لا يمكن اعتبار التحول الى الحوكمة الإلكترونية قد يضعف مركزية الدولة لصالح المناطق أو الاقاليم بالعكس من ذلك حتماً، يزيد من قوة الدولة المركزية وتسيطر بشكل كامل على جميع مؤسسات الدولة في المحافظات من خلال الارشفة الإلكترونية الجميع الوثائق الموجودة داخل تشكيلات الوزارة المنتشرة في المحافظات...
في إطار التحولات التكنولوجية المتسارعة، والبحث في علاقة الفضاء الإلكتروني بالجغرافيا السياسية، برزت أطروحة الدكتوراه للباحث علي عبد الكريم صالح الزيدي من كلية التربية للعلوم الإنسانية/ جامعة تكريت، التي حملت عنوان: "التحليل الجغرافي السياسي للحوكمة الإلكترونية وأثرها على إدارة الدولة (العراق دراسة تطبيقية)". هذه الأطروحة تسعى إلى الكشف عن الأبعاد الجيوسياسية للحوكمة الإلكترونية، وما تطرحه من فرص وتحديات أمام الدولة العراقية في ظل بيئة إقليمية ودولية معقدة.
في هذا الحوار، نتوقف مع الباحث للحديث عن الدوافع العلمية والفكرية التي قادته لاختيار هذا الموضوع، وعن الفروق الجوهرية بين الحوكمة الإلكترونية والحكومة الإلكترونية، كما نتطرق إلى الأدوات النظرية للجغرافيا السياسية في تحليل هذه الظاهرة، والعلاقة الجدلية بين المكان التقليدي والفضاء الافتراضي، فضلاً عن التحديات الجغرافية والسياسية التي تواجه العراق في تبني مشروع الحوكمة الإلكترونية.
كما يناقش الزيدي أثر العوامل البشرية والتعليمية في نجاح هذا المشروع، ودور الاستقرار السياسي والاقتصادي في ترسيخ تطبيقاته، إضافةً إلى استعراضه لبعض التجارب الدولية الرائدة، مثل تجربة سنغافورة، وإمكانية الاستفادة منها في الواقع العراقي. ومن خلال الخرائط والأدوات الجغرافية، يحاول الباحث أن يرسم صورة أكثر وضوحاً للتفاوتات المكانية في تطبيقات الحوكمة الإلكترونية بين المحافظات العراقية، ويضع سيناريوهات مستقبلية لدور الحوكمة الإلكترونية في إدارة الدولة العراقية خلال العقد المقبل.
إذن، نحن أمام موضوع يجمع بين الجغرافيا السياسية والتكنولوجيا الحديثة، ويطرح أسئلة عميقة حول: كيف يمكن للدولة العراقية أن توظف الحوكمة الإلكترونية لتعزيز الشفافية، مكافحة الفساد، وتحقيق التنمية المستدامة؟ وما هي حدود العلاقة بين الفضاء الإلكتروني والجغرافيا السياسية التقليدية؟
كيف تعرف الحوكمة الإلكترونية في سياق الجغرافية السياسية؟ وما الفرق بينها وبين المفاهيم المشابهة مثل الحكومة الإلكترونية؟
الحوكمة الإلكترونية هي الانظمة والاليات التي يتم من خلالها اتخاذ القرارات وأداره شؤون الدولة، وهي تشمل إدارة وتنظيم العمليات السياسات بشكل عام لضمان أن جميع الاطراف الحقيقية مثل (الحكومة، القطاع الخاص، المجتمع المدني) تعمل معا لخدمة الدولة.
-الفرق بين الحوكمة الإلكترونية والحكومة الإلكترونية.
الحوكمة الإلكترونية
1) هي مرحلة متقدمة تأتي بعد تطبيق الحكومة الإلكترونية ولا يمكن تطبيقها ابتداء لما تحتاجه من تهيئه على المستوى الفني والسياسي والاقتصادي والاجتماعي.
2) تنظم ادارة المنظومة الالكترونية وتخضع للرقابة والمسائلة وهي فن سياسة اشراك جهات متعددة وفاعلة لتقديم خدمات للمواطنين.
3) بروتكول ثنائي الاتجاه.
4) تهدف للوصول الى المستفيدين والايفاء باحتياجاتهم من خلال نظام استجابة تلقائي وقياس رضاء المواطنين عن تقديم الخدمات.
5) الانتقال من التركيز على تحويل الخدمات الإلكترونية الى تحقيق أهداف، وهي عملية التطوير الشامل في الادوات واساليب والتكنولوجيا والعلاقة مع المواطن.
6) تمتاز بالنشاط الإداري الديمقراطي وضمان الانصاف والشفافية في صنع القرارات.
الحكومة الإلكترونية
1) هي مرحلة تسبق الحوكمة الإلكترونية اي انها بمثابة القاعدة الرئيسية لتأسيس مبادئ الحكومة الالكترونية.
2) تنظم وتهتم بوضع التصاميم المناسبة للمنظومة الكترونية، وما تفعله الحكومات لتسهيل الخدمات الإلكترونية.
3) بروتوكول أحادي الاتجاه.
4) تهدف للوصول الى المستفيدين من الاخلال استخدام التقنيات الحديثة ولاسيما التطبيقات المعتمدة على الشبكات الادارة العامة.
5) تركيز على تحويل الخدمات الإلكترونيًا.
6) تمتاز بعملية تقديم الخدمات الالكترونية ورقمنه العمليات.
ماهي الأدوات النظرية في الجغرافيا السياسية التي يمكن تطبيقها لتحليل تأثير الحوكمة الإلكترونية؟
ان الجغرافية السياسية ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالحوكمة الإلكترونية، لاسيما عندما توفر الحوكمة الإلكترونية فرص عمل للتطوير مؤسسات الدولة الادارية، وكذلك توفير المحاكاة وسرعة في أنجاز المعاملات والمخاطبات بين الدوائر وهذا يجتاز مضمونها الالكتروني، حيث وصل الى اهداف الجغرافية السياسية ذات علاقة متبادلة بين الوحدات السياسية (الدولة ومؤسساتها الادارية)، وبالتالي يمكن للدولة ان تستخدم الحوكمة الالكترونية وسيلة للتعزيز نفوذها وزيادة شعبيتها واثبات قوتها الادارية وتحقيق اهدافها السياسية والادارية في نفس الوقت.
كيف تفسر العلاقة الجدلية بين الحوكمة الإلكترونية والجغرافيا السياسية؟ وهل يمكن اعتبار الفضاء الالكتروني امتداداً للجغرافيا التقليدية؟
أن العلاقة بين الجغرافية السياسية والحوكمة علاقة وطيدة جداً على الرغم من أن التكنولوجية الحديثة والتقنيات المتطورة ومواقع التواصل الاجتماعي قربت مابين المسافات وجعلت من العالم قرية كونية صغيرة ألا أن المكان يبغى هو المفصل الرئيسي ولأبد من وحتى الفضاء الإلكتروني بكل تفاصيله لا يعمل لا بالمكان فانتقال المعلومة مابين طرف وطرف أخر يتم في مكان لان طرف الاول في مكان وطرف الثاني في مكان أخر هذا المعلومة التي تنتقل عبرها هذا الفضاء الافتراضي هي معلومة لها تأثير على المكان ولأبد من الإشارة أن الفضاء الإلكتروني أصبح مجال خامس ونحنو لدينا اربع مجالات ومنها الفضاء الخارجي والارض والبحار والجو وهو الغلاف الغازي ومابين الارض والغلاف الغازي المجال الخامس هو الفضاء الإلكتروني وكل مجال من هذا المجالات يمارس فيها الانسان النشاطات، والفضاء الافتراضي أصبح يمارس فيه الانسان الكثير من النشاطات رغم ذلك يبغى المكان أمن للفضاء الإلكتروني دخل بشكل كبير في الجغرافية السياسية الان الجغرافية السياسية تهتم بالدولة، والفضاء الالكتروني أستثمره كثيراً من قبل الدول العظمى التغير الانظمة في بعض الدول العربية بما يسمى ثورات الربيع العربي كذلك التفاعلات الاقتصادية من التبادل التجاري وغيرها من الأمور ولذلك مادام هناك مكان فوجود الجغرافية ومنها فرع الجغرافية السياسية فالعلاقة بين الجغرافية السياسية والحوكمة الإلكترونية علاقة وطيدة جداً الان الحوكمة تعتمد على الجانب التقني في أدارة الدولة.
-أما اعتبار الفضاء الالكتروني امتداد الجغرافية التقليدية ممكن أن نقول نعم وممكن نقول لا الان إذ اعتبرنا الجغرافية جامدة فبتأكيد هو امتداد الجغرافية التقليدية لكن علم الجغرافية هو ليس علم جامد بينما هو علم متغير يتطور وينمو ولذلك نحنو لان نجد الكثير من الدراسات المتقدمة في الكثير من المجالات الحديثة وبذلك نرى تفرعات جديدة في العلوم وعلى سبيل المثال الجغرافية السياسية بدأت بالجغرافية السياسية على يد العالم راتزل ومن ثم أصبحت جيوبولتيك مع الجغرافية السياسية على يد العالم رودلف كلين ولان أصبحت هناك جغرافية الانتخابات وجغرافية الديمقراطية وجغرافية السلام وغيرها الكثير من الفروع الجغرافية وهذ يدل على ان الجغرافية ليست جغرافية تقليدية جامدة وإنما هي متطورة تتطور وتتفاعل مع كل ما يحدث على الارض.
ماهي أبرز التحديات الجغرافية السياسية التي تواجه تطبيق الحوكمة الإلكترونية في العراق، مثل (التقسيمات الادارية، البنية التحتية، النزاعات الاقليمية)؟
ان تعدد دول الجوار الجغرافي أثر سلباً على الاستقرار السياسي وبذلك يعاني العراق من إشكالية التفاعل مع الدول المجاورة وبالتالي يتأثر المحاور الصراع في المنطقة على أداء الانظمة الاقتصادية والسياسية والتكنولوجية، فضلاً عن عدم استقرار العراق يشكل تحدياً جدياً أمام تحسن جودة تطبيقات الحوكمة الالكترونية ولأخذ بسيل تطورات الحديثة الحوكمة الإلكترونية في جميع المؤسسات الإدارية الدولة.
كيف تؤثر المرتكزات البشرية (كالكثافة السكانية، المستوى التعليمي)؟
وجود تباين مكاني كبير في توزيع السكان وكثافتهم وهذا يعود إلى تأثير العوامل الطبيعية والبشرية في التوزيع، فعلى سبيل مثال على ذلك أن اغلب سكان العراق يستوطنون خمس من مساحته ما يعادل نحو (70%) من سكان العراق، الأمر الذي أسهم في أتساع حجم الفراغ السكاني بين المحافظات العراقية وبين محافظة الواحدة نفسها، بالتالي صعوبة استخدام الحوكمة الالكترونية في بعض دوائر الدولة، أما على المستوى التعليمي فبتأكيد هناك تأثيرات مباشرة على تطبيقات الحوكمة الالكترونية فالتعليم هو النواة الحقيقية التطبيقات الحوكمة الإلكترونية واساس القيام أي مشروع تكنولوجي متطور وهذا يتم من خلال الايدي العاملة المتطورة ولديها خبرة في الاستخدام الامثل الاجهزة المتطورة، فالكوادر البشرية المدربة والمؤهلة هي من تقوم بتنفيذ وتطبيق آليات الحوكمة، بينما يشكل التعليم أساساً لزيادة الوعي بأهمية الحوكمة وتعزيز ثقافة الشفافية والمساءلة.
