q
اقتصاد - تنمية

القطاع السياحي في العراق الواقع والطموح

المحور الحادي عشر: قطاع السياحة

ينتظر السياحة في العراق وخاصةً السياحة الدينية، مما سيجعل صناعة السياحة في وطننا العزيز ذات أهمية بالغة، لتؤدي دورهاً الملموس في ازدهار واقتصاد البلد، بإعتبارها مصدراً كبيراً لا يستهان به للدخل القومي، ويأتي ذلك من خلال النهوض بمستوى الخدمات الانسانية والاجتماعية وإقامة البنى التحتية وتوفير...
ورقة دراسة موجزة: د. رؤوف محمّد علي الأنصاري

 

المقدمة

تؤكد العديد من المؤشرات بإعتبار العراق مركزاً سياحياً رائداً في منطقة الشرق الأوسط وذلك لمكانته التاريخية والحضارية والدينية المتنوعة إضافة لموقعه الجغرافي المتميز وطبيعته الخلابة بوجود نهري دجلة والفرات والأهوار والبحيرات والبساتين والجبال والسهول الخضراء والمصايف الجميلة في كردستان العراق.

لقد أضحت السياحة في العراق، وقطاع السياحة الدينية بوجه الخصوص، تعتمد في حركة مؤسساتها ونشاطاتها على تأمين الكوادر المهنية والخبرات السياحية المتخصصة وتأهيلها لخدمة هذا القطاع الحيوي المهم وتطويره، وإعتماد البرامج والخطط العلمية التي تهدف الى إيجاد صناعة سياحية متقدمة.

ويُعد توفر الأمن والإستقرار أحد أهم متطلبات عوامل الجذب السياحي وازدهار السياحة، حيث يهتم السائح أو الزائر بأمنه وسلامته قبل التوجه الى أية منطقة سياحية.

ظهرت السياحة كصناعة حضارية جديدة في العالم، وجعلت العديد من الدول تعتمد عليها في زيادة دخلها من العملات الاجنبية، وتعزيز مكانتها الدولية ودورها السياسي والاقتصادي... كأسبانيا، وتركيا، ولبنان، والمغرب، ودول أوربا... وغيرها. وقد عُرفت السياحة في العراق منذ أكثر من سبعة آلاف سنة، لكنها من قبل العراقيين ذاتهم كسائحين أكثر مما هم مستقبلين وذلك بحكم تطورهم الحضاري ورفاهيتهم التي حفزت لديهم غريزة حب الإستطلاع والتنقل بين مدنهم وبقية الأماكن المحيطة القريبة والبعيدة بحثاً عن المعرفة أو المتعة أو الإتصال بالشعوب والأقوام الأخرى، وربما لأغراض تجارية في البدء ثم أصبحت سياحة لذاتها بمرور الزمن.

للصناعة السياحية أنواع، منها: السياحة الثقافية، والدينية، والترفيهية، والعلاجية... الخ، وتُعد السياحة الثقافية كونها رغبة في التعرف على أنماط أخرى من العلاقات الإجتماعية وثقافات وعادات وتقاليد الشعوب الأخرى لإنها تساعد على تكوين الشخصية المبدعة والخلاقة وأداة تقريب المسافات بين الشعوب... ويرى المعماريون والفنانون ان السياحة والعمارة متلازمتان مع الجمال والروح وعبق التاريخ والحضارة والقيم والعادات والتقاليد.

يحتضن العراق معالم حضارية اسلامية بارزة، ومراقد أئمة لهم الملايين من الأتباع في العالم، اضافة لشواهد دينية بارزة لأتباع الديانات المختلفة، ومراقد الأنبياء: ابراهيم، ونوح، ويونس ( ذو النون )، وجرجيس، وهود، وصالح، وأيوب، وذو الكفل... ومراقد الأئمة عليهم السلام: الإمام علي بن أبي طالب في مدينة النجف الأشرف، والإمام الحسين وأخيه العباس عليهما السلام في مدينة كربلاء المقدسة، ومرقدي الإمامين موسى بن جعفر الكاظم ومحمد الجواد (ع) في مدينة الكاظمية، والإمامين علي الهادي والحسن العسكري (ع) في مدينة سامراء... وفي بغداد مرقدي الإمام أبي حنيفة النعمان والشيخ عبد القادر الكيلاني (رض)، بالإضافة الى مراقد ومزارات شيوخ الطرق الصوفية في مختلف أنحاء العراق.اضافة الى وجود العديد من المواقع الأثرية المهمة التي تعود الى حضارات وادي الرافدين وما يزال البعض منها قائماً الى يومنا هذا.

مستقبلاً كبيراً ينتظر السياحة في العراق وخاصةً السياحة الدينية، مما سيجعل صناعة السياحة في وطننا العزيز ذات أهمية بالغة، لتؤدي دورهاً الملموس في ازدهار واقتصاد البلد، بإعتبارها مصدراً كبيراً لا يستهان به للدخل القومي، ويأتي ذلك من خلال النهوض بمستوى الخدمات الانسانية والاجتماعية وإقامة البنى التحتية وتوفير مستوى معيشي مقبول للسكان يدعم مستلزمات الأمن والاستقرار والتقدم والتمسك بالسلوكيات والقيم الحضارية ورفع الوعي الثقافي والاجتماعي عند السكان. ومن أجل تحقيق ما تقدم يتوجب وضع وتنفيذ خطة إستراتيجية من أجل النهوض بالعراق كوطن ومجتمع أولاً وبالقطاع السياحي ثانياً، إذ من غير المعقول أن يزور السواح العرب والأجانب العراق ليطلعوا على معالمه السياحية، ويروا التناقض الكبير بين واقع المجتمع المزري والمعالم السياحية المزوقة والجذابة.

التأثيرات السلبية التي تعترض إقامة صناعة سياحية متقدمة

هناك العديد من المعوّقات والسلبيات التي تواجه الصناعة السياحية في العراق، منها ما يأتي:

1- غياب السياسات الإستراتيجية وإنعدام القدرة في التخطيط بالمجال السياحي.

2- تبوأ عناصر غير كفوءة وغير مؤهلة مهنياً لإدارة القطاع السياحي منذ عدة عقود من الزمن.

3- الحصار الذي فرض على العراق لأكثر من عشر سنوات نتيجة السياسات الرعناء التي إرتكبها النظام المباد قبل عام 2003 تسبب في تدهور القطاع السياحي.

4- إعتماد نظام المحاصصة الحزبية المقيت في ادارة القطاع السياحي في العراق بعد عام 2005 أثر بشكل كبير على تدهور هذا القطاع.

5- إهمال القطاع السياحي في السنوات الأخيرة الذي إنعكس على الكفاءات البشرية.

6- الإرهاب وفقدان الاستقرار الأمني والسياسي.

7- عدم وجود تصور شمولي حول تطوير القطاع السياحي في العراق.

8- نقص الدراية الفنية وضعف النشاط الترويجي.

9- انخفاض مستويات الجودة في الخدمات السياحية وكل ما له علاقة بها.

10- ضعف وعي الاهالي ومعرفتهم بأهمية السياحة ودورها في التنمية والإعمار.

11- نقص خدمات البنى التحتية الأساسية، لاسيما الطرق المبلطة، ووسائل النقل الحديثة، والكهرباء، ومياه الشرب الصافية والنظيفة، وشبكات مجاري الصرف الصحي.

12- تركز المرافق السياحية، لاسيما الفنادق الكبيرة في المدن الرئيسية دون غيرها من المدن الاخرى.

13- قلة وسائل الترفيه والنشاطات والفعاليات السياحية.

14- ابتزاز المستثمرين في مجال القطاع السياحي من قبل الاحزاب السياسية المشاركة في السلطة.

15- غياب عنصر الاحترام والمراعاة للزمن من قبل الجهات المسؤولة عن القطاع السياحي.

16- معاناة القطاع السياحي الخاص من العجز الدائم نتيجة ضعف الدولة.

17- تدخل الجهات الحزبية في نشاطات السياحة الدينية.

18- إهمال معظم المرافق السياحية في السنوات الاخيرة وعدم تأهيلها.

19 - الفساد المستشري في مؤسسات الدولة ومنها القطاع السياحي.

الحلول والمقترحات

1- تشكيل مجلس وطني أعلى للسياحة في العراق.

2- إعادة النظر في إلغاء وزارة السياحة لما لها من أهمية كبيرة في تطوير القطاع السياحي في العراق.

3- إعادة هيكلة المؤسسات والقطاعات السياحية، وإبعاد العناصر التي جاءت عن طريق المحاصصة الحزبية المقيتة.

4- إعتماد التخطيط العلمي السليم لتطوير الامكانات السياحية الكبيرة، لاسيما في مجال قطاع السياحة الدينية التي تجعل منها كمصدر هام للدخل القومي وتحقيق الرفاهية للمجتمع.

5- الإستفادة من الخبرات والكفاءات المهنية المتخصصة والنزيهة في مجال السياحة ومنحهم الأولوية في التوظيف لدى المؤسسات السياحية.

6- التعاون مع المنظمات والمؤسسات السياحية والهيئات الأكاديمية العربية والاقليمية.

7- الانضمام والتعاون مع منظمة التجارة العالمية في مجال السياحة، وكذلك مع المنظمات السياحة الدولية والاقليمية الحكومية وغير الحكومية التي ساهمت بدور كبير في تحقيق التعاون الدولي في صناعة السياحة.

8- تشجيع ودعم الكليات والمعاهد السياحية، وتطوير برامجها الدراسية بما يلبي إعداد كوادر سياحية مدربة وكفوءة.

9- دعم وتشجيع البحوث والدراسات المتعلقة بالسياحة.

10- الاهتمام بالتدريب السياحي والفندقي وتطوير المهارات.

11- السعي لتطوير المطارات ومراكز النقل البري والبحري والنهري، وربط العراق بالدول المجاورة والاقليمية بخطوط السكك الحديدية، وتمشية القطارات الحديثة والمريحة.

12- دعم وتشجيع رابطة شركات السفر والسياحة ورابطة الفنادق والمطاعم وفسح المجال لممارسة نشاطاتهما بكل سهولة ويسر.

13- تبني شراكة بين القطاعين العام والخاص.

14- دعم وتشجيع الاستثمار في القطاع السياحي وتقديم كافة التسهيلات الضرورية له من خلال اصدار مجموعة من القوانين والتشريعات التي تحمي المستثمرين.

15- دعوة البنوك لتشجيع ودعم اقامة مشاريع سياحية في العراق وتقديم كافة التسهيلات الضرورية لها.

16- تطوير الدعاية والترويج السياحي، واعطاء الاعلام بكافة قنواته دوراً مهماً في رفد الحركة السياحية وتطورها وتأسيس قناة فضائية للترويج السياحي.

17- اعداد برامج سياحية تجمع السياحة الدينية والتاريخية والأثرية والتسويقية وسياحة الاستجمام والترويح عن النفس.

18- تسهيل طرق استقبال السياح والزوار في المنافذ الحدودية والمطارات وتوفير كافة الخدمات الضرورية لهم.

19- توظيف الصناعات المحلية والحرف اليدوية والفنون الشعبية في المجال السياحي.

20- إعادة تأهيل وتحسين المواقع والمرافق السياحية.

21- اقامة متاحف داخل المدن العراقية، لإبراز الثراء الثقافي والفني لتلك المدن وإطلاع الزوار والسياح عليها بالاضافة الى تحقيق واردات من الرسوم المجباة من زيارة هذه المتاحف.

22- اعداد دراسات لتطوير وتحسين كافة المباني والمنشآت والمواقع والمتنزهات السياحية في العراق.

23- نشر الوعي البيئي في المجتمع وأوساط المستثمرين السياحيين.

24- إعادة الحيوية والنشاط الى المناطق والاسواق التاريخية والسياحية والتجارية في المدن العراقية، لاسيما في العاصمة بغداد.

25- دراسة تحويل المنشئات السياحية والقصور الرئاسية التابعة الى رئيس النظام المباد وعائلته وحاشيته والموزعة في أنحاء العراق الى مرافق ترفيهية ومنتجعات سياحية والعمل على فتحها امام جميع المواطنين بعد تهيئتها وتحسينها.

.................................
* تدعو الأمانة العامة للهيئة الاستشارية العراقية للإعمار والتطوير (ICADP)، التي تأسست عام 2010، الأخوات والإخوة الزملاء الأعزاء من الأكاديميين والخبراء العراقيين المختصين في مختلف المجالات والميادين العلمية والثقافية من داخل العراق وخارجه، لتقديم رؤيتهم لإصلاح الوضع في العراق، من خلال: تقييم تجربة الحكم والعملية السياسية وإدارة الدولة ما بعد عام 2003 وإيجاد الحلول الناجعة لإخفاقاتها، عِبرَ مشاركتهم بدراساتهم ومقترحاتهم العلمية كلٌ حسب اختصاصه، وتقييمها بالشكل التالي:
أولاً ـــ تحديد المشاكل والمعوقات فيما يتعلق بالموضوع الذي يتم إختياره.
ثانياً ـــ تقديم الحلول والمقترحات العلمية الواقعية لها دون الخوض في تفاصيلها.
وإرسالها عن طريق البريد الالكتروني: E- mail: [email protected]
د. رؤوف محمّد علي الأنصاري/الأمين العام

اضف تعليق