يأتي هذا الحوار في سياق يزداد فيه الحديث عن تحديات المياه والبنية التحتية في العراق، وكيف يمكن للتقنيات الحديثة أن تؤدي دورًا محوريًا في التغلب عليها. سنتعمق مع الدكتور كاظم في بحثه حول أنظمة SCADA والإنترنت الصناعي للأشياء (IIOT) في محطات معالجة مياه الصرف الصحي...
يُسعدنا أن نقدم لكم هذا الحوار المثير مع الدكتور كاظم حسن كيطان، باحث الدكتوراه في كلية الهندسة الكهربائية بجامعة بابل. يأتي هذا الحوار في سياق يزداد فيه الحديث عن تحديات المياه والبنية التحتية في العراق، وكيف يمكن للتقنيات الحديثة أن تؤدي دورًا محوريًا في التغلب عليها. سنتعمق مع الدكتور كاظم في بحثه حول أنظمة SCADA والإنترنت الصناعي للأشياء (IIOT) في محطات معالجة مياه الصرف الصحي، ونستكشف كيف يمكن لهذه التقنيات أن تُحدث ثورة في إدارة المياه وتحسين جودتها واستدامتها في العراق.
كيف يمكن لهذا النظام أن يتكيف مع البنية التحتية القديمة لمحطات الصرف الصحي في العراق، خاصة مع نقص التحديثات التقنية؟
تتطلب البنية التحتية القديمة حلولاً تكنولوجية مرنة تتيح التحديث التدريجي دون الحاجة إلى إعادة بناء المنظومة من الأساس. يمكن تحقيق ذلك من خلال تطبيق ما يُعرف بالتحديث الهجين (Hybrid Modernization)، والذي يعتمد على تركيب وحدات تحكم منطقية قابلة للبرمجة (PLCs) متوافقة مع الأنظمة القديمة، مع بوابات (Gateways) ذكية لربط الأجهزة الميكانيكية أو التناظرية بالبروتوكولات الحديثة مثل MQTT أو Modbus TCP. كما تتيح تقنيات الحوسبة الحافة (Edge Computing) معالجة البيانات في الموقع دون الحاجة إلى إرسالها للسحابة أولاً، مما يقلل الاعتماد على تحديث كامل للبنية التحتية. ومن خلال هذه الاستراتيجية، يمكن رفع كفاءة المحطات القديمة، وتحقيق استدامة وظيفية دون الحاجة إلى إيقاف التشغيل الكامل أو استثمار كبير في التحديث الشامل.
ما هي أبرز التحديات الأمنية التي قد تواجه نظام SCADA وIIOT في بيئة معرضة للاختراقات، وكيف يمكن التغلب عليها؟
تشكل التهديدات الأمنية تحديًا كبيرًا أمام أنظمة SCADA وIIOT، خاصة في بيئة تفتقر إلى بنية أمنية متكاملة مثل العراق. أبرز هذه التهديدات تشمل هجمات الفدية (Ransomware) التي قد تُعطّل النظام بأكمله، أو الهجمات عبر الشبكات غير المشفرة والتي قد تؤدي إلى استيلاء جهات غير مصرح لها على بيانات حساسة أو حتى السيطرة على العمليات. للتغلب على هذه التحديات، يجب تصميم البنية التحتية الأمنية وفقًا لمعيار IEC 62443 الخاص بأمن الأنظمة الصناعية، والذي يحدد متطلبات الحماية المادية والمنطقية للشبكات الصناعية. كما يجب اعتماد تقنيات المصادقة المتعددة (MFA) والتحكم بالدخول المبني على الأدوار (RBAC)، إضافة إلى فصل شبكات التحكم عن الإنترنت العام باستخدام جدران نارية وشبكات خاصة افتراضية (VPN). كما يُعد استخدام أنظمة كشف التسلل (IDS) وتحليل الأحداث الأمنية (SIEM) أمرًا ضروريًا لرصد الهجمات مبكرًا والاستجابة لها.
هل يمكن للنظام العمل بكفاءة في حال انقطاع الإنترنت، خاصة في المناطق ذات البنية التحتية الضعيفة للاتصالات؟
يمكن تصميم النظام ليكون مرنًا بحيث لا يتأثر جوهريًا بانقطاع مؤقت في خدمة الإنترنت، وذلك من خلال الاعتماد على وحدات الحوسبة المحلية أو ما يُعرف بالحوسبة الحافة (Edge Computing). تتيح هذه التقنية معالجة البيانات وتشغيل خوارزميات التحكم والذكاء الاصطناعي محليًا داخل المحطة، مع إمكانية تخزين البيانات مؤقتًا في ذاكرة محلية وإرسالها إلى السحابة لاحقًا عند استعادة الاتصال. كما يمكن الاعتماد على واجهات تشغيل محلية (HMI) مدمجة في أجهزة التحكم PLC لتأمين قدرة الطاقم الفني على متابعة وتشغيل المحطة يدويًا. وبهذا الشكل، لا يُعد انقطاع الإنترنت عقبة حقيقية أمام تشغيل النظام، بل يصبح جزءًا من الحالات الطارئة المتوقعة التي يتم تضمينها في تصميم المنظومة.
كيف يمكن قياس العائد الاقتصادي من هذا النظام مقارنةً بتكلفته العالية؟ وهل هو مجدٍ في المدى الطويل؟
يتطلب تقييم الجدوى الاقتصادية لأي نظام ذكي موازنة دقيقة بين التكاليف الأولية للاستثمار والعوائد المتوقعة على المدى الطويل. في حالة نظام SCADA وIIOT لمحطات الصرف، تشمل التكاليف شراء الأجهزة والمستشعرات، بناء البنية التحتية الشبكية، وتطوير البرمجيات السحابية. لكن في المقابل، تُظهر الدراسات أن تطبيق هذه الأنظمة يقلل من استهلاك الطاقة بنسبة تتراوح بين 80–95%، ويخفض تكاليف الصيانة من خلال الانتقال إلى الصيانة التنبؤية بدلاً من التفاعلية، بالإضافة إلى تحسين جودة المعالجة مما يقلل من الغرامات البيئية أو الخسائر المرتبطة بعدم الامتثال. كما يمكن للنظام أن يساهم في إعادة استخدام المياه، ما يُوفر موارد مائية مكلفة. في المحصلة، غالبًا ما يُسترد رأس المال خلال 1 إلى 2 سنوات، ما يجعل الاستثمار مجديًا على المدى المتوسط والطويل.
ما هي الآليات المقترحة لتقليل استهلاك الطاقة في النظام مع الحفاظ على كفاءة المعالجة؟
يعتمد تقليل استهلاك الطاقة في أنظمة معالجة المياه الذكية على التوظيف الأمثل للطاقة وفقًا للحاجة التشغيلية الفعلية، لا الاستهلاك الثابت. ويتم ذلك عبر استخدام خوارزميات ذكاء اصطناعي تتحكم بتشغيل وحدات التهوية والمضخات بناءً على مؤشرات حيوية حقيقية، مثل مستويات الأوكسجين الذائب (DO) أو الحمل العضوي في المياه. كما يُمكن إدخال مغيرات التردد (VFDs) في المحركات الكهربائية لتخفيض السرعة عند انخفاض الحمل. هذه الآليات تُسهم في تقليل الفاقد وزيادة الكفاءة، دون المساس بجودة المعالجة البيولوجية.
كيف يمكن لهذا النظام أن يساهم في حل أزمة شح المياه في العراق عبر إعادة استخدام المياه المعالجة؟
يمثل نظام SCADA وIIOT أداة مركزية في تمكين إعادة استخدام المياه، من خلال ضمان مراقبة دقيقة ومستدامة لجودة المياه الخارجة من المحطات. باستخدام أجهزة تحليل في الزمن الحقيقي لمتغيرات مثل BOD وTSS والنيتروجين والفوسفات، يمكن التأكد من أن المياه المعالجة تطابق المعايير الوطنية والدولية لإعادة الاستخدام. كما يمكن للنظام أن يوجه المياه المعالجة نحو الري الزراعي أو التبريد الصناعي، مما يُخفف الضغط عن المياه العذبة. وعند الربط بين المحطات والشبكات الذكية، يمكن توجيه الفائض من المياه المعالجة إلى آبار جوفية كوسيلة لتغذية المخزون الجوفي، ما يساهم في استعادة التوازن الهيدرولوجي في المناطق المتأثرة بالجفاف.
ما هي المعايير البيئية التي يجب أن يلتزم بها النظام لضمان عدم وجود آثار سلبية على التربة أو المياه الجوفية؟
يلتزم النظام الذكي بمعايير بيئية صارمة مستندة إلى مراجع عالمية مثل مواصفات منظمة الصحة العالمية (WHO) والوكالة الأمريكية لحماية البيئة (EPA)، بالإضافة إلى المعايير الوطنية الصادرة عن وزارة البيئة العراقية. وتشمل هذه المعايير مستويات معينة من التلوث المسموح به في المياه المعالجة قبل تصريفها أو إعادة استخدامها، حيث يتم رصد مركبات مثل BOD، COD، TSS، الأمونيا، والفوسفات. لضمان الالتزام بهذه المعايير، يجب تجهيز النظام بمستشعرات ذكية للرصد اللحظي وتحليل الاتجاهات البيانية. كما يجب أن يتضمن النظام سجلات رقمية وعمليات تدقيق دورية توثق عمليات التفريغ والمعالجة، وتمنع التسرب أو التلوث العرضي للتربة أو المياه الجوفية.
ما هي المعوقات القانونية والتشريعية التي قد تعيق تطبيق هذا النظام في العراق؟ وهل هناك قوانين داعمة لتقنيات IIOT والسحابة؟
يعاني الإطار التشريعي العراقي حتى الآن من فجوات واضحة فيما يخص التشريعات المرتبطة بتقنيات الثورة الصناعية الرابعة، مثل الحوسبة السحابية والإنترنت الصناعي للأشياء (IIOT). أبرز المعوقات القانونية تتجسد في غياب قوانين واضحة تنظم التعامل مع البيانات الصناعية الحساسة، وحماية الخصوصية، وحقوق الملكية الفكرية للأنظمة البرمجية المستخدمة. كما لا توجد تشريعات متخصصة لضمان أمن البنية التحتية الرقمية الحيوية مثل محطات المياه. من ناحية أخرى، هناك بوادر قانونية داعمة، مثل الاستراتيجية الوطنية للتحول الرقمي التي أُعلنت في السنوات الأخيرة، لكنها لا تزال في مراحلها الأولى. لتجاوز هذه المعوقات، يُقترح العمل على تحديث قانون حماية البنية التحتية الحيوية، وتأسيس هيئة وطنية للأمن السيبراني الصناعي، ووضع لوائح خاصة بتنظيم اعتماد تقنيات IIOT، مع استحداث إطار قانوني للتعامل مع البيانات المخزنة أو المعالجة عبر خدمات سحابية أجنبية أو محلية.
كيف يمكن تدريب الكوادر المحلية على إدارة النظام وصيانته، مع وجود نقص في الخبرات التقنية المتقدمة؟
يمثل نقص الكفاءات المحلية أحد أكبر التحديات، لكن يمكن تجاوزه عبر تبني خطة متكاملة لبناء القدرات. تبدأ هذه الخطة بتأسيس شراكات مع الجامعات والمعاهد التقنية لإدخال مفاهيم SCADA، IIOT، والأمن السيبراني الصناعي في مناهجها، مع توفير ورش عمل تطبيقية في المحطات نفسها. كما يمكن إطلاق برامج تدريبية قصيرة مكثفة (Bootcamps) بشراكة مع الشركات العالمية المصنعة مثل Siemens، Schneider، وABB لتدريب الفنيين والمهندسين العاملين حاليًا في المحطات. علاوة على ذلك، يمكن إنشاء مختبرات محاكاة افتراضية للتدريب (Digital Twins) تسمح للكوادر بالتفاعل مع نظام المحطة رقميًا دون التسبب في توقف أو خطر. كما أن دعم هذه الجهود بتوفير شهادات مهنية معترف بها عالميًا يُشجع الكوادر على المشاركة الفاعلة ويضمن استدامة تشغيل وصيانة النظام.
هل هناك تجارب ناجحة مشابهة في دول عربية أو نامية يمكن الاستفادة منها في التطبيق؟
نعم، هناك عدة تجارب رائدة في دول ذات ظروف مشابهة للعراق، ويمكن الاستفادة منها في عملية التوطين. على سبيل المثال، نفذت مصر مشروع “محطة الجبل الأصفر” لمعالجة مياه الصرف، والتي تعد من أكبر المحطات في الشرق الأوسط، وتم فيها استخدام نظم SCADA لمراقبة وتحكم العمليات عبر الإنترنت. كما قامت المملكة الأردنية الهاشمية بتطوير محطات معالجة مزودة بأنظمة ذكية لتقليل استهلاك الطاقة وتحسين كفاءة المعالجة، بتمويل من منظمات دولية مثل GIZ والبنك الدولي. وفي تونس، تم دمج أنظمة مراقبة رقمية في بعض المحطات بدعم من الاتحاد الأوروبي. هذه التجارب توفر نماذج عملية للتغلب على العقبات التمويلية، التقنية، والتشريعية، ويمكن تكييفها لتناسب السياق العراقي عبر التعاون الدولي وتبادل المعرفة.
ما هي الخطوات المقبلة لتطوير النظام وجعله أكثر ذكاءً وقدرة على مواجهة التحديات المستقبلية؟
لتطوير النظام نحو مزيد من الذكاء والاعتمادية، يجب التحول من مرحلة المراقبة والتحكم الذكائي إلى مرحلة “التشغيل التنبؤي المستقل”. أولى الخطوات تشمل توسيع استخدام نماذج الذكاء الاصطناعي (AI) والتعلم الآلي (Machine Learning) للتنبؤ بتحميل المحطة، جودة المياه الداخلة، والأعطال المستقبلية. يلي ذلك دمج النظام بمنصات تحليل البيانات الكبيرة (Big Data Analytics) التي تسمح بالتفاعل مع بيانات آلاف المستشعرات في الوقت الحقيقي. كما يجب التفكير في استخدام التوأم الرقمي (Digital Twin) لتوفير بيئة محاكاة حية تحاكي حالة المحطة لحظة بلحظة، مما يُمكّن من تجربة سيناريوهات استجابة متعددة قبل تنفيذها فعليًا. وأخيرًا، ينبغي دمج النظام مع منصات إنذار مبكر للكوارث البيئية أو السيبرانية، لتوفير الاستجابة الاستباقية بدل التفاعلية فقط.
هل يمكن دمج تقنيات مثل البلوك تشين لتعزيز الشفافية في مراقبة جودة المياه المعالجة؟
نعم، يمكن استخدام تقنيات البلوك تشين بشكل فعال في أنظمة SCADA وIIOT لتعزيز الشفافية والمصداقية، خصوصًا فيما يتعلق بتتبع جودة المياه. يمكن للبلوك تشين أن تُستخدم لتسجيل كل البيانات البيئية التي يتم جمعها من المستشعرات، كقيم BOD، COD، الأمونيا، والمواد العالقة، وتخزينها في سجل رقمي غير قابل للتلاعب. وهذا يجعل من الصعب تزوير النتائج أو تعديل البيانات لأغراض غير قانونية أو سياسية. كما يمكن ربط النظام بمنصات عامة تسمح للجهات الرقابية والمواطنين بمراجعة جودة المياه المعالجة بشكل شفاف. هذا النوع من الشفافية يعزز الثقة بين السلطات والمجتمع، ويُشجع على الاستخدام الآمن والمستدام للمياه المعالجة، وهو ما يُعد خطوة حاسمة في المجتمعات التي تشهد فجوة في الثقة بين المؤسسات والمواطنين.
كيف يمكن لهذا النظام أن يساهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، خاصة الهدف السادس (المياه النظيفة والصرف الصحي)؟
يُعد نظام SCADA وIIOT المتكامل في محطات معالجة مياه الصرف عنصرًا مركزيًا في تحقيق الهدف السادس من أهداف التنمية المستدامة، والذي ينص على “ضمان توفر المياه وخدمات الصرف الصحي للجميع وإدارتها إدارة مستدامة”. يحقق ذلك عبر ثلاثة محاور: أولاً، تحسين كفاءة المعالجة وجودة المياه الخارجة، مما يقلل من تلوث المصادر الطبيعية. ثانيًا، تمكين إعادة الاستخدام الآمن للمياه، خاصة في الري والزراعة، مما يُخفف من الضغط على المياه العذبة. ثالثًا، تعزيز الشفافية والحوكمة الرشيدة من خلال مراقبة الأداء البيئي للمحطات بصورة رقمية، وربطه بمؤشرات التنمية. كما يُمكّن من تحديد الفجوات التشغيلية والتدخل المبكر قبل وقوع الأزمات البيئية، مما يضمن استدامة الخدمات وتحسين رفاه السكان في المناطق المتضررة من التلوث أو شح المياه.
إذا نجح النظام، هل يمكن تعميمه على قطاعات أخرى مثل تحلية المياه أو معالجة النفايات الصناعية؟
بالتأكيد، فالبنية المفاهيمية والهيكلية لنظام SCADA وIIOT يمكن نقلها وتكييفها بسهولة مع قطاعات صناعية وخدمية أخرى مثل تحلية المياه، محطات الطاقة، أو حتى المصانع الكيميائية. فعلى سبيل المثال، يمكن تطبيق نفس المبادئ في محطات التحلية لرصد مستويات الأملاح، ضغط الأغشية، ونوعية المياه المنتجة، مما يعزز كفاءة التشغيل ويقلل استهلاك الطاقة. وفي مجال معالجة النفايات الصناعية، يمكن استخدام المستشعرات الذكية لتحديد نسب المواد السامة وتحسين التحكم في عمليات الترسيب أو التبخير. إن نجاح النموذج في محطات المعالجة سيفتح الباب أمام توسيع التطبيقات ضمن إطار المدينة الذكية (Smart City) المتكاملة، بحيث تصبح جميع المرافق الحيوية تحت إدارة رقمية ذكية تضمن الكفاءة، السلامة، والاستدامة البيئية.
ما هي إمكانية استخدام الذكاء الاصطناعي التنبئي للتعامل مع الكوارث البيئية مثل التلوث المفاجئ لمصادر المياه؟
يُعد الذكاء الاصطناعي التنبئي أداة متقدمة قادرة على إحداث نقلة نوعية في قدرة المحطات على التصدي للكوارث البيئية. من خلال تحليل البيانات البيئية التاريخية والزمن الحقيقي، يمكن تدريب خوارزميات التعلم العميق (Deep Learning) على التعرف على الأنماط غير الاعتيادية التي تسبق التلوث المفاجئ، سواءً من مياه صرف صناعي أو فيضان مفاجئ. كما يمكن ربط هذه النماذج ببيانات الطقس أو أنظمة الإنذار المبكر لزيادة دقة التوقعات. عند حدوث تهديد، يمكن للنظام إصدار تنبيهات تلقائية وتفعيل بروتوكولات الاستجابة السريعة، مثل تشغيل وحدات معالجة إضافية أو إغلاق خطوط التصريف مؤقتًا. هذا المستوى من الاستباقية لا يحمي فقط البيئة، بل يُقلل أيضًا من التكاليف الناتجة عن الكوارث، ويعزز قدرة المحطة على الامتثال المستدام للمعايير البيئية.
نختتم هذا الحوار المثير مع الدكتور كاظم حسن كيطان، والذي ألقى الضوء على الأهمية الكبيرة لأنظمة SCADA والإنترنت الصناعي للأشياء (IIOT) في معالجة مياه الصرف الصحي في العراق. لقد تناول الدكتور كاظم بوضوح التحديات الراهنة، بدءًا من البنية التحتية القديمة وصولًا إلى المعوقات التشريعية ونقص الكفاءات، وقدم حلولًا عملية ومبتكرة تعتمد على التحديث الهجين، الحوسبة الحافة، والذكاء الاصطناعي.
لقد أكد الحوار على أن تطبيق هذه الأنظمة ليس مجرد تحديث تقني، بل هو استثمار مستدام يقلل من استهلاك الطاقة، يخفض تكاليف الصيانة، ويساهم بشكل فعال في حل أزمة شح المياه عبر إعادة الاستخدام الآمن للمياه المعالجة. كما تناولنا إمكانية تعزيز الشفافية باستخدام البلوك تشين، ودور الذكاء الاصطناعي التنبئي في مواجهة الكوارث البيئية.
إن رؤية الدكتور كاظم لمستقبل إدارة المياه في العراق، والتي تتجاوز حدود محطات الصرف الصحي لتشمل تحلية المياه ومعالجة النفايات الصناعية ضمن إطار المدينة الذكية، تمنحنا أملًا كبيرًا في تحقيق التنمية المستدامة. يبقى التحدي في كيفية ترجمة هذه الرؤى إلى واقع ملموس، من خلال تضافر الجهود بين القطاع الأكاديمي، الحكومي، والخاص، وبناء كوادر وطنية قادرة على إدارة وصيانة هذه الأنظمة المتقدمة.
شكرًا جزيلًا للدكتور كاظم حسن كيطان على هذا الحوار الثري والمفيد.
اضف تعليق