q
احتلت بلدة ميخالوفو عناوين الإعلام عندما أعاد حراس حدود مجموعة من الأطفال والنساء المهاجرين إلى الغابات رغم مناشدات لمنحهم اللجوء، وردا على الضجة التي أثيرت، أقام مسؤولون محليون مستودعا موقتا في مركز الإطفاء، بات مليئا بالأكياس والصناديق المحتوية على سترات وحفاضات ومعلبات غذائية ولوازم ضرورية أخرى...

بعد خمس سنوات على وصوله إلى اليونان، فقد طالب اللجوء الباكستاني محمد بلال (20 عامًا) الأمل بالحصول على موافقة على طلبه وعاد يبحث عن حياة افضل في مكان آخر، شددت اليونان سياسات اللجوء منذ تشكيل الحكومة المحافظة عام 2019 ورفضت آلاف طلبات اللجوء وطردت مئات الأشخاص من المخيمات. بحسب فرانس برس.

يقول المهاجرون في مخيم ايدوميني الواقع على الحدود مع مقدونيا الشمالية إنّهم سيغادرون بسبب الشكوك في ما إذا كانوا سينالون حقوقهم القانونية في اليونان بغضّ النظر عن طول فترة انتظارهم، وقال بلال لوكالة فرانس برس "لا أزال عاجزًا بعد كل هذه السنوات عن الحصول على أوراق مصدّقة" مضيفًا "أواجه خطر اعتقالي وإرجاعي إلى بلدي. لا أريد أن يحصل ذلك، لذا أحاول الوصول إلى بلد أوروبي آخر".

ويسلك مهاجرون مثل بلال ما يسمى بطريق البلقان الذي يمر عبر اليونان ومقدونيا الشمالية وما وراءهما، على أمل طلب اللجوء في ظروف أكثر ملاءمة في بلدان الاتحاد الأوروبي القوية اقتصاديًا.

في آذار/مارس 2016 تحولت إيدوميني الى موقع تكدس فيه المهاجرون بعد أن أغلقت سكوبيي وجيرانها الأوروبيون حدودهم أمام التدفق الجماعي للمهاجرين خصوصًا السوريين الفارين من الحرب في بلادهم، ورحّلت الحكومة اليونانية آلاف المهاجرين من مخيم مؤقت في ايار/مايو 2016، غير أن حركة المهاجرين عادت بعد خمس سنوات.

ولا أرقام رسمية لدى الشرطة حول عدد عابري الحدود يوميًا، إلّا أن كمية القمامة على الأرض قرب محطة القطار توحي بأن العشرات يمرّون يوميًا من هناك. وتنتشر على سكك القطار علب طعام فارغة وزجاجات مياه وملابس وأحذية.

ضربونا بالهراوات

ويقول حارس أمني شخصي في محطة القطار "تتنقل يوميًا مجموعات من المهاجرين في هذه المنطقة" لافتًا إلى أن "المهاجرين يُلقى القبض عليهم عندما يستسلمون للإرهاق الناجم عن محاولاتهم الفاشلة لعبور الحدود ويسلّمون أنفسهم".

وتجلس مجموعة من طالبي اللجوء الشباب من سوريا حول نار ويتناولون الفطر الذين قطفوه من غابة مجاورة. وتنام هذه المجموعة منذ أسبوع في بطانيات وأكياس النوم ضد البرد بينما يتناقشون حول الدولة الأوروبية التي سيجرّبون حظّهم فيها.

ويقول أحدهم (26 عاما) وهو من دير الزور في سوريا "نريد ان نستقرّ في هولندا أو فرنسا وأن نجد وظيفة ونستمرّ في حياتنا"، وقد عَبَر هذا الشاب نهر ايفروس من تركيا إلى اليونان قبل شهر تقريبًا. ويبدو أن الشباب في مجموعته متعبون، ويأوي مخزن قديم مجموعة أخرى من السوريين الذين عانوا من الجوع والعطش والمعاملة الصعبة من قبل شرطة اليونان ومقدونيا الشمالية، ويقول يحيى (21 عامًا) "قبضت علينا الشرطة عندما وصلنا إلى مقدونيا الشمالية" مضيفًا "ضربونا بالهراوات وأعادونا إلى اليونان. وعندما وصلنا إلى هنا، ضربتنا الشرطة اليونانية مرة أخرى. نحاول الآن إيجاد طريق عبر الحدود مرة أخرى".

