q
تبرز الفجوة بين تطبيقات منتظرة ومتوقعة ما بعد تعديل قانون هيئة النزاهة الاتحادية وفقا لاستراتيجيتها من جانب، ودور المنظمات الدولية المانحة لتأسيس فعليات مدنية وإعلامية تتوافق مع تحليلات منظمة الشفافية الدولية، والا ستكون هذه البرامج، حكومية كانت ام منح دولية خارج سياق الاستهداف المطلوب ومجرد املاء فراغات بلا نتائج متوخاة...

ذهب التعديل الأخير لقانون هيئة النزاهة الاتحادية الصادر برقم (30) لسنة 2019 الى تضمين موضوع الكسب غير المشروع واجابة المكلف بوظيفة عامة او الحزب السياسي عن ذمته المالية، وربما يتفق مع تعريف منظمة الشفافية الدولية في تقريرها لعام 2020 حيث عرفت النزاهة السياسية ممارسة السلطة السياسية باستمرار للصالح العام.

فيما اشارت الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد الى ان أسباب الفساد في عراق اليوم يبدأ من الفساد السياسي ثم الفساد المجتمعي ومن بعدهما الفساد الإداري والمالي، مما يطرح السؤال عن إمكانية صدور تعليمات منظمة لأعمال التعديل الجديد لقانون هيئة النزاهة يطالب المكلفين، سواء موظفين في الجهاز الحكومي ام الأحزاب عن ذمتهم المالية ما قبل 2003 وما بعدها، الامر الذي يحدد تضخم الأموال من جانب ويكشف تضارب المصالح من جهة ثانية، هنا يبرز دور ما يوصف في التقارير الدولي بكونهم (الجهات الفاعلة الأخرى، مثل وسائل الإعلام المستقلة والمجتمع المدني) لان تعمل كجهات رقابة لمراقبة كيفية ممارسة السلطة.

لذلك تبرز الفجوة بين تطبيقات منتظرة ومتوقعة ما بعد تعديل قانون هيئة النزاهة الاتحادية وفقا لاستراتيجيتها من جانب، ودور المنظمات الدولية المانحة لتأسيس فعليات مدنية وإعلامية تتوافق مع تحليلات منظمة الشفافية الدولية، والا ستكون هذه البرامج، حكومية كانت ام منح دولية خارج سياق الاستهداف المطلوب ومجرد املاء فراغات بلا نتائج متوخاة!!

ويؤكد ذات التقرير للشفافية الدولية على أهمية ان تسلط أصوات كل من المجتمع المدني والصحفيين الضوء على الفاسدين، مما قد يؤدي بدوره إلى اتخاذ إجراءات من قبل سلطات إنفاذ القانون. لكي يتمكن المجتمع المدني ووسائل الإعلام من أداء هذه الوظيفة، فإنهم يحتاجون إلى الوصول إلى البيانات الحكومية ذات الصلة.... ومع ذلك، يجدر التأكيد على أن الوصول إلى المعلومات يتجاوز مجرد نشر كميات كبيرة من البيانات.

يجب أن تكون المعلومات موثوقة ويمكن الوصول إليها وذات نوعية جيدة حتى تكون مفيدة لأولئك الذين يسعون إلى تقييم نتائج السياسة لاكتشاف حالات المحسوبية المحتملة أو المحسوبية أو أشكال الفساد الأخرى.

في هذا السياق، يبرز التساؤل عن أهمية التحديد بدلا من التعميم، وهناك دليل عملي صممه الدكتور فرانسيس فوكوياما للتعامل مع معضلة الفساد ضمن برنامج (قادة المستقبل) الذي دربت عليه كوادر عراقية بتمويل من مركز المشروعات الخاصة عام 2017، يقوم أولا بتحديد المشكلة المستهدفة من خلال استكشافها في تفاصيل الأسباب والعمل على فهم سياقات قانونية واجرائية وفق القوانين والتعليمات النفاذة من اجل تضييق النطاق للتعامل مع اصل المشكلة وليس مع أطرافها، وفي الخطوة اللاحقة لهذا الفهم المحدد بعناية تبدأ سلسلة تطوير الحلول من ذات القوانين والتعليمات لتوليد الأفكار عن الحاجة للمدافعة في موضوع المشكلة المستهدفة وإيجاد اسس عملية التغيير المنشودة وتقييم الأدلة الموجودة وصولا الى تقييم الجدوى من النموذج الاولي للتحشيد والمناصرة.

وفي الخطوة الثالثة تبدأ مرحلة التنفيذ بتحليل أصحاب المصلحة وادوار كل منهم في عملية المدافعة وتطوير الأداء في برامج عملية ربما احدها الإجابة على سؤال " اين اموالنا "؟؟ وسؤال اخر " من اين لك هذا"؟؟ لاسيما اذا كان ضمن ما تذهب هذه المقالة بان يتم الكشف عن الذمة المالية للمكلفين، موظفين وأحزاب سياسية ما قبل 2003 وما بعدها.

لان الشرط الأساسي لتطبيق أي استراتيجية وطنية لمكافحة الفساد ينطلق أصلا من الكشف عن الذمة المالية وتضارب المصالح من خلال عملية صنع السياسات العامة، وهذا يحتاج الى ان تبادر الهيئات الرقابية والجهاز القضائي ومنظمات المجتمع المدني ووسائل الاعلام الاستقصائي المتخصصة بمتابعة ملفات الفساد الى تقديم مقترحات شاملة وشفافة وخاضعة للمساءلة في البرنامج الحكومي المقبل لمعالجة نماذج شاعت في مواقع التواصل الاجتماعي وتصريحات بعض الشخصيات العامة عن الحكومة العميقة وحالة اللا-دولة ، ومن دون تعاضد هذه الجهات في المدافعة عن برنامج حكومي حقيقي يلتزم معايير الحكم الرشيد، ستكون السلطة التشريعية في اختبار حقيقي امام جمهور الناخبين في الخروج من معضلة الفساد السياسي التي يمكن ان تستثمر كليا في تقليص اثار الفساد المجتمعي وبالنتيجة الفساد الإداري والمالي.

كل ذلك بحاجة الى برامج مدافعة شعبية تنهض بها منظمات المجتمع المدني ووسائل الاعلام، فاما ان تكون الطبقة السياسية الحالية امام استحقاقات حقيقية واما تدوير مفاسد المحاصصة نحو الامام في "خلطة عطار" جديدة ويبقى من القول لله في خلقه شؤون!

.............................................................................................
* الآراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق