q
كتبت العام الماضي مقالاً بعنوان "طريق يا حسين الأخضر"، وذلك بعد نهاية زيارة أربعينية الإمام الحسين عليه السلام، وتمحور فكرة المقال حول ضرورة التوجه نحو زراعة طريق الزوار من البصرة إلى كربلاء بالأشجار الظلية لتحقيق فوائد بيئية للعراق عموماً وحماية للزائرين من تقلبات الطقس وأشعة الشمس الحارة بشكل خاص...

كتبت العام الماضي مقالاً بعنوان "طريق يا حسين الأخضر"، وذلك بعد نهاية زيارة أربعينية الإمام الحسين عليه السلام، وتمحور فكرة المقال حول ضرورة التوجه نحو زراعة طريق الزوار من البصرة إلى كربلاء بالأشجار الظلية لتحقيق فوائد بيئية للعراق عموماً وحماية للزائرين من تقلبات الطقس وأشعة الشمس الحارة بشكل خاص.

في الطرقات الرسمية التي يسير عليها الزوار، لا شيء يحمي زوار كربلاء من أشعة الشمس ولا حرارتها العالية، والمشكلة تزداد سنة بعد أخرى، فالزيارة الأربعينية تتقدم نحو الصيف اللاهب، وعلى أقل تقدير سوف نكون أمام عشر سنوات إلى خمس عشرة سنة من الزيارات المليونية الصيفية، وفي الجانب الآخر تتسارع عمليات تجريف البساتين وإهمال تشجير طريق يا حسين.

سوف تزداد الصعوبات أمام الزائرين من البصرة إلى كربلاء، وعلى مسافة تمتد لمئات الكيلومترات، وعلى الجهات ذات العلاقة وضع خطط عملية وسريعة لتشجير طرق الزائرين من البصرة إلى كربلاء، ومن بغداد إلى كربلاء تحت إسم مشروع طريق يا حسين الأخضر.

وفي حال تفعيل مثل هكذا مبادرات سوف نقدم عدة فوائد:

1- حماية للزائرين بشكل أساسي.

2- نسهم في تقليل حرارة الشوارع الجرداء.

3- الاستفادة من جمالية الشوارع الخضراء.

4- الاستفادة من الأشجار كمصدات للرياح والعواصف.

المسألة لا تتعلق بمحافظة كربلاء وحدها، هي قضية وطنية وبيئية وحماية لمواطنين يمارسون شعائرهم الدينية، وعلى الجهات الحكومية الشروع بالعمل في أقرب وقت، لا سيما وأن وزارة الزراعة تؤكد حاجة البلاد العراق إلى أكثر من 14 مليار شجرة لإحياء المناطق التي تعاني من التصحر.

نعود اليوم لنكتب مجدداً وقبل زيارة الأربعين للتذكير بما قلته سابقاً، وإضافة بعض الأفكار الجديدة، لكوني على قناعة تامة بأن هذا المقترح سيتحول إلى واقع عاجلاً أو آجلاً.

فمن كان يتوقع أن يرى منطقة ما بين الحرمين الشريفين في كربلاء المقدسة بهذا الجمال الأخضر من النخيل والأشجار، ما خلق تآلفاً بين العالم الطبيعي وأداء الطقوس الدينية تحت خيمة النخلة وصديقاتها من الأشجار الحنونة على الإنسان.

ومن كان يتوقع أن تمتد المواكب الحسينية من البصرة إلى كربلاء في أطول مأدبة للكرم والضيافة في تأريخ البشر، إنها ثقافة الإخوة والتعاون والإنجذاب نحو قبلة الأحرار وسيد الشهداء الإمام الحسين عليه السلام.

كربلاء صارت المحور الذي تدور حوله كواكب الأفكار الخلاقة، بل وبسبب جاذبية المدينة صار شوارعها الأجمل خلال السنوات الأخيرة بفضل السواعد الخيرة من المسؤولين والمواطنين على حد سواء.

إذا ما بدأنا بمشروع طريق يا حسين الأخضر ستكون فكرة خلاقة لمواجهة تحديات كبرى، ولنثبت للعالم مرة أخرى أن زيارة الأربعين ليست مسيرة للمشي على الأقدام من البصرة إلى كربلاء المقدسة، بل إن هذه المسيرة هي المورد الفعلي لما وصلنا إليه اليوم، وما نرسمه لمستقبلنا ومستقبل الأجيال القادمة.

أعرف أن التحدي كبير، لكنه ليس مستحيلاً، واستذكر هنا مقولة الرئيس الأميركي جون كينيدي حينما قرر البدء بمشروع الصعود إلى القمر، إذ قال إننا لم نختار الصعود إلى القمر لأنها عملية سهلة، بل لأنها تمثل تحدياً بالنسبة لنا. هذه هي الامم التي تريد بناء مشاريعها لا تخاف من الصعوبات، تخلق منها فرصة لصناعة واقع جديد، وما تحدي حماية الزوار من تغيرات الطقس إلا فرصة ليكون العراق بشكل مختلف.

تخيل لو تحولت كل طرق الزائرين إلى مساحات خضراء؟

ستكون وجهات سياحية رائعة لكل من يزور العراق، إضافة إلى وظيفتها الأساسية في توفير الأجواء المناسبة للزوار خلال الزيارات المليونية السنوية.

نعم نحن نعاني من الجفاف، والخزين المائي في أدنى مستوياته، لكن هل نستسلم؟

الاستسلام ليس من طبائع العراقيين، ومن المهم البحث عن حلول جديدة.

اضف تعليق