q
قد يكون التوتر والتعرض للضغوطات بمقدار معين أمر ضروري لتعزيز فعاليتنا. فالضغوطات هي جزء من حياة الإنسان. ففي مرحلة ما، تعرض معظمنا للخيبات والألم والخسارة والإخفاقات. ولكن لتصبح حياتنا ذات معنى لا بد لنا من تعلم كيفية التعامل مع التحديات التي تنطوي عليها. ينشأ التوتر...
مانفريد كيتس دي فريز

 

هانس سيلي: " أن تكون خالي بشكل كلي من التوتر والضغوطات، يعني أنك ميت"

قد يكون التوتر والتعرض للضغوطات بمقدار معين أمر ضروري لتعزيز فعاليتنا. فالضغوطات هي جزء من حياة الإنسان. ففي مرحلة ما، تعرض معظمنا للخيبات والألم والخسارة والإخفاقات. ولكن لتصبح حياتنا ذات معنى لا بد لنا من تعلم كيفية التعامل مع التحديات التي تنطوي عليها.

ينشأ التوتر كرد فعل لجسدنا على وجود تهديد. فالتماس الخطر يؤدي إلى إفراز هرمونات ومواد كيميائية في الدماغ تحفز بدورها على الاستجابة سواء بالهجوم أو الانسحاب. وهي ميزة ساعدت أسلافنا بلا شك على التعامل مع التهديدات الجسدية مثل مهاجمة الحيوانات المفترسة. في يومنا هذا، قد يساعد التوتر الإيجابي في الحفاظ على تركيزنا، ولكنه قد يتحول إلى عامل سلبي في حال تعرضنا للتحديات بشكل مستمر ومن دون توقف.

تختلف مظاهر التوتر من شخص إلى آخر. على سبيل المثال: قد يتعرض له المراهقون أو الآباء الجديد، أو الآباء العذاب أو المتقاعدين الجدد ، إلى ضغوطات تتعلق بتغيير نمط حياتهم. وقد تنطوي بعض المهن (التعليم، الصحة، والخدمة المجتمعية، والإدارة العامة ، والدفاع) على العديد من الضغوطات.

قد يساعد الإجابة على الأسئلة أدناه في معرفة حجم التوتر والضغوطات التي تتعرض لها، سواء من الناحية النفسية أو الفيزيولوجية. فإذا ما كانت معظم إجاباتك إيجاباً، يتوجب عليك اتخاذ بعض الخطوات لمنع التوتر من التأثير سلباً على صحتك العقلية والجسدية.

اختبار التوتر

أجب عل الأسئلة التالية بالاستناد إلى واقعك الحالي:

1- هل تشعر بأن حياتك خارجة عن سيطرتك ويوجد العديد من الأشياء التي يتوجب عليك فعلها؟

2- هل تشعر غالباً بالارتباك، والقلق والانزعاج أو بالإرهاق أو الوهن الجسدي؟

3- هل تزداد وتيرة النزاعات مع الأشخاص من حولك ( مثل شريك حياتك ، ابناءك، أعضاء العائلة، الأصدقاء أو الزملاء في العمل)؟

4- هل تشعر بأن الأفكار والمشاعر السلبية تؤثر على أدائك سواء في المنزل أو العمل؟

5- هل حياتك الأسرية أو العملية لا تمنحك الشعور بالسعادة والرضا؟

6- هل يشعرك البريد الالكتروني أو وسائل التواصل الاجتماعي بضغوطات؟

7- هل تشعر بأن حياتك روتينية كحلقة مفرغة؟

8- هل تشعر بالذنب في كل مرة تحاول فيها الاسترخاء وأخذ فترة راحة؟

9- هل اختبرت مؤخراً حدث غير حياتك مثل حالتك الاجتماعية، مسؤوليات جديدة في العمل، خسارة عمل، تقاعد، مصاعب مالية، إصابة، مرض، حالة وفاة في العائلة؟

10- عندما تشعر بالتوتر، هل تشعر أنه لا يوجد أحد للتحدث معه؟

إذا كانت معظم إجابتك "نعم" ، فعلى الأرجح بدأت الضغوطات بالتراكم. وإذا ما شعرت أنك أصبحت على وشك الانهيار، فقد حان الوقت لأخذ خطوات جدية.

لابد أن تأخذ بعين الاعتبار أن قدرتك على إحداث تغيير في حياتك لا يعتمد عليك فقط، بل السياق الاجتماعي أيضاً. فقد يكون التوتر بسبب ضغوطات غير واقعية تضعها لنفسك، أو قد ينشأ بسبب متطلبات العائلة أو العمل. تبدأ الخطوة الأولى بتحديد مسببات الضغط، وبذلك يصبح تفاديها ممكنا. ومن ثم يتوجب عليك أن تدرك أن التوتر يعتمد على كيفية نظرك للأمور بشكل جزئي- يبدأ الجانب السيء في داخلك بتحريكها.

أعراض شائعة للتوتر

قد تتعايش أحياناً مع الضغوطات، بحيث لا تستطيع كيفية تحديدها. فإذا ما كانت إجاباتك على الاختبار أعلاه مختلطة. قد تساعدك القائمة التالية على تحديد الإشارات الأكثر شيوعاً للإجهاد المفرط:

تغيرات عاطفية:

• تقلب المزاج، سرعة الانزعاج، نوبات غضب

• الشعور بالإرهاق

• الانسحاب الاجتماعي والوحدة

• الاكتئاب، فقدان الاهتمام بالحياة (بما في ذلك الرغبة الجنسية)

• القلق، قلق دائم، الشعور بالذنب، الهلع

تغيرات جسدية

 انخفاض مستوى الطاقة، تعب مستمر

 صداع متكرر، ألم أو تشنج العضلات.

 مشاكل في الجهاز الهضمي.

 ألم في الصدر، وتسرع نبضات القلب

 ازدياد أو تراجع في الشهية.

 أرق، كوابيس

تغييرات إدراكية وسلوكية:

• صعوبة التركيز وتلاحق الأفكار

• النسيان وحالة من التشوش

• المماطلة وصعوبة اتخاذ القرارات

• الشراهة بالتدخين، والإسراف بشرب الكحول والممنوعات

أساليب صحية للتعامل مع التوتر

بمجرد أن تقر بوجود ضغوطات وتوتر في حياتك، يكمن التحدي التالي بإيجاد استراتيجية فعالية للتعامل معها. وسنورد هنا بعض المقترحات التي قد تساعدك على التعامل مع التوتر بشكل أفضل:

تخفيف التوتر:

• ممارسة الرياضة بانتظام

• اللجوء إلى التأمل أو تقنيات أخرى للاسترخاء

• التدرب على التسامح

• تعلم كيفية التعامل مع الظروف الصعبة بشكل إيجابي

الاستمتاع بالحياة:

• بناء شبكة من الأشخاص الداعمين والمحبين مثل أفراد العائلة والأصدقاء

• تعلم الاستمتاع بالموسيقى، أو حرفة أو نشاطات أخرى مبتكرة

• اكتشاف الأمور التي تشعرك بالسعادة والراحة وتخصيص وقت لها

• التركيز على النشاطات التي تلائم اهتماماتك وقيمك

• الانخراط في أنشطة تتمحور حول الإيثار وتقدير ما تملك

في حال كان يصعب عليك ذلك، يجب أن تفكر بالحصول على المساعدة من أشخاص مختصين كطبيب نفسي أو مدرب. والأهم من ذلك عدم ترك الأمور تتراكم.

يبقى تخفيف حدة التوتر خيار وتحدي إلى حد ما. ففي أي لحظة يبقى لك الخيار في أن تنظر إلى الأمور بشكل إيجابي أم سلبي، بصبر وتفهم أو بغضب.

إذا كنت مؤمناً بأن لحياتك معنى ومغزى: إذا ما شعرت بوجودك في أنشطتك اليومية؛ إذا ساهمت بشكل ما في نجاح الآخرين؛ إذا ما شعرت بقدرتك على ممارسة نشاطاتك اليومية؛ إذا كنت متفائلاً تجاه المستقبل؛ فعلى الأغلب سيمنحك ذلك شعوراً أفضل. يعد بناء شبكة من الأشخاص الداعمين الخيار الأفضل للعديد من الأشخاص. وأخيراً، تذكر مقولة هيرمان هيسه في روايته الكلاسيكية سدهارتا: "في داخلك الملاذ الآمن الذي يمكن أن تلجأ له في أي وقت لتكون على حقيقتك".

* مانفريد كيتس دي فريز، أستاذ مساعد في تنمية المهارات القيادية والتغيير التنظيمي بكلية إنسياد
https://knowledge-arabia.insead.edu

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق