q
وصلة الرحم تتحقق بكثرة زيارتهم وصلاتهم، وتفقد أحوالهم، وعيادة مرضاهم، والتعطف عليهم، والرفق بهم، وتقديم الدعم لهم عند الحاجة، والوقوف معهم عند الشدائد والمكاره، والصفح عن أخطائهم وعثراتهم وهفواتهم، ومشاركتهم في أفراحهم ومواساتهم في أتراحهم، وفعل كل ما يستطيع لهم من الخيرات والمبرات. وأقل مراتب صلة الرحم...

صلة الرحم تأتي في مقدمة الأعمال الصالحة التي ورد الحث عليها في النصوص الدينية مستفيضاً، وأن التواصل بين الأرحام لها آثار إيجابية ومنافع عديدة على الأرحام والأقارب أنفسهم.

وصلة الرحم تتحقق بكثرة زيارتهم وصلاتهم، وتفقد أحوالهم، وعيادة مرضاهم، والتعطف عليهم، والرفق بهم، وتقديم الدعم لهم عند الحاجة، والوقوف معهم عند الشدائد والمكاره، والصفح عن أخطائهم وعثراتهم وهفواتهم، ومشاركتهم في أفراحهم ومواساتهم في أتراحهم، وفعل كل ما يستطيع لهم من الخيرات والمبرات.

وأقل مراتب صلة الرحم: السلام، لما روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): «صِلُوا أرحامَكُم ولو بِالسَّلامِ»، أو بشربة ماء كما روي عن الإمام الصّادق (عليه السلام): «صِلْ رَحِمَكَ ولو بِشَربَةٍ مِن ماءٍ». في إشارة إلى أهمية التواصل بين الأرحام ولو بإلقاء السلام والتحية، أو تقديم شربة من ماء أو أي هدية بسيطة للدلالة على الصلة والاتصال بهم.

فالأرحام أولى في الميراث والصلة والعطاء والنفقة والإحسان من غيرهم، لقوله تعالى: ﴿وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللّهِ﴾.

ومن آثار ومنافع صلة الأرحام إنها تطيل العمر، وتزيد في الرزق، وتزكي الأعمال، وتطيّب النفس، لما روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): «صِلَةُ الرَّحِمِ تَزِيدُ في العُمُرِ، وتَنفِي الفَقرَ»، وعنه (صلى الله عليه وآله) قال: «صِلَةُ الرَّحِمِ تَعمُرُ الدِّيارَ، وتَزيدُ في الأعمارِ وإن كان أهلُها غيرَ أخيارٍ».

من فوائد صلة الأرحام أيضاً تثبيت التآلف بين الأرحام والأقارب، وتقوية العلاقة بالأهل، وزيادة المحبة، واجتماع الشمل، وأداء الحقوق، وقد روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): «صِلَةُ القَرابَةِ مَثراةٌ فِي المالِ، مَحَبَّةٌ فِي الأَهلِ، مَنسَأَةٌ فِي الأَجَلِ».

فالأسرة المترابطة والمتراحمة تقوى لديها الاعتزاز بنفسها أمام الآخرين، وتملك القدرة على مجابهة مشاكل الحياة وصعوباتها؛ بخلاف الأسرة التي تعاني من القطيعة والتفكك حيث تشعر بالهوان والضعف أمام أبسط الأمور.

صلوا من قطعكم

إن من أرقى درجات صلة الأرحام صلة القاطع، لأن ذلك يحتاج إلى أخلاق عظيمة، ونفس طيبة، وتسامح كبير؛ فليس من السهل على الإنسان أن يصل من قطعه، ولكن أصحاب النفوس الكبيرة والقلوب النظيفة يبادرون إلى صلة أرحامهم وإن قطعوهم، ويحسنون إليهم وإن أساؤوا إليهم.

فقد روي عن رسول اللَّهِ (صلى الله عليه وآله): «صِلْ مَن قَطَعَكَ، وأحسِنْ إلى مَن أساءَ إلَيكَ»، وعنه (صلى الله عليه وآله) قال: «لا تَقطَعْ رَحِمَكَ وإن قَطَعَتكَ».

إن للصلة وحسن الخلق أثراً كبيراً في تأليف القلوب، وتليين النفوس، واجتلاب المحبة، وإثبات المودة، وتقريب الأرحام لبعضهم البعض، وتذويب ما قد يكون حدث بينهم من جفاء وبغضاء.

إياكم وقطيعة الرحم

في مقابل التركيز الشديد على أهمية صلة الرحم وفوائده في الدنيا والآخرة تنهى النصوص الدينية أشد النهي عن القطيعة والهجران والتباعد بين الأرحام والأقارب لما لها من آثار سيئة وسلبية عديدة.

وتتحقق قطيعة الرحم بكل ما يؤذي الرحم قولاً، كالتلفظ عليه بالألفاظ النابية والبذيئة وغير اللائقة، أو فعلاً كقطع التزاور والتواصل، وإظهار مشاعر الكره والبغض والتنافر فيما بينهم.

فلقطيعة الرحم آثار سيئة وسلبية كثيرة، منها: معاجلة الفناء، وقصف الأعمار، ومحق الديار، وسلب التوفيق والبركة، فقد ورد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): «ما مِن ذَنبٍ أجدَرَ أن يُعَجِّلَ اللَّهُ تعالى‏ لِصاحِبِهِ العُقوبَةَ في الدنيا مَع ما يَدَّخِرُ لَهُ في الآخِرَةِ مِن قَطيعَةِ الرَّحِمِ والخِيانَةِ والكَذِبِ».

وعن حُذيفة بنِ المنصور: قالَ أبو عبدِاللَّهِ (عليه السلام): «اتَّقُوا الحالِقَةَ، فإنّها تُمِيتُ الرِّجالَ»، قلتُ: وما الحالقةُ؟ قالَ: «قَطيعَةُ الرَّحِمِ».

إن من آثار قطيعة الرحم أيضاً: الشعور بالهوان والمذلة والضعف والصّغار، كما أن القاطع لرحمه يعاني من الهم والغم والشقاء لانشغال القلب بالخصومات والعداوات مع أرحامه وأقربائه، وهم أقرب الناس إليه.

ومع الأسف الشديد من قطيعة بعض الأرحام لبعضهم البعض لأسباب تافهة، والتي قد تستمر لسنوات طويلة بسبب سوء فهم، أو خلاف بين الزوجات، أو شجار بين الأطفال، أو خلاف على أمور بسيطة، وقد يصل الأمر في القطيعة إلى طلب عدم حضور القريب في حالات الفرح كالزواج أو الترح وعدم حضور جنازته حتى لو مات!

فلابد من التحلي بصلة الأرحام، وصفة التسامح بين الأقارب والأرحام، وغض الطرف عن أخطائهم وزلاتهم وهفواتهم، وتغليب حسن الظن، وقبول العذر، والمبادرة إلى الصلة والتواصل.

اضف تعليق