q

بحث في هذا الأسبوع من ملتقى النبأ الأسبوعي مركز المستقبل للدراسات والبحوث ورقة تحمل معها أسئلة عن الحوثيين وإمكانية حكم اليمن، قدمها الباحث في المركز الدكتور قحطان الحسيني، جاء فيها:

ان الحركة الحوثية: هي حركة دينية سياسية مسلحة تتخذ من صعدا شمال غرب اليمن مقرا لها سميت بهذا الاسم نسبة الى مؤسسها زعيم الحركة بدر الدين الحوثي ونجله حسين الحوثي تأسست الحركة سنة 1992 كردة فعل لما يشعر به اتباعهم من تهميش وتمييز تمارسه الحكومة اليمينة ضدهم، شعارها ( الله اكبر، الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، النصر للإسلام)، ينتمي قادة واعضاء الحركة الحوثية الى المذهب الزيدي وبالتحديد المذهب الجارودي احد المذاهب التي تتكون منها الفرقة الزيدية، هنالك من يقول انهم بدأوا يتحولون الى المذهب الاثني عشري بتأثير من ايران لكنهم ينفون ذلك، خاضوا حربا ضد الحكومة اليمينة امتدت من 2004 الى 2010 كما دخلوا في مواجهة مع السعودية سنة 2009. تشير التقديرات غير الرسمية الى ان الحوثيون يشكلون مابين 3-5% من مواطني اليمن البالغ عددهم 26.5 مليون بينما يشكل الزيديون مايقارب الثلث من سكان اليمن ويمثل بدر الدين الحوثي الزعير الديني لهم وهو من مواليد 1926.

اما اول زعيم سياسي لهم فهو نجله حسين الحوثي من مواليد 1963 الذي اسس حزب الحق وكان عضوا فيه في مجلس النواب من سنة 1993 الى 1997 وهو من المؤسسين لتنظيم الشباب المؤمن 1992 وقتل في 2004 في حرب الحوثيين مع حكومة علي عبد الله صالح وقد تزعم اخوه عبد الملك الحوثي الحركة بعد مقتل اخيه حسين وهو يمتلك قدرة خطابية وفكرية مكنته من ان يصبح قائدا ذو شخصية كارزمية ملهمة.

يتهم معارضو الحوثيين ومن التجمع اليمني للاصلاح/فرع الاخوان في اليمن وكذلك السعودية، يتهمون الحوثيين بتلقي الدعم من ايران مع نفيهم لذلك، اعلن الحوثيون تأييدهم لثورة الشباب اليمنية في سنة 2011 واتخذوا اسما جيدا لهم (حركة انصار الله) واستمروا في تحقيق انتصارات سياسية وعسكرية حتى تمكنوا في 23 ايلول 2014 من السيطرة على كامل صنعاء بعد اعتراضهم على سياسية عبد ربه منصور هادي الرئيس اليمني الذي انتخب بالتوافق في سنة 2012، وفي 6 شباط اعلنت الجماعة اعلان دستوري من طرف واحد عقب فشل المشاورات لإيجاد حل للازمة السياسية في البلاد ويتضمن الاعلان الدستوري تحديد فترة انتقالية لمدة سنتين وتشكيل مجلس رئاسي من 5 اشخاص ومجلس وطني انتقالي من 551 يحل محل البرلمان المنحل.

في ظل الاحداث المتتالية في اليمن وسيطرة الحوثين على زمام الامور فيها يبقى مستقبل اليمن مفتوحا على مشاهد واحتمالات عديدة وهنا يطرح تساؤل محدد وهو: هل يستطيع الحوثيون ان يحكموا اليمن ويحققوا الاستقرار المنشود؟

ان الاجابة عن هذا التساؤل تدفعنا الى تشخيص اهم الصعوبات والتحديات التي تواجه الحوثيين في مساعهم لتحقيق السيطرة الكاملة على اليمن وهي:

اولا: ان اليمن مقسمة طائفيا ولا يوجد مذهب يشكل اغلبية عظمى في البلاد فالحوثيين الشيعة يلقون معارضة من السنة المتشددين وهذا الصراع الطائفي قد يشكل عقبة رئيسية امام استقرار البلد وقد يؤدي في النهاية الى اندلاع حرب اهلية.

