لم تكن أرنان متيقنة من أن ذلك المؤتمر لا يندرج تحت مسمى "المؤتمرات الزائفة"؛ وهي مؤتمرات عادةً ما تُعرف بسوء التنظيم وضعف الجدارة الأكاديمية، إذ تركز بدلًا من ذلك على الاستغلال والربحية. وفي بعض الأحيان، تمتلئ الدعاية الخاصة بها بمزاعم وادعاءات مضللة لإغراء الباحثين بالحضور...
في الوقت الذي تبدو فيه بعض الاجتماعات أشبه بجلسات عقيمة، تخدم فقط في جمع الأموال لمنظميها، قد تكون بعض الاجتماعات البعيدة عن الأضواء مفيدة لقطاعات من المجتمع العلمي.
ذات يوم صادفت كارمي أرنان روس، وهي مديرة مختبر وفنية أبحاث بمركز تنظيم الجينوم في مدينة برشلونة الإسبانية، إعلانًا بدا مثيرًا للاهتمام يتحدث عن مؤتمر يجري تنظيمه في المملكة المتحدة. أبدت الباحثة اهتمامًا بتلك الفعالية التي نظمتها شركة بريطانية خاصة يتشابه اسمها مع اسم جامعة مرموقة رغم عدم وجود أية صلة بين الاثنتين.
لم تكن أرنان متيقنة من أن ذلك المؤتمر لا يندرج تحت مسمى "المؤتمرات الزائفة"؛ وهي مؤتمرات عادةً ما تُعرف بسوء التنظيم وضعف الجدارة الأكاديمية، إذ تركز بدلًا من ذلك على الاستغلال والربحية. وفي بعض الأحيان، تمتلئ الدعاية الخاصة بها بمزاعم وادعاءات مضللة لإغراء الباحثين بالحضور.
بناء على ذلك الإعلان، تحرت أرنان الأمر كما ينبغي وتحققت من مكان انعقاد المؤتمر. كذلك تواصلت مع بعض المتحدثين والشركات المعلن مشاركتهم في المؤتمر. كما أرسلت رسائل بريدية إلكترونية ورسائل عبر منصة التواصل المهني «لينكد إن» إلى المتحدثين الذين حضروا المؤتمر ذاته في السابق.
كمحصلة، خرجت أرنان بنتائج متباينة. بدايةً، لم تتمكن من العثور عبر الإنترنت على البرنامج الخاص بالمؤتمر سواء فيما يخص العام السابق أو المؤتمر المزمع عقده الذي تنوي حضوره؛ وهو ما أثار قلقها. كذلك تلقت رسالة من باحثة شاركت في المؤتمر في دورته السابقة تنصحها فيها بعدم دفع رسوم مقابل استعراض ملصق لها في المؤتمر "لأن المؤتمر مُخصص للتواصل أكثر منه للمناقشات العلمية". وعلى حد قول أرنان، أخبرتها باحثة أخرى "أن المؤتمر كان مناسبا للعلوم التطبيقية والانتقالية بدرجة أكبر من علوم الأحياء النظرية". وحتى بعد أن تحدثت إلى عدة أشخاص بشأن المؤتمر، لم تتمكن أرنان من حسم أمرها.
كيف إذن يمكن تحديد المؤتمرات الدولية التي تستحق الحضور، بالنظر إلى أن العلماء لا يسعهم إلا إنفاق القليل من الوقت والجهد والمال والميزانيات الكربونية (التي تفرض حدًا أقصى للانبعاثات الكربونية الصادرة عن التنقلات إلى المؤتمرات)؟ في هذا المقال، يقدم بعض رواد المؤتمرات المتمرسين عدة مقترحات مفيدة في هذا الصدد.
تحقق أولًا من نطاق المؤتمر والمحاور التي يركز عليها
على غرار كثير من الباحثين، تسعى روز جودي إلى تعظيم فرصها في السفر لحضور المؤتمرات. أما جهة عملها، «كاريا» Carya، وهي منظمة غير ربحية يقع مقرها في كالجاري بكندا وتقدم الدعم لمقدمي الرعاية إلى جانب الاستشارات وغيرها من البرامج الأخرى التي تهدف إلى تعزيز بنيان الأسر والمجتمعات، فلا تقدم في العادة تمويلًا للباحثين الراغبين في السفر لحضور مؤتمرات.