ويقف ضابطان بالقرب من إحدى مجموعات المهاجرين ويصرخان عليهم للعودة، فيركض الشباب ويتفرقون في الحقول المجاورة. يقول ضابط في سيارة الفرقة "هؤلاء الرجال ليسوا منهكين" بل "العديد منهم خطير".

رفع دعاوى قضائية

ومنذ تسلّم حزب الديموقراطية الجديدة اليميني المحافظ السلطة عام 2019، زادت التقارير من منظمات حقوقية عن المهاجرين الذين أُعيدوا قسراً حتى في البحر، مقابل نفي الحكومة اليونانية مثل هذه الممارسات غير القانونية.

وقال مكتب محاماة براكين دوليفيرا الهولندي المختص بقضايا حقوق الانسان الأسبوع الماضي إنه رفع دعوى قضائية ضدّ الوكالة الأوروبية لحرس الحدود والسواحل فرونتكس لردّها بشكل غير قانوني أسرة سورية قد تقدمت بطلب لجوء.

وأضاف "قامت فرونتكس بترحيل العائلة بشكل غير قانوني إلى تركيا في تشرين الأول/أكتوبر 2016 بعد فترة قصيرة من وصولها إلى اليونان". وقال المحامون إن الأسرة التي كانت مسجونة في البداية في تركيا فرّت إلى شمال العراق، متابعين "يُرحّل كل أسبوع الرجال والنساء والأطفال الفارين من الحرب والعنف بشكل غير قانوني من حدود أوروبا".

ولفتوا إلى أن "أشخاصًا قتلوا وتعرض آخرون للهجوم أو لسوء المعاملة. وتلعب فرونتكس دورًا رئيسيًا في انتهاكات حقوق الإنسان هذه"، محمّلين الاتحاد الأوروبي "المسؤولية" ومطالبين "بوضع حد فوري لانتهاكات حقوق الإنسان والقمع على الحدود الخارجية".

محنة المهاجرين تثير تضامنا في بولندا

مفترشا أرض غابة في بولندا، يبتسم طفل سوري ملتحفا بكيس النوم عندما تقترب منه ناشطة بولندية حاملة معها دمية محشوة تضعها على صدره، قبل أن تلتفت للوالدة وتمسك بيدها وتسألها "هل كل شيء على ما يرام؟".

والعائلة مكونة من أربعة أفراد أمضوا أسبوعا في البرد والغابات المبللة بالمطر بين بيلاروس وبولندا، وهم من آلاف المهاجرين الذين حاولوا دخول الاتحاد الأوروبي منذ الصيف، وبعد أن انطلقت العائلة في رحلة طلبا لعلاج ابنها المصاب بشلل دماغي، تقول الوالدة آلاء المسيني إنهم وجدوا نفسهم في نهاية المطاف عالقين بين بيلاروس وبولندا.

وتوضح الأم البالغة 25 عاما إن الجنود البيلاروسيين "أبلغونا أن علينا الاختيار بين الموت أو بولندا". وكانت تتحدث تحت أشجار الصنوبر على مقربة من بلدة كليشتيله البولندية، وتضيف "توجهنا إلى الحدود البولندية طلبا لمساعدة الجيش، وطلبنا العبور لأن الأطفال كانوا يشعرون بالجوع والمرض والبرد، لكنهم قالوا لنا عودوا إلى سوريا".

وأمام خيارين كلاهما صعب، اتصلت العائلة بنشطاء بولنديين من "غروبا غرانيتسا" (مجموعة الحدود) التي يتداول المهاجرون أرقام التواصل معها، وصل المتطوعون حاملين معهم ملابس جافة وطعام، وقدموا المساعدة القانونية وأصغوا عندما وصل الحراس.

وقالت ماريسيا زلونكيفيتش، إحدى نشطاء غروبا غرانيتسا "من المهم جدا أن نظهر لهم التضامن والدفء البشري، وبأنهم ليسوا وحيدين"، ويجد عمال منظمات غير الحكومية وأطباء وسياسيون ومواطنون عاديون الطرق لمساعدتهم.

