ما يشاؤون للحفاظ على دمائهم واعراضهم وممتلكاتهم وترك كل ما يخالف الإنسانية، فلا شريعة نزلت من السماء او كُتبت بسرائر نقية ترضى باغتصاب الحقوق، فأين العالم من هذا الوِرد الصافي حتى تركوه على رفوف الاستهزاء وفيه كرامتهم وحريتهم وبخلافهِ وصل العالم الى ما هو عليه الآن لإنَّه اتخذ من ميكافيلي مشرِّعاً لدستورهم وتركوا صاحب الإنسانية الامام علي (عليه السلام).

 ونسأل الله ان يتقبل منّا هذا القليل بكرمه، كما لا ندعي لعملنا هذا الكمال لأنَّ الكمال لله وحدة، ولكننا حسبنا اجتهدنا وعملنا ومن الله التوفيق، آملين أن يفيد غيرنا من حسناته ويعمد إلينا من يرى عيوبه لتصحيحها في قابل الأيام (ورحم الله مَن أهدى إليَّ عُيوبي)

والحمد لله ربِّ العالمين.

* باحث في مركز الامام الشيرازي للدراسات والبحوث/2002–Ⓒ2025

http://shrsc.com

...........................................

الهوامش

1- لسان العرب: مادة (عهد).

2- الأمالي: ابن بابويه القمي (الشيخ الصدوق): 134، يُنظر: خلاصة الكلام، لتقي الدين المقريزي ت845هـ، تح: د محمد عاشور، علي عاشور، ط1 مطبعة ثامن الحجج، قم: ص28.

3- النمل: 91.

4- ظ: البيان الجلي في افضلية مولى المؤمنين علي، ابن رويش، دار الثقلين، بيروت ط1 1995 ص17.

5- ظ: التطبيق الصرفي، عبده الراجحي، ط2 دار المعرفة، دمشق، 2...م، ص75.

6- جواهر البلاغة، احمد الهاشمي، دار الكتب العلمية، بروت، 2001م ص49.

7- الاعلام، الزركلي، دار العلم، بيروت ط5 1980م ج5 ص259.

8- مجلة دراسات اسلامية، ص367.

9- مالك الأشتر وعهد الأمام علي (ع) لعباس علي الموسوي، دار الأضواء ـ بيروت ط1 1987 ص59

10- الأمير، نيقولا ميكيا فللي، دار الحرم للتراث، القاهرة، ط1 210م ص9.

11ـ ظ: الأمير، ص(9، 10، 11)

12ـ لسان العرب، جمال الدين محمد بن مكرم، إبن منظور، (ت711هـ)، المطبعة الأميرية، بولاق، مصر، 1303هـ، مادة (وزن).

13ــ تاج اللغة وصحاح العربية، إسماعيل بن حماد الجوهري، تحقيق: أحمد عبد الغفور عطار، ط2، دار العلم، 1979م، مادة (وزن).

14ـ شعر عمر بن ابي ربيعة والعباس بن الأحنف دراسة تحليل وموازنة، سهيلة مصطفى البرزنجي، (رسالة ماجستير)، جامعة بغداد، 2006:ص1.

15ـ الموازنة بين الشعراء، زكي مبارك، دار الجيل، بيروت، الطبعة الأولى، 1993:ص7.

16ـ شعر عمر بن ابي ربيعة والعباس بن الأحنف دراسة تحليل وموازنة، (رسالة ماجستير):ص10

17 ـ ــ نهج البلاغة، شرح محمد عبده، مؤسسة المختار، القاهرة، ط2، 2008، ص399- 400.

18 ـ نهج البلاغة، ص417.

19ـ الأمير، ص(143و 144).

20ـ الشاعر عبد المسيح الأنطاكي الحلبي ولد في انطاكيا من أبوين مسيحيين ونشأ في حلب وأول من نادى بالقومية العربية وقد نظم ملحمة تكاد تكون سيرة ذاتية للأمام علي(ع) اسمها ملحمة الأمام علي(ع).

21ــ اشارة الى قول امير المؤمنين (ع) ((قيمة كل امرئ ما يحسنهُ))، نهج البلاغة: 417.

22ــ ملحمة الأمام علي(ع)، عبد المسيح الأنطاكي، مؤسسة الأعلمي، بيروت، الطبعة الثانية، 1991: ص740.

23ــ محمد وعلي النبي والإمام، مرتضى مطهري، دار الأرشاد، بيروت، ط1، 2009: ص383

24ــ ظ: أئمتنا قادةٌ وهداة، كاظم النقيب، الفكر الأسلامي، بروت، ط2، 2012م: ص460

25ــ نهج البلاغة: ص67

26ــ م.ن: ص417.

27ـ الامير: ص141- 143.

28الأسلوب و الاسلوبية نحو بديل السُني في النقد الأدبي، عبد السلام المسدّي، الدار العربية للكتاب، تونس، ط3، د.ت: ص90.

29ــ لغة الشعر عند احمد مطر، د. مسلم مالك الأسدي، (رسالة ماجستير)، جامعة بابل، 2007: ص80

30ــ اسلوبية البناء الشعري دراسةٌ اسلوبية في شعر سامي مهدي، ارشد محمد علي، دار الشؤون الثقافية، بغداد، ط1، 1991: ص82.

31ــ شعر جواد شبر تجاهاته وخصائصه الفنية، سناء العوادي (رسالة ماجستير)، جامعة كربلاء، 2015: ص149.

32ـ جواهر البلاغة، احمد الهاشمي، دار الكتب العلمية، بيروت، د.ط، 2001م: ص55.

33ـ ظ: شعر جواد شبر: ص150.

34ـ ظ: اساليب البلاغة عند النحويين والبلاغيين، د. قيس الآوسي، بيت الحكمة، 1989م: ص319، لغة الشعر عند احمد مطر: ص82، جواهر البلاغة: ص55.

35ـ نهج البلاغة: ص431.

36ـ مجلة دراسات اسلامية معاصرة: ص384.

37ـ الأمير: عناوين ابواب الكتاب التي تبدأ بالاستفهام: ص69 ـ 147.

38ـ جواهر البلاغة: ص49.

39ـ شعر جواد شبر: ص159، (رسالة).

40- جواهر البلاغة: ص53 (بتصرف).

41 ـ لغة الشعر عند احمد مطر: ص97 (رسالة).

42ـ في النحو العربي نقدٌ وتوجيه، د. مهدي المخزومي، دار الرائد العربي، بيروت، ط2، 1986: ص246.

43ـ ظ: في النحو العربي قواعد وتطبيق، د. مهدي المخزومي، دار الرائد العربي، بيروت، ط2، 1986: ص39.

44ـ الصف:3.

45ـ ظ: الأثر القرآني في نهج البلاغة، د. عباس الفحام، منشورات النجفي، بيروت، ط1، 2010:ص4350.

46ـ مجلة دراسات اسلامية معاصرة: ص368.

47ــ الامام الشيرازي التنوع الانساني المبدع، السيد محمد الشيرازي، مركز الامام الشيرازي للبحوث والدراسات، بيروت، 2002م، ط1: ص121.

48ــ محاضرات لغة القرآن وآدابها ـ مقاربات معرفية ـ، د. امجد الفاضل، المحاظرة الرابعة.

49ــ ظ: في النقد الأدبي الحديث والمذاهب الأدبي، د. حسين الخاقاني، مكتبة الباقر، النجف الأشرف، ط1، 2010م:ص47.

50ــ ظ: فلسفة الفكر الأسلامي، عبد الله اليوسف، مؤسسة البلاغ، بيروت، ط1، 2002م: ص7.

51 ـ فقيه الامة ومرجع الأئمة علي بن ابي طالب (ع)، محمد بكر اسماعيل، كلّها قم، ط1، 2006م: ص323.

52ـ اللغة العربية وقيم الأصول، د. ميشيال اسحاق، دار الريحاني، بيروت، ط1، 1999: ص179.

53ـ الحصيلة اللغوية، د. احمد محمد المعتوق، المجلس الثقافي الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، د.ط، 1990: ص279.

54ـ الغيَّر. بكسرٍ ففتح: تعني حادثات الدهر بتبدل الدول.

55ـ القَحِة: تعني الوقاحة يأخذ الشيء في القوة0

56ـ اشارة الى بيت من القصيدة الجلجلية التي قالها عمرو بن العاص في الإمام علي (ع) الذي يقول فيه:

 فأين الثريا وأين الثرى --- وأين معاويةٌ من علي

57ـ أشارة الى قول امير المؤمنين (ع): (أأرضى ان أُسمى امير المؤمنين وحولي أطفالٌ تحنُ الى القدِّ)

......................................

((روافد البحث))

*القرآن الكريم

1- أئمتنا قادةٌ وهداة، كاظم النقيب الفكر الإسلامي، بيروت، الطبعة الثانية، 2012م.

2- الأثر القرآني في نهج البلاغة، د0 عباس علي الفحام، منشورات النجفي، بيروت، الطبعة الأولى، 2010م.

3- اسلوبية البناء الشعري دراسةٌ اسلوبية في شعر سامي مهدي، ارشد محمد علي، دار الشؤون الثقافية، بغداد، الطبعة الأولى، 1991م0

4- الاسلوب والاسلوبية نحو بديل السُني في النقد العربي، عبد السلام المسدي، الدار العربية للكتاب، تونس، الطبعة الثالثة، د.ت.

5- الأعلام: قاموس تراجم اشهر الرجال والنساء من العرب المستعربين والمستشرقين، خير الدين الزركلي، دار العلم للملايين، بيروت، الطبعة الرابعة، 1979م.

6- الامام الشيرازي التنوع الانساني المبدع، السيد محمد الشيرازي، مركز الامام الشيرازي للبحوث والدراسات، بيروت، الطبعة الاولى، 2002م.

7- الامير، نيقولا ميكافيلي، دار الحرم للتراث، القاهرة، الطبعة الاولى، 2010م.

8- البيان الجلي في افضلية مولى المؤمنين علي (ع)، عيدروس الاندونيسي (ابن رويش)، اعداد السيد مهدي الرجائي، دار الثقلين، بيروت، الطبعة الاولى، 1995م0

9- تاج اللغة وصحاح العربية، إسماعيل بن حماد الجوهري، تحقيق: أحمد عبد الغفور عطار، الطبعة الثانية، دار العلم، 1979م

10 ــ التطبيق الصرفي، عبده الراجحي، دار المعرفة الجامعية، القاهرة، الطبعة الثانية، 2...م.

11ـ جواهر البلاغة في المعاني والبديع والبيان، احمد الهاشمي، دار الكتب العلمية، بيروت، د.ط، 2001م.

12ـ الحصيلة اللغوية، د. احمد محمد المعتوق، عالم المعرفة، الكويت، د0ط، 1990م.

13ـ خلاصة الكلام في معرفة ما يجب لآل البيت النبوي (ع)، تقي الدين المقريزي، تح: محمد عاشور ــ علي عاشور، مكتبة السيدة معصومة (ع)، قم، الطبعة الاولى، 1446هـ.

14ـ اساليب الطلب عند النحويين والبلاغيين، د0 قيس اسماعيل الآوسي، بيت الحكمة للنشر والتوزيع، د.ط، 1989م.

15ـ فقيه الامة ومرجع الأئمة علي بن ابي طالب (ع)، د. محمد بكر اسماعيل، مطبعة كلها، قم، الطبعة الأولى، 2006م.

16ـ فلسفة الفكر الإسلامي، عبد الله احمد اليوسف، مؤسسة البلاغ، بيروت، الطبعة الأولى، 2002م.

17ـ في النحو العربي قواعد وتطبيق، د. مهدي المخزومي، دار الرائد العربي، بيروت، الطبعة الثانية، 1986م.

18ـ في النحو العربي نقد وتوجيه، د. مهدي المخزومي، دار الرائد العربي، بيروت، الطبعة الثانية، 1986م

19ـ في النقد الأدبي الحديث والمذاهب الأدبية، د. حسن الخاقاني، مكتبة الباقر، النجف الأشرف، الطبعة الأولى، 2010م

20ــ لسان العرب، جمال الدين محمد بن مكرم بن منظور، (ت711هـ)، المطبعة الأميرية، بولاق، مصر، 1303هـ

21ـ اللغة العربية قيمٌ واصول، د. ميشال اسحاق، مؤسسة دار الريحاني، بيروت، الطبعة الاولى، 1999م

22ـ مالك الأشتر وعهد الامام علي (ع)، عباس علي الموسوي، دار الاضواء، بيروت، الطبعة الأولى، 1987م.

23ـ محمد وعلي النبي والإمام، مرتضى مطهَّري، دار الإرشاد، بيروت، الطبعة الاولى، 2009م0

24ـ ملحمة الامام علي (ع) او القصيدة العلوية المباركة، عبد المسيح الأنطاكي، مؤسسة الأعلمي، بيروت، الطبعة الثانية، 1991م

25ـ الموازنة بين الشعراء، زكي مبارك، دار الجيل، بيروت، الطبعة الأولى، 1993.

26ـ نهج البلاغة، الامام علي (ع)، جمعه السيد الشريف الرضي، شرح الشيخ محمد عبده، مؤسسة المختار، القاهرة، الطبعة الثانية، 2008م

....................................

((الرسائل والأطاريح))

1ـ شعر جواد شبر اتجاهاته وخصائصه الفنية (رسالة ماجستير)، سناء فاضل العوادي، جامعة كربلاء، كلية التربية للعلوم الإنسانية، 2015م.

2ـ لغة الشعر عند احمد مطر (رسالة ماجستير)، د.مسلم مالك الأسدي، جامعة كربلاء، جامعة بابل، كلية التربية، 2007م.

3ــ شعر عمر بن ابي ربيعة والعباس بن الأحنف دراسة تحليل وموازنة، سهيلة مصطفى البرزنجي، (رسالة ماجستير)، جامعة بغداد، 2006

((الدوريات))

1ــ مجلة دراسات اسلامية معاصرة، تصدر عن كلية العلوم الإسلامية جامعة كربلاء، العدد العاشر 2014م.




اضف تعليق