ان الاقتصاد الريعي المعتمد بنسبة عالية على النفط، حوّل العراق الى بلد استهلاكي، مما انتج البطالة والكسل الاجتماعي، وذلك بانعدام فرص العمل، وإشاعة حالة الاتكالية وانعدام ثقافة العمل، وكثرة الفساد في الطبقة الحاكمة، لسهولة الاستحواذ على المال العام، فلو كان هناك تنوع في القطاعات الإنتاجية، لكانت هناك فرص كثيرة...
لاشك ان الاقتصاد احد اهم الاركان في بناء الدولة، سواء القديمة، أو الحديثة، فكيف ونحن وسط تقلبات السوق وتقلبات السياسة معا، فلا بد من ايجاد السبل في تنويعه بموارد مختلفة، والظاهر ان الاقتصاد العراقي بعد سقوط الدكتاتورية بقي اقتصاد ريعي يمرّ بتحديات كبيرة ألقت بظلالها عليه، مثل حقبة الثمان سنوات من الحرب الطاحنة مع إيران، ومن ثم غزو الكويت وما جره على العراق من حصار اقتصادي متعسف جدا لم تره دولة بالعالم سابقا، طال الأخضر واليابس.
وكان من نتيجته، ارتهان النفط الشريان الرئيسي لتغذية الاقتصاد العراقي بتحكم خارجي في موارده، وهذه الظروف غير الطبيعية خلفت تحديات ومشاكل اقتصادية عانى منها العراق ويعاني لغاية لحظة كتابة هذا المقال، لكن ما زالت المحاولات جارية للشروع بمرحلة جديدة من الإصلاح، تتمثل بمحاولة إخراج الاقتصاد العراقي من اقتصاد ريعي، الذي يُشكل مخاطرا كثيرة، بحيث أدى الى شلل قطاعات كثيرة ومهمة في العراق، مثل الزراعة، وهي نفط دائم لامتلاك العراق لاراضٍ خصبة جدا والصناعة والسياحة وغيرها من مصادر الثروة، التي تغذي خزينة الدولة، وكذا باقي القطاعات الساندة الأخرى.
ان الاقتصاد الريعي المعتمد بنسبة عالية على النفط، حوّل العراق الى بلد استهلاكي، مما انتج البطالة والكسل الاجتماعي، وذلك بانعدام فرص العمل، وإشاعة حالة الاتكالية وانعدام ثقافة العمل، وكثرة الفساد في الطبقة الحاكمة، لسهولة الاستحواذ على المال العام.
فلو كان هناك تنوع في القطاعات الإنتاجية، لكانت هناك فرص كثيرة لاستيعاب العاطلين، وعلى العكس لو أحسن استخدام الثروة النفطية في انتعاش القطاعات الأخرى، ولاسيما العراق يمتلك الكثير من الخيرات وفي مناطقه المختلفة، وهنا تبرز الحاجة للاقتصاد الإنتاجي كي نتخلص من الأحادية الاقتصادية، وهذا الجانب يجعل خزينة الدولة لا تهتز لتقلبات أسعار النفط التابع لسياسات الدول الكبرى، وتحكّمها بالسوق.
ونضيف ان الاقتصاد الريعي يُعتبر منفذا لفساد الحكومات، لكن حين الالتفات، كما قلنا الى تطوير القطاعات المنتجة، كالزراعة والصناعة والقطاعات الأخرى الساندة لها، سيؤدي هذا الى تماسك المجتمع وقدرته على توفير قوته، وعدم الاعتماد على عطايا السلطة، فالاقتصاد المنتج، سوف يستوعب تزايد سكان العراق وطاقاته الشبابية، وقد يبدأ العراق بالاستغناء عن النفط، كونه مصدرا وحيدا لخزينة الدولة، ولاسيما العالم يسير حاثاً الخُطى، نحو توفر الطاقات النظيفة البديلة عن النفط، وبالتالي التوصل الى قضية الاستثمارات الخارجية، التي ستتصاعد وتيرتها في القطاعات المنتجة، عندما يستقر اقتصاد الدولة العراقية.
إذن الاقتصاد العراقي له قابلية على التحول والتطور والتحرك في ظل ظروف ومتغيرات داخلية وخارجية شديدة الصعوبة، شريطة تبني الإصلاحات الهيكلية المطلوبة والاستفادة الفعّالة من موارد البلد بجميع أنواعها، وحين تكون الإصلاحات حاضرة، سيشهد لاشك نموّا متصاعدا، لكن بشرط التخلص.
كما نوهنا أعلاه من الإتكالية على الثروة النفطية الأحادية الجانب، وذلك بالاستناد الى خطة تنموية شاملة، للاستفادة من الفوائض المالية من مبيعات النفط في توسع عمل القطاع الخاص، وتطوير النظام المصرفي، وبالتالي التحول الى اقتصاد متنوع الأنشطة على ضوء الإمكانات المتاحة من الموارد ومستوى الاستيعاب الاقتصادي.
اضف تعليق