وأوضحت زلونكيفيتش بأن "العديد من الناس يتصلون. كثيرون يريدون المجيء إلى هنا والمساعدة في البحث في الغابات عن أشخاص بحاجة إلى دعمنا، إن كان وجبة ساخنة أو ماء أو ملابس دافئة".

وفيات على الحدود

تقدر مجموعة النشطاء أن هناك مئات المهاجرين على الجانب البولندي وآلاف على الحدود البيلاروسية، غالبيتهم يتم تقاذفهم "مثل كرة"، وفق زلوكيفيتش، يقول مهاجرون إن الجانب البيلاروسي يرفض السماح لهم بالعودة إلى مينسك والسفر جوا إلى ديارهم، فيما يرفض البولنديون السماح لهم بالعبور وتقديم طلبات لجوء ويبعدونهم إلى بيلاروس.

تمكن بعض المهاجرين من تجنب الحرس البولندي والوصول إلى ألمانيا المجاورة، والتي شهدت بدورها زيادة في أعداد العابرين لحدودها، ويعتقد الاتحاد الأوروبي أن نظام بيلاروس يرسل عمدا الموجة غير المسبوقة من المهاجرين، وغالبيتهم من الشرق الأوسط، عبر الحدود ردا على عقوبات يفرضها التكتل.

اتبعت الحكومة البولندية تدابير صارمة مثل إبعاد المهاجرين وفرض تدابير طوارئ تحظر على الصحافيين وعمال الإغاثة التوجه إلى المنطقة الحدودية المباشرة. وتعتزم أيضا إقامة جدار حدودي، لقي العديد من المهاجرين حتفهم خلال محاولة العبور، فيما أفاد حرس الحدود عن قيام مهاجرين بإلقاء حجارة وقضبان باتجاه قوات الأمن.

كارثة إنسانية

وصفت مجموعة "أطباء على الحدود" الوضع بأنه "دراماتيكي"، وقال منسق المجموعة ياكوب شيتشكو إن النشطاء وجدوا مهاجرين يعانون من "التعرض لعوامل الطبيعة والجفاف وسوء التغذية"، أضاف "في العديد من الحالات كانت حياة الناس معرضة لخطر مباشر"، وتابع "مع الأسف فإن الحظر المفروض على المنطقة يعني أن ليس بإمكاننا الدخول رغم أن المنطقة تواجه كارثة إنسانية".

تواجه مجموعة "السامري الصالح" غرامات واعتقالات بسبب المغامرة في التوجه للمنطقة الحدودية. وعدد قليل من المواطنين المقيمين في المنطقة المحظورة، والمستثنون من قرار الحظر، انضموا إلى تلك الجهود، قال أحد المواطنين إن الوضع أشبه "قليلا بحرب"، وأضافت لوكالة فرانس برس "في بعض الأماكن هناك مواقع عسكرية عند كل مئة متر. وهي مواقع للتخييم مع خيم ونار".

وقالت حارسة قرب كليشتيله لوكالة فرانس برس إنها شاهدت مع زميلة لها "مأساة" المهاجرين وحاولت مساعدتهم، وأكدت فيما بدت عليها علامات التأثر "ولا في مليون سنة يمكننا أن نؤذي أحدا"، وتابعت "إن المزاعم عن قيامنا بأخذ شرائح هواتفهم الخلوية وضربهم، كاذبة تماما".

الشتاء قادم

احتلت بلدة ميخالوفو عناوين الإعلام عندما أعاد حراس حدود مجموعة من الأطفال والنساء المهاجرين إلى الغابات رغم مناشدات لمنحهم اللجوء، وردا على الضجة التي أثيرت، أقام مسؤولون محليون مستودعا موقتا في مركز الإطفاء، بات مليئا بالأكياس والصناديق المحتوية على سترات وحفاضات ومعلبات غذائية ولوازم ضرورية أخرى.