ولما كانت جودي تبحث عن فرص للتعرف على ما وصل إليه علم الشيخوخة في القارة الأوروبية وعن باب لطرح بحثها الذي يتناول مشروع «كاريا» بشأن إساءة معاملة المسنين في مجتمعات الأقليات العرقية، خططت لحضور مؤتمر الجمعية البريطانية لعلم الشيخوخة الذي كان من المقرر عقده في نيوكاسل أبون تاين بالمملكة المتحدة في يوليو الماضي. ولكن عندما أخبرها زميل لها عبر منصة «لينكد إن» لاحقًا عن مؤتمر لعلم الشيخوخة سيُعقد في لندن بعد أسبوع واحد فقط من مؤتمر نيوكاسل، بدت الفرصة سانحة أمام الباحثة لإلقاء كلمتها مرتين متتاليتين.
انعقدت هذه الفعالية باسم المؤتمر الأوروبي للشيخوخة وعلم الشيخوخة، ونظمها المنتدى الأكاديمي الدولي، وهو منظمة غير ربحية يقع مقرها في مدينة ناجويا اليابانية. وقد حضرها أيضًا مراسل من دورية Nature كان يجري تحقيقا إخباريًا بشأن مختلف أنواع المؤتمرات الأكاديمية.
تواصلت جودي مع الجهة المنظمة للمؤتمر مُسبقًا؛ وكانت تلك الاتصالات واعدة ومبشرة، بحسب اعتقادها. ولم تساور الباحثة شكوك بشأن المؤتمر إلا قبل بضعة أيام من انعقاده عندما كانت تقرأ ملخصات العروض التقديمية لتحديد المحاضرات التي ترغب في حضورها على هامش المؤتمر. من بين المواضيع المُتنوعة المطروحة في المؤتمر وجدت جودي أن موضوع تعليم الأطفال يظهر أمامها مرارًا وتكرارًا. وتقول عن ذلك: "أخذت أفكر «هل ما أراه هو برنامج العمل الصحيح للمؤتمر؟» في الحقيقة شعرت أني متفاجئة من ذلك".
عادة ما يتضمن نموذج مؤتمرات المنتدى الأكاديمي الدولي عدة مؤتمرات عامة تُعقد في المكان نفسه ولها جداول زمنية متداخلة. ويمكن لغير الأكاديميين طرح عروضهم التقديمية في تلك المؤتمرات ويحصل أعضاء المنتدى الأكاديمي الدولي على خصومات على رسوم التسجيل. كذلك في أغلب الأحيان يجد الحاضرون أنفسهم يديرون بعضًا من أعمال المؤتمر بأنفسهم؛ فمنهم من يراجع ملخصات أبحاث زملاءه؛ ومنهم من يساعد الآخرين في تحديد مواعيد محاضراتهم؛ ومنهم أيضًا من يرأس بعض جلسات المؤتمر التي تضم عدة متحدثين.
تناول المؤتمر المنعقد في لندن مجموعة من المواضيع، من بينها علم الشيخوخة والتربية والتعليم وتعلم اللغات والفنون والعلوم الإنسانية، واستضاف مئات من الأشخاص. وفي أول يومين من برنامجه، ألقى عديد من الأكاديميين العاملين في المنتدى الأكاديمي الدولي أو الذين كانوا أعضاء في لجان المؤتمر التي تركز على التعليم كثيرًا من الكلمات الرئيسة في جلساته. وقد تضمنت الجلسات عروضًا تقديمية لملصقات شملت بالفعل مواضيع تخص علم الشيخوخة. في أحد هذه العروض التقديمية، طبع باحث مخطوطة بحثه على ورق بحجم إيه 4 وثبت الأوراق على سبورة بدلًا من استعراض ملصقه أمام الحضور على شاشة. ولأن اليومين الأولين من وقائع المؤتمر لم يطرحا تقريبًا أي موضوعات ذات أهمية لجودي، لم تطل مشاركتها في الفعالية. ففي نهاية المطاف، حدثت نفسها قائلة: "أنا أحب لندن وبوسعي الآن القيام بأشياء كثيرة أخرى، مثل القيام بجولة استكشافية في المدينة والتجول في شوارعها والاستمتاع بالطقس". وهي تضيف: "قررتُ في نهاية الأمر أن هذا ما سأفعله". ومن ثمَّ، غادرت المؤتمر.
أعقب اليومين الأولين من وقائع المؤتمر اللذين جمعا ما بين جلسات لإلقاء كلمات رئيسة وجلسات لاستعراض الملصقات يومان آخران من العروض التقديمية الشخصية وُزع فيهما الباحثون على عشر قاعات (بعدد حضور يتراوح بين 7 و25 شخصًا) ثم اختتم المؤتمر بيوم واحد من العروض التقديمية عبر الإنترنت. ومن بين هذه الأيام الخمسة، لم يكن ثمة تركيز على علم الشيخوخة سوى في يوم واحد فقط وفي قاعة واحدة فقط من قاعات المؤتمر. حول ذلك، تقول جودي: "جئتُ من كندا على اعتقاد بأن هذا المؤتمر يركز على علم الشيخوخة بشكل بحت. إلا أنك إن دعوت مئات الأشخاص ممن ينتمون إلى تخصصات متنوعة ليس بينها أي تداخل بالضرورة، فالأمر – على حد اعتقادي- سيكون مُرهقا نوعا ما".
لم تكن جودي عالمة الشيخوخة الوحيدة التي أعربت عن سخطها واستيائها من ضمن الحضور؛ فقد صرح باحث طبي من الهند حضر المؤتمر نفسه لمراسل دورية Nature بأنه يرى أن المؤتمر لم يقدم له قيمة جيدة مقابل الرسوم التي دفعها لحضوره (تتراوح تكلفة التسجيل في المؤتمر عبر الموقع الإلكتروني عادةً ما بين 350 جنيها إسترلينيا (453 دولارا أمريكيًا) و450 جنيهًا إسترلينيًا للمشاركين من غير الأعضاء في المنتدى الأكاديمي الدولي). وأضاف الباحث الهندي أن تلك الفعالية ربما تكون مفيدة لصغار الباحثين في مقتبل مسيرتهم المهنية الذين تكون لديهم رغبة في التواصل؛ إلا أن المحتوى العلمي للمؤتمر لم يكن كافيًا بالنسبة إلى الباحثين المحترفين الأكثر خبرة. كذلك أبدت طبيبة مشاركة من نيوزيلندا، في حديثها إلى دورية Nature، غضبها؛ وأضافت أن أكثر ما أثار استيائها هو أنه أثناء عملية التسجيل لم توضح الجهة المنظمة أن المؤتمر سيركز على عدة مجالات في آن واحد، إلا أن بعض المراسلات المتعلقة بالمؤتمر التي اطلع عليها مراسلو دورية Nature أشارت إلى ذلك التداخل في التخصصات.
ومع ذلك، أعرب عدد كبير من المشاركين في هذا المؤتمر، وغيره من المؤتمرات التي اضطلع بتنظيمها المنتدى الأكاديمي الدولي، عن رضاهم. أما المنتدى الأكاديمي الدولي ذاته، فيرى أن تعدد التخصصات في المؤتمر يُعد ميزةً لا عيبًا. وقد حظي الباحثون المتخصصون في مجال التربية والتعليم بتمثيل جيد في هذا المؤتمر، إلا أن بعض هؤلاء الباحثين ممن تحدثوا إلى دورية Nature قالوا إنهم شعروا بأن ذلك النوع من المؤتمرات، بعموميته الشديدة وتعدد التخصصات وتداخلها فيه، لم يكن مفيدًا لهم بدرجة كبيرة. جدير بالذكر أن المنتدى الأكاديمي الدولي لم يرد على الطلب المقدم من مراسلي دورية Nature للتعليق على هذه المسألة.
على نطاق أوسع، لا بد من الإشارة إلى أن ثمة مزايا يمكن المفاضلة بينها لكل من المؤتمرات التي تركز بدرجة أكبر على المساواة بين المشاركين وتلك التي تميل إلى الانتقائية في وضع قائمة المشاركين بها. فمثلًا، من أهم فوائد المؤتمرات الأقل انتقائية زيادة احتمالية قبول طرح العروض التقديمية للباحثين، بيد أن تلك العروض ربما لا يحضرها إلا عدد قليل من الباحثين الأقل الخبرة في المجال المعني. ويرى ديفيد كاي، وهو باحث قانوني في جامعة ولاية بنسلفانيا في يونيفرستي بارك، يدير مدونة "المؤتمرات الأكاديمية المثيرة للريبة"، أنه إذا كان الأشخاص الذين يحاضرون بشأن موضوع بعينه يفتقرون إلى المعرفة الجيدة بذلك المجال، فلا شك أن هذه علامة مقلقة. استلهم كاي هذه المدونة من مدونته المتخصصة في علم الأدلة الجنائية، والتي كان قراؤها مهتمين بمناقشة مدى جودة المؤتمرات.
يستخدم كاي عبارة "المؤتمرات المثيرة للريبة" لأنه يحجم عن تأييد المجلات أو المؤتمرات أو انتقادها. ويشير في هذا السياق إلى بعض الممارسات التي تشهدها المؤتمرات والتي يصفها بأنها "فارقة"، مثل إدراج أسماء المتحدثين المدعوين للمشاركة في المؤتمر كما لو كانوا ملزمين بالحضور. ويشير الباحث أيضًا إلى أن "كون المؤتمر منخفض الجودة لا يعني أن تلك الممارسات استغلالية". وأخيرًا، يرى كاي أنه فيما يخص المؤتمرات رفيعة الجودة، لا بد من اتباع بعض المعايير الانتقائية في اختيار المتحدثين.
تحقق من الجهة المنظمة للمؤتمر
يرى أوليفييه ساندريه، وهو باحث في مختبر كيمياء البوليمرات العضوية في بوردو بفرنسا، أنه شخص محظوظ. اعتاد ساندريه السفر لحضور مؤتمرين أو ثلاثة مؤتمرات دولية سنويًا؛ إذ يًعِد ذلك ضروريًا لتعزيز مسيرته المهنية. غير أنه الآن، وبعد أن حصل على ترقية، لم يعد يشعر بوطأة تلك الضغوط ومن ثمَّ لا يحضر سوى مؤتمر دولي واحد كل عامين تقريبًا.
شارك ساندريه في بعض المؤتمرات التي يصفها بأنها مثيرة للريبة. على سبيل المثال، في عام 2017، حضر الباحث مؤتمرًا حول علوم النانو، ويقول عنه إنه كان سيئ التنظيم وكانت جلساته تتناول مواضيع عامة (مثل "مواد الطاقة")؛ إلا أن ساندريه وزملائه تمكنوا من تنظيم أنفسهم، ما جعل المؤتمر في النهاية يبدو مثمرًا.
ينصح ساندريه الطلاب بالتزام جانب الحذر فيما يخص المؤتمرات الغريبة وغير المألوفة ويوصيهم بحضور المؤتمرات الراسخة والمعتمدة التي تضمن لهم الثقة في بناء علاقات وصلات مفيدة؛ ويضيف: "عندما تكون شابا، يتعين عليك أن تصنع اسمًا لنفسك في مجتمعك. وأعتقد أن أحد المهام المنتظرة منك بصفتك واحدًا من العلماء أن تعرض نتائج أبحاثك للآخرين".
والآن، بعد أن أصبح ساندريه أكثر انتقائية في اختيار المؤتمرات التي يحضرها، أصبح يحاذر بالأخص المؤتمرات التي تُديرها الشركات بدلا من الجمعيات العلمية. فمن وجهة نظره، لا بأس في أن تقدم الشركات بعض الخدمات العملية في المؤتمر، مثل وجبات الطعام، لكنه يرى أن تحديد المحتوى العلمي للمؤتمر لا بد أن يضطلع به العلماء. فإذا لم يتعرف ساندريه على اسم عضو واحد على الأقل من اللجنة المنظمة، فإن الشك يتسرب إلى نفسه من أن المؤتمر ربما لا يكون مفيدًا أو جيدًا. وإجمالا يشعر الباحث بالقلق على حد قوله من المؤتمرات التي "لا يستند برنامجها إلى هدف علمي؛ فتلك المؤتمرات تكون لها صبغة تجارية، إذ يرسل منظموها دعوات الحضور لأي شخص مهتم فحسب".
ليست مسألة أعداد فحسب
يرى البعض أن أحد عيوب المؤتمرات العريقة يتمثل في حجم المؤتمر. فيقول دانيال بلوش، وهو اختصاصي علم الفيزياء بمختبر فيزياء الليزر في باريس، إن بعض المؤتمرات تكون ضخمة للغاية لدرجة أن التنقل بين قاعاتها ربما يجعل الباحث يُشبه مسافرًا يتجول بين صالات مطار وقد أصابته حالة من الإرهاق نتيجة لفروق التوقيت (حضر بلوش بالفعل مؤتمرًا عُقد في مطار ميونيخ السابق في ألمانيا). إلا أن المؤتمرات الصغيرة على الجانب الآخر يعيبها محدودية الفرص المتاحة للتواصل وتبادل المعلومات.
يفكر بلوش كثيرًا بشأن جودة المؤتمرات؛ فقد شارك في مؤتمرات أطلق عليها اسم "المؤتمرات الكرتونية الهزلية"، ويضرب على ذلك مثالًا بمؤتمر فاجأ منظموه الحاضرين بشكل مثير للريبة بتغيير وصف المؤتمر من اجتماع تقني إلى مؤتمر دولي. أصبح بلوش الآن يساوره القلق من المؤتمرات التي يصفها بمؤتمرات "المنطقة الرمادية" والتي لا يمكنك أن تثق فيها بشكل قاطع والتي قد تفرض، على سبيل المثال، رسوم تسجيل مرتفعة أو تعاني من سوء التنظيم.
كذلك من الممكن أن تجد إعلانًا عن تلك المؤتمرات المثيرة للريبة على مواقع علمية مرموقة؛ أو أن تتولى دور نشر موثوقة نشر وقائع تلك المؤتمرات. من هنا، يرى بلوش أن المؤسسات، من عينة «سبرينجر نيتشر» Springer Nature، مُلزمة بتوخي المزيد من الحيطة والحذر بشأن المؤتمرات المرتبطة بها.
في هذا الإطار، يقول أحد المتحدثين باسم مؤسسة «سبرينجر نيتشر»: "لدينا توجيهات داخلية يتعين على الموظفين اتباعها بشأن كيفية تقييم اتفاقيات الرعاية والشراكات ومشروعات التعاون مع المؤسسات المختلفة" (جدير بالإشارة أن فريق الأخبار في دورية Nature مستقل تحريريًا عن ناشر الدورية).
تعمل بعض المنظمات، مثل «المنظومة الأكاديمية لمكافحة بيئة النشر الزائفة» Scholarly Ecosystem Against Fake Publishing Environment، التي تعرف اختصارًا ب (سايف SAFE) في كوريا الجنوبية على تزويد الباحثين بمعلومات حول المؤتمرات المثيرة للريبة. وترصد خريطة «سايف» مواقع بعض المؤتمرات الزائفة؛ لكن في الأغلب الأعم، كما يقول كاي، "نناشد حاليًا كل فرد بالتحقق من [جودة المؤتمرات] بنفسه".
على الجهة المقابلة، يدعو بعض الباحثين إلى حضور مؤتمرات أقل عددًا ولكن أرفع جودة. فتقول جيانينا أوربيلا، وهي طبيبة في مركز سانت لوك الطبي بمدينة كيزون في الفلبين، إن "الكيف يبقى أفضل من الكم". ويجب على كل راغب في المشاركة بمفرده تحديد المؤتمر الأكثر فائدة له. وتضيف أوربيلا: "يتعين علينا التزام جانب الحذر واليقظة وبذل العناية الواجبة". لا شك أن أرنان التي أشرنا إليها آنفا قد بذلت تلك العناية. فقد قررت بعد تفكير عميق استعراض ملصق لها في المؤتمر المنعقد في المملكة المتحدة في مقابل تكلفة وصلت إلى 200 جنيه إسترليني. إذ شعرت أن المؤتمر قد يكون مفيدًا للباحثين في المختبرات التجريبية بوصفه "فرصة للتواصل وإيجاد حلول تطبيقية لإجراء الأبحاث بشكل عملي". إلا أنها رغم ذلك لم تكن متأكدة بعد من الكيفية التي ستسير بها تلك الفعالية.
في المجمل، تقول أرنان: "كان المؤتمر أفضل مما توقعت". فقد أتيحت لها فرص عديدة للتواصل مع متحدثين بارزين في المؤتمر ومع غيرهم من الباحثين المشاركين وممثلي شركات علوم الحياة. وربما لم يكن المؤتمر مناسبًا لشخص لا يعمل في المختبرات التجريبية، على حد قولها، لكن بحكم عملها كفنية أبحاث كان المؤتمر مفيدا لها من حيث التعرف على منتجات جديدة، غير أن ذلك الحضور الكثيف من الشركات كان من الممكن أن يكون مزعجًا لباحثين آخرين، كما تشير تجارب ساندريه. وللأسف، كما تقول أرنان، لم يكن هناك تسليط كافٍ للضوء على الملصقات العلمية.
في الختام لا يسعنا إلا أن نقول إن تجارب الباحثين في حضور المؤتمرات غالبًا ما تكون متباينة. لكن إذا نجح الباحث مسبقًا في فهم إمكانات المؤتمر والوقوف على مواطن قصوره فلربما مكّنه ذلك من ضبط توقعاته وتقدير القيمة الحقيقية لحضوره المؤتمر، حتى لو تطلب الأمر قدرًا مستفيضًا من البحث المسبق.
اضف تعليق