إن الإنسان عبارة عن كتلة من المشاعر والعواطف التي تبحث عمن يشبعها. وعدم إشباعها يتسبب في الكثير من المشكلات، خصوصًا لدى المراهقين والمراهقات. لذا، يجب أن يعي الجميع خطر إهمال هذا الأمر لتجنب ما لا تُحمد عقباه...

يُعدّ الإنسان كيانًا يرتكز على المشاعر والعواطف، ويحتاج إلى الاهتمام والرعاية والحب والحنان لينعم بحياة متوازنة ومستقرة عاطفيًا. وتبرز أهمية الإشباع العاطفي بشكل خاص لدى المراهقات؛ فهذه المرحلة العمرية تتسم بكونها كتلة من المشاعر والعواطف المتدفقة. إن غياب هذا الإشباع يمثل مشكلة حقيقية قد تستمر آثارها السلبية في المستقبل، لذا فإننا نرى من الضروري الخوض في هذا الموضوع، محاولين وضع الأسس التي ينبغي مراعاتها في التعامل مع المراهقات فيما يخص الإشباع العاطفي لتفادي المخاطر الناجمة عن نقصه.

مرحلة المراهقة: أهمية خاصة لا تُغفل المراحل الأخرى

صحيح أننا نركز على مرحلة المراهقة باعتبارها من أخطر المراحل في حياة الإنسان، إلا أن هذا لا يعني إهمال الفترات الأخرى. فمرحلة الطفولة هي مرحلة تأسيس الحياة برمتها، وحين تكون الأساسات رصينة، تكون النتائج جيدة أو مقبولة على أقل تقدير. أما المراحل التي تلي المراهقة فتتأثر بها بشكل كبير. وهكذا، فإن لكل مرحلة أهميتها، ولكن بنسب متفاوتة.

أساليب الاحتواء العاطفي للمراهقات

توضح المختصة في علم النفس، رجاء العجمي، أن من أساليب الاحتواء العاطفي للمراهقات:

استشعار الأمان النفسي والاهتمام من الوالدين: كلما شعرت المراهقة بالأمان والقبول من قِبَل والديها، كانت أقرب إليهما نفسيًا وعاطفيًا.

التجاوب الشعوري: لا بد من إبداء المشاعر الإيجابية اللفظية، مثل عبارات "أحبك" و"أنت جميلة" وغيرها من الكلمات التي ترسخ المشاعر الإيجابية في نفس المراهقة.

التجاوب الجسدي: تُعتبر اللمسة والاحتضان كنزين لا يُضاهيان من قِبَل الوالدين، لما لهما من فوائد صحية ونفسية عظيمة.

ومن الأهمية بمكان الانتباه إلى أن الإشباع يجب أن يكون وفق أسس صحيحة، دون إفراط أو تفريط، خصوصًا مع المراهقات. فعدم الاعتدال قد يجعلهن ينجرفن وتنال منهن مشاعر الثقة المفرطة من قِبَل الأهل، والاحترام المبالغ فيه، والرعاية المفرطة، وبالتالي قد لا يتحملن كل ما يقدم لهن، مما قد يؤدي إلى سوء استخدام هذا الكم من الحرية. لذلك، يجب الانتباه إلى الاعتدال في التعامل.

دواعي الإشباع العاطفي للمراهقات

تتعدد الأسباب التي تستدعي الإشباع العاطفي للمراهقات، ومن أبرزها:

تجنب المشكلات النفسية: يُجنّب الإشباع العاطفي المراهقات المشكلات النفسية؛ فالإهمال العاطفي أو الفراغ العاطفي يمكن أن يؤدي إلى مشاكل مثل الاكتئاب والقلق والسلوكيات المؤذية للذات. لذا، يمكن أن يكون الإشباع العاطفي وسيلة لمنع حدوث هذه المشكلات أو التخفيف من حدتها على أقل تقدير.

الحماية من الابتزاز العاطفي: تكون الفتاة المراهقة، في ظل النقص العاطفي، عرضة للابتزاز العاطفي السريع من خلال انجذابها للكلمات المزيفة والمشاعر الكاذبة، نتيجة للفراغ العاطفي الذي صنعه الوالدان في حياتها. هذا يجعلها تستجدي الاهتمام والاحتواء والعاطفة، وبالتالي قد تنزلق في علاقات عابرة يمكن أن تُسيء من خلالها لنفسها ولأهلها، وتلك هي الخسارة الكبرى.

تسهيل النمو النفسي السليم: يشير الإشباع العاطفي إلى القدرة على التعبير عن المشاعر بشكل صحي وتلبية احتياجات المراهقات العاطفية بطريقة مناسبة، مما يساعد في النمو النفسي السليم. والعكس هو بقاؤهن في حالة من التيه الذي يبعث على عدم الراحة النفسية وعدم الاستقرار العاطفي.

بناء علاقات صحية: يُسهم الإشباع العاطفي للمراهقات في بناء علاقات صحية مع الأهل والأصدقاء والشركاء في الحياة. كما يساعدهن على فهم احتياجاتهن العاطفية واحتياجات الآخرين وتقديمها على أصولها، بلا زيادة تجعلهن مبتذلات ولا نقيصة تجعلهن مقصرات. وبالتالي، تعتدل المراهقة المشبعة عاطفيًا في عواطفها ولا تتعدى حدودها.

في الختام، عزيزي القارئ المحترم، إن الإنسان عبارة عن كتلة من المشاعر والعواطف التي تبحث عمن يشبعها. وعدم إشباعها يتسبب في الكثير من المشكلات، خصوصًا لدى المراهقين والمراهقات. لذا، يجب أن يعي الجميع خطر إهمال هذا الأمر لتجنب ما لا تُحمد عقباه.

اضف تعليق