تعيش المرأة في اغلب المجتمعات في حالة تهميش وانقياد وتقييد لحقوقها وواجباتها تجاه المجتمع بل وحتى لذاتها، في هذا المقال سأتحدث عن دور المرأة في السياسة وستكون السيدة الزهراء عليها السلام الانموذج.

في التاريخ الحديث لم يكن دخول المرأة المعترك السياسي بالامر البسيط بل ان الدول التي تعد نفسها متقدمة في حقوق الإنسان لم تعط حق التصويت للمرأة إلا في فترات متأخرة، اذ ان جيبوتي أول دولة عربية تمنح المرأة الحق السياسي عام 1946 لكنها لم تمنحها حق التصويت في الانتخابات إلا مع حلول العام 1986، وعلى ما يبدو ان سنوات هذا التاريخ ليست ببعيدة جدا عن يومنا هذا، وعلى المستوى الدولي كانت نيوزيلندا أول دولة تمنح المرأة الحق السياسي عندما أعطتها حق التصويت عام 1893، تلتها في هذا روسيا التي منحت المرأة الروسية حقها في التصويت عام 1917 ثم الولايات المتحدة عام 1920 ثم تركيا عام 1934، وتعتبر أنديرا غاندي أول وآخر امرأة هندية حتى الآن تتولى منصب رئيس الوزراء عندما استلمت السلطة عام 1966 تلتها بعد ذلك بينظير بوتو في باكستان عام 1988، وبالنسبة للعام الغربي كانت البريطانية مارغريت تاتشر أول امرأة تتولى رئاسة الحكومة في عام 1979، في حين تعتبر إيلين جونسون سيراليف أول أفريقية تتولى منصب الرئيس عندما تولت الحكم في سيراليون عام 2005.

الدور السیاسي لفاطمة الزهراء عليها السلام تمثل في تحملها المسؤوليات الخاصة في خدمة المجتمع والتضحية من أجله، والجهاد في سبيل الله تعالى وفي البذل والعطاء إلى حد الاستشهاد في سبيل الله تعالى، فتضحية الزهراء كانت من اجل نصرة امامة الامام علي عليه السلام، وترسيخ مبدأ الولاية، والدفاع عن هذا الحق الذي أُريد له أن يثبت في التاريخ ويستمر، فنجدها عليها السلام تبادر إلى هذا الدور، وتنهض به بأفضل ما يمكن أن يؤديه الإنسان، في ظرف حساس يمكن القول عنه إنه لم يكن من الممكن لغيرها القيام فيه، وقول النبي محمد صلى الله عليه وآله (إن الله يغضب لغضب فاطمة)، يبين ان الله سبحانه وتعالى قدر، ان تمر فاطمة الزهراء عليها السلام بأوضاع سياسية واجتماعية تثار فيها الزهراء، وتغضب لله تعالى لا لنفسها، ولذلك يغضب الله تعالى لغضبها ويرضى سبحانه وتعالى لرضاها عليها السلام.

فبعد وفاة الرسول صلى الله وعليه وآله وإنشقاق عصى المسلمين حول الخلافة، برز دور السيدة الزهراء عليها السلام من خلال بيان الحقيقة بدون مواربة، وظهر ذلك جلياً من خلال الخطبة الفدكية التي بينت فيها دور الرسول الأكرم في تغيير واقع الأمة من الجهل والظلام إلى النور والضياء، اذ خرجت الزهراء عليها السلام من دارها تحوطها نساؤها ودخلت المسجد النبوي وجرى السجال على أشده بين السيدة الزهراء عليها السلام وأبي بكر، ولأن أساس القضية هو الصراع السياسي لا الحق المالي وإن كان ثابتا لها عليها السـلام ولكن كان مفتاح الصراع المطالبة بحقوقها المالية، ضمنت الزهراء عليها السلام حديثها الإشادة بأمير المؤمنين عليه السلام وخصائصه السامية وسلبيات العرب قبل الإسلام، وعرضت بخصومها الذين غصبوا الحق من أهله، وأشارت إلى مؤامراتهم التي حاولوا فيها القضاء على النبي صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السلام، الا ان أبي بكر حاول السيطرة على مسار الأحداث كي لا تستطيع الزهراء عليها السلام كسب الأنصار، فأدار الصراع إلى فدك، فكذبت الزهراء عليها السلام ادعاءاته وحاولت العودة إلى الصراع السياسي، بينما كان أبو بكر يبذل قصارى جهده لمنع الزهراء عليها السـلام من السير قدما في تأكيدها انحصار حق تولي الحكم بأمير المؤمنين عليه السلام، فما قامت به السيدة الزهراء عليها السلام يبين مدى الدور السياسي الذي لعبته في وضع النصاب بمحله من خلال اثبات الخلافة لامير المؤمنين علي عليه السلام.

خطبة السيدة الزهراء وتدخلها السياسي متمثلا في الدفاع عن خلافة امير المؤمنين عليه السلام فند اعتقاد البعض أن المرأة لا تستطيع الخوض والدخول في معترك السياسة، وصعوبة مواجهتها الحكام، وعدم قدرتها المطالبة بحقوقها المشروعة، اذ ان الزهراء عليها السلام خاضت هذا المعترك وهي في أشد الأحوال من فقدان لأبيها، وانقلاب بعض المسلمين على أعقابهم بعد وفاة الرسول صلى الله عليه واله، واغتصاب حق زوجها، واغتصاب فدك، بالإضافة إلى وضعها الجسدي المؤلم بعد انتهاك حرمتها، الا ان ذلك لم يثنها عن ابداء رأيها وموقفها تجاه من يمثلون دفة السياسة في وقتها.

اضف تعليق


التعليقات

انوار
السويد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في ميزان حسناتكم2019-05-03