q
ملفات - شهر رمضان

لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا

أَسْحارٌ رَمَضانِيَّةٌ السَّنةُ العاشِرة (٧)

التَّوحيدُ أَحد أَهم الأَدلَّة والبراهين على أَنَّ الخالق أَرادَ لعبادهِ أَن يعيشُوا حياتهُم بيُسرٍ وسعادةٍ من دونِ تعقيدٍ. ومن أَجلِ أَن يُمكِّنهُم من تشخيصِ هويَّة العدُو فلا ينساقُوا وراءَ خُططهِ ومكرهِ فيُدمِّر حياتهُم ويُبعِدهُم عن مشرُوعِ السَّعادةِ والحياةِ الكريمةِ فقد حذَّرهُم الشَّيطان. والله لا يُحمِّل عبادهُ فَوق طاقتهِم...

{وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَىٰ ۖ وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا}.

٧/ والتَّوحيدُ أَحد أَهم الأَدلَّة والبراهين على أَنَّ الخالق أَرادَ لعبادهِ أَن يعيشُوا حياتهُم بيُسرٍ وسعادةٍ من دونِ تعقيدٍ.

قال تعالى {مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَٰهٍ ۚ إِذًا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَٰهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ ۚ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ}.

فلَو كانَ فيها إِلهاً غَير الله تعالى شأنهُ لتعقَّدت الأُمور على العبدِ وانشغلَ بمعرفةِ أَيَّهما أَحقُّ من الآخر أَو أَفضل من الآخر، وأَيُّ الرُّسُلِ يتَّبع وأَيُّ الكُتبِ يرفُض، وبالتَّالي لهى عن رسالتهِ التي خُلِقَ من أَجلِها.

ولقد حسمَ أَميرُ المُؤمنينَ (ع) أَمر التَّوحيد بمُحاججةٍ راقِيةٍ ذكرها في وصيَّتهِ لإِبنهِ الحَسن المُجتبى السِّبط (ع) بقولهِ {وَاعْلَمْ يَا بُنَيَّ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لِرَبِّكَ شَرِيكٌ لَأَتَتْكَ رُسُلُهُ وَلَرَأَيْتَ آثَارَ مُلْكِهِ وَسُلْطَانِهِ وَلَعَرَفْتَ أَفْعَالَهُ وَصِفَاتِهِ وَلَكِنَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ كَمَا وَصَفَ نَفْسَهُ لَا يُضَادُّهُ فِي مُلْكِهِ أَحَدٌ وَلَا يَزُولُ أَبَداً وَلَمْ يَزَلْ أَوَّلٌ قَبْلَ الْأَشْيَاءِ بِلَا أَوَلِيَّةٍ وَآخِرٌ بَعْدَ الْأَشْيَاءِ بِلَا نِهَايَةٍ}.

٨/ والله تعالى لا يُحمِّل عبادهُ فَوق طاقتهِم قائلاً {وَلَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۖ وَلَدَيْنَا كِتَابٌ يَنطِقُ بِالْحَقِّ ۚ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} وقولهُ {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۚ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ۗ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ۚ رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا ۚ رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ ۖ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا ۚ أَنتَ مَوْلَانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}.

حتَّى بالنَّواهي فهوَ تعالى يوضِّح ويُحدِّد قبلَ أَن يطلُب من عبدهِ أَن يحذرَ فيلتزِم قائلاً {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّىٰ يُبَيِّنَ لَهُم مَّا يَتَّقُونَ ۚ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}.

٩/ ومن رحمَتهِ تعالى بعبادهِ أَنَّهُ جعلَ لهُم أَمانَينِ كما في قولهِ {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ ۚ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}.

ولقَد حَكَى عَنْ أَميرِ المُؤمنِينَ (ع) أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْبَاقِرُ (ع) أَنَّهُ قَالَ {كَانَ فِي الْأَرْضِ أَمَانَانِ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ وَقَدْ رُفِعَ أَحَدُهُمَا فَدُونَكُمُ الْآخَرَ فَتَمَسَّكُوا بِهِ أَمَّا الْأَمَانُ الَّذِي رُفِعَ فَهُوَ رَسُولُ اللَّهِ (ص) وَأَمَّا الْأَمَانُ الْبَاقِي فَالِاسْتِغْفَارُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى (وَما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَما كانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ)}.

١٠/ ومن أَجلِ أَن يُمكِّنهُم من تشخيصِ هويَّة العدُو فلا ينساقُوا وراءَ خُططهِ ومكرهِ فيُدمِّر حياتهُم ويُبعِدهُم عن مشرُوعِ السَّعادةِ والحياةِ الكريمةِ فقد حذَّرهُم الشَّيطان قائِلاً {يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ۚ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ} وقولهُ {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاءِ ۖ وَاللَّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلًا ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} وقولهُ {وَالَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ ۗ وَمَن يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قَرِينًا} وقولهُ {فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُم بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَـٰكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}.

١١/ ومعَ كُلِّ الذي بيَّنهُ تعالى لعبادهِ فقد منحهُم حريَّة الإِختيار حتَّى لا يلومَ العبدُ إِلَّا نفسهُ إِذا اختارَ البُؤس والشَّقاء وحياة الذلَّة والمهانة فقالَ تعالى {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ۖ فَإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُم مَّا حُمِّلْتُمْ ۖ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا ۚ وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ} وقولهُ {وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ ۖ فَمَنِ اهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ ۖ وَمَن ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُنذِرِينَ} وقولهُ {وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ ۖ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ۚ} وقولهُ {وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ}.

١٢/ حتَّى عندما يُريدُ الله تعالى أَن يُعذِّبَ عبداً [أُمَّةً] فليسَ قبلَ تحقيقِ شرطَينِ؛ الأَوَّل أَن يُنذِرهُ بشتَّى الطُّرُق ويُلقي عليهِ الحُجَّة بكُلِّ السُّبُل، والثَّاني أَن يرتكِبَ العبدُ الظُّلمَ بالجُرمِ المشهُود فلا يكفي أَن ينوي ارتكابِ الظُّلمِ والتَّجاوز، فقالَ تعالى {وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَىٰ حَتَّىٰ يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا ۚ وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَىٰ إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ}.

وكانَ ربُّ العزَّة قد أَخبرَ عبدهُ لحظةَ خلقهِ بأَنَّهُ سيتعرَّض للإِختبار ليميزَ بينَ عبادهِ ولذلكَ فعليهِ بالإِستعداد وأَخذِ الحيطةِ والحذر، فقالَ تعالى {أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ* وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۖ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ}.

المُؤمنُونَ كذلك يمتحنهُم الله تعالى ليميزَ الصَّادق من الكاذِب والخبيث من الطيِّب فقالَ تعالى {مَّا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَىٰ مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىٰ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ ۗ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاءُ ۖ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ۚ وَإِن تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ}.

إِنَّها رحمةُ الله بعبدهِ والتي لم تشأ أَن تُباغتهُ فيشتكي الغفلة واللَّهو وعدمِ الإِستعدادِ عندَ نزُولِ البلاءِ فقالَ تعالى {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ۖ قَالُوا بَلَىٰ ۛ شَهِدْنَا ۛ أَن تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَٰذَا غَافِلِينَ}.

يتبع..

اضف تعليق