q
العدالة لا تعني بالضرورة عدم التفضيل بينهم فقد يكون أحدهم اكثر جاذبية عند ابويه لصفة معينة يتصف بها دون غيره من اخوانه او اكثر تفوقاً في درسه او اكثر امتثالاً لأوامر ابويه بل يجب ان يكون التفضيل مستتراً لا يظهره الابوين امام اطفالهم ويحتفظون به في قلوبهم...

من البديهي ان يستولي الطفل الاول في الاسرة على مخازن الحب والرعاية من قبل الابوين، فيمنح اهتماماً ورأفة كبيرين، وتجد الوالدين يسعيان جاهدين من اجل تلبية حاجته المادية والنفسية من كسوة وغذاء وعلاج وغيرها من الضروريات وحتى الامور الكمالية، ويكون في الغالب مرافقاً لاحد ابويه او كلاهما على الدوام فلا يكاد يسقط من يد حتى تتلقفه اليد الاخرى وبذلك يلقى دلالاً استثنائياً، ومثل هذا الطفل وبهذه العناية والاهتمام، سيواجه مشكلة في حالة ولادة الطفل الثاني، حيث يمثل له ولادة اخ له خوف من ان يكون له منافس له في حنان ابويه ورعايتهم فهو يرى نفسه الملك في مملكة والديه وولادة اخ له يكون بمثابة سحب البساط من تحت قدميه.

ومن هنا يبدأ صراع الغيرة بالتصاعد، وهو مالا ينتبه له الكثير من الآباء لانشغالهم بسلامة المولود وما يرافق عملية الولادة وغيرها، فليس من الصحيح اهمال الموضوع لخشية تحول غيرة الطفل الأول بالتدريج إلى عداء وكراهية للطفل الجديد، وهذا العداء سينعكس على نفسية الطفل ويزداد كلّما انصب الاهتمام بالطفل الجديد وأُخرج الطفل الاول عن دائرة الاهتمام، لذا يلزم على الوالدين الالتفات واخذ الموضوع بجدية والوقاية من تداعياته وابقاء الطفل الاول على نفس المستوى من الاهتمام والرعاية والحب كما يجب محاولة التقريب بين الطفلين واقناع الطفل الاكبر بأن المولود الجديد اخ او اختاً له يسلونه ويؤنسونه وهم ليسوا منافسين له فهو يبقى له مكانة المميز باعتباره الابن الأكبر.

وقد يستدعي الامر تقبيله واحتضانه وشراء بعض الالعاب الضرورية له وإلى غير ذلك من وسائل الاهتمام والرعاية الواقعية، والحل الامثل هو العدالة والمساواة بين الطفل الاول والثاني، فأن مع تقدم العمر وبنمو العواطف والمشاعر ونضوج العقل يبدأ الطفل يفهم ويعي جيداً معنى المساواة والعدالة ويشخص وجود مشكلة في حال وجود خلل في تطبيقهما، والعدالة بين الاكفال ينبغي ان تعمم على النواحي المادية والمعنوية أي اشباع حاجاتهم المادية والمعنوية على حد سواء دون تفضيل احدهما على الاخرى او ايلاء الاهتمام لاحدهما واهمال الاخرى.

والعدالة لا تعني بالضرورة عدم التفضيل بينهم فقد يكون أحدهم اكثر جاذبية عند ابويه لصفة معينة يتصف بها دون غيره من اخوانه او اكثر تفوقاً في درسه او اكثر امتثالاً لأوامر ابويه بل يجب ان يكون التفضيل مستتراً لا يظهره الابوين امام اطفالهم ويحتفظون به في قلوبهم اما السلوك فيتصف بالعدالة والمساواة، فلو تصرف الابوين بإظهار التمييز بين ابناءهم فالنتيجة ستكون عداء حتمي وتربص لاحدهم في الاخر.

ومن صور المساواة بين الاولاد هو عدم المقارنة بينهم في صفاتهم النفسية والمعنوية والجسمانية، فليس صحيحاً ان يقول الاب فلان اجمل او اذكى او اكثر اخلاقاً وادباً لان ردة الفعل الطبيعي على سلوك الاب هذا هو فقدان الثقة في نفس الطفل غير المشار اليه كما ضعف الثقة والآصرة بين الاشقاء وزرع بذرة الحقد والغيرة بينهم، مما يجعل والتنافس في ابسط الاشياء واعقدها قائماً وهو ما ينعكس سلباً على العلاقة بينهم، والعكس صحيح عدم التفرقة في المعاملة هو أكبر دعامة لخلق جو من الثقة المتبادلة وبين الاشقاء وبث روح الالفة والود.

كما اننا نلاحظ على الدوام مواقف واقوال لبعض الاباء قد تكون غير مقصودة مثيلة فلان من ابنائي يشبهني واتوسم فيه خيراً على عكس فلان الذي لا يشبهني باي صفة من صفاتي، فحتى هذه المقارنة تعمل عملها في اذكاء الغيرة والتنافس غير المحمود بين الاخوان يفضل اجتنابها.

ومن غير العدالة ايضاً تمييز الولد على البنت لأسباب تتعلق بميل الابوين الى الولد اكثر من البنت واعطائه حرية التحكم بأخته على اعتباره هو ذكر وهي انثى والتحكم بزمام الامور في البيت يجب ان تكون بيد الولد مما يجعله يفرض قوانينه ومزاجه على اخته بغير وجهة حق وهذا ظلم كبير غير مبرر يشرعه اولياء الامور لابنهم غير الواعي.

العدالة بين الاطفال لا تتعارض مع اسلوب التحفيز والتشجيع مثل اعطاء هدية لمن يحقق درجة عالية في الامتحان ويفضل استخدام هذا الاسلوب لتشجيع السلوك الناجح مما يستثير روح المنافسة المشروعة بينهم، شريطة ابتكار الاساليب الناجحة في التشجيع المنسجمة مع حالاتهم النفسية والتي لا تؤدي إلى الشعور بالتفريق بينهم.

وهنا نود التنويه الى حقيقة ان مهما بذل الوالدان من جهود لتحقيق العدالة بين ابنائهم، فأن ذلك لا ينهي بعض السلوكيات السلبية عن الاطفال كالتصارع والشجار والنقاش الحاد أو الاشتباك بالأيدي فأن حدثت هذه السلوكيات فهي طبيعية تحدث مع اغلب الاطفال وفي اغلب العوائل، ويفضل عدم تدخل الاهل لأنهاء هذا الصراع او الشجار وتركهم يعالجون امورهم بأنفسهم فتدخل احد الابوين كقاضي يصدر الحكم لحدهم دون الآخر ينافي مبدأ تطبيق العدالة حسب تصور المحكوم ضده، كما ينبغي على الابوين العدل حتى في العقوبة مما يعزز قناعة لدى الاطفال ان ابناءهم عادلين معهم وغير مميزين لاحدهم على الاخر.

اضف تعليق