q
بغداد لا تريد تفكيك حكومة إقليم كردستان ولاتحمل راية أي تعقيدات يمكن ان تحصل في إدارة الاقليم، وحسب ما يرى المراقبون أن الحكومة المركزية بعيدة كل البعد عن هذا الهدف، وما تسعى إليه هو فقط تنظيم العلاقة بينها وبين الاقليم على أسس صحيحة، يكون أسسها المحافظة...

الدستور العراقي حكم العلاقة بين الحكومة المركزية وبين إقليم كردستان، ونظم عمل الحكومات الفيدرالية في البلاد ولكن بعد إصدار المحكمة الاتحادية العليا عدة أحكام وقرارات تخص طبيعة العلاقة بين الحكومة المركزية وإقليم كردستان، والتي تتمتع بالحكم الفيدرالي منذ ثمانينيات القرن الماضي، تعرضت للكثير من النقد من قبل الحزب الديمقراطي الكردستاني، حيث عدّها تحديا للدستور ولمبادئ الفيدرالية التي تم التوافق عليها أبان تشكيل بناء الدولة عام 2003.

على مدى ثلاثة عقود تمتع إقليم كردستان بمستوى عالي من الاستقلال السياسي والحكومي عن الحكومة المركزية في بغداد، حيث عدّته القيادات الكردية إنجازا تاريخيا ولد من رحم النضال ضد الديكتاتورية، ولكن بدأ هذا الوضع مختلف تماماً وسط بيئة أكثر إستقراراً، ووجود حكومة مستقرة ومتماسكة سياسياً تحاول تقويض الحكم الذاتي لإقليم كردستان إذ يبدو أن ميزان القوى يميل نحو المركز.

المحكمة الاتحادية العليا أصدرت حكمين في العلاقة بين الاقليم والمركز، إذ نقل القرار الاول صلاحيات دفع رواتب موظفي حكومة إقليم كردستان الى وزارة المالية في الحكومة الفيدرالية، وفرض على الاقليم تسليم الإيرادات النفطية وغير النفطية الى حكومة المركز، وإما الحكم الثاني فقد نظّم هيكلية الانتخابات لبرلمان الاقليم، وبهذا القرار الغى مقاعد البرلمان الاحد عشر المخصصة للأقليات العرقية والدينية.

إن إلغاء مقاعد الكوتا المخصصة للأقليات لبرلمان الاقليم يثير مخاوف أكبر بكثير من إحتمال إلغاء هذه المقاعد لاحقاً في البرلمان العراقي، على الرغم من أن الدستور العراقي يضمن التمثيل السياسي للأقليات، الا انه لم يذكر(الكوتا) باستثناء 25% نسبة تمثيل النساء في البرلمان، وهذا ما تعتبره الاقليات مصدر قلق لها يهدد تمثيلها السياسي في الدولة.

النتيجة الطبيعية في زيادة قوة بغداد واستقرارها هي انها ستقاوم إجراءات حكومة إقليم كردستان، والتي تعتبرها بغداد تجاوزا، حيث يعمل الاقليم بإجراءات تعد أكبر من كونها كيان يتمتع بشبه حكم ذاتي، وخاصة في إدارة العمليات الامنية والسياسة الخارجية، وهذا ما ينظر إليه المراقبون على انه تراجع عن الفيدرالية في العراق، وأن حكومة إقليم كردستان تتعرض لضغوط دولية من أجل إبقاءها تحت سلطة الحكومة المركزية، والتنازل عن امتيازاتها التي كانت تتمتع بها دون رفض لها.

بغداد لا تريد تفكيك حكومة إقليم كردستان ولاتحمل راية أي تعقيدات يمكن ان تحصل في إدارة الاقليم، وحسب ما يرى المراقبون أن الحكومة المركزية بعيدة كل البعد عن هذا الهدف، وما تسعى إليه هو فقط تنظيم العلاقة بينها وبين الاقليم على أسس صحيحة، يكون أسسها المحافظة على صلاحية الدولة العراقية في إدارة البلاد، والتمسك بملف العلاقات الخارجية والنفط وملف الحدود والمنافذ الحدودية، وما سواه ملفات داخلية يمكن النقاش وإيجاد الحلول لها، وأن الهوية والتاريخ الكردي حق كفله الدستور العراقي لا يحق لأي جهة التلاعب به، وأن أي تغيير في خارطة العراق يكفله الدستور والمتغيرات السياسية التي لم تتغير منذ قرن من الزمن.

اضف تعليق