ثانيا: ان الخوف من نجاح الحوثيين قد يؤدي الى موجة من التدخلات الاجنبية في الشأن الداخلي اليمني خاصة ان السعودية تعتبر الحوثين وكيلا لإيران.

 لقد شكلت سيطرة الحوثيين في اليمن صدمة كبيرة للسعودية وهي قد لا تقف مكتوفة الايدي في مواجهة الخطر الحوثي القادم من الجنوب مما يهدد اليمن بان تكون ساحة لإدارة الصراع بين ايران والسعودية.

 ثالثا: هناك من يرى ان طبيعة الحركة وظروف نشأتها وطبيعة استخدامها للقوة تجعل منها حركة دينية شمولية لا تقبل التعدد او العمل في ظل نظام ديمقراطي، كما تعاني الحركة من محدودية الاتباع مقارنة بأعداد خصومها الذين يزدادون بشكل طردي كلما زادت نجاحاتها.

رابعا: نقص الموارد المالية للحوثيين، فاليمن من افقر دول العالم ومواردها الذاتية ابعد ما تكون كافية لتلبية المطالب الشعبية، وبذلك فان اليمن تعتمد بشكل كبير على المساعدات الخارجية، وهذه المساعدات قد تنحصر في ظل هيمن الحوثيين على اليمن ومساعدة ايران لن تكون كافية لتمويل دولة بحجم وطبيعة اليمن، اذا ان قدرات ايران المالية لن تكون كافية لتجاري قدرات خصومها الاقليمين والدوليين والذين سيحولون دون تمكن الحوثيين من تأسيس نظام حكم قوي في اليمن.

خامسا: يشكل الموقف الأمريكي الصامت تجاه الحوثيين لغزا مثيرا للانتباه فمن ناحية وجدت الادارة الأمريكية في الحوثيين وسيلة للقضاء على خطر القاعدة في اليمن حسب قول مسؤول امريكي (لقد انجز الحوثيين على مدى اسابيع مالم تستطع فعله الولايات المتحدة والجيش اليمني ونقلوا المعركة الى مواقع القاعدة ولكنهم لم يتعلموا من اخطاء الاخرين، منهم منخرطون في اعمال انتقامية ومحاولة الاستئثار بالسلطة ولن يبقوا فيها للابد).

ويبدو ان الموقف الامريكي قائم على استراتيجية تصفية الاعداء بإثارة ودعم الحرب بينهم فكل من الحوثيين والقاعدة يشكلون اعداء لأمريكا ولكن الحوثيين من الواضح انهم لا يستهدفون المصالح الامريكية خلافا للقاعدة لكنهم يرفعون شعارات معادية لامريكا وبالتالي فأولوية الاستراتيجية الأمريكية هي القضاء على القاعدة واحدى ادوات الحرب الأمريكية على القاعدة هم الحوثيون.

الأسئلة والمداخلات

ثم طرح الدكتور قحطان مجموعة من الاسئلة ليستمع بعدها الى مداخلات الحضور، وكان اول هذه الاسئلة هي،

هل يتمكن الحوثيون من فرض هيمنتهم وحكمهم على اليمن وكيف؟

حيث كانت بداية الإجابات مع الباحث احمد جويد مدير مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات جاء فيها انه من الصعوبة تحقيق الاستقرار في ظل التدخلات الغربية على إن يكون التأثير الإيراني واضح، ومراعاة المواقف الدولية للاعتراف بهم. وأضاف جويد إن تنظيمهم عال جدا وخطواتهم محسوبة لذلك هم حرصوا إن يكون القائد عسكري وطريقة احتفالهم يعد بمستقبل فيه استقرار وهدوء وكاسب، مع محاولة التنسيق والاقتراب من الأحزاب اليسارية في جنوب اليمن.

ويعتقد الدكتور حازم البارز ان الحوثيين يستطيعون السيطرة على اليمن والاستحواذ على السلطة ولكن ليس بشكل تام ذلك لان اليمنيين تحكمهم العلاقات العشائرية والقبلية. ويسودهم الفقر وهم دائما بحاجة للمساعدات. وأضاف البارز ان الحركة الحوثية هي من أكثر الحركات انفتاحا وهو يعتقد أنها جزء من الربيع العربي ويؤمن بنجاحها في السيطرة على اليمن.

الدكتور علي ياسين من جامعة كربلاء قال ان نجاح الحركة مرهون بالنجاح الدولي حيث إن أميركا تخطب ودها وإيران تحركها وتدعمها السياسة الإيرانية متى مانجحت بتطمين السعودية. والتحدي الأكبر هنا هو نجاح الحركة داخل اليمن بالدرجة الأولى في ظل وضع اقتصادي ضعيف وتنازع عرقي وطائفي كبير.

من جهته أوضح الشيخ مرتضى معاش رئيس مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام ان الحوثيين هم انبثاق هم انبثاق من الحركة الزيدية القديمة وهم قد يكونون اقرب إلى السعودية من إيران في جذورهم العشائرية، واقرب الى ايران في بناهم العقائدية، ويرى معاش إنهم قادرون على حكم اليمن. وتابع إن السعودية تفضل التعامل مع الحوثيين لان وجودهم يهدد القاعدة والإخوان المسلمين في اليمن الذي هو الخاصرة الضعيفة بالنسبة للسعودية. ويقال أيضا إن أمريكا وراء الصعود الحوثي وهي تريد أن تكرر تجربة حزب الله في لبنان، وقد لوحظ صمت السعودية تجاه حركة الحوثيين وهذا يراه البعض اتفاق خفي بين السعودية والحوثيين.

ويشير احمد المسعودي التدريسي في كلية العلوم الإسلامية إلى عدة عوامل داخلية وخارجية ترفع من أهمية الحوثيين في اليمن ومنها الموقع الإستراتيجي المهم بالنسبة لليمن على البحر الأحمر وهذا الموقع مهم بالنسبة لأميركا وبريطانيا والخليج ولهذا فان سيطرة الحوثيون على سدة الحكم أكثر أمانا من القاعدة وهذا يفسر صمت الولايات المتحدة تجاه الحوثيين.

وتابع إن الشعارات التي يرفعها الحوثيون لمكافحة الفقر في اليمن تشكل عاملا داخليا مهما وهو يساعد على صعود نجم الحوثيين في اليمن وهم الأكثر تنظيما وأكثر قدرة على التغيير.

ويختلف الباحث حيدر المسعودي مع الجميع في إن الحوثيين سيحكمون اليمن وهو يعتقد انهم ممكن لهم ان يسيطروا عسكريا فقط وهم مازالوا ميليشيا ولم تكتمل ملامح الدولة لديهم فضلا عن غياب المنظرين وقادة الرأي والمراكز البحثية. ولازال الحوثيون يحملون السلاح بالزى القديم ولايوجد كلام عن فكرة أو رؤية إستراتيجية. وبالتالي هم يمكن ان يهيمنوا عسكريا فقط وبشكل مؤقت.

الباحث باسم الحسناوي من مركز الفرات للتنمية والدراسات الإستراتيجية قال: نعم هم قادرون على حكم اليمن ولكنهم غير قادرين على السيطرة تماما حيث استطاع الحوثيون السيطرة على ثلاثة أرباع اليمن خلال اقل من عام لان اليمن تحكمها الطبيعة العشائرية أكثر من المذهبي وبنفس الوقت الشعب فقير وليس متطرف أو متشدد، ويرى الحسناوي أن الطبيعة العشائرية تجعلهم أكثر انجذاب للحكم وبشكل غير مباشر.

والسؤال الثاني الذي طرحه الحسيني كان عن نظام الحكم كيف سيكون في ظل الحوثيين؟

أجاب الباحث احمد جويد، ان نظام الحكم أما يكون برلماني رئاسي بانتخاب رئيس الجمهورية بشكل مباشر أو برلمان ينتخب رئيس الجمهورية من داخل البرلمان وكما هو نظام الحكم في العراق مع حكومة مركزية. ويحرص الحوثيون على إرضاء جميع شركائهم وخاصة الجنوبيون وهم يحاولون سحب الشخصيات البارزة لتشكيل المجلس التأسيسي الذي سيحكم لمدة سنتين يتمكن الحوثيون خلالها من تهيئة صفوفهم عسكريا واقتصاديا وسياسيا وامنيا استعداد لحدث الانتخابات الذي سيشكلون منها حكم برلماني رئاسي ويستلمون الحكم بشكل مباشر.

ويتفق الدكتور حازم مع جويد في شكل الحكم سيكون برلماني وستكون هناك حكومة مركزية بالتوافق.

في حين يرى الدكتور علي ياسين ان نظام الحكم ستغذيه الحاجة الاجتماعية في بلاد مثل اليمن ويكون مستقبل اليمن مع الفدرالية وخصوصا اليمن الجنوبي. ويعتقد ياسين ان اليمن مهيئة جدا للتقسيم الفدرالي وهذا يعتمد على طبيعة الأحداث التي ستحصل في الأيام القادمة.

ويرى الشيخ مرتضى معاش إن أصل المشكلة العربية هي النظام الرئاسي الاستبدادي والمركزية. لذلك في المستقبل القادم ستكون هناك أنظمة برلمانية فدرالية مثل العراق وحتى مصر التي شذت عن هذا النظام ستعود إليه كذلك اليمن لايمكن إن يحل إلا بالنظام الفدرالي وفق التوافقية والمحاصصة لان العشائر لاتتحمل نظام رئاسي.

من جهته يعتقد هاشم المطيري من منظمة العمل الإسلامي إن النظام اليمني نظام قبلي وقد استنفذته وأنهكته الحروب والمشاكل الداخلية وقد استفادوا منها الحوثيون لتحقيق انتصاراتهم. وباعتقاده ان النظام سيكون برلماني يقسم المناصب على أساس مناطقي وعشائري.

وعن سؤال هل ستتغير المواقف الدولية تجاه الحوثيين؟

بين احمد جويد إن أول موقف صدر عن البيت الأبيض هو التردد والصمت وهذا ليس حقيقي وإنما استهلاك إعلامي لان الولايات المتحدة دائما تبحث عن قيادة واضحة للتحدث معها سواء يشكل مباشر أو عن طريق إيران وهي توافق على سيطرة الحوثيون في اليمن، أما عن السعودية فهي مطمئنة الآن من جهة خطر القاعدة وهي سوف لن تتدخل بالشأن الداخلي بشكل قوي وإذا استشعرت السعودية خطر من الحوثيين حينها تقوم بتحريك ورقة الطائفية في الجنوب لتقلق الوضع الداخلي لليمن.

ويقول ياسين إن الحركة الحوثية التي انبثقت بدعم إيراني أصبحت ورقة جوكر رابحة للسعودية ولكن مؤقتة لأنها تعمل بوصية الملك عبد العزيز (مامن خير أو شر إلا ويأتيكم من اليمن). وخلص الكلام ان مستقبل الحركة الحوثية مرهون بنجاح السياسة الإيرانية ومرتبطة بالملف النووي.

من جهته قال الشيخ مرتضى معاش بهذا الخصوص: أميركا الان تسعى للتوفيق بين ايران والسعودية من اجل حل الملفات ومنها اليمن، لكن السعودية تخاف من الدور للإيراني وتشعر بالقلق منه، وسياسة أميركا دائما تركز على تحالف المعتدلين في مقابل المتشددين. أما عن السعودية فإنها قبلت بالحوثيين لأنهم لايهددون امن السعودية وهم لايشكلون خطرا مثل الإخوان أو القاعدة لان الإخوان حزب ذو خلفية إيديولوجية. وفي ذات السياق قال احمد المسعودي إن الحوثيين هم الجبهة الأكثر هدوءا بالنسبة للسعودية والمنطقة التي فيها اليمن.

واختتم الملتقى الشيخ مرتضى معاش بالكلام عن الدور القطري قائلا: إن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري رحب بالدور القطري في اليمن وذلك يعود لاحتمالين أولهم إشراك الإخوان باللعبة اليمنية لتفادي الأزمة والاحتمال الثاني هو ابتزاز للسعودية لان لديها ممانعة للمشروع الأميركي الجديد بالمنطقة. ودليل الابتزاز هو إن أميركا فتحت ملفا جديدا للسعودية وتم نشر تقرير خاص عن تورط امراء سعوديين في دعم تنظيم القاعدة، أي إن هناك خلاف أميركي سعودي يتصاعد، ويقال إن الهدف من حرب هبوط أسعار النفط هو أميركا وليس إيران.

اضف تعليق