q
ثقافة وإعلام - صحافة

الخصخصة

الخصخصة أو الجباية، أياً كانت تسميتها والدافع وراء قيام وزارة الكهرباء، بالتنازل عن تنفيذ بعض مهامها في الجباية والتوزيع الى شركات القطاع الخاص وقد اعتاد الناس لقرن من الزمان على المثول اليها جهة حكومية يدفعون استحقاقاتها بسلاسة ويسر.

لقد حدث التنازل وأيقنت الحكومة أن الخصخصة سبيلاً اقتصاديا وخدمياً وحيداً في وقتنا الراهن، وهنا يسأل السائل لماذا لجأت الوزارة الى هذا الخيار، وهي التي تملك مفاتيح التحكم بسلعة لا يستطيع الانسان الاستغناء عنها في حياته اليومية؟.

هذا وللإجابة المنطقية بعيداً عن متغيرات السوق والاقتصاد والفاقد والتجاوز والتركيز في هذا المقال على السلوك الانساني، والتفتيش بين الطباع والآراء للعراقي صاحب الشأن الذي يتوزع في مواقعه بين من يدير الوزارة، يشغل، يديم، يخطط، يشرف، يصدر القرارات. وبين آخر هو المستفيد، المتجاوز على الخطوط، العابث في الأعمدة، الشاكي من القطوع، والمشتكي الى الله من تأخر وصول الوزارة الى الكفاية في الانتاج.

وبصدده يمكن القول ان الانسان العراقي الذي يدير الكهرباء قد فَشِلَ في توفير مقادير منها حسب الاحتياج وفَشِلَ في تحصيل حقوقه من حاصل البيع وفي ضبط السيطرة والتوزيع. وفي السياق ذاته يمكن التأكيد على ان العراقي الآخر (المستفيد) قد فشلَ في الالتزام بتسديد قيمة المنتج أي الكهرباء أو بالحقيقة قصر وربما تعمد التقصير جهلاً بالأبعاد المترتبة، وهذا فشل هو الأكثر تأثيراً على ديمومة الانتاج والتوزيع، ومع هذا وبدل من الاقرار بالفشل والسعي الى التفتيش عن الحلول العملية وقع قسم من الناس في أحضان السياسة الزائفة واستخدموا أداة تسيىس لموضوع الكهرباء فتظاهروا احتجاجاً على أسعار كهرباء الدولة التي تقل أسعارها عن كهرباء المولدات لما يقارب النصف، وكأنهم لا يفكرون بأصل المشكلة، ولا بوضعهم طرفاً في معادلاتها، وفي تظاهرهم واحتجاجهم لم يقدموا حلاً بديلاً قابلاً للتطبيق، وكأنهم يحتجون من أجل الاحتجاج أو بات بعضهم سلعة بيد السياسيين المتربصين.

وفي نهاية المطاف ووسط هذا التلاعب السياسي بالمشاعر تبدو مشكلة الكهرباء شائكة لا يمكن حلها بالتهاون والعبور من فوق طبيعة لها معقدة أنتجت الخصخصة وان كانت هذه موجودة في الأصل إذ أن المولدات بأسعارها خصخصة أيضاً، وعموماً فالخصخصة حل يقترب من أن يكون منطقياً. لم يكن بدعة ومثله موجود في عديد من المجتمعات المماثلة لمجتمعنا والمتفوقة عليه. وهو حل لا أظنه مفروضاً من جهة عليا لمجرد الفرض حيث لم يبق سواه خياراً توكل على أساسه قسم من المهام الى قطاع قادر على التعامل مع انسان فشل في ان يكون طرفاً ايجابياً في حلول أخرى كانت ممكنة.

انه حل وبدلاً من الوقوف بالضد من تطبيقاته قبل معرفة النتائج لابد وأن يعطى فرصة تكفي للحكم المنطقي، ولابد أن يسمح للقطاع الخاص أن يكون شريكاً في البناء على وفق فلسفة اقتصاد السوق التي ينتهجها العراق والعالم، وبعكسه ووسط فوضى الاستجابات الانفعالية غير العقلانية يمكن أن ننتظر خمسة عشرة عاماً أخرى دون أن تستقر لنا كهرباء.

* صحيفة الصباح
facebook.com/saad.alobaidy.92

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق