q
بينما تخوض الفصائل المتحاربة في السودان هدنة وراء أخرى، ظهرت محدودية النفوذ الذي تحظى به الولايات المتحدة والسعودية وقوى أجنبية أخرى في إنهاء الصراع المستمر منذ شهرين والذي يفاقم وضعا كارثيا تعيشه البلاد. وأدى القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع، الذي وصفه دبلوماسي أمريكي بأنه سلوك انتحاري...

بلغ عمر الصراع في السودان شهرين ولا بادرة تلوح في الأفق على حل، فيما تتعثر الجهود الدبلوماسية للسلام وتتفاقم المخاطر من حرب عرقية على نطاق أوسع.

بينما تخوض الفصائل المتحاربة في السودان هدنة وراء أخرى، ظهرت محدودية النفوذ الذي تحظى به الولايات المتحدة والسعودية وقوى أجنبية أخرى في إنهاء الصراع المستمر منذ شهرين والذي يفاقم وضعا كارثيا تعيشه البلاد.

وأدى القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع، الذي وصفه دبلوماسي أمريكي في وقت سابق من الأسبوع بأنه سلوك "انتحاري"، إلى نزوح 2.2 مليون شخص وأودى بحياة ما لا يقل عن 1000، وهو رقم يقول المسعفون إنه أقل من الواقع.

ولا يبدو أن الجيش ولا قوات الدعم السريع شبه العسكرية محاصرين بما يكفي حتى يأخذا محادثات وقف إطلاق النار في مدينة جدة السعودية على محمل الجد، وهو ما يلقي الدبلوماسيون باللوم فيه جزئيا على القوى المتنافسة في المنطقة والتي يتحالف كل منها مع طرف مختلف في الصراع.

وقال مسؤول أمريكي إن جلب المزيد من اللاعبين الإقليميين لدعم المحادثات، مثل مصر، التي ترى الجيش أفضل رهان على الاستقرار في البلد المجاور، والإمارات، التي دعمت قائد قوات الدعم السريع في السابق، قد يكون مهما لإحراز تقدم.

والآن، بعد مضي ما يقرب من شهرين على اندلاع الحرب، تندفع ثالث أكبر دولة في أفريقيا والتي يبلغ عدد سكانها 49 مليون نسمة، فر منهم قرابة المليونين من ديارهم بالفعل، نحو أزمة إنسانية أسوأ إذ باتت مزارعها مهددة ولا يتسنى توصيل المساعدات إلى جميع المحتاجين بعدما تحولت مساحات كبيرة من العاصمة وغرب السودان إلى مناطق حرب.

وأوقف القتال حركة الاقتصاد، ودفع بملايين السودانيين في هاوية الجوع ودفعهم للاعتماد على المساعدات الخارجية، وأدى لتدمير النظام الصحي.

وبدأ القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع اللذين أطاحا معا بالرئيس عمر البشير في عام 2019، في قلب الخرطوم في 15 أبريل نيسان بعد خلاف على دمج قواتهما في إطار انتقال ديمقراطي جديد.

واتسع نطاق القتال منذ ذلك الحين ليطال مدنا رئيسية في غرب البلاد، وشهدت مدينة الجنينة بغرب دارفور أسوأ حلقات تمدد القتال، حيث رصد نشطاء مقتل 1100 شخص وقالت الأمم المتحدة إن 150 ألفا فروا إلى تشاد.

فشل الدبلوماسية

وقال مسؤول كبير بوزارة الخارجية الأمريكية إن طرفي الصراع في السودان لا ينتهزان فرصة محادثات جدة التي بدأتها الولايات المتحدة والسعودية بهدف التوصل لوقف دائم لإطلاق النار وفقا لما جرى الاتفاق عليه في بادئ الأمر.

وأضاف المسؤول الذي تحدث للصحفيين في واشنطن شريطة عدم الكشف عن هويته أن الولايات المتحدة تجري مشاورات حاليا مع السعودية ودول عربية وأفريقية بهدف التوصل لمسار للمضي قدما وتأمل في الإعلان عن نهج موصى به في الأيام القليلة المقبلة.

وتابع قائلا "نعتقد بأننا قدمنا لهما كل الفرص المتاحة. لقد اخترنا هذا المكان لنتيح لهما المحاولة والالتقاء معا ومحاولة إيجاد طريقة للمضي قدما لا تفضي إلى نتيجة تقوم على العنف أو الهيمنة العسكرية".

وأضاف "من الواضح أنهما لا ينتهزان هذه الصيغة التي قدمناها لهما. الطريقة التي اتفقا عليها في البداية غير ناجحة فيما يتعلق بهذه العملية التدريجية الرامية إلى التوصل لوقف دائم للأعمال القتالية".

ولم تفض محادثات جدة إلى وقف دائم للقتال وزادت حدة الاشتباكات بمجرد انتهاء سريان وقف لإطلاق النار يوم الأحد. وقال المسؤول الأمريكي إن الجيش رفض تمديد وقف إطلاق النار لمدة 24 ساعة.

وهزت الضربات الجوية والقصف المدفعي وإطلاق نار العاصمة الخرطوم ومدينتي بحري وأم درمان المجاورتين، مما أدى لمقتل مدنيين.

واستمرت أعمال العنف في بعض مناطق الخرطوم بينما أشار سكان إلى وجود حالة من الهدوء النسبي. ويتسبب القتال في أزمة إنسانية كبيرة للمدنيين مع انقطاع الكهرباء والمياه في كثير من الأحيان.

وصرح مسؤول كبير آخر بالخارجية الأمريكية للصحفيين بأن هناك "إدراكا بدأ يلوح في الأفق" بين طرفي الصراع بعدم وجود حل عسكري مقبول. وقال المسؤول إن هذا لم يُترجم بعد إلى استعداد لاتخاذ خطوات ملموسة لوقف إطلاق نار لفترة أطول ووضع حد نهائي للأعمال القتالية.

تقليص المحادثات

قال المسؤول الثاني إن الولايات المتحدة تتساءل إلى أي مدى يمكن أن تؤدي محادثات جدة إلى وقف أوسع للأعمال القتالية، وتدرس ما إذا كان لها أن تقلص المحادثات وتركز على المساعدات الإنسانية.

وأضاف المسؤول "هذا شيء نتحدث عنه بنشاط مع الشركاء".

وقال إن طرفي الصراع لم يتلقيا الكثير من الدعم الخارجي حتى الآن رغم المخاوف من أن يجتذب الصراع جهات أجنبية، مضيفا أنه يجري العمل لإبقاء الوضع على ما هو عليه الآن.

وقال المسؤول الأول "أعتقد أن شركاءهما السابقين مصدمون إلى حد ما. الجميع مصدوم -لا أحد يمكن أن يصدق أن أحدا سيتصرف بهذه الطريقة الانتحارية. وهم قلقون بشأن التأثير على بلدهم ومنطقتهم".

وقالت قوات الدعم السريع إنها سيطرت على قاعدة أم دافوق العسكرية بالقرب من الحدود مع جمهورية أفريقيا الوسطى.

ولم يتضح بعد حجم الخسائر التي تكبدها الجانبان لكن الجيش وقوات الدعم السريع لم يثبتا تفوقهما على ما يبدو.

وامتد القتال ليشمل أجزاء أخرى من السودان، ولا سيما مدينة الجنينة بولاية غرب دارفور حيث أعلن ناشطون مقتل 1100 شخص.

وسمحت اتفاقات وقف إطلاق النار السابقة بوصول بعض المساعدات الإنسانية إلى البلاد، لكن وكالات إغاثية ذكرت أن القتال والإجراءات البيروقراطية والنهب لا تزال تعرقل وصول المساعدات.

وقال مجدي الجزولي المحلل في معهد الأخدود العظيم "لن يتفاوض أحد بجدية حتى يشعروا بأن التوازن العسكري لم يعد قابلا للتغير... الديناميكية الداخلية لهذه الحرب تتعدى بعض الشيء مسألة النفوذ الذي يمكن لطرف خارجي أن يمارسه فعلا".

وبعد انتهاء الهدنة الأخيرة التي استمرت 24 ساعة يوم الأحد، أفاد سكان في الخرطوم ومنطقة العاصمة بتجدد القصف المدفعي والاشتباكات. وقالوا إن القتال احتدم منذ أوائل يونيو حزيران.

وترعى واشنطن والرياض محادثات في مدينة جدة الساحلية. لكن كل هدنة مؤقتة أبرمت إلى الآن شهدت انتهاكات رغم تأكيد الجانبين التزامهما بالمفاوضات ورغم العقوبات الأمريكية.

ويقول دبلوماسيون مطلعون على المحادثات إن العملية الجارية في جدة تتعثر فيما يرجع إلى حد ما إلى غياب قوى رئيسية، مثل مصر، التي يرأسها رجل عسكري أصبح سياسيا، والإمارات التي لها علاقات بقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو، المعروف باسم حميدتي.

وقال مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأمريكية للصحفيين إن الأطراف الحالية في المحادثات تنظر في توسيع المشاركة، مضيفا أن القاهرة وأبوظبي "لديهما نفوذ معين يمكن أن يكون مفيدا".

وقال دبلوماسي مقيم في القاهرة إن هناك منتدى جديدا بقيادة الاتحاد الأفريقي يهدف إلى إشراك دول عربية وأفريقية في العملية، بما في ذلك مصر والإمارات، لكن ليس واضحا ما إذا كان أي من البلدين مستعد لممارسة ضغوط حقيقية.

وإضافة إلى مبادرات السلام المتداخلة، قال الرئيس الكيني إن مجموعة أفريقية أخرى داخل ذلك المنتدى، هي الهيئة الحكومية للتنمية (إيجاد)، تعتزم مقابلة حميدتي وقائد الجيش الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان خلال الأيام العشرة المقبلة في محاولة لوقف الحرب.

وقال محمد المختار، وهو مستشار كبير لحميدتي، إن قوات الدعم السريع تدعم عمليتي جدة والاتحاد الأفريقي، وإنه ينبغي توسيعهما لتشملا الأطراف المدنية من أجل الوصول إلى "حل شامل".

وأضاف المختار في تصريح لرويترز أن البرهان لا يمكن أن يكون جزءا من أي سلطة مستقبلية في السودان وأن حميدتي، الذي ذكر أنه مع قواته في ساحة المعركة، لن يكون له دور سياسي لكنه سيواصل قيادة قوات الدعم السريع.

ولم يرد الجيش على الفور على أسئلة وجهت إليه.

تمزيق الدولة السودانية

تهدد الحرب بتمزيق الدولة السودانية وزلزلة المنطقة بعد مرور أربعة أعوام على الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بالرئيس السوداني عمر البشير وبثت آمال التغيير الديمقراطي بعد عقود من الاستبداد والعقوبات والصراعات الأهلية.

واجتاح القتال، الذي اندلع نتيجة خلافات على خطة الانتقال إلى حكم مدني، الخرطوم وشقيقتيها أم درمان وبحري وكذلك منطقة دارفور المنكوبة بالصراعات في غرب البلاد وولاية شمال كردفان ومناطق أخرى.

وعبر السكان عن غضبهم من عدم وجود مسؤولين في العاصمة، إذ يفاقم هذا الإحساس بالتخلي عن أولئك الذين لم يغادروا.

وتم إجلاء البعثات الدبلوماسية بعد فترة وجيزة من اندلاع الصراع في 15 أبريل نيسان، وانتقل الكثيرون من كبار المسؤولين السودانيين من الخرطوم إلى ميناء بورتسودان الأكثر أمنا والذي يسيطر عليه الجيش على ساحل البحر الأحمر.

وقالت محاسن إبراهيم (54 عاما)، وهي معلمة مقيمة بالخرطوم، لرويترز عبر الهاتف "كيف نعيش نحن وأسرنا ونحن في حالة حرب؟... لا أحد نشتكي له اختفت الحكومة واختفي الوزراء وكبار المسؤولين".

وعلى عكس الصراعات السابقة، تدور المعارك بين طرفي الصراع في قلب العاصمة. وسيطرت قوات الدعم السريع على معظم المدينة، ولم ينجح الجيش باستخدام الضربات الجوية والمدفعية الثقيلة في صدها، ويحتدم القتال للسيطرة على السلطة والترسانة العسكرية في الدولة.

ويقول سكان العاصمة الذين يعانون بالفعل من تفشي أعمال النهب ونقص الغذاء والدواء والوقود إنهم صاروا أكثر عرضة للمعارك التي امتدت إلى الأحياء المكتظة بالسكان مع احتدام الحرب.

ووضع فشل المحادثات السودان، الذي كان يعتمد بالفعل على المساعدات، في حالة إنسانية خطيرة. ومن بين ما يقرب من مليونين فروا من ديارهم، عبر قرابة 500 ألف إلى دول مجاورة.

ومن المحتمل أن يكون هناك آلاف من القتلى جراء الصراع، لكن مع تشتت السلطات في عموم البلاد وإغلاق العديد من المستشفيات يصعب التأكد من الأرقام بشكل دقيق.

وقالت وزارة الخارجية الأمريكية إنه تم توصيل المساعدات إلى 2.5 مليون شخص وسط بعض الامتثال لوقف إطلاق النار، ومع ذلك فإن منظمات الإغاثة تكابد من أجل الوصول، وذلك جزئيا بسبب القيود المشددة التي فرضها الجيش في بورتسودان.

وصار الوصول من الخارج إلى مناطق في دارفور مستحيلا، مع عدم التمكن من الحصول على أنباء من مدينة الجنينة التي شهدت مقتل المئات سوى عندما يتمكن البعض من عبور الحدود سيرا على الأقدام إلى تشاد.

وقال ألان بوسويل، مدير مشروع القرن الأفريقي بمجموعة الأزمات الدولية "إذا استمروا في القتال، فإن الدولة السودانية تنهار. قد يستغرق الأمر أجيالا لمحاولة إعادة الوحدة".

وأضاف "سيكون هذا صداعا كبيرا لأفريقيا والشرق الأوسط وأوروبا لفترة طويلة قادمة ما لم يتعامل الناس بجدية أكبر لمنع هذا".

اتساع رقعة الصراع

هز القتال عدة مدن في غرب السودان في اتساع نطاق الصراع المستمر منذ نحو شهرين في البلاد بينما تجاوز عدد الأشخاص الذين فروا من منازلهم بسبب العنف مليوني شخص.

ويهدد اتساع رقعة القتال بإطالة أمد العنف واستقطاب جماعات مسلحة، لا سيما الجماعات ذات الانتماءات القبلية، وجهات فاعلة خارجية أيضا.

اتهم خميس أبكر والي غرب دارفور قوات الدعم السريع والميليشيات العربية المتحالفة معها بتنفيذ إبادة جماعية في الجنينة.

وبعد ساعات، قُتل أبكر، ووجهت جماعة التحالف السوداني المسلحة التي كان يقودها أبكر الاتهام لقوات الدعم السريع بقتله أثناء احتجازهم له.

ونفت قوات الدعم السريع مسؤوليتها، قائلة إن أبكر قد لجأ بالفعل إلى القوات لكن عناصر قبلية متمردة قامت "باختطاف الوالي واغتياله بدم بارد".

ويهدد مقتل أبكر الذي ينحدر من قبيلة المساليت، بتوسيع دائرة القتال في الجنينة التي أصابها القتال بالشلل فعليا.

وقال رجل طلب عدم نشر اسمه "رأيت جثثا كثيرة في الشوارع ولا يجرؤ أحد على دفنها".

واندلع القتال في عواصم ولايات دارفور الأخرى، بما في ذلك نيالا والفاشر وزالنجي ومدينتي الأبيض وكادوقلي في كردفان، مما يهدد بإثارة توترات عرقية مختمرة منذ فترة طويلة.

وقال سليمان بالدو، من برنامج تتبع الشفافية والسياسة السودانية "كلما طال أمد الصراع، قد ينتهي به الأمر بأخذ بعد عرقي وإقليمي في... أجزاء من البلاد".

ومع اقتراب موسم الأمطار، قد يستحيل تقديم المساعدة المحدودة بالفعل ويستحيل هجرة مئات الآلاف من مناطق الحرب التي تكون غالبا سيرا على الأقدام.

تطورت قوات الدعم السريع من ميليشيات الجنجويد التي نشرت الدمار في دارفور في أوائل العقد الأول من القرن الحالي، ثم أصبحت في عام 2017 قوة حكومية شرعية بقيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي).

ولا بادرة على تراجع حدة القتال بين قوات الدعم السريع التي تتحصن في مناطق سكنية بالخرطوم وبين الجيش الذي شن قصفا مدفعيا وجويا مكثفا.

وقال سكان في الخرطوم ومدينتي أم درمان وبحري، إنهم شهدوا اشتباكات وقصفا مدفعيا وغارات جوية قرب مناطق سكنية.

وبعد اتفاقات كثيرة لوقف إطلاق النار لم يتم احترامها، أقر دبلوماسيون أمريكيون في وقت سابق من هذا الأسبوع أن مفاوضات جدة لم تنجح وأنهم يفكرون في سبل أخرى.

ودشنت الهيئة الحكومية للتنمية (إيجاد) وهي منظمة إقليمية في شرق أفريقيا، هذا الأسبوع جهود وساطة برئاسة كينيا للجمع بين حميدتي وقائد الجيش الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان في اجتماع قالت إثيوبيا إنها ستستضيفه.

لكن وزارة الخارجية السودانية الخاضعة للجيش اتهمت في بيان، كينيا بإيواء قوات الدعم السريع، وقالت إنها تفضل تولي جنوب السودان قيادة المبادرة.

وفي الخرطوم، اتهم سكان جنود قوات الدعم السريع وعصابات مسلحة بنهب المنازل. وقال وليد آدم، من سكان شرق الخرطوم، إن رجلين أحدهما يرتدي زي قوات الدعم السريع، ظهرا عند باب منزله ببندقيتين من طراز كلاشينكوف.

وقال "عبثوا بمنزلي وسرقوا أموالي".

وقالت وحدة مكافحة العنف ضد المرأة، وهي وكالة حكومية، إن ضحايا معظم حالات الاغتصاب التي وثقتها والتي قالت إنها تمثل اثنين بالمئة فقط من الحالات الفعلية، ارتكبها رجال يرتدون زي قوات الدعم السريع.

ونفت قوات الدعم السريع مسؤوليتها وتقول إن المجرمين والموالين للبشير اشتهر عنهم سرقة الملابس العسكرية.

ويقول ناشطون إن 1100 شخص قتلوا منذ اندلاع الصراع في منتصف أبريل نيسان في مدينة الجنينة بدارفور.

وقال الوالي إنه بينما كانت الهجمات تستهدف مناطق في الجنينة يعيش فيها أفراد من قبيلة المساليت في بادئ الأمر، فإن هذه الهجمات امتدت الآن إلى المدينة بأكملها.

وقال قبل وفاته "ما رأينا خروج قوات الشعب المسلحة من ثكناتهم على الأقل للدفاع عن المواطنين".

ويشهد إقليم دارفور في السودان صراعا متقطعا منذ بداية القرن الحالي، وهو الصراع الذي أدى إلى نزوح الملايين ومقتل 300 ألف شخص في هجمات شنتها ميليشيات الجنجويد العربية. وولدت قوات الدعم السريع من رحم هذه الميليشيات، وأصبحت قوة حكومية قانونية في 2017.

وقال متحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش إن جوتيريش "قلق للغاية من تزايد البعد الطائفي للعنف، وكذلك من التقارير الخاصة بالعنف الجنسي".

ويقول مبعوث الأمم المتحدة إلى السودان فولكر بيرتس إن مسؤولية القتال في غرب دارفور تقع على عاتق "الميليشيات العربية وبعض المسلحين الذين يرتدون زي قوات الدعم السريع".

ووصفت قوات الدعم السريع في بيان الأعمال القتالية في الجنينة بأنها صراع قبلي، واتهمت النظام السوادني السابق بتأجيج نار الصراع. وقالت إنها تبذل جهودا لإدخال المساعدات إلى المدينة.

وتعثرت الجهود الدبلوماسية بقيادة الولايات المتحدة والسعودية مع انتهاك العديد من اتفاقات وقف إطلاق النار. وقال مسؤولون كبار في وزارة الخارجية الأمريكية يوم الثلاثاء إنهم يدرسون نهجا جديدا في الأيام المقبلة.

القتال عبر دارفور

قالت هيئة محامي دارفور، وهي جماعة محلية تراقب العنف، إن قصفا مدفعيا أصاب منازل مدنيين في نيالا، عاصمة ولاية جنوب دارفور وإحدى أكبر مدن السودان، مضيفة أن عناصر قوات الدعم السريع اشتكت من عدم تلقي رواتبها.

وقال صلاح الأمين (39 عاما) "الهجوم يمكن أن يبدأ مرة أخرى في أي لحظة ولا نشعر بالأمان".

وأضافت الهيئة أن مدينة زالنجي، عاصمة ولاية وسط دارفور، تحت الحصار. ويسود الهدوء نسبيا مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، لكن مدينة كتم التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع تشهد موجة نزوح.

وقال سكان في مدينة الأبيض التابعة لولاية شمال كردفان وتقع بين الخرطوم ودارفور إن الجيش بدأ في شن ضربات جوية وقصف مدفعي على مواقع تابعة لقوات الدعم السريع. وتسيطر هذه القوات على الطرق المتفرعة من المدينة واتفقت مع زعماء القبائل المحلية على تأمين المنطقة من العصابات المسلحة.

وقال سكان إن قوات الدعم السريع هاجمت إحدى تلك البلدات، وهي الرهد.

وفي كادقلي التابعة لولاية جنوب كردفان، صدت قوات الجيش هجوما لقوات الدعم السريع على إحدى قواعده بينما حاصرت قوات موالية للزعيم المتمرد عبد العزيز الحلو المدينة. وقالت مصادر في الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال التي يتزعمها الحلو إنها تعمل على حماية المدنيين من المليشيات المسلحة.

وداخل الخرطوم، تحدث سكان عن وقوع ضربات جوية ومدفعية في الأحياء الجنوبية والشرقية من المدينة.

وقالت الأمم المتحدة في وقت متأخر إن نحو 1.7 مليون شخص نزحوا داخليا، بينما غادر البلاد أكثر من 500 ألف شخص.

وتخضع مدينة بورتسودان لسيطرة الجيش. وتطل المدينة على البحر الأحمر ويسودها الهدوء، وهي إحدى الوجهات التي يقصدها الفارون من منازلهم.

وبدأت اختبارات المدارس الإعدادية في مدينة بورتسودان وشرع الحجاج في المغادرة إلى مكة لأداء فريضة الحج إذ يحاول بعض السودانيين أن ينعموا بقدر من الحياة الطبيعية وسط صراع قلب حياتهم رأسا على عقب.

حشد لمتمردين في جنوب السودان

قال سكان في ولاية جنوب كردفان السودانية إن قوة متمردة كبيرة حشدت قواتها مما أثار مخاوف من انتشار الصراع الداخلي في مناطق جنوب البلاد.

ويقود الحركة الشعبية لتحرير السودان-شمال المتمردة، عبد العزيز الحلو، وتضم نحو عشرات الآلاف من الرجال بالإضافة إلى الأسلحة الثقيلة.

وقال سكان إنه لم يتضح بعد الموقف الذي قد يتخذه الحلو في الصراع الذي اندلع في العاصمة الخرطوم في 15 أبريل نيسان بين الجيش وقوات الدعم السريع، لكن حشْد قواته أثار مخاوف من وقوع اشتباكات.

وأضافوا أن قوات الحركة الشعبية لتحرير السودان-شمال دخلت عدة معسكرات للجيش حول كادقلي، عاصمة جنوب كردفان، مما دفع الجيش إلى تعزيز مواقعه، وأفادوا بأن قوات الدعم السريع أغلقت الطريق بين كادقلي والأبيض الواقعة شمالا، مما حرم المدينة من الإمدادات.

ووقعت في الأشهر القليلة الماضية اشتباكات بين الحركة الشعبية لتحرير السودان-شمال وقوات الدعم السريع.

وفي الجنينة بغرب دارفور، المدينة الأكثر تضررا من أعمال العنف في الآونة الأخيرة، قتل محام كان يعمل في قضايا النازحين وثمانية من أفراد عائلته في هجوم على منزلهم هذا الأسبوع، وفقا لنقابة المحامين في دارفور وهي مجموعة تراقب الصراع.

وقالت جماعة طبية إن موجة جديدة من الهجمات بدأت في المدينة التي تشهد انقطاع الاتصالات منذ عدة أسابيع.

وتحالف الجيش وقوات الدعم السريع في تنفيد انقلاب في 2021 لكن نشب بينهما خلاف فيما يتعلق بتسلسل القيادة وخطط إعادة الهيكلة العسكرية في الفترة الانتقالية.

* المصدر: وكالات+رويترز

اضف تعليق