هل يمكن اعتبار غياب الاستقرار السياسي في العراق عائقاً جيوسياسياً امام نجاح الحوكمة الالكترونية في العراق؟ وكيف؟
لا شك ان الاستقرار السياسي له انعكاسات كبيرة على تطبيقات الحوكمة الالكترونية في العراق وفي خضاب السؤال تم طرح تسمية جيوسياسياً وهنا لابد من التوضيح ان الجيوسياسياً هي ليست الجيوبولتك كما يفهما الاعلام وحتى سياسيين وبذلك الجيوسياسياً هي التفاعلات الدبلوماسية الدولة التفاوض أو ما شبه ذلك أما لجيوسياسياً فتقصد بها هنا الجغرافية السياسية فالجغرافية السياسية تتفاعل مع كل المعطيات داخل الدولة وبما فيها الحوكمة الإلكترونية وبذلك الحوكمة تخضع بتأكيد الاستقرار السياسي والاقتصادي الدولة فالحوكمة تحتاج الى أمكانيات اقتصادية عالية وتحتاج الى موازنة عالية وكذلك أرادة وتشريعات التطبيق وبنفس الوقت تحتاج الى استقرار سياسي واستقرار اقتصادي داخل الدولة، وبذلك الاستقرار السياسي والاستقرار الأمني مهم جداً التطبيق الحوكمة الالكترونية داخل الدولة ولذلك بتأكيد ان الاستقرار سياسي الدولة انعكاسات كبيرة على تطبيقات الحوكمة فكلما أزداد الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي نمت الدولة وتطورت وتقدمت تكنولوجياً.
لماذا خترت منهج تحليل للقوة والمنهج الوظيفي الدراسة هذا الظاهرة؟ وماهي مكانيات وقصور هذه المناهج في تفسير واقع الحوكمة الالكترونية في العراق؟
منهج تحليل القوة هو أداة لتحليل العوامل التي تؤثر على حالة أو موقف ما، وتحديد القوى الدافعة(المشجعة) والقوى المانعة التي تؤثر على الاداء الحكومي، ويهدف هذا المنهج الى فهم التوازن بين القوى واقتراح استراتيجيات لتعزيز القوى الدافعة وتخفيف تأثير القوى المانعة لتحقيق تطبيقات الحوكمة الالكترونية، أما المنهج الوظيفي فهو يركز على تحليل وظائف الدولة ودورها الداخلي لدراسة التفاعلات بين مختلف الانشطة، ويهدف هذا المنهج الى كيفية فهم عمل الدولة الحوكمة الإلكترونية كنظام متكامل وكيفية تحقيق الاستقرار والتنمية التكنولوجية.
كيف ساعدتك الخرائط والاشكال البيانية في كشف التفاوتات الجغرافية في تطبيق الحوكمة الالكترونية بين محافظات العراق؟
تساعد الخرائط وأشكال البيانية على معرفة مدى أمكانية التباين المكاني للتوزيع الجغرافي الابراج الاتصالات سوء كانت الشبكية أو الضوئية، بتالي تمتاز الخرائط بانها وسيلة ملخصة ومركزة للمعلومات التي يمكن استخلاصها بمجرد النظر إليها، فضلاً عن تبين الاشكال والخرائط أوجه الاختلاف والتباين والتشابه والتماثل المكاني بين التوزيع الجغرافي المراكز تطوير الحوكمة الالكترونية في مؤسسات الدولة بشكل عام.
ما مدى أمكانية تعميم نتائج دراستك على دول أخرى تشبه العراق في ظروفها الجيوسياسية؟
أمكانية تعميم هذا الدراسة على بعض الدول المشابه العراق ويتوظف هذا على مدى امكانية توفير بعض المتطلبات لمراكز تطوير التكنولوجية منها البنى التحتية والتقسيمات الادارية الدولة وتوفير الموارد البشرية التي تمتاز بمهارات تقنية عالية.
هل درست تجارب دولية ناجحة في هذا المجال؟
نعم هناك تجارب دولية ناجحة في هذا المجال على سبيل مثال سنغافورة على رقم من صغر مساحتها، وبذلك تعد تجربة سنغافورة من التجارب الرائدة في تطبيق الحوكمة الإلكترونية، وقد سعت سنغافورة لعدة سنوات مضت حتى اصبحت الان تسمى بالجزيرة الذكية على الرغم من صغر مساحتها وكثافتها السكانية العالية أذ يعيش على ارضها اربعة مليون نسمة في مساحة لا تتجاوز(862 كم2) وتعد اوائل الدول التي نفذت لأول مرة بنية تحتية مميزة للإدارة الإلكترونية، لذا عملت الحكومة السنغافورية مع القطاع الخاص الاستثمار في البنية التحتية للتكنولوجيا المعلومات والتجارة الإلكترونية، وساعدها على ذلك الموقع الهام وتوفر البنية اللوجستية، ووجود مؤسسات مالية تعمل بمعايير عالية وسوق مفتوح للاتصالات، ونجحت سنغافورة في تنفيذ مشروع الادارة الإلكترونية الذي يمثل قمة الجهود في الحوسبة واعادة هندسة الاعمال الحكومية، فضلاً عن ان القيادة السياسية في سنغافورة ادركت ان الطريق الى المستقبل هو الاعتماد على تكنولوجيا المعلومات، وقد بدأت سنغافورة في تنفيذ الخطة الوطنية للتكنولوجيا عام 1983 وقد تم أنشاء المجلس الوطني للكمبيوتر، وركز المجلس الوطني على التالي:
1- تدريب ومحو الامية بين المواطنين في مجال الحاسب والتدريب.
2- جذب الكفاءات للعمل في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
فضلاً عن الخدمات في تطبيقات الحوكمة الإلكترونية ومنها:
أ- نجحت سنغافورة في تطبيق نظام التعرف بالترددات اللاسلكية في جميع مكتباتها العامة.
ب- تنفيذ شبكة التجارية في مجال تقديم الخدمات اللوجستية للمستخدمين الموانئ.
ت- في مجال التعليم نجحت في ربط جميع المدارس في شبكة واحدة بفضل الخطط التكنولوجية.
ث- استخدام الطرق الذكية للتخفيف الاختناقات المرورية بهدف تقديم التنبؤات المبكرة للحركة المرور.
كيف يمكن العراق بناء استراتيجية وطنية الحوكمة الإلكترونية تتجاوز المحددات الداخلية(كالفساد) والخارجية (كالتدخلات الاقليمية)؟
أن دور التي تلعب الحوكمة الإلكترونية في تطوير الاتمتة الإلكترونية بين مؤسسات الدولة يساعد على رفع لكاهل عن المواطن منها اقتصار المسافات وتقليل الجهد وتكلفة والقضاء على الروتين اليومي من خلال المخاطبات الورقية والتقليل من حالات الفساد قد تواجه المواطن اثناء تسير المعاملات اليومية، بالإضافة الى منع التدخلات الاقليمية والمحافظة على سرية المعلومات من خلال المخاطبات الإلكترونية باستخدام تطبيقات الحوكمة الإلكترونية.
هل توصلت الى نماذج ناجحة لتطبيقات الحوكمة الالكترونية في العراق يمكن ان تكون نواه للتطوير المستقبلي؟
تم التوصل الى نماذج ناجحة لتطبيقات الحوكمة الإلكترونية في العراق منها في وزارة التعليم العالي والبحث العالمي التي بدأت بالتحول الرقمي في جميع مؤسساتها وتشكيلات التابعة لها، بالإضافة الى نموذج أخر في وزارة الداخلية (البطاقة الوطنية) من خلال استخدام الرقم الوطني المواطن بالتالي أصبحت البطاقة الوطنية تغنى على جميع الوثائق الورقية الأخرى وكذلك يمكن استخدامها في الانتخابات القادمة ودوائر وزارات أخرى لما تحمله من معلومات تخص صاحب العلاقة دون الرجوع الى المستمسكات الورقية.
كيف ترد على انتقاد قد يوجه اليك بأن الحوكمة الإلكترونية في العراق هي رفاهية في ظل وجود أولويات أكثر إلحاحاً مثل الأمن والبنية التحتية؟
لا يوجد شيء اسمه رفاهية بقدر ما هو تقديم خدمة الى المواطن وهو بأمس الحاجة اليها وتقليل الروتين اليومي المواطن، وفي الوقت الحاضر لا توجد أولويات أكثر من التطور التكنولوجي ومواكبة العالم الخارجي، ماهي على الصعيد الأمني فالعراق يمتاز بأوضاع أمنية مستقرة وبنى تحتية متجهة نحو التطوير فبتالي أصبح استخدام الحوكمة الإلكترونية ضرورة ملحة في دوائر الدولة.
ماهي حدود مساهمة الحوكمة الإلكترونية في مكافحة الفساد للعراق؟ وهل يمكن أن تصبح أداة لتعزيز الشفافية؟
الحوكمة الإلكترونية دور كبير في مكافحة الفساد في دوائر الدولة من خلالها يتم ارسال المعاملات والمخاطبات الالكترونية عن طريق البريد الالكتروني وربط التكنولوجي بين دوائر، وبالتالي انهاء دور ما يسمى بالمعقب الذي يعمل حلقة وصل ما بين المسؤول والمواطن، لذلك اصبحت الحوكمة الإلكترونية اداة لتعزيز الشفافية والنزاهة في العمل وسرعة الاستجابة.
كيف تتوقع ان يتطور دور الحوكمة الالكترونية في أدارة الدولة العراقية في ظل التحديات التقنية والجيوسياسية المتسارعة (مثل الحرب السيبرانية، الذكاء الاصطناعي)؟
في ظل التحديات الحالية من المتوقع أن يتطور مفهوم الحوكمة الإلكترونية في إدارة الدولة ليكون أكثر شمولية ومرونة، مع التركيز على تحقيق التنمية المستدامة وتعزيز الشفافية والمساءلة، ومكافحة الفساد، وتفعيل المشاركة المجتمعية. كما ستشهد الحوكمة الإلكترونية في العراق تطورات في مجالات مثل الحكومة الإلكترونية والحوكمة الرشيدة مع تزايد استخدام التكنولوجيا لتعزيز الكفاءة والشفافية.
ماهي السيناريوهات المحتملة لمستقبل الحوكمة الالكترونية في العراق خلال العقد المقبل بناء على تحليلك الجيوسياسي؟
أن خطر ابتعاد مواكبة الحكومة التطور التكنولوجي عن المجتمع وعدم قدرتها على مؤازرة التقدم العالمي في مجال الحوكمة الإلكترونية هو تهديد بحد ذاته الإدارة ومؤسسات الدولة وان عدم تطبيق الحوكمة الإلكترونية سيزيد من أمكانية فشلها بافتراض ان رضاء المواطن هو أهم مؤشر النجاح مواكبة التطور في الإداء الحكومي، وهذا يدل على أن الحكومات المتعاقبة في العراق بعد عام 2003 أدركت الخطر الذي سيواجه العراق في المستقبل وتخلص من هذا الخطر تبنى العراق بعد عام 2004 مشروع الحكومة الالكترونية بمساعدة الامم المتحدة وهي يعد النواة الحقيقة من أجل استخدام الحوكمة الالكترونية وفقاً الخطة التنمية العراقية يتم تعريف على الحوكمة الإلكترونية بعدة عناصر منها (السيادة القانونية-المشاركة-الشفافية- الإتقان الإداري-فاعلية-الموثوقية- التنبؤ-الخدمة التنظيمية-التكاملية-المساءلة) فبذلك الاستراتيجية المستقبلية الحوكمة الإلكترونية دور كبير في مواكبة التطور العالمي مما يعكس دور البارز في الدوائر والمؤسسات العراقية، أما الحوكمة الإلكترونية هي الأنظمة والاليات التي يتم من خلالها أتخاذ القرارات وأداره شؤون الدولة، وهي تشمل أدارة وتنظيم العمليات والسياسات بشكل عام لضمان أن جميع الأطراف المعنية مثل (الحكومة، القطاع الخاص، المجتمع المدني) العمل معا لخدمة الدولة، ويعد برنامج الحوكمة الإلكترونية عنصراً اساسياً في تطوير وتحديث القطاع العام في العراق حيث اعتمدت الحكومة العراقية وخلال فترات القليلة الماضية على نهج متكامل الحوكمة الإلكترونية لتنمية العراق على المستوى الوطني والمحلي، فضلاً عن ذلك قامت الحكومة العراقية بأعداد خطة العمل في الاستراتيجية المستقبلية الحوكمة الإلكترونية الإدارة الدولة والتي تهدف إلى توظيف تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في تقديم أجود الخدمات التعزيز دور المواطن في المشاركة الإدارة الدولة وتحقيق المساواة والعدالة الاجتماعية وتأكيد على الشفافية والكفاءة والفاعلية في العمل الحكومي المبني على التطور التكنولوجي.
كيف يمكن توظيف نظم المعلومات الجغرافية (GIS) لتعزيز الحوكمة الالكترونية في العراق؟
يمكن لنظم المعلومات الجغرافية(GIS) أن تعزز الحوكمة الإلكترونية من خلال توفير أدوات لتحسين الشفافية، وزيادة كفاءة العمليات الحكومية، وتعزيز المشاركة المجتمعية، ومكافحة الفساد، فضلاً عن تساعد نظم المعلومات الجغرافية(GIS) في توفير بيانات مكانية ودقيقة وموثوقة، مما يمكن صناع القرار من اتخاذ قرارات مستنيرة، وتطوير استراتيجيات فعالة، وتقديم خدمات أفضل المواطنين ومنها مكافحة الفساد ومن خلال نظم المعلومات الجغرافية(GIS) يمكن تحديد الانماط غير طبيعية في توزيع الموارد واكتشاف حالات الفساد المحتملة، على سبيل مثال، يمكن استخدام نظم المعلومات الجغرافية(GIS) في تحليل وتوزيع المشاريع الحكومية، وتحديد المناطق التي تتلقى تمويلاً عير متناسب، مما يساعد في مكافحة الفساد، وكذلك تساعد نظم المعلومات الجغرافية(GIS) في أدارة الكوارث والاستجابة للطوارئ فهي تساعد في رسم الخرائط المناطق المتضررة وتحديد مناطق المستجيبين وتتبع حركة المساعدات مما يعزز الاستجابة الفعالة للكوارث.
هل ترى أن التحول الى الحوكمة الإلكترونية قد يضعف مركزية الدولة لصالح المناطق أو الأقاليم؟ وكيف يمكن تحقيق التوازن؟
لا يمكن اعتبار التحول الى الحوكمة الإلكترونية قد يضعف مركزية الدولة لصالح المناطق أو الاقاليم بالعكس من ذلك حتماً، يزيد من قوة الدولة المركزية وتسيطر بشكل كامل على جميع مؤسسات الدولة في المحافظات من خلال الارشفة الإلكترونية الجميع الوثائق الموجودة داخل تشكيلات الوزارة المنتشرة في المحافظات وعلى سبيل مثال تطور استخدام البطاقة الوطنية من خلال الرقم الوطني تتواجد كافة المعلومات المتعلقة بالمواطن وهي بتأكيد مرتبطة في المقر الرئيسي في العاصمة بغداد.
في ختام هذا الحوار، يظهر جلياً أن الحوكمة الإلكترونية تمثل أكثر من مجرد تحول رقمي؛ فهي أداة استراتيجية تعزز من كفاءة الدولة العراقية، وتدعم الشفافية، وتقلل من الفساد والبيروقراطية. ويؤكد الباحث علي عبد الكريم صالح الزيدي أن نجاح تطبيقها يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالاستقرار السياسي والبنية التحتية المتطورة، فضلاً عن استثمار التكنولوجيا الحديثة في إطار جغرافي سياسي متوازن. ومع تبني رؤية استراتيجية واضحة، يمكن للحوكمة الإلكترونية أن تصبح ركيزة أساسية لإدارة الدولة، وتحقيق مشاركة فعالة للمواطن، وضمان خدمة عامة أكثر فاعلية وعدالة.
اضف تعليق