أكثر من مائة فصيل سوري مسلح، استجاب لاتفاق التهدئة برعاية الترويكا الروسية – التركية – الإيرانية... الأسد أبلغ وفداً نيابياً فرنسياً زائراً، بأن وفد بلاده ذاهب إلى الأستانة لمحاورة 91 فصيلاً مسلحاً... الحبل على الجرار كما تقول غرفة العمليات (مركز المصالحة) الروسية في حميميم.

لا أحد لديه فكرة دقيقة ونهائية عن أعداد الفصائل المسلحة في سوريا، حتى أن رياض نعسان آغا الناطق باسم معارضة الرياض، قال ذات تصريح بعد الهدنة التي اقترحها كيري – لافروف مطلع العام الفائت، بأن عدد الفصائل التي قبلت بها زاد على المئة فصيل، وأنه يعرف بعضها ممن تتردد أسماؤهم في الإعلام، ويجهل أكثرها.

كيف سيتمثل هؤلاء في الأستانة؟... من سينطق باسمهم؟... وما الذي يمكن أن يتفقوا عليه، وكيف سيحلون قضايا الخلاف فيما بينهم، قبل أن يدخلوا في بحث مع النظام حول ترتيبات تثبيت التهدئة وإدامتها، توطئة للحل السياسي في بعديه الانتقالي والدائم؟... هل سيعقدون سلسلة من المؤتمرات التمهيدية قبل الاستهانة، كيف، وأين، ومن سيوجه الدعوة، ومن سيقبلها؟... ما هو موقع المعارضة غير المسلحة، التي لا وجود لها إلا على شاشات الفضائيات التي تتوزعهم كزبائن دائمين، وفقاً لهواهم أو بالأحرى، وفقاً لهواها السياسي؟... أين هيئة مفاوضات – معارضة الرياض- رياض حجاب وصحبه، وأين ائتلاف قوى المعارضة أنس العبدة ورفاقه، اللذين باتوا حمولة زائدة على ما يبدو؟

أين معارضة الداخل، وما مصير هيئة التنسيق، وكيف هي علاقاتها مع "منصة القاهرة"، وما مصير "قمح" وأين المنبر الديمقراطي، وما علاقة كل هؤلاء بالحركة الكردية التي باتت اليوم لاعباً رئيساً يسيطر على ما يربو عن 15 بالمائة من الأراضي السورية، وهل انتهى مشروع توحيد المعارضة بمؤتمر الرياض، ولماذا ظلت قوى أساسية خارج هذه الترتيبات والتكتلات جميعها؟... وما مغزى دعوة ميشيل كيلو لمؤتمر وطني جديد للمعارضة، يخرجها من بين فكي كماشة الاستبداد والإرهاب كما قال ذات مقال صدر له مؤخراً؟... هل يحتمل الأمر مزيداً من المؤتمرات، وما الذي ستقوله المؤتمرات الجديدة ولم تقوله المؤتمرات القديمة؟... ولماذا الافتراض بان حظوظ المؤتمر الجديد ستكون أفضل من حظوظ سابقاته؟... وهل إعادة الثورة السورية إلى سكتها الصحيحة، أو استئناف مشروعها الوطني – الديمقراطي ما زال ممكناً؟... هل ثمة ثورة في سوريا بعد كل هذه التحولات والمياه الكثيرة التي جرت في انهار البلاد وينابيعها؟

من يوقظ معارضة الرياض – إسطنبول من سباتها؟... الجماعة في "حالة إنكار" و"غيبوبة"، من يخرجهم من الكهف التركي الذي آووا إليه، ما زالوا يتحدثون عن "مفاوضات" مع الأسد ببند واحد: تسليم السلطة واستلامها... لكأن أخبار التدخل الروسي في سوريا والاستدارة التركية شبه التامة، ومرحلة "ما بعد حلب"، ونتائج الانتخابات الأمريكية، لم تصلهم بعد... من يخبر هؤلاء بأن صيغة جنيف في حزيران 2012، لن تجد من يشتريها، هل من تفكير جديد خارج الصندوق؟... هل يدرك هؤلاء أن عام 2017، قد يكون، ونشدد على قد، عام التسويات الكبرى في المنطقة برمتها، من اليمن إلى لبنان، مروراً بسوريا والعراق – وربما ليبيا... هل يمكن تخصيص ولو فسحة قصيرة من الوقت، فاصل إعلاني بين مقابلتين، في محاولة للتعرف على ما يريده السوريون في الداخل والشتات؟... وعندما أتحدث عن السوريين، أقصد أولئك غير المدرجين على قوائم الرواتب والأعطيات من الدول الحاضنة والراعية، التي أفسدت الثورة السورية واجهضتها، كما لم يفعل النظام ولا الإرهاب، أقصد السوريين من غير خبراء الفنادق بكل نجومها، والمطاعم بجيمع مذاقاتها ونكهاتها، وتذاكر السفر بمختلف درجاتها.

كيف سيتحرك هذا الرهط الكبير من قادة الفصائل المسلحة والسياسية، الوزانة والهشة، صوب الأستانة أو غيرها، كيف لهم أن يعبروا عن تطلعات الشعب السوري وأشواقه، هل هم مؤهلون لذلك، وهل هم جديرون بمهمة تمثيل الثورة السورية حين انطلقت بيضاء نقية كما يقول فرسان المعارضة اليوم؟

قبل الأزمة السورية، كنا نقول ونؤكد مراراً وتكراراً، ومن دون كلل أو ملل، أن الشعب السوري العظيم، يستحق نظاماً غير هذا النظام... بعد سنوات ست على الأزمة/ الثورة/ المؤامرة، نقول، وبالإصرار ذاته، أن هذا الشعب العظيم، سليل هذه الحضارة الضاربة في عمق التاريخ والجغرافيا، جدير بمعارضة غير هذه المعارضة، فهل نأمل بانبثاق معارضة كهذه، أم نرتجي نظاماً مغايراً في أعقاب كل هذه التضحيات... أسئلة لا أجرؤ على المجازفة بتقديم إجابات، أو حتى مشاريع إجابات، عليها.

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق