ان الجري يجب أن يكون متعة وليس عذاباً بالالتزام بالنصائح الوقائية، والتدريب الذكي، والراحة الكافية، يمكنك أن تجعل من الجري رفيقاً لمدى الحياة لصحة أفضل وعمر أطول، تذكر دائماً أن الإنجاز الحقيقي ليس في قطع المسافات الطويلة بسرعة، بل في الاستمرارية الآمنة التي تحافظ على صحتك وقدراتك الجسدية...

الجري هو أحد أكثر الأنشطة البدنية شيوعاً حول العالم، حيث يجمع بين الفوائد الصحية العديدة وسهولة الممارسة دون الحاجة إلى معدات معقدة أو تكاليف باهظة. فهو يعزز صحة القلب والأوعية الدموية، ويحسن اللياقة البدنية، ويساعد في التحكم بالوزن، بل ويثبت علمياً أنه يعزز الصحة النفسية من خلال تحفيز إفراز الإندورفين الذي يقلل التوتر والاكتئاب. 

لكن على الرغم من هذه الفوائد الكبيرة، فإن الجري خاصة عند المبتدئين أو عند المبالغة في ممارسته قد يؤدي إلى مجموعة متنوعة من الإصابات الجسدية. 

أنواع إصابات

عادة ما تحدث إصابات الجري عند بذل جهد زائد. كما أن طريقة حركة جسمك تلعب دورًا في ذلك.

يمكنك منع العديد منها. إليك الطريقة.

1. ركبة العداء: هذه إصابة شائعة ناجمة عن الإفراط في الاستخدام. ركبة العداء (وتسمى غالبًا متلازمة الرضفة الفخذية) لها أسباب مختلفة. غالبًا ما تحدث عندما تكون رضفة الركبة غير متوازنة.

مع مرور الوقت، قد يتآكل غضروف الرضفة. عند حدوث ذلك، قد تشعر بألم حول الرضفة، خاصةً في الحالات التالية:

• الصعود أو النزول على الدرج

• القرفصاء

• الجلوس مع ثني الركبة لفترة طويلة

2. كسر الإجهاد: وهو شق صغير في العظم يُسبب ألمًا وانزعاجًا. يُصيب عادةً العدائين في قصبة الساق والقدمين. غالبًا ما يكون نتيجةً للجهد الزائد قبل أن يعتاد الجسم على نشاط جديد.

يزداد الألم سوءًا مع النشاط ويتحسن مع الراحة. الراحة مهمة، لأن الضغط المستمر على العظام قد يؤدي إلى إصابات أكثر خطورة ويبطئ التعافي.

3. ألم قصبة الساق: هو ألم يحدث في مقدمة أو داخل أسفل الساق على طول عظمة القصبة (الظنبوب). الآم قصبة الساق (وتسمى أيضًا متلازمة إجهاد الظنبوب الإنسي أو MTSS) شائعة بعد تغيير نمط التمرين، مثل الجري لمسافات أطول أو زيادة عدد أيام الجري بسرعة كبيرة. من ناحية الألم، قد يصعب تمييزها عن كسر إجهادي في قصبة الساق، ولكن الألم عادةً ما يكون أكثر انتشارًا على طول العظم. كما أن الأشعة السينية ضرورية لتحديد نوع الكسر.

الأشخاص الذين لديهم أقدام مسطحة هم أكثر عرضة للإصابة بآلام الساق.

4. اعتلال وتر أخيل: كان يُعرف سابقًا بالتهاب الأوتار، وهو تغيرات تنكسية مزمنة في وتر أخيل. وهو الوتر الكبير الذي يربط الساق بالجزء الخلفي من الكعب.

يسبب التهاب وتر أخيل ألمًا أو حرقة وتيبسًا في منطقة الوتر، خاصةً في الصباح ومع النشاط البدني. عادةً ما يحدث بسبب الإجهاد المتكرر على الوتر. قد يؤدي زيادة مسافة الجري إلى حدوثه. كما قد يُسهم شد عضلات الساق في حدوثه.

5. شد عضلي: هو تمزق صغير في العضلة، ويُسمى أيضًا إجهادًا عضليًا. غالبًا ما يحدث بسبب الإفراط في شد العضلة. إذا شُدّت عضلة، فقد تشعر بإحساس طقطقة عند تمزقها.

6. التواء الكاحل: هو تمدد أو تمزق غير مقصود للأربطة المحيطة بالكاحل. يحدث غالبًا عند التواء القدم أو انزلاقها إلى الداخل.

7. التهاب اللفافة الأخمصية: هو شريط نسيجي سميك في أسفل القدم يمتد من الكعب إلى أصابع القدم. عادةً ما يصاحبه ألم شديد في الكعب، خاصةً مع الخطوات الأولى في الصباح. 

الأشخاص الذين يعانون من شد عضلات الساق وارتفاع قوس القدم أكثر عرضة للإصابة بالتهاب اللفافة الأخمصية. على الرغم من ارتباطه بزيادة النشاط البدني، إلا أن التهاب اللفافة الأخمصية قد يحدث أيضًا دون سبب واضح.

8. متلازمة الرباط الحرقفي الظنبوبي (IT): تُسبب هذه المتلازمة ألمًا في الجانب الخارجي من الركبة. الرباط الحرقفي الظنبوبي هو رباط يمتد على طول الجانب الخارجي من الفخذ، من أعلى الورك إلى الجانب الخارجي من الركبة.

تحدث متلازمة الرباط الحرقفي الظنبوبي عندما يصبح هذا الرباط سميكًا ويفرك عظم الركبة، مما يسبب الالتهاب.

9. البثور: أكياس مملوءة بسائل على سطح الجلد، وتظهر نتيجة احتكاك الأحذية/الجوارب بالجلد. (بحسب موقع WebMD).

كيف تتعامل مع الإصابة؟

• توقف عن اللعب فورا، فمثلا إذا شعرت بألم في الركبة أثناء ممارستك الجري على التريدمل فتوقف مباشرة ولا تستمر، إذ إن استمرارك في الحركة قد يفاقم الإصابة.

• إذا كانت الإصابة بسيطة ولا تتطلب رعاية طبية عاجلة (مثل الشد العضلي البسيط) فعادة ما يمكن التعامل معها عبر طريقة (PRICE)، وهي اختصار للحروف الإنجليزية الأولى لخمس كلمات إنجليزية، وهي: الحماية، أي حماية العضو من التعرض للمزيد من الرض، والراحة، ووضع الثلج على مكان الإصابة، والضغط على مكان الإصابة باستخدام مشد مثلا، ورفع العضو المصاب عن مستوى القلب للمساعدة في تخفيف الورم.

• بعد 48 ساعة أزل المشد عن العضو المصاب وحاول تحريكه، وإذا استمرت الأعراض أو تفاقمت فراجع الطبيب. إذا كانت الإصابة حادة مثل كسر أو إصابة في الرأس، فيجب الاتصال بالإسعاف مباشرة.

• تشمل الطرق العلاجية للإصابات الرياضية العديد من الخيارات، مثل مسكنات الألم وتثبيت العضو المصاب لمنع حركته للمساعدة على الشفاء، والعلاج الفيزيائي والتدليك والجراحة. (بحسب موقع الجزيرة نت).

الوقاية من الإصابات الرياضية

• ممارسة الإحماء بشكل كاف وملائم قبل البدء في الرياضة.

• استعمال تقنيات رياضية مناسبة.

• الحصول على تدريب من قبل مدرب متخصص.

• استعمال وسائل الحماية مثل الخوذة والواقي الرياضي للأسنان (Sport guard).

• إذا كنت تعاني من مرض مزمن (مثل السكري أو ارتفاع ضغط الدم) أو عارض، فيجب استشارة الطبيب قبل البدء في ممارسة الرياضة.

خطوات علاج الإصابات 

أول خطوة عند التعرّض لإصابة ما هي التوقف عن الرياضة التي كنت تقوم بها فوراً مهما كان الألم خفيفاً؛ وإلا ستزداد الإصابة سوءاً.

بشكل عام، الإصابات الرياضية البسيطة يمكنك علاجها في المنزل باستخدام تقنية مشهور تُدعى بتقنية "رايس" أو "R.I.C.E"، والتي تتضمن خطواتها ما يلي:عيادة طب الأسنان

-الراحة (Rest): حاول إراحة جسمك قدر الإمكان، وتجنب أي أنشطة أو حركات مرهقة لمدة يوم أو يومين، على سبيل المثال تجنب المشي على الساق التي تعرّضت للإصابة حتى تتعافى بالكامل.

-الثلج (Ice): أحضر قطع ثلج ملفوفة بقماش أو أي كيس مثلّج في برادك، وضعه على مكان الإصابة مدة 10-20 دقيقة متتالية، وكرر ذلك كل ساعة لمدة 4 ساعات من بدء إصابتك، ثم كررها 4 مرات يومياً لمدة يومين أو 3 أيام. هذا سيساعد على منع تورم المنطقة، لكن احذر من استعمال الثلج بشكل مباشر حتى لا يُسبب الضرر للجلد.

-الضغط (Compression): لف شاش/ضمادة طبية أو أي قطعة قماش نظيفة حول مكان الإصابة؛ للضغط عليها، ومنع تورّمها، لكن احرص على أن تلفها برفق دون الضغط عليها بشدة حتى لا ينقطع تدفق الدم فيها.

-الرفع (Elevation): إن أمكن، ارفع المنطقة المصابة إلى مستوى أعلى من مستوى قلبك، على سبيل المثال: إذا كانت الإصابة في ذراعك، ارفعها على طاولة بجانبك بحيث تصبح نسبياً أعلى من مستوى قلبك.

تساعد العلاجات التالية أيضاً في تخفيف ألم الإصابات الرياضية:

-مسكنات الألم ومضادات الالتهاب، مثل الباراسيتامول أو الإيبوبروفين.

-كمادات دافئة بعد يومين أو 3 أيام من الإصابة؛ لترخية العضلات، وبنفس الطريقة التي استخدمت بها الثلج في البداية.

-إذا كانت الإصابة شديدة، مثل حدوث تمزق أو كسر ما، فيجب أن تراجع الطبيب، فقد تحتاج إلى علاجات أخرى، مثل التجبير، أو العكازة، أو التثبيت، أو العلاج الطبيعي، أو حتى الجراحة.

متى يجب مراجعة الطبيب؟

على الرغم من أن معظم الإصابات الرياضية بسيطة، إلا أنه يجب مراجعة الطبيب أو الطوارئ في هذه الحالات:

-عدم تحسن الألم والانتفاخ باستخدام العلاجات السابقة، أو ازدياده سوءاً.

-عدم القدرة على استخدام الجزء المُصاب بتاتاً، مثل صعوبة المشي أو رفع اليد.

-الشك بوجود كسر أو شعر في العظم، كوجود تشوهات في شكل المنطقة، أو سماع صوت خشخشة أو طقطقة في المفاصل.

-التعرّض لضربة قوية في الرأس، أو الأعضاء الداخلية، مثل الكلى أو الطحال.

-الشعور بصداع شديد أو دوخة.

-ظهور دم في البول. (بحسب موقع ويب طب).

الجري، كنشاط بدني ممتع ومفيد، يبقى خياراً مثالياً للحفاظ على الصحة واللياقة، لكنه كأي نشاط رياضي يحمل في طياته بعض المخاطر التي يمكن تفاديها بالمعرفة الصحيحة والاستعداد الجيد. لقد استعرضنا في هذا التقرير أشهر الإصابات التي قد تواجه العدائين، بدءاً من المشكلات البسيطة مثل البثور وآلام العضلات، ووصولاً إلى الإصابات الأكثر تعقيداً مثل الكسور الإجهادية والتهاب الأوتار.

الوعي هو حجر الزاوية في الوقاية من هذه الإصابات. فمعرفة:

- حدود الجسد وقدراته

- علامات الإنذار المبكر للإصابات

- تقنيات الجري الصحيحة

- أهمية التدرج في زيادة شدة التمارين

كلها عوامل تساعد في بناء علاقة صحية مع رياضة الجري. كما أن الإنصات للجسم عند ظهور أي ألم أو انزعاج، وعدم تجاهل هذه الإشارات، قد يكون الفرق بين إصابة بسيطة تزول خلال أيام، ومشكلة مزمنة تستغرق شهوراً للعلاج.

العلاج المبكر والصحيح للإصابات عند حدوثها لا يقل أهمية عن الوقاية. فاتباع طريقة RICE في الساعات الأولى بعد الإصابة، والالتزام بالراحة الكافية، واستشارة المختصين عند الضرورة، كلها إجراءات تسرع عملية الشفاء وتقلل من احتمالية تكرر الإصابة.

نختم بالتأكيد على أن الجري يجب أن يكون متعة وليس عذاباً. بالالتزام بالنصائح الوقائية، والتدريب الذكي، والراحة الكافية، يمكنك أن تجعل من الجري رفيقاً لمدى الحياة لصحة أفضل وعمر أطول. تذكر دائماً أن الإنجاز الحقيقي ليس في قطع المسافات الطويلة بسرعة، بل في الاستمرارية الآمنة التي تحافظ على صحتك وقدراتك الجسدية.

"اجعل كل خطوة آمنة، وكل ميل صحياً، وكل جولة فرحة" - لأن الهدف النهائي ليس خط النهاية، بل الحياة النشطة السعيدة التي تصل إليها.

اضف تعليق