وقال رئيس البلدية ماريك نازاركو خلال احتجاج على إعادة المهاجرين وحظر الدخول إلى الحدود "الشتاء قادم، إن لم نفعل شيئا سينتهي الأمر حقيقة بمأساة"، توجهت المتقاعدة كريستينا لوتشيفسكا بسيارتها إلى مركز الإطفاء قادمة من مدينة بياليستوك المجاورة، حاملة معها خمسة أكياس من الملابس الدافئة، وقالت الجدة البالغة 66 عاما وهي تذرف الدمع "أشعر مع الأطفال خصوصا. ترى ما يحدث و..."، من جهتها ذكرت صاحبة نزل قرب الحدود إن عراقيين وصلا إلى بابها وهما يعانيان من البرد الشديد والبلل والتعب، وشرحت لفرانس برس "قدمت لهما الشاي، وأرادا أن يدفعا ثمن ذلك. أخرجا مئة دولار ولم آخذها".

المحادثات مع العراق كانت ناجحة

قالت وزارة الخارجية الألمانية إن المحادثات مع العراق لوقف رحلات المهاجرين إلى روسيا البيضاء كانت ناجحة، مضيفة أن الأردن ألغى أيضا عددا من رحلات الطيران العارض، وسجلت السلطات الألمانية وصول 4889 من الوافدين بصورة غير شرعية عبر روسيا البيضاء في أكتوبر تشرين الأول حتى الآن، وهو ما يمثل أكثر من نصف عدد جميع الوافدين هذا العام.

فيما قالت الشرطة الالمانية إنها عثرت على عراقي ميتا ضمن مجموعة من 30 شخصا تم تهريبهم على ما يبدو عبر الحدود البولندية في شاحنة، وأوضحت الشرطة أن الرجل البالغ 32 عاما كان قد توفي "قبل ساعات" من عثور الشرطة على المجموعة قرب الشاحنة خارج بلدة شويبستال في ساكسونيا صباح الجمعة.

أما سائق الشاحنة، وهو تركي يبلغ 42 عاما، فما زال هاربا كما أوضحت الشرطة. وقد أوقف سائق سيارة ثانية يشتبه في أنه يساعد المهرب، وهو رجل يبلغ 48 عاما من أصول تركية، وشهدت ألمانيا ارتفاعا في عدد المهاجرين الذين دخلوا البلاد عبر بولندا في الأشهر الأخيرة، ومعظمهم يأتي من بيلاروس.

ويتّهم الاتحاد الأوروبي الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشنكو بالمجيء بمهاجرين من الشرق الأوسط وإفريقيا إلى مينسك ثم ارسالهم إلى الاتحاد الأوروبي سيرا ردا على العقوبات المفروضة على نظامه بسبب حملة القمع التي يشنها على المعارضة.

في تشرين الاول/أكتوبر وحده، دخل 4890 مهاجرا غير شرعي ألمانيا من بولندا عبر بيلاروس، وفقا للسلطات الألمانية. ويبلغ عددهم الإجمالي للعام 2021 حتى الآن نحو 7300، وذكرت السلطات الألمانية أن أكثر من 6100 مهاجر غير شرعي دخلوا ألمانيا عبر بولندا منذ بداية العام، ومن أجل التعامل مع تدفق المهاجرين، شددت برلين هذا الأسبوع ضوابطها الحدودية مع بولندا، وأوقف مهرب مشتبه به بعد العثور على 31 مهاجرا غير شرعي من العراق في شاحنة قرب الحدود البولندية، وأدى هذا التدفق إلى إثارة استياء اليمين المتطرف في ألمانيا وقد فضت الشرطة الأسبوع الماضي تجمعا لحوالى 50 ناشطا مسلحا تجمعوا لمنع مهاجرين يحاولون الدخول عبر الحدود.

وحظرت محكمة في مقاطعة سكسونيا تظاهرة خططت لها جماعة يمينية متطرفة محلية قرب الطريق السريع حيث عثر على الشاحنة قرب من شويبستال، وقالت الحكومة الألمانية الجمعة إن "مسؤولية حل هذه الأزمة تقع على عاتق مينسك" مكررة موقف برلين أن بيلاروس تستغل اللاجئين "وسيلة لممارسة ضغط سياسي".

اضف تعليق