المهم في التعاطف هو تجاوزه جميع الفوارق سواء كانت ثقافية، أو اجتماعية أو دينية. وعندما نتعاطف مع شخص آخر نقترب منه ونشعر برابط يجمعنا، مما يعزز الثقة ويقلل من الحواجز النفسية، بل ويدفعنا لنكون نسخة أفضل من أنفسنا، بمعنى أن أساس التعاطف هو الإنسانية ومنها تُشتق جميع الأهداف الأخرى والتي يُراد للتعاطف تحقيقها...

حين يمر الإنسان بنكبة أو ألم ناتج من حزن لفقد أو حدوث فاجعة له لسبب أو لآخر، فإنه يحتاج إلى من يقف معه ليخفف عنه ما هو فيه، ويرفع عنه الركام النفسي الثقيل. هذا الأمر علميًا هو التعاطف، وعكسه يعني انفراد الإنسان في بحبوحته من دون الانصهار في بوتقة المجتمع الذي ينشط فيه. فما هو التعاطف؟ وما هي تداعياته؟

ما هو التعاطف؟

التعاطف هو القدرة على فهم مشاعر الآخرين والشعور بما يمرون به، بغض النظر عن موقفنا أو رؤيتنا الخاصة، والتعامل معها بإنسانية لتخفيف الألم النفسي عنه.

المهم في التعاطف هو تجاوزه جميع الفوارق سواء كانت ثقافية، أو اجتماعية أو دينية. وعندما نتعاطف مع شخص آخر نقترب منه ونشعر برابط يجمعنا، مما يعزز الثقة ويقلل من الحواجز النفسية، بل ويدفعنا لنكون نسخة أفضل من أنفسنا، بمعنى أن أساس التعاطف هو الإنسانية ومنها تُشتق جميع الأهداف الأخرى والتي يُراد للتعاطف تحقيقها.

ويمكن أن يكون التعاطف قوة مؤثرة على مستوى الأفراد وعلى المجتمع بشكل عام، فالمجتمع الذي يتسم بتعاطف أفراده، يكون فيه ترابط اجتماعي أكبر، مما يعزز الصحة النفسية والسعادة للفرد وللمجتمع في النهاية. وعندما يصبح التعاطف جزءًا من الثقافة المجتمعية، فإن المجتمع يصبح أكثر قدرة على التعامل مع التحديات الكبيرة مثل الفقر والعنف وعدم المساواة.

ومن التعاطف يستفيد الإنسان من خاصية تقديم الدعم المتبادل في الأوقات الصعبة، وعندما يمر أحدنا بأوقات عصيبة يصبح التعاطف دعمًا معنويًا قويًا، والأشخاص المتعاطفون يكونون أكثر استعدادًا لتقديم العون والمساندة، حتى وإن كانت بسيطة. هذه اللحظات تخلق ذكريات إيجابية وتعزز من قوة العلاقات.

ما هي طرق التعاطف؟

تختلف طرق التعاطف عن بعضها شكليًا لكنها جميعًا تؤدي أهدافًا واحدة ومن أهم طرق التعاطف هي:

1. التعاطف الشعوري: وهو القدرة على مشاركة مشاعر الآخرين حيث يشعر الشخص بالخوف أو الألم عندما يشعر الآخرون بهذه المشاعر أمامه، فيظهر التعاطف كلاميًا وسلوكيًا لئلا يشعر الفرد بأنه وحيد أو أنه غريب في مجتمعه.

2. التعاطف المعرفي أو التعاطف الفكري: الذي يشير إلى القدرة على إدراك مشاعر الآخرين، مثل ما يقوم به الطبيب النفسي أو المحلل النفسي الذي يحلل مشاعر المريض بشكل منطقي ولكنه قد لا يتشارك معه تلك المشاعر، بمعنى أن تعاطفه علاجي وليس تضامنيًا فقط.

كيف نعزز التعاطف في مجتمعنا؟

يمكننا تعزيز التعاطف في المجتمع عبر عدة سلوكيات من أهمها التوعية والتثقيف حول التعاطف، وذلك يتم عبر المدارس ووسائل الإعلام والمنظمات الإنسانية التي تؤدي أدوارًا ثقافية إنسانية، وهكذا يمكن نشر ثقافة التعاطف وتعزيزها، فيصبح أبناء المجتمع أكثر وعيًا واستعدادًا للتفاعل مع الآخرين بقلوب مفتوحة.

وعلى الأبوين غرس روح التعاطف في أبنائهم عبر عدة أمور منها الاحتفاء بأفعال التعاطف التي يقومون بها، فالاحتفاء بمن يمارس التعاطف سواء عبر برامج خاصة، أو عبر وسائل الإعلام، يشجع الآخرين على القيام بنفس السلوك بصورة متكررة بدلًا من الشعور بالخيبة وبالتالي يكفون عن القيام به.

ومن الأهمية بمكان أن يزج الإنسان نفسه في الأعمال التطوعية الهادفة التي تحقق أهدافًا إنسانية، فالعمل التطوعي يعد فرصة رائعة لتعزيز التعاطف، حيث يجمع بين الأفراد في أنشطة تهدف إلى مساعدة الفئات المحتاجة وإحداث فرق إيجابي في حياة الآخرين.

في الختام نوصي أنفسنا بضرورة التعاطف مع أبناء جنسنا لإدامة الإنسانية وضمان استمرارها في النفوس، كما نوصي بأن يُحكم الإنسان نفسه في المواقف التي تستحق التعاطف ولا يكون ضحية الوقوع في فخ التعاطف الذي يجعل الإنسان يفقد المصداقية ويميل إلى الابتعاد عن التعاطف فيما بعد.

اضف تعليق