q
نعيش حالة لم نستوعبها في الأيام القليلة الماضية، حيث انتشرت انباء تفيد بقيام احدى الشخصيات الوهمية على الشبكات الاجتماعية بسرقة الحسابات الشخصية لعدد من طالبات الجامعات العراقية ونشر صورهن الشخصية بعد انشاءه مجموعة على تطبيق التلغرام، وأدخلت هذه الحادثة الآلاف من الأشخاص في انذار مبكر...

نعيش حالة لم نستوعبها في الأيام القليلة الماضية، حيث انتشرت انباء تفيد بقيام احدى الشخصيات الوهمية على الشبكات الاجتماعية بسرقة الحسابات الشخصية لعدد من طالبات الجامعات العراقية ونشر صورهن الشخصية بعد انشاءه مجموعة على تطبيق التلغرام، وأدخلت هذه الحادثة الآلاف من الأشخاص في انذار مبكر، كون المعتدي على الخصوصيات لا يمكن ان يفرق بين الضحايا الذين وقعن في شباك الاختراق غير الأخلاقي.

هذه الحادثة لم تكن الأولى ولا ينتهي عندها المطاف، فمن الممكن ان نستمع في الأيام القليلة القادمة أخرى مشابهة، او قد تكون أكثر شمولا ووحشية من الحالات السابقة، ويبقى الأهم من كل ذلك هو لماذا تستمر هذه الشخصيات بالتجاوز على الخصوصيات وانتهاك الحرمات دون الخوف من العقاب والأمان من الحساب؟

انتهاك الخصوصيات والتعامل مع المعلومات الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي جعلت البعض ينقم من هذا الزائر المزعج، واجبرت الملايين من البشر المستخدمين لتلك المواقع على العيش بحالة استثنائية نتيجة المخاوف المرافقة لذلك الاستخدام، فهم يدلون بمعلوماتهم الشخصية بصورة اجبارية حفاظا على استمرار الاستخدام، والا فأن السياسية العامة لشبكات التواصل لا تسمح لهم بالاشتراك.

عدم السماح بالاشتراك وغيرها من القيود المفروضة على المستخدمين بصورة عامة وعلى شريحة الشباب بوجه الخصوص، كونهم الأكثر قربا وتماسا مع هذه المواقع، جعلهم يخضعون لهذه المطالب، وقد أدى ذلك الى تغلغلها في كل شيء من مفردات الحياة العامة، ولا يمكن التخلص منها بأي شكل من الاشكال، ومع حالة الاكراه التي فرضت عليهم بما يتعلق ببياتهم الشخصية، لا نجد ضمانات تقدمها الشركات لحفظ الخصوصية وحمايتها من ذوي النفوس الضعيفة.

ومما يثير الاستغراب قلة التشريعات التي تضبط عمل هذه الشبكات وتقلل نسبة الخسائر منها، ومع القيود الضعيفة المفروضة أصبحت الأبواب مشرعة امام الأشخاص المنتهزين للفرص والمستغلين لحالة الغفلة او عدم إدراك حجم المخاطر التي تسببها تلك المواقع للأفراد المستخدمين.

ومن المهم جدا ان يحظى موضوع الخصوصية اهتمام أكبر من الجهات التشريعية لمنع المتلاعبين بمقدرات الناس واقتحام خصوصيتهم، بمجرد لديهم معلومات وقدرات تمكنهم من اختراق خصوصية الآخرين الذين يمارسون حياتهم بصورة طبيعية ويلتقطون الصور بشكل عفوي وغير آخذين بعين الاعتبار إمكانية وصول البعض الأشخاص المساومين الى منطقتهم الشخصية والاعتداء عليها.

ولا تزال مسألة توفير الحماية اللازمة والكافية لمستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي تعد من الإشكاليات التي تتطلب وقفة حقيقة والتفاتة جادة من الجهات المشرعة لمنع الوصول لمعلومات المستخدم بأي شكل من الاشكال، ولا يكفي الاعتماد على مهارة الأشخاص وفطنتهم في توفير الحماية لأنفسهم، فهنالك الملايين ممن لا تتعدى معلوماتهم الفردية طريقة انشاء الحساب فقط.

انا شخصيا لم اتعرض للصور المنتشرة على مواقع التواصل والعائدة لأفراد أصبحوا ضحية دون التحسب لمثل هذه اللحظات، لكن وبحسب الناقلين فأن اغلب الصورة المسربة تشير الى ان أصحابها التقطوها في أوقات خاصة جدا، وكأن تكون في مناسبات عائلية وفي أماكن مغلقة لا يمكن لاحد ان يطلع عليها.

من يتحمل الضرر المعلوماتي الذي لحق بهذه الثلة من الافراد لا يمكن ان يتحملونه وحدهم، والقسط الأكبر من الضريبة يجب ان تتحملها الجهات المالكة لهذه الشبكات، وليس من المنطقي ان تفرض سياسات على مضمون المحتوى الذي ينشر على صفحات التواصل الاجتماعي وتهمل مسألة الخصوصية، وهي لا تقل أهمية عن المواد التي تتناول القيم المجتمعية وتحرض على الفتنة وغيرها من الظواهر السلبية.

بعد الانتهاك الفظيع الذي يحصل لمستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي أصبح من الضروري ادراج هذه القضية بملف حقوق الانسان الواجب حمايتها من مخاطر الإعلام الجديد، فالتشهير بالصور الشخصية لا يقل انتهاكا عن الاعتداء على الافراد بالضرب وغيرها من الجوانب المعنوية، ولذلك من المفترض منع استخدام الأسماء المستعارة وإيجاد أساليب برمجية تحدد الحسابات الوهمية وتمنعها من الدخول الى العالم الافتراضي.

ويبقى ما يتعلق بك أيها المستخدم الكريم هو عدم الموافقة على سياسات الاستخدام والشروط دون معرفة ابعاد هذه الموافقات، وبالنتيجة تكون غير قادر على مواجهة او شجب التحديات التي تواجهك في المستقبل، ولا تستطيع الثبات بوجهها كونك انت من أعطيت هذه الخاصية الفسحة من التقرب اليك بهذه الصورة وتمكين الأشخاص من العبث بمعلوماتك الشخصية كيفما يريدون وبذلك يبقى الانتهاك شبح يطارد المستخدمين.

اضف تعليق