يدرك الآباء أهمية أن يكونوا قدوة، وقد تحدثوا في المجموعات البؤرية عن محاولة ضبط عاداتهم الخاصة. على سبيل المثال، ذكر أحد المشاركين أنه بدأ في وضع هاتفه على وضع الطائرة لتجنب الإشعارات أثناء الجلوس مع أطفاله. واجهت شركات التكنولوجيا ضغوطاً من المشرعين والمدافعين للقيام بالمزيد للحفاظ على سلامة الأطفال...

صدر تقرير عن مركز بيو للأبحاث بتاريخ أكتوبر ٢٠٢٥، بعنوان "كيف يدير الآباء وقت شاشة أطفالهم"، يستعرض فيه نتائج استطلاع رأي شامل أُجري في مايو ٢٠٢٥ على ٣,٠٥٤ من أولياء الأمور لأطفال تتراوح أعمارهم بين ١٢ عامًا وأقل في الولايات المتحدة، بالإضافة إلى استخلاصات من أربع مجموعات تركيز إضافية. 

يتناول التقرير مدى انتشار استخدام الأطفال للأجهزة الإلكترونية مثل التلفزيون والأجهزة اللوحية والهواتف الذكية وتيك توك، مع ملاحظة أن نسبة مشاهدة يوتيوب قد ارتفعت بشكل خاص بين الأطفال دون سن الثانية. يكشف التقرير أن ٤٢٪ من الآباء يعتقدون أنه يمكنهم تحسين إدارة وقت شاشة أطفالهم، كما أن الأغلبية الساحقة ترى أن مضار وسائل التواصل الاجتماعي تفوق فوائدها. علاوة على ذلك، يُظهر التقرير أن معظم الآباء يرغبون في أن تقوم شركات التكنولوجيا والمشرعون ببذل المزيد من الجهد لوضع قواعد لحماية الأطفال عبر الإنترنت.

أولاً: أنواع الأجهزة الأكثر شيوعاً بين الأطفال

تعد التكنولوجيا منتشرة على نطاق واسع بين الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 12 عاماً وأصغر. وتبرز ثلاثة أنواع من الأجهزة في "الحمية التقنية" للأطفال:

1. التلفزيون (TV): يعتبر الأكثر شيوعاً على الإطلاق، حيث يقول تسعة من كل عشرة آباء (90%) إن طفلهم يشاهد التلفزيون. وقد ارتفعت نسبة مشاهدة التلفزيون بشكل ملحوظ حتى بين الأطفال الأصغر سناً؛ فـ 82% من الآباء يقولون إن طفلهم دون سن الثانية يشاهده، مقارنة بـ 63% في عام 2020.

2. الأجهزة اللوحية (Tablets): غالبية الآباء (68%) يقولون إن طفلهم يستخدم جهازاً لوحياً أو يتفاعل معه. ويزداد هذا الاستخدام بشكل كبير مع تقدم العمر: حوالي ثلاثة من كل عشرة آباء (30%) يقولون إن طفلهم دون الثانية يستخدم الجهاز اللوحي، وترتفع النسبة إلى حوالي ثمانية من كل عشرة آباء (81%) للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و 7 سنوات.

3. الهواتف الذكية (Smartphones): يقول 61% من الآباء إن طفلهم يستخدم هاتفاً ذكياً أو يتفاعل معه. يبدأ استخدام الهواتف الذكية في سن مبكرة بالنسبة للبعض، حيث يقول حوالي أربعة من كل عشرة آباء (38%) إن طفلهم دون سن الثانية يستخدمه أو يتفاعل معه.

 * امتلاك الهاتف الخاص: يقول حوالي ربع الآباء (23%) إن طفلهم يمتلك هاتفاً ذكياً خاصاً به. ترتفع هذه النسبة بشكل كبير للأطفال الأكبر سناً، حيث يقول حوالي ستة من كل عشرة آباء (57%) ممن لديهم طفل بعمر 11 أو 12 عاماً إن طفلهم يمتلك هاتفاً خاصاً به.

 * السن المقبول: يعتقد معظم الآباء (68%) أن الأطفال يجب أن يكونوا 12 عاماً على الأقل قبل امتلاك هاتف ذكي خاص بهم.

تقنيات أخرى شائعة:

* أجهزة الألعاب (Gaming Devices): يقول نصف الآباء (50%) إن طفلهم يستخدم أجهزة الألعاب.

* المساعدات الصوتية (Voice Assistants): حوالي أربعة من كل عشرة آباء (37%) يقولون إن طفلهم يستخدم مساعداً صوتياً مثل سيري (Siri) أو أليكسا (Alexa).

* الحواسيب المكتبية أو المحمولة (Desktops or Laptops): حوالي أربعة من كل عشرة آباء (39%) يقولون إن طفلهم يستخدم هذه الأجهزة.

ثانياً: المنصات والذكاء الاصطناعي

1. يوتيوب (YouTube)

يلعب يوتيوب دوراً رئيسياً في وقت شاشة الأطفال.

* الانتشار والاستخدام اليومي: يقول 85% من الآباء إن طفلهم (12 عاماً أو أقل) يشاهد مقاطع الفيديو على يوتيوب، بما في ذلك حوالي نصفهم (51%) ممن يقولون إن هذا يحدث يومياً.

* الأطفال الصغار جداً: زاد استخدام يوتيوب بشكل حاد بين الأطفال دون سن الثانية، حيث ارتفعت النسبة من 45% في عام 2020 إلى 62% اليوم. كما ارتفعت نسبة المشاهدة اليومية لهذه الفئة العمرية من 24% إلى 35%.

* المشاهدة المشتركة: أغلبية ساحقة من الآباء (74%) يقولون إنهم يشاهدون يوتيوب مع أطفالهم.

2. وسائل التواصل الاجتماعي

على الرغم من القواعد العمرية والجدل حول الأضرار النفسية، لا يزال بعض الأطفال يستخدمون منصات التواصل الاجتماعي:

* تيك توك (TikTok): يتصدر هذه المنصات، حيث يقول 15% من الآباء بشكل عام إن طفلهم يستخدمه. ترتفع هذه النسبة إلى 37% بين الآباء الذين لديهم طفل يتراوح عمره بين 11 و 12 عاماً.

* سناب شات وإنستغرام وفيسبوك: يبلغ عدد الآباء الذين يقولون إن طفلهم يستخدم سناب شات 8%، وإنستغرام 5%، وفيسبوك 5%.

3. روبوتات الدردشة المدعومة بالذكاء الاصطناعي (AI Chatbots)

دخلت روبوتات الدردشة (مثل ChatGPT أو Gemini) في المزيج التقني:

* يقول حوالي واحد من كل عشرة آباء (8%) للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و 12 عاماً إن طفلهم يستخدم برامج الدردشة الآلية.

* يرتفع الاستخدام بشكل ملحوظ مع تقدم العمر، ليصل إلى 15% للآباء الذين لديهم طفل يبلغ 11 أو 12 عاماً.

ثالثاً: موازنة الآباء بين الأضرار والفوائد

يواجه الآباء قرارات صعبة يومياً بشأن وقت الشاشة.

1. الأضرار مقابل الفوائد

* وسائل التواصل الاجتماعي: يرى ثمانية من كل عشرة آباء (80%) أن أضرار وسائل التواصل الاجتماعي تفوق فوائدها بشكل كبير.

* الهواتف الذكية: 46% من الآباء يقولون إن الأضرار تفوق الفوائد، بينما 42% يرون توازناً متساوياً بينهما.

* الأجهزة اللوحية: يميل الآباء إلى رؤية توازن متساوٍ (53%) بين الأضرار والفوائد، بينما يقول 29% إن الأضرار تفوق الفوائد.

2. أسباب السماح بالهواتف الذكية وعدم السماح بها

بالنسبة للآباء الذين يسمحون لأطفالهم باستخدام هاتف ذكي:

* التواصل والسلامة: السبب الأهم هو إمكانية الاتصال بالطفل (81% يعتبرونه سبباً رئيسياً لمن لديهم طفل يمتلك هاتفاً خاصاً).

* الترفيه والتعلم: الأغلبية تستشهد بالترفيه والمساعدة على التعلم كأسباب للسماح بالاستخدام.

* تهدئة الطفل: 65% من الآباء الذين لديهم طفل تحت سن الخامسة يستخدم الهاتف الذكي يقولون إن السبب هو تهدئة الطفل.

بالنسبة للآباء الذين لا يسمحون لأطفالهم باستخدام هاتف ذكي:

* المحتوى غير اللائق: السبب الأكبر لعدم السماح هو القلق من أن يرى الطفل محتوى غير لائق على الإنترنت، حيث يعتبره حوالي تسعة من كل عشرة آباء (88%) سبباً، و72% يعتبرونه سبباً رئيسياً.

* مخاوف أخرى: كما تشمل الأسباب الرئيسية الأخرى القلق بشأن سلامة الطفل (84%)، وإمكانية إيذاء نموه (84%)، ومخاوف من أن يكون وقتاً طويلاً جداً أمام الشاشة (82%).

وقد أوضح أحد المشاركين في مجموعات التركيز صعوبة هذا التوازن، مشيراً إلى أنه يرى الآثار النفسية التي يمكن أن تحدثها وسائل التواصل الاجتماعي على الأطفال، لكنه يشعر بالخوف والتردد في حظرها كلياً. ورأى والد آخر فوائد تعليمية في الهواتف، حيث تعلمت ابنته القراءة من خلال أحد التطبيقات.

وسُئل الآباء عما إذا كان أطفالهم يقضون "وقتًا أكثر من اللازم" أو "وقتًا أقل من اللازم" على الشاشات. بالنسبة لمعظم الأنشطة، كان الآباء أكثر ميلًا قليلاً للقول إن طفلهم يقضي "وقتًا أكثر من اللازم".

الزيادة مع التقدم في العمر:

الآباء الذين لديهم طفل يبلغ 11 أو 12 عامًا هم الأكثر احتمالية للقول إن طفلهم يقضي وقتًا أكثر من اللازم على الهاتف الذكي أو يستخدم وسائل التواصل الاجتماعي. ويقول ثلث الآباء إن طفلهم البالغ 11 إلى 12 عامًا يقضي وقتًا أكثر من اللازم على الهاتف الذكي، مقارنة بنسب أقل بين الآباء الذين لديهم أطفال أصغر سنًا.

تثير مسألة "كم هو الكثير؟" مشاعر معقدة للآباء. فبينما يرى بعض الآباء أن تحديد ساعة أو ساعتين في الأسبوع جيد، يشعر آخرون بأنهم لا يملكون خيارًا بسبب متطلبات المدرسة التي أصبحت جميع واجباتها عبر الإنترنت. وقد أعرب أحد الآباء عن الشعور بالذنب، قائلاً: "أشعر بالذنب لأنه حتى لو كان على جهازه اللوحي لمدة 20 أو 15 دقيقة، فهذا وقت كان يمكن أن نقضيه معًا".

رابعاً: إدارة وقت الشاشة والمطالب الموجهة للشركات

1. إدارة الأهل لوقت الشاشة

* الأولوية: يقول غالبية الآباء (86%) إن ضمان أن يكون وقت شاشة طفلهم "معقولاً" هو أولوية يومية، لكن 42% فقط يعتبرونها من أكبر أولوياتهم. ويولي الآباء أهمية أكبر لضمان أن يتمتع طفلهم بأخلاق جيدة (77% أكبر أولوية) ويحصل على قسط كافٍ من النوم (75%).

* القواعد: الأغلبية الساحقة من الآباء (86%) لديهم قواعد حول متى أو أين أو كيف يمكن لطفلهم استخدام الشاشات. ومع ذلك، فإن 19% فقط منهم يقولون إنهم يلتزمون بهذه القواعد طوال الوقت.

2. تحسين الأداء والرغبة في مزيد من القواعد

* التحسين الذاتي: يعتقد حوالي أربعة من كل عشرة آباء (42%) أنهم يمكن أن يقوموا بعمل أفضل في إدارة وقت شاشة أطفالهم، بينما يقول 58% إنهم يبذلون قصارى جهدهم.

القواعد والتطبيق: صراع مستمر

الغالبية العظمى من الآباء (86%) لديهم قواعد تتعلق بموعد أو مكان أو كيفية استخدام أطفالهم للشاشات. وحتى بالنسبة للأطفال الذين تقل أعمارهم عن سنتين، لا يزال 75% من الآباء لديهم قواعد مطبقة.

ولكن على صعيد التطبيق العملي، يقول عدد أقل بكثير من الآباء إنهم يلتزمون بهذه القواعد *طوال الوقت* (19% فقط). وتقول النسبة الأكبر (55%) إنهم يلتزمون بقواعد الشاشة في معظم الأوقات. وقد وصف أحد الآباء في المجموعات البؤرية التي أجريت الصعوبة في الالتزام ببعض القواعد، مثل محاولة تجنب الشاشات أثناء الوجبات. وأشار آخرون إلى أن التقييد بحد ذاته قد يزيد من رغبة الطفل في الشيء الممنوع.

عند مقارنة الآباء لأنفسهم بغيرهم، يميلون إلى رؤية أنفسهم أكثر صرامة فيما يتعلق بوقت الشاشة (39%)، بينما يقول 26% فقط إنهم أقل صرامة.

الشعور بالحكم والضغط الاجتماعي

تأتي الأبوة في العصر الرقمي مصحوبة بنقادها، ويشعر بعض الآباء بوطأة الحكم من الآخرين على قراراتهم المتعلقة باستخدام أطفالهم للشاشات.

* ثلث الآباء يشعرون ببعض الحكم على الأقل من الآخرين على كيفية إدارتهم لوقت شاشة أطفالهم. 13% منهم يقولون إنهم يشعرون بقدر كبير أو لا بأس به من الحكم.

* تختلف هذه التجارب حسب الفئة: الأمهات (38%) أكثر عرضة للشعور بالحكم مقارنة بالآباء (27%).

* الآباء الآسيويون (48%) واللاتينيون (41%) أكثر عرضة للشعور بالحكم مقارنة بالآباء السود (30%) والبيض (29%).

* الآباء ذوو الدخل السنوي المنخفض (40%) أكثر عرضة للشعور بالحكم مقارنة بأولئك الذين ينتمون إلى الأسر ذات الدخل المتوسط أو المرتفع (30% لكل منهما).

عادات الآباء الشخصية أمام الشاشات

الصراع مع وقت الشاشة لا يقتصر على الأطفال فحسب، بل هو قضية تتنقل فيها العائلات بأكملها. حوالي ثلثي الآباء (65%) يقولون إنهم يقضون وقتاً طويلاً جداً على هواتفهم الذكية. ويقول ما يقرب من النصف (47%) هذا عن وقتهم على وسائل التواصل الاجتماعي.

الآباء الأصغر سناً (من 18 إلى 49 عاماً) هم أكثر من يقولون إن وقتهم على الشاشات مفرط، سواء بالنسبة للهواتف الذكية (66% مقابل 46% للآباء الأكبر سناً) أو وسائل التواصل الاجتماعي (48% مقابل 27%). كما أن الآباء ذوي الدخل المرتفع (71%) أو المتوسط (69%) أكثر عرضة للقول إنهم يقضون وقتاً طويلاً جداً على هواتفهم الذكية مقارنة بالآباء ذوي الدخل المنخفض (58%).

يدرك الآباء أهمية أن يكونوا قدوة، وقد تحدثوا في المجموعات البؤرية عن محاولة ضبط عاداتهم الخاصة. على سبيل المثال، ذكر أحد المشاركين أنه بدأ في وضع هاتفه على وضع الطائرة لتجنب الإشعارات أثناء الجلوس مع أطفاله.

مطالبات بالتدخل التنظيمي

مع قضاء الأطفال المزيد من الوقت عبر الإنترنت، واجهت شركات التكنولوجيا ضغوطاً من المشرعين والمدافعين للقيام بالمزيد للحفاظ على سلامة الأطفال.

تُظهر الدراسة أن أغلبية الآباء يطالبون شركات التكنولوجيا والمشرعين ببذل المزيد لوضع قواعد لما يمكن للأطفال فعله أو رؤيته عبر الإنترنت:

* شركات التكنولوجيا: 67% من الآباء يقولون إنه يجب عليهم فعل المزيد.

* المشرعون: 55% من الآباء يقولون إنه يجب عليهم فعل المزيد.

هذه الرغبة في زيادة القواعد واللوائح حول القصر عبر الإنترنت ليست جديدة. ويُعد الديمقراطيون (70%) والجمهوريون (66%) متفقين إلى حد كبير على أن شركات التكنولوجيا يجب أن تفعل *المزيد* للأطفال عبر الإنترنت. ومع ذلك، يرى عدد أقل قليلاً في كلا الحزبين أن المشرعين يجب أن يفعلوا المزيد (حوالي ستة من كل عشرة آباء ديمقراطيين مقابل 53% من الآباء الجمهوريين).

اضف تعليق