يشهد الدولار في السوق الموازي اتجاها نحو الانحدار ازاء قوة الدينار العراقي وبمعدل تغيير نزولي بحوالي 17% ذلك منذ مطلع العام الحالي وبشكل مستمر وتدريجي وان الاسباب باتت واضحة جدا ويتقدمها التغيير الحاصل في سياسة التحويل الخارجي التي اعتمدها البنك المركزي العراقي والتي تبدلت من المنصة وتعقيداتها المتعلقة برقابة الامتثال المباشر...

وفقا للقراءات الاكاديمية ان الفرق بين سعر الصرف الموازي وسعر الصرف الرسمي و بنسبة 2% يعني ان تطابقا قد حصل بين السعرين وان الهامش هو لأغراض العمولة في الغالب… وما يحصل قد ادهش الجميع لهذا التطور الايجابي الذي يعود لأسباب كثيرة يمكن ايجازها بما يأتي :

يشهد الدولار في السوق الموازي اتجاها نحو الانحدار ازاء قوة الدينار العراقي و بمعدل تغيير نزولي بحوالي 17% ذلك منذ مطلع العام الحالي وبشكل مستمر وتدريجي وان الاسباب باتت واضحة جدا ويتقدمها التغيير الحاصل في سياسة التحويل الخارجي التي اعتمدها البنك المركزي العراقي والتي تبدلت من المنصة وتعقيداتها المتعلقة برقابة الامتثال المباشر على عمليات تمويل التجارة الخارجية ومختلف نشاطات التحويل الخارجي الى التعزيز بالنقد الاجنبي وبشكل ميسر لدى مراسلي المصارف العراقية من البنوك الاجنبية الرصينة في الخارج التي تقوم بدور الامتثال المصرفي بشكل غير مباشر واسرع في تسيير معاملات التحويل الخارجي ولمصلحة تمويل تجارة القطاع الخاص العراقي وتصفية مخلفات سياسية ادارة التحويل الخارجي بعد العام 2003 الى وسائل الامتثال المرنة والمقبولة دولياً.

اذا ادى هذا الامر الى عزوف الوسط التجاري ولاسيما التجارات الصغيرة في التعاطي مع السوق الموازية وتهميشها في التمويل واللجوء الى السوق الرسمي لتحصيل العملة الاجنبية بالسعر الرسمي البالغ 1320 دينار لكل دولار بدلا عن سلاسل الاسعار الموازية للصرف المتقلبة المرتفعة الكلفة، ما قلل الطلب على الدولار الاميركي المعروض في السوق، منوهين الى ان صغار التجار الذين يشكلون الشريحة المستوردة الاكبر قد ازيل عنهم الكثير من الحلقات البيرقراطية ما جعل دخولهم الى عالم المصارف الرسمية اكثر يسرا وكفاءة واقل تكلفة وهم يشكلون قرابة 50٪ اوربما اكثر من اجمالي المستوردين.

واصبحت تجاراتهم تمول بالعملة الاجنبية عن طريق القنوات المصرفية وبسعر الصرف الرسمي، فهي الفئة القلقة الاخرى التي ادت الى انحسار طلبها على الدولار المرتفع الكلفة في السوق الموازية، فضلاً عن تجنبها المخاطر القانونية. اذ شكل هذا التوجه التجاري كله كرة الثلج في تمويل تجارة القطاع الخاص الخارجية وانجذابها نحو التمويل الرسمي الاسرع والاقل كلفة.

من جانب آخر برهن استخدام المسافرين العراقيين لبطاقات الدفع الالكتروني الدائنة والمدينة والدفع المسبق نجاحا منقطع النظير عند السفر الخارجي وهي من تجارب المرة الاولى الناجحة في البلاد وعلى نطاقات واسعة مع توفير دولار نقدي بصحبة المسافر الواحد من خلال المنافذ الحدودية الجوية او المطارات بشكل شهري عند كل سفرة بمبلغ نقدي مقطوع يبلغ 3000 دولار في السفرة الشهرية الواحدة كعامل مساعد على استقرار سوق الصرف، دون ان نغفل ان هنالك هبّه غير مسبوقة للاحتفاظ بالذهب كملاذ آمن بدلاً من الدولار في الاسواق المحلية للبلاد. منوهين ان سياسة الهايبرد ماركت كسياسة ناجحة في توفير سلع استهلاكية واسعة الانتشار جغرافيا مستقرة الاسعار في اطار سياسة الدفاع السعري التي اعتمدتها السياسة التجارية كنشاط تعاوني تنافسي، قد دفعت هي الاخرى الوسط التجاري الى الاستيراد بأسعار الصرف الرسمية من خلال شراء العملة الاجنبية بالسعر الرسمي لتمويل تجاراتهم ذلك لتوفير مناخ تنافسي سعري سليم ومستقر .

لذا فان نجاح السياستين التجارية والنقدية للعراق قد ولدتا هذا الاستقرار الكبير والذي انعكس بانخفاض النمو بالرقم القياسي للأسعار او التضخم الذي لم تتعدى نسبة نموه السنوية 3٪ حاليا وهو الاستقرار الاكبر في تاريخ بلادنا .

ختاما، ولكون السوق الموازي للصرف ظلت سوق ضوضاء ملونة coloured noise بالمعلومات المشوشة وتتبع مؤشرات اتجاهية غامضة متقلبة، فقد تبدلت الصورة بعد ان انحدرت السوق المذكورة لتتمتع بمعلومات شبه بيضاء semi white noise بسبب وضوح ونجاح السياسة الاقتصادية في الغالب في توفير المعلومات والبيانات اللازمة لاستقرارها عمليا وسحب الاقتصاد الوطني الى درجة عالية من التماثل في استقرار القيمة الخارجية للنقود خلال عاما من تاريخ الاستقرار الكلي في العراق بفضل تضافر أركان السياسة الاقتصادية (النقدية والتجارية والمالية).


اضف تعليق