القضية الكردية في العراق من أعقد القضايا والملفات التي واجهت الدولة العراقية منذ تأسيسها عام ١٩٢١ وحتى وقتنا الراهن، وبسبب مواقف وأساليب الادارات الحكومية المتعاقبة الى عام ١٩٩١ لهذه القضية والانحياز القومي المتبادل بين الطرفين (الكردي والعربي) اللذان يتبادلان الادوار في موضوعها، تكونت مواقف ابتعاد عن الحل العقلاني الصحيح وزحفت القضية لأن تكون دولية فزادتها تعقيداً.

هذا واذا ما تم النظر اليها من منظار ما بعد ٢٠٠٣ يمكن القول أن أسلوب الادارة الديمقراطي الجديد للقضية لم يكن هو كذلك صحيحاً، إذ وبسبب علاقة أحزاب المعارضة العراقية التي قادت البلاد بعد التغيير مع القيادات الكردية وقوة الدفع لتحقيق الديمقراطية ومساعي الاستحواذ والسيطرة على الحكم في كلا الجانبين الكردي في أربيل والحكومي في بغداد تُرِكتْ القضية معلقة وتُرَكَتْ ملفات لها سائبة دون حسم، فالحكومات التي تشكلت ما بعد ذلك التاريخ والى العام ٢٠١٤ لم تكن قد امتلكت قوة التأثير ليتسنى لها فرض سلطتها الاتحادية، فالحدود أبقيت سائبة والجمارك كذلك سائبة والنقل وتأشيرات الدخول والنفط والاتصالات وغيرها أمور أشعرت أربيل أنها دولة وأشعرت بغداد بعقدة النقص في امتلاك زمام الدولة.

ان الأربعة عشر عاماً التي تُركَتْ فيها القضية الكردية وملفاتها بلا حل وتعقدت في مجالاتها الحلول يتحمل طرفاها الرئيسيين أي بغداد وأربيل المسؤولية فطالما سمعنا عن تأجيل البت في قانون النفط ، ومساومات الانتخاب والاتفاقات السرية بين الأطراف، كانت نتيجتها توتر دائم ورغبة كانت خجولة في بغداد للسيطرة تقابلها رغبة في أربيل قوية لتوسيع مساحة اللاسيطرة حتى وصلت البلاد الآن وقريباً من إعلان النصر النهائي على داعش الى مستوى من التوتر، ينفخ في جسده الساخن غلاة من السياسيين العرب وكذلك من الأكراد، كثير منهم بعيدون عن فهم دهاليز السياسية والارتباطات الدولية ومفاهيم الصراع في المنطقة. وهو نفخ يريد أصحابه إشعال حرب إذا ما اندلعت لا سامح الله سوف يخرج منها الأكراد محطمين تماماً وستخرج منها الدولة العراقية منهكة تماماً وسيدفع الأبناء من كلا الطرفين الثمن غير المبرر.

ومع هذا نرى في أفق التعامل عقلنة في بغداد الحكومة تقابلها في الجانب الكردي محاولات وأصوات للعقلنة يمكن أن تتوسع وتكبر لتكون فاعلة في قيادة النهج الكردي للتعامل مع مثيرات الأزمة... عقلنة واقعية إذا ما التقيا طرفاها معاً سَيُجَنبان العراق بعربه وكرده وباقي أقلياته خسائر لا قيمة لها في تحديد مستقبل العراق والمنطقة الذي يكاد يكون محدداً من قوى النفوذ التي رسمت الحدود وشكلت متغيرات الاثارة والاستقرار.

ونرى في دائرة العقلنة فرصة للتهدئة والحل القابل للتطبيق على وفق الدستور الذي كتبه كلا الطرفان بطريقة يعرفون هم وحدهم سبل تطبيقه، لتجنيب البلاد منزلق حرب لم تدمل جراح حروب سبقتها بعد.

facebook.com/saad.alobaidy.92

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق