نحن الشعب العراقي من حقنا أن نرى المسؤولين يحافظون على المال العام، ولا يستغلون مناصبهم لمنافع شخصية، وأن يكونوا على قدر المسؤولية الملقاة على عاتقهم وأن يناقشوا بأمانة وصدق قانون تقليص امتيازاتهم المادية التي تشكل رقما كبيراً في موازنة البلد...
حادثتان ضجت بهما مواقع التواصل الاجتماعي في العراق وتناقلها الناس في مجالسهم العامة والخاصة، الحادثة الأولى استقالة نائبة في البرلمان النرويجي لأنها استغلت منصبها وسكنت في شقة صغيرة مساحتها 50 مترا ممولة من المال العام ومخصصة لأعضاء البرلمان الذين يبعد محل سكنهم عن البرلمان ٤٠ كم، بينما هي محل سكنها يبعد فقط ٢٩ كم، وبالتالي تعد هذه فضيحة كبيرة في بلد يحترم القانون مما أدى لاستقالتها رسميا وهو الأمر الطبيعي في الدول التي تحترم المال العام وتحافظ عليه.
الحالة الثانية وفاة ابن أحد أعضاء البرلمان الإيراني وهو شاب يعمل في خدمة التوصيل على دراجته توفي في حادث سير أثناء العمل.
اهتمام المواطن العراقي بأخبار كهذه له ما يبرره أولها، إننا نفتقد للمسؤول الذي يحافظ على المال العام بنسبة كبيرة جدا ولا يستغل منصبه في تحقيق الكثير من الغايات تحت تبريرات كثيرة، وأيضا لا يهتم لما يقوله الناس عنه لشعوره إنه لا يخضع للمحاسبة أو المساءلة أو حتى (العتب) لشعوره إنه فوق القانون مما يجعله يتمادى أكثر في الاستحواذ على كل ما يقع تحت يده والحرص على البقاء في المنصب أطول فترة ممكنة.
الجانب الثاني لا يتمثل بالمسؤول نفسه بل في أسرته التي تتبدل أحوالها وتفتح أمامهم أبواب التوظيف الحكومي أو الاستثمارات هنا وهناك، وامتلاكهم أحدث السيارات مما يثير حفيظة المجتمع لكون امتيازات الآباء امتدت للأبناء.
قبل هذا في بريطانيا قال بوريس جونسون رئيس الوزراء بعد تركه المنصب إن أموره المادية تحسنت كثيرا بعودته لعمله الأصلي، لأن راتب رئيس الوزراء في بريطانيا لا يكفي لعائلة مكونة من أب وأم وستة أفراد.
كل هذه الأحداث تقودنا لجملة من الحقائق الثابتة في أغلب دول العالم في مقدمتها إن شغل منصب حكومي أو برلماني هو تكليف من الشعب، ولا يمكن أن يكون طريقاً لكسب المال وتحقيق الأحلام في حياة مرفهة له ولمن بعده من نسله، الحقيقة الثانية هي أن القانون فوق الجميع، ثالثا هنالك رقابة ذاتية بسبب التربية والتنشئة الصحيحة مضافا لذلك رقابة المعارضة البرلمانية وحكومات الظل التي تراقب أداء الحكومة والمسؤولين صغيرهم وكبيرهم.
من هنا المواطن العراقي يهتم بأخبار النائبة النرويجية ووفاة ابن نائب إيراني وغيرها من الأخبار، التي نتمنى أن تكون موجودة في بلدنا، الذي يفتقد لهذا النوع من المسؤولين ويفتقد في نفس الوقت للرقابة البرلمانية على أداء الوزارات وحتى الرقابة على البرلماني نفسه الذي ربما يتيح له منصبه التشريعي أن يسير برتل عجلات ويغلق الشوارع ويتجاوز إشارات المرور وغيرها لأنه يمتلك حصانة وتحيط به الحماية.
نحن الشعب العراقي من حقنا أن نرى المسؤولين يحافظون على المال العام، ولا يستغلون مناصبهم لمنافع شخصية، وأن يكونوا على قدر المسؤولية الملقاة على عاتقهم وأن يناقشوا بأمانة وصدق قانون تقليص امتيازاتهم المادية التي تشكل رقما كبيراً في موازنة البلد.



اضف تعليق