مع ظهور نتائج الانتخابات لسنة 2025، يشتد ترقب العراقيين مع الأمنيات في تكوين مشهد سياسي جديد، لكن هذه الأماني تتوقف كل مرة عند المفاوضات بين القوى السياسية الفائزة، حيث تتخللها الصفقات والمساومات وتوزيع الحقائب، ولكننا نتوسم بهذه القوى، أن تقوم بمبادرة تتجاوز الخلافات المزمنة ومد جسور الشراكة الوطنية الصادقة...
مع ظهور نتائج الانتخابات لسنة 2025، يشتد ترقب العراقيين مع الأمنيات في تكوين مشهد سياسي جديد، لكن هذه الأماني تتوقف كل مرة عند المفاوضات بين القوى السياسية الفائزة، حيث تتخللها الصفقات والمساومات وتوزيع الحقائب، ولكننا نتوسم بهذه القوى، أن تقوم بمبادرة تتجاوز الخلافات المزمنة ومد جسور الشراكة الوطنية الصادقة، وحسم الأمر في تشكيل الاستحقاقات الوطنية المتمثلة بالرئاسات الثلاث: رئاسة الجمهورية والبرلمان والحكومة، فالبلد وكل المنطقة تمر بمرحلة حساسة، بل وأكثر حساسية من أي مرحلة أخرى.
ومن خلال نتائج الانتخابات الاخيرة، إن أي كتلة من الكتل الفائزة لم تحصل على الأغلبية المريحة، وبهذا سيصار إلى التوافق والشراكة، كونها ضرورة سياسية ملحة، برغم إن الإطار التنسيقي حاول لمّ كتله في كتلة واحدة، ولا زال تحرك الكتلتين الكردية والسنية في اتجاه التوافقات، التي تضمن لهم حقوقهم الدستورية، لا سيما هناك قضايا ما زالت عالقة، وكل القوى ترنو بعين إلى تطبيق الدستور.
وبالعين الأخرى إلى الالتزام بمبادئ الشراكة والتوازن والتوافق الوطني، بعيدا عن المحاصصات الحزبية، فنحن كشعب وكمراقبين، خضنا تجارب السنوات المنصرمة من عمر الديمقراطية، نتطلع إلى حكومة تقوم بالآتي: النقطة أولا تغليب الروح الوطنية، فالوطنية هي الخيمة التي يجتمع تحتها جميع الطيف العراقي، وهذه النقطة بالذات تحتاج إلى رئيس وزراء يتحلى بالشجاعة والإقدام، كون المستفيدين منها ليس من السهولة إزاحتهم، والنقطة الثانية تتعلق ببرنامج مختصر وقابل للتطبيق في ظل مواجهات اقتصادية محتملة، خاصة ونحن لم نتجاوز الاقتصاد الاحادي بعد، فأدنى انخفاض بأسعار النفط سنلاقي صعوبات جمة، أكثرها إلحاحا، هي توفير لقمة الخبز للناس.
اذن لابد من التفكير بالبدائل السريعة المتاحة، وذلك بضبط واردات المنافذ الحدودية والضرائب والجمارك، ومن ثم تطوير الزراعة والصناعة والسياحة والبرامج الاقتصادية المساندة لها، فكل المعطيات الاقتصادية للبلاد المدخرة كافية للاستغناء عن النفط كمصدر رئيسي.
أما النقطة الثالثة في برنامج الحكومة القادمة، ويجب ان تكون، هي مكافحة الفساد ومحاسبة المفسدين واستعادة أموال العراق المنهوبة، سواء في الداخل منها وفي الخارج، والنقطة الرابعة والمهمة، هي مد جسور الثقة مع كل أطياف الشعب العراقي، ومحاولة النظر إلى قضاياهم بعين واحدة ولا سبيل إلى ذلك، سوى الحوار البناء القائم على تقديم المصلحة الوطنية.
ومؤكد ان هذا الامر يحتاج إلى خطة طريق للنهوض بالواقع العراقي في تقديم الكفاءات النزيهة ذات الاختصاص في تولي المهام الأساسية وإبعاد الكوادر الحزبية الفاشلة عن هذه المهام، والأخذ بنظر الاعتبار وبهمة صادقة، لحصر السلاح بيد الدولة، كون هذا السلاح خلق جماعات عشائرية وغيرها من الجماعات، تحكم أكثر من الحكومة الاتحادية المركزية المنبثقة وفقا للدستور، وبالتالي تطبيق القانون على الجميع دون محاباة، لينعم أبناء الشعب كافة بدولة مدنية وطنية ذات مؤسسات دستورية، الحاكم فيها القانون فقط.
والأمر الأشد إلحاحا، هو المطالبة بدور شجاع للمثقفين والمفكرين كل حسب طاقته وتخصصه، ان يكون مقداماً في مواجهة التحدّيات والقيام في تشخيص المشكلات، وبذل الجهود الحثيثة في سبيل إيجاد الحلول الناجعة، فكلنا الآن في ساحة معركة شرسة بين البقاء والفناء.



اضف